Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل تضع "فيلادلفيا ونتساريم" عقبة لاتفاق وقف الحرب

تل أبيب ترفض الانسحاب منهما وتعتبرهما أصولاً استراتيجية وعسكرية للسيطرة على قطاع غزة ومنع "حماس" من إعادة بناء قوتها

دبابات إسرائيلية على محور فيلادلفيا الحدودي بين قطاع غزة ومصر (غيتي)

ملخص

بينما يصف بنيامين نتنياهو بقاء الجيش الإسرائيلي في "محور فيلادلفيا" و"ممر نتساريم" بأنه سياسي وليس لأهداف عسكرية أو أمنية، تتمسك حركة "حماس" والسلطة الفلسطينية بانسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة بما في ذلك "فيلادلفيا" و"نتساريم" ووقف تام للحرب.

يرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن بقاء السيطرة الإسرائيلية على "محور فيلادلفيا" و"ممر نتساريم" يشكل "أصولاً استراتيجية وعسكرية"، لا يمكن التخلي عنها تحت أي ظرف، حتى إن أدى ذلك إلى إفشال جهود التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإنهاء الحرب التي دخلت شهرها الـ11.

وترى حركة "حماس" ومنظمة التحرير الفلسطينية أن بقاء إسرائيل في الموقعين تكريس لإعادة الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة وترفضان ذلك، وتحملان الإدارة الأميركية المسؤولية عن الفشل في التوصل إلى اتفاق.

ويفصل "محور فيلادلفيا" بين قطاع غزة ومصر، ويبلغ طوله 14 كيلومتراً، وتقول إسرائيل إنه يُمثل "شريان الحياة لإعادة تسليح حركة ’حماس‘ وبقية الفصائل الفلسطينية".

وانسحبت إسرائيل من المحور عام 2005 ضمن إعادة انتشارها في قطاع غزة، وتوصلت إلى اتفاق بذلك مع مصر بهدف "مكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود والتهريب، والكشف عن الأنفاق".

وبموجب معاهدة السلام المصرية- الإسرائيلية، فإن المنطقة حيث يقع محور "فيلادلفيا" أو "صلاح الدين" تُصنف (د)، ويُحظر بالتالي وجود دبابات جيشي البلدين فيها.

لكن الجيش الإسرائيلي عاد إلى "محور فيلادلفيا" في مايو (أيار) الماضي، ونشر دبابات ومدرعات على طوله، ونفذ عمليات لتدمير الأنفاق تحت الأرض بين القطاع ومصر.

ويفصل "ممر نتساريم" بين شمال قطاع غزة وجنوبه، وأقامه الجيش الإسرائيلي بين منطقة جحر الديك شرق غزة وحتى ساحل البحر المتوسط غرباً بطول أكثر من سبعة كيلومترات، وبنى منشآت عسكرية على طول الممر الواقع على وادي غزة لمنع تنقل الفلسطينيين بين شمال غزة ووسطها وجنوبها.

وعلى جانبي الممر تنتشر الأراضي الزراعية الخالية من المنازل والمباني السكنية، مما يتيح للجيش الإسرائيلي مراقبة حركة الفلسطينيين والتحكم بها.

ويخشى الفلسطينيون الاقتراب من الممر المحصن بسبب إطلاق القوات الإسرائيلية الرصاص عليهم، إذ يقطع الممر العسكري شارعي الرشيد وصلاح الدين اللذين يصلان بين شمال قطاع غزة وجنوبه.

وسُمي الممر "نتساريم" نسبة إلى مستوطنة كانت الأخيرة التي أخلتها إسرائيل من المستوطنين في 2005 إلى جانب 20 مستوطنة أخرى حيث كان يقيم نحو ثمانية آلاف مستوطن.

وقبل الانسحاب من غزة، كانت القوات الإسرائيلية تغلق في بعض الأحيان الطريق الواصل بين شمال غزة وجنوبها قرب مستوطنة نتساريم.

ومع أن المؤسستين الأمنية والعسكرية توافقان على انسحاب إسرائيلي من "محور فيلادلفيا" لتسهيل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، إلا أن نتنياهو مدعوماً من اليمين المتطرف يرفضان ذلك.

وخلال زيارته الأخيرة إلى المنطقة، تجنب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الرد على إصرار نتنياهو البقاء في "فيلادلفيا" و"نتساريم"، إلا أنه شدد على معارضة واشنطن "أي احتلال طويل الأمد لغزة من جانب إسرائيل"، لكن مسؤولاً أميركياً انتقد تصريحات نتنياهو ووصفها بـ"المتشددة".

وكانت الإدارة الأميركية قدمت قبل أيام اقتراحاً "يُقلص الفجوات بين الطرفين، ويتوافق مع المبادئ التي وضعها الرئيس بايدن في الـ31 من مايو 2024 وقرار مجلس الأمن رقم 2735".

وأشار بيان قطري- مصري- أميركي إلى أن المفاوضات غير المباشرة التي ستجري غداً الخميس في القاهرة ستستند إلى ذلك المقترح الذي قالت "حماس" إنه "يشكّل انقلاباً على مبادئ بايدن".

ووفق الحركة، فإن المقترح الأميركي يستجيب لشروط نتنياهو، خصوصاً رفضه لوقف دائم لإطلاق النار والانسحاب من غزة، وإصراره على مواصلة احتلال مفترق "نتساريم" ومعبر رفح و"محور فيلادلفيا".

وأوضحت الحركة أن المقترح الجديد "يضع شروطاً جديدة في ملف تبادل الأسرى وتراجع عن بنود أخرى، وذلك يحول دون إنجاز صفقة التبادل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتتمسك "حماس" بانسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة بما في ذلك من محوري "فيلادلفيا" و"نتساريم" ووقف تام للحرب.

وأيدت منظمة التحرير الفلسطينية موقف الحركة، محملة إسرائيل "مسؤولية استمرار الحرب وإفشال الصفقة المعروضة لإنهاء الحرب لأنها مصرة على البقاء في ’محور فيلادلفيا‘ و’ممر نتساريم‘".

واعتبر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ الموقف الإسرائيلي "محاولة لتكريس احتلال غزة"، معبراً عن تشاؤمه من التوصل إلى اتفاق.

وطالب الشيخ إسرائيل "بالتزام وقف الحرب والانسحاب من ’محور فيلادلفيا‘ و’ممر نيتساريم‘ وأن تسمح للمواطنين النازحين جنوب غزة بالعودة لبيوتهم في شمال القطاع"، معتبراً أن "تل أبيب تريد تمرير المرحلة الأولى من الاتفاق المتعلقة بإطلاق سراح الرهايئن ولا تريد أن تلتزم وقف الحرب في غزة".

لكن المحلل العسكري الإسرائيلي إيال عليما شدد على أن رفض نتنياهو الانسحاب من "محور فيلادلفيا" و"ممر نتساريم" "يعود لأسباب سياسية وليس لدواعٍ عسكرية أو أمنية"، وأضاف أن المؤسستين الأمنية والعسكرية أوصتا بالانسحاب لإتمام الصفقة لأنهما تدركان إمكان العودة إليهما في حال الضرورة"، موضحاً أن إسرائيل بإمكانها استخدام وسائل إلكترونية للمراقبة والتوصل إلى ترتيبات جديدة مع مصر في شأن وقف تدفق الأسلحة".

ووفق عليما فإن "إصرار نتنياهو على البقاء على طول الحدود المصرية مع قطاع غزة من شأنه توتير العلاقة مع مصر في ظل معارضة القاهرة وجود الجيش الإسرائيلي"، مردفاً أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية "توصي نتنياهو بتقديم تنازلات للتوصل إلى الصفقة حتى لو تضمن ذلك الانسحاب الكامل من قطاع غزة، مع إمكان العودة عند الضرورة كما يفعل الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية".

ويرى المحلل العسكري أن قدرات "حماس" العسكرية تراجعت كثيراً، وبإمكان الجيش الإسرائيلي العودة بأعداد قليلة وليس بفرق كاملة، إذا دعت الحاجة للقضاء على أي تهديد من القطاع".

ويشرح عليما أن انسحاب إسرائيل من "محور فيلادلفيا" و"ممر نتساريم" قد يؤدي إلى انهيار حكومة نتنياهو التي يسيطر عليها اليمين المتطرف"، قائلاً إن ذلك اليمين يعتبر غزة "جزءاً من إسرائيل ويحلم بالعودة إليها"، وأضاف أن بعض "الإسرائيليين من ذلك اليمين حاولوا قبل أيام دخول القطاع لإحياء ذكرى خراب هيكل سليمان".

ويرى الباحث السياسي في الشؤون الإسرائيلية سليم بريك من جانبه أن تمسك نتنياهو بالبقاء على الحدود بين مصر وغزة وفصل القطاع "يهدفان إلى إفشال محاولات التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وتفجير المفاوضات".

وبحسب بريك، فإن نتنياهو واليمين المتطرف "يريدان إبقاء السيطرة الأمنية الكاملة على المنطقة كلها بين نهر الأردن والبحر المتوسط، وسحق الحركة الوطنية الفلسطينية".

ومع أن الباحث في الشؤون الإسرائيلية عصمت منصور يرجع تمسك نتنياهو بالبقاء في "محور فيلادلفيا" و"ممر نتساريم" إلى أسباب "سياسية للحفاظ على تماسك ائتلافه الحكومي، وبقائه في الحكم"، إلا أنه أشار إلى أن "الاعتبارات الأمنية الإسرائيلية تقف وراء ذلك أيضاً".

فإسرائيل وفق منصور تعتبر "محور فيلادلفيا"، "شريان الحياة الوحيد لإعادة بناء قوة ’حماس‘ العسكرية وعودة تهديدها لإسرائيل"، لافتاً إلى أن "ممر نتساريم" "يتيح لجيش الاحتلال الإسرائيلي البقاء في القطاع والتحكم فيه بهدف منع الحركة من بناء قوتها السلطوية والعسكرية".

ويرى الباحث العسكري والاستراتيجي رياض قهوجي أن بقاء إسرائيل على الحدود بين غزة مصر "يأتي ضمن المشروع الإسرائيلي لمنع عودة السلطة الفلسطينية إلى إدارة غزة، أو حكم ’حماس‘ للقطاع، وتشكيل بدلاً من ذلك إدارات محلية".

وأوضح قهوجي أن بقاء "ممر نتساريم" يتيح لإسرائيل "فصل قطاع غزة إلى جزءين، وإضعاف حركة ’حماس‘ في شماله بسبب وجود معظم المستوطنات ضمن محيطه في غلاف غزة"، ورأى أن إصرار نتنياهو يعني تنفيذ حلول أمنية طويلة الأمد لمنع تجدد الخطر من داخل قطاع غزة ومحاولة منه لفرض برنامجه.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير