Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"شبكة للنضال المدني"... وعاء جديد للمعارضة التونسية

تعد من التكتلات النادرة التي أعلن تأسيسها خلال الأعوام الأخيرة مع ما تشهده الأحزاب والمنظمات من تشرذم وانقسام

تؤكد "شبكة للنضال المدني" أن قضية الحريات وحقوق الإنسان في سلم أولوياتها (رويترز)

ملخص

في ظل عدم تقديمها مرشحاً واحداً ومشتركاً للانتخابات الرئاسية فإن الأحزاب السياسية في تونس تواجه مستقبلاً يكتنفه الغموض، ولا سيما مع اهتزاز بعضها داخلياً وتوقيف قيادات بعضها الآخر على ذمة قضايا عدة.

أسست ثمانية أحزاب سياسية في تونس رفقة سبع جمعيات "شبكة للنضال المدني"، في خطوة تثير التساؤلات حول أهدافها وما إذا كانت ستشكل بوابة للأحزاب والمنظمات التونسية لاستعادة حضورها داخل المشهد العام في البلاد.

وتتألف الشبكة التي جاء إعلان تأسيسها في وقت لافت، إذ تزامن مع احتدام الجدل في شأن الانتخابات الرئاسية المرتقبة في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، من "الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان" و"ائتلاف صمود" و"الديناميكية النسوية" و"الاتحاد العام لطلبة تونس" و"المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة" و"جمعية تقاطع" و"جمعية المرأة والريادة".

وعلى مستوى الأحزاب فإن هذا التحالف يضم كلاً من "التيار الديمقراطي" و"الحزب الاشتراكي" و"حزب العمال" و"حزب آفاق تونس" و"حزب القطب" و"حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي" و"حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات" و"الحزب الجمهوري"، وكلها أحزاب معارضة.

تكتل مفتوح أمام الجميع

وتعد "شبكة النضال المدني" من التكتلات النادرة التي أعلن تأسيسها في تونس خلال الأعوام الأخيرة، إذ تشهد الأحزاب والمنظمات والجمعيات التونسية حالاً من التشرذم والانقسام.

وبخلاف "جبهة الخلاص الوطني" التي تضم أحزاباً معارضة وأبرزها "حركة النهضة الإسلامية"، وتكتلاً يضم أحزاب يسارية واجتماعية، فإن الساحة السياسية في تونس تعرف جموداً منذ إطاحة الرئيس قيس سعيد في الـ 25 من يوليو (تموز) 2021 بالنخبة التي حكمت طوال الأعوام الـ 10 الماضية.

وقالت نائبة رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان نجاة الزموري إن "اللقاء الذي أعلن فيه تأسيس 'شبكة النضال المدني' جاء بعد مشاورات مطولة، والرابطة دعت منذ العام الماضي في ذكرى تأسيسها جميع القوى المدنية والديمقراطية إلى الالتفاف حول رؤى موحدة أو في الأقل حول تقييم للوضع وتشخيص له".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابعت الزموري في حديث خاص إلى "اندبندنت عربية" أنه "بعد ذلك تمت مشاورات بصورة غير رسمي، ثم تلقينا دعوة من قبل جمعيات عدة مثل 'ائتلاف صمود' لهذا اللقاء الأخير، وهو ما يمكن أن نؤكده من أن الوضع متأزم في تونس على جميع المستويات في ظل عدم وضوح الرؤية على المستوى السياسي، وأيضاً تأزم الوضع على مستوى الحقوق والحريات واقتصادياً واجتماعياً، وهناك تشخيص يكاد يكون موحداً للوضع ولدينا المخاوف نفسها".

وشددت الزموري على أن "التكتل لم يتخذ إجراءات بعد، لكن المؤكد أنه منفتح أمام الجميع وخصوصاً من نلتقي معه ونتفق على مستوى تشخيص الوضع الراهن، لأن ما لاحظناه أن هناك اختلافاً حتى داخل التنظيمات نفسها للوضع، سواء كانت حزبية أو منظماتية".

"لسنا ضد النظام"

وبعد الإعلان عن تأسيسها فإن الأنظار ستصوب نحو مواقف هذه الشبكة وما إذا كانت ستشكل وعاء جديداً لمعارضة السلطة في تونس، خصوصاً في ظل السجالات المستمرة حول وضع حقوق الإنسان والحريات السياسية بعد توقيف سياسيين ونشطاء.

وقالت الزموري إن "الشبكة ليست ضد النظام، لا الحالي ولا الذي قبله، وما نؤكده هو أننا نضع الحريات وحقوق الإنسان في سلم أولوياتنا، ومواقفنا سنبنيها انطلاقاً من تقييمنا لواقع حقوق الإنسان الاجتماعية والاقتصادية والسياسية".

وأبرزت أن "الشبكة لا يهمها من يحكم في تونس، فبوصلتنا هي مدى احترام السلطة للحقوق والحريات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ومن الضروري أن نتحرك في حال تسجيل تراجع على مستوى حقوق الإنسان في تونس".

محاولة للعودة

وتوقيت إعلان تأسيس هذه الشبكة لافت ومثير، إذ تزامن مع استمرار الجدل في شأن الانتخابات الرئاسية التي انحصر السباق فيها على ثلاثة مرشحين، وهم الرئيس الذي توشك ولايته على الانتهاء قيس سعيد، والأمين العام لـ "حركة الشعب" زهير المغزاوي، والأمين العام لـ "حركة عازمون" العياشي الزمال.

ومن غير الواضح ما إذا كانت الأحزاب التي دخلت في مسار تشكيل هذه الشبكة ستسعى إلى العودة للمشهد السياسي واستعادة زمام المبادرة من بوابة هذا التكتل، خصوصاً مع تراجع النشاط الحزبي والسياسي في تونس بشكل كبير.

وقال الباحث السياسي محمد صالح العبيدي إن "الثابت أن هذه الأحزاب تطمح إلى العودة للمشهد السياسي، وربما تكون الشبكة واحدة من آليات أخرى وبوابات أخرى تسعى الأحزاب إلى العودة من خلالها".

وأردف العبيدي في تصريح خاص أن "الأحزاب السياسية في تونس لا تزال عاجزة عن استعادة ثقة الشارع بعد حصيلة هزيلة خلال حكمها في فترة ما بعد انتفاضة الـ 14 من يناير (كانون الثاني) 2011، فهذه الفترة خلفت أزمات اجتماعية واقتصادية حادة، لكن من المهم الإشارة إلى أن هذه الأزمات لا تُحل بمسار أحادي".

ورأى أن "الأحزاب السياسية في تونس لا يزال كثير منها غير راغب في القيام بمراجعات شاملة، وهو أمر يسهم في استمرار القطيعة مع الشارع، وهذه القطيعة تتجسد في حال الجمود وعدم تلبية الدعوات للنزول والاحتجاج ومعارضة السلطة".

واستنتج العبيدي أنه "في ظل المناخ الحالي والتوقيفات التي استهدفت رموز الأحزاب المعارضة فإنه من الصعب أن تنجح في الخروج من دائرة الظل".

وفي ظل عدم تقديمها مرشحاً واحداً ومشتركاً للانتخابات الرئاسية، وهو هدف سعت إليه في البداية، فإن الأحزاب السياسية في تونس تواجه مستقبلاً يكتنفه الغموض، ولا سيما مع اهتزاز بعضها داخلياً وتوقيف قيادات بعضها الآخر على ذمة قضايا عدة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير