Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد عقدين على 11 سبتمبر... الديمقراطيون يعيدون مفهوم الوطنية بشكل جديد

تحليل إخباري: كامالا هاريس تؤكد مع حزبها بثقة على الرموز الوطنية في البلاد، بعد أعوام من هيمنة "الجمهوريين" على سردية عصبية ومتشددة

تم إطلاق بالونات احتفالية بعدما اختتمت المرشحة الرئاسية "الديمقراطية" كامالا هاريس "المؤتمر الوطني الديمقراطي" بخطاب قوي مساء الخميس (رويترز)

ملخص

قبل نحو عقدين، أثارت ناتالي مينز من فرقة "ديكسي تشيكس" جدلاً في لندن بتصريحها ضد غزو العراق، مما أدى إلى هجوم واسع عليها، بينما الآن يبرز الديمقراطيون في أميركا مفهوم الوطنية بشكل جديد في مواجهة اتهامات الجمهوريين.

قبل نحو عقدين من الزمن، أثارت مغنية موسيقى الـ"كاونتري" الأميركية وتدعى ناتالي مينز، جدلاً كبيراً في لندن.

وفي التفاصيل أن فرقتها المعروفة آنذاك باسم "ديكسي تشيكس" Dixie Chicks، كانت تؤدي في إطار جولة حول العالم، عروضاً موسيقية، فيما شنت الولايات المتحدة غزوها للعراق.

وأثناء أداء أغنية "جندي مسافر" Travelin' Soldier على مسرح في ضاحية "شيبارد بوش" اللندنية، توجهت ناتالي مينز إلى الجمهور لتعبر عن استيائها واستياء فرقتها مما يحدث قائلة: "نريدكم أن تعرفوا أننا نقف إلى جانبكم جميعاً. نحن لا نريد هذه الحرب، ولا هذا العنف، ونشعر حقاً بالحرج والخجل لأن رئيس الولايات المتحدة هو من تكساس".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كان رد الفعل على كلامها سريعاً وعنيفاً للغاية. فقد قامت محطات موسيقى الـ"كاونتري" بسحب أغانيها من بثها، وتلقت رسائل كراهية من أنحاء متفرقة في البلاد. وواجهت الفرقة الموسيقية إضافة إلى ذلك، خسائر في فرص الترويج لها والرعاية.

وجاء قرار "إلغاء" حفلة فرقة "ديكسي تشيكس" في سياق مناخ متصاعد من الوطنية نجح "الجمهوريون" في ترسيخه بأذهان الناس حول الرئيس بوش وغزو العراق، بعد هجمات الـ11 من سبتمبر (أيلول) الإرهابية عام 2001.

في أعقاب تلك الأحداث المأسوية، أعاد "الحزب الجمهوري" تعريف الوطنية بشكل أكثر عدوانية وتعصباً وقومية، بحيث أصبحت "الهوية الأميركية الحقيقية" تتطلب من الفرد أن يكون حصراً "جمهورياً" محافظاً. واستغل الرئيس السابق جورج بوش الابن تلك المشاعر لتعزيز فرص إعادة انتخابه لولاية ثانية، ودفع "الجمهوريون" على مدى العقدين الماضيين بالسردية التي تدعي أن "’الديمقراطيين‘ يكنون الكره لأميركا" Democrats Hate America.

واستمر هذا النوع من الوطنية المبالغ فيها جزءاً لا يتجزأ من نهج "الحزب الجمهوري"، ولا سيما أثناء صعود دونالد ترمب ورئاسته للبلاد، وبلغ ذروته في تبنيه شعار "أميركا أولاً" America First ليكون بديلاً من شعار حركته "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" Make America Great Again (MAGA).

في المقابل تبنى أنصار ترمب بشدة العلم الأميركي باعتباره رمزاً لهم، حتى إنهم لجأوا إلى استخدامه في لحظات العنف لضرب عناصر الشرطة، وذلك خلال محاولتهم لإبقائه في منصبه بشكل غير قانوني، في السادس من يناير (كانون الثاني) عام 2021.

إلا أنه بعد "المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي" Democratic National Convention (DNC) هذه السنة في شيكاغو، بدا واضحاً أن "الديمقراطيين" عقدوا العزم على التأكد من أن تفقد هذه التكتيكات والحيل تأثيرها وألا يكتب لها النجاح بعد الآن.

فعلى مدى أربعة أيام في "المركز المتحد" United Center الرياضي، برزت بشكل لافت الأعلام الأميركية والرموز الوطنية الأخرى، بينما تردد صدى هتافات "الولايات المتحدة الأميركية، الولايات المتحدة الأميركية" USA, USA في أرجاء الساحة، إذ احتفى المتحدثون الذين تعاقبوا على الكلام بقيم أميركا، مؤكدين في هذا الإطار أهمية "الحرية".

وتبنت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس مرشحة "الحزب الديمقراطي" التي تستعد لمنافسة دونالد ترمب في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، كلمة "الحرية" موضوعاً مركزياً لحملتها وشعاراً لها، حتى إنها استخدمت أغنية بيونسيه التي تحمل التسمية نفسها فاصلاً موسيقياً لخروجها، ونشيداً لحملتها.

وفي خطاب قبول ترشيح الحزب لها الخميس، أكدت أمام الحضور في المؤتمر أن انتخابات هذه السنة تعد حاسمة في إطار الحفاظ على "الحريات الأساسية" في البلاد، بما فيها "الحرية في العيش، والحق في السلامة من العنف المسلح في مدارسنا ومجتمعاتنا المحلية وأماكن العبادة".

ومضت تقول: "تشمل هذه الحقوق حرية الفرد في التعبير عن الحب علانية وبفخر، وحرية تنشق الهواء والماء النظيفين الخاليين من التلوث الذي يتسبب بتفاقم أزمة المناخ، كما الحق الأساسي الذي يدعم جميع الحريات الأخرى، وهو حرية التصويت".

وتعهدت أيضاً "بالحفاظ على مكانة الولايات المتحدة باعتبارها القوة العسكرية الأكثر قتالية وفاعلية على مستوى العالم، والوفاء بواجبنا المقدس في دعم قواتنا وأسرهم". وأكدت التزامها "احترام خدمات الجنود وتضحياتهم، وعدم الاستخفاف بها على الإطلاق".

وعلى رغم أنها لم تذكر ذلك صراحة، فإن تعهدها كان بمثابة رد توبيخي للرئيس السابق دونالد ترمب على تصريحاته المزعومة عن جنود أميركيين، كان قد وصفهم فيها بأنهم يتبنون مبادئ حركة "الاستيقاظ" Woke (التي تسعى إلى مناهضة الظلم والتمييز العنصري) واصفاً الأبطال الذين قضوا نحبهم بأنهم "حمقى" و"خاسرون".

ورداً على ذلك، هتف المحتشدون بصرخات التأييد لها مرة أخرى: "الولايات المتحدة الأميركية، الولايات المتحدة الأميركية، الولايات المتحدة الأميركية".

وبينما كانت البالونات الاحتفالية تتساقط من حول كامالا هاريس، وكان الجمهور المتحمس يهتف في نهاية خطابها، غصت القاعة الكبرى بأعلام أميركية كان يلوح بها الحضور بفخر.

ويمكن القول إن تلك اللحظة كانت بمثابة دلالة على أن "الديمقراطيين" لم يعودوا يعيرون أهمية لاتهامات "الجمهوريين" لهم بالافتقار للوطنية. وبدلاً من ذلك، كانوا يعيدون تعريف الوطنية كعنصر أساسي لهويتهم وكفضيلة "ديمقراطية" متميزة.

إنها مشاعر من المرجح أن يتردد صداها في ذهن ناتلي مينز مغنية الـ"كاونتري" ـ وربما تقدر ذلك فعلاً. فقد حضرت هي وزميلاتها في الفرقة التي باتت تعرف الآن باسم "ذا تشيكس" The Chicks، في وقت سابق من المساء، لتقديم عرضهن في المؤتمر. أما الأغنية التي اخترنها فكانت: "النشيد الوطني الأميركي" The Star-Spangled Banner.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات