Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يرسل مجلس الأمن "القبعات الزرقاء" إلى ليبيا لضمان الاستقرار؟

مراقبون يقولون إن "وجود أي قوة أجنبية سيعمق الأزمة في ظل وجود 29 مليون قطعة سلاح"

عناصر من وزارة الداخلية الليبية تؤمن الحماية للبنك المركزي الليبي (رويترز)

ملخص

يرى مراقبون أن ليبيا بحاجة إلى "بعثة أممية جديدة بصلاحيات أمنية على هيئة قوات لحفظ السلام الدولي، لا سيما بعد فشل جميع البعثات الأممية ذات الصبغة السياسية باعتبار أن مشكلة ليبيا هي أمنية بالأساس"، بينما يؤكد آخرون أن "وجود قوات لحفظ السلام في ليبيا سيعكّر الوضع أكثر باعتبار أن الشعب الليبي يرفض وجود قوات أجنبية في بلده".

توقف عمليات تصدير النفط وإعلان حال القوة القاهرة في الحقول النفطية، رافقه شلل تام للخدمات المصرفية في ليبيا بعد اقتحام مصرف ليبيا المركزي على خلفية رفض كل من البرلمان ورئيس مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير قرار الإقالة الصادر عن المجلس الرئاسي، كلها عناصر كفيلة بجعل ليبيا تتحرك على رمال ساخنة زاد حرارتها انتشار السلاح وتحكم الميليشيات بمراكز صنع القرار، ويُخشى أن ينزلق البلد الممزق سياسياً، والمنقسم أمنياً، إلى مربع حرب أهلية تنسف معه كل الخطوات السابقة لإجراء انتخابات وطنية تنهي المراحل الانتقالية حيث بات المناخ ملائماً لنمو واشتداد عود الميليشيات المنتفعة من استمرار الفوضى وسط تخبط البعثة الأممية للدعم في ليبيا، والتي بات من الواضح عجز تسعة من مبعوثيها عن إيجاد مخرج للإشكالية الليبية، لا سيما في ظل وجود 29 مليون قطعة سلاح خارج أطرها القانونية وانتشار قرابة 300 مجموعة مسلحة وفق تقارير أممية.

 

ويرى مراقبون أن ليبيا باتت بحاجة إلى "بعثة أممية جديدة بصلاحيات أمنية على هيئة قوات لحفظ السلام الدولي، لا سيما بعد فشل جميع البعثات الأممية ذات الصبغة السياسية باعتبار أن مشكلة ليبيا هي أمنية بالأساس"، وفق قولهم، بينما يؤكد آخرون أن "وجود قوات لحفظ السلام في ليبيا سيعكّر الوضع أكثر باعتبار أن الشعب الليبي يرفض وجود قوات أجنبية في بلده".

اقتراح غربي

وسبق أن اقترحت بريطانيا في مؤتمر برلين الذي استضافته ألمانيا حول ليبيا عام 2020، نشر قوات حفظ للسلام الدولي في ليبيا لتثبيت وقف إطلاق النار، وعبّر وقتها أيضاً، كل من ألمانيا وإيطاليا وعدد من دول الاتحاد الأوروبي عن استعدادها إرسال قوات حفظ سلام دولية إلى ليبيا لمراقبة وقف إطلاق النار ومنع تدفق الأسلحة، مشترطة تفويضاً صريحاً من الأمم المتحدة للقيام بهذه المهمة.

اقتراح رفضه وقتها المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة مؤكداً أن ليبيا بحاجة فقط إلى قوة عسكرية ليبية مشتركة تشرف على مراقبة وقف إطلاق النار، باعتبار أنه "لا يوجد في ليبيا قبول للقوات الأجنبية".

بعثة لإدارة الصراع

في الأثناء، قال المستشار السياسي إبراهيم لاصيفر إن عدم وجود مؤسسة عسكرية وشرطية أسهم، بشكل رئيس، بوصول ليبيا للوضع الحالي، مؤكداً أن تدخل الحلف الأطلسي بمقتضى القرار رقم 1973 من الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لحماية المدنيين من عنف قوات العقيد الراحل معمر القذافي، التي فتحت بدورها الباب لانتشار السلاح، هو السبب في حال الفوضى الحالية بخاصة بعد انسحاب المجتمع الدولي وترك البلاد في هذه الحال، وأوضح لاصيفر أن الأمم المتحدة كانت تقدم دوماً، من خلال مندوبيها إلى ليبيا، حلولاً سياسية وتشريعية ودستورية، "بينما المشكلة في البلاد هي أمنية بالأساس، بخاصة في ظل وجود  قوات مسلحة في الشرق والغرب تحاول فرض واقع سياسي مغاير لضمان استمرار وجودها،  والمعروف أن  السلاح هو إحدى الأدوات السياسية الأكثر خشونة".

وتابع أن المخرجات الحالية من إقفال للنفط وتوقف خدمات مصرف ليبيا المركزي هي نتاج سيطرة الميليشيات على مركز صنع القرار السياسي، وبذلك فإن البعثة الأممية للدعم في ليبيا بصبغتها الدبلوماسية لا يمكنها فرض رأيها بالقوة ولن يكون صوتها أعلى من صوت المجموعات المسلحة.

ولإنهاء حال العبث التي تتخبط فيها البلاد، طالب لاصيفر بتركيز بعثة لإدارة الصراع المسلح مشدداً على أن هذا الأمر يحتاج إلى قرار من مجلس الأمن الدولي. وتابع المستشار السياسي أن "عملية نزع السلاح هي الخطوة الأولى التي يجب أن يعمل مجلس الأمن على تفعيلها للذهاب في ما بعد إلى الانتخابات"، وقال إن إنقاذ ليبيا من الانزلاق نحو مربع العنف مجدداً يقتضي التوجه سريعاً نحو برنامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج، المعروف ببرنامج  DDRوالذي يتطلب تنفيذه وجود بعثة أممية لقوات حفظ السلام، ستشرف، بدورها، على نزع السلاح ومساعدة المقاتلين على إعادة الاندماج كمدنيين لكي يصبحوا عناصر فاعلة في عملية السلام.

يذكر أن الأمم المتحدة لها تجارب عدة في هذا المجال، إذ بدأ فريق قسم نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج في مكتب سيادة القانون والمؤسسات الأمنية بدعم عمليات نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام في جمهورية أفريقيا الوسطى، وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية، وفي ومالي، وجنوب السودان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

دعم لجنة "5+5"

وقد عارض المحلل السياسي حازم الرايس، في المقابل، ما ذهب إليه المستشار السياسي إبراهيم لاصيفر واختزاله الأزمة الليبية في الجانب الأمني، معتبراً أن واقعها سياسي بشكل أساس، "إذ أدى اختلاف وجهات النظر بين أطراف الصراع الرئيسة إلى تفاقم النزاع حول السلطة لتشكيل نظام حكم يتماشى مع رغبات كل طرف من أطراف الصراع الليبي"، مؤكداً أن هذا الصراع وصل إلى استخدام الأسلحة للسيطرة على السلطة والمال والمؤسسات السيادية.

وأوضح الرايس أن الاختلاف يتمحور حول مستقبل الدولة ونظام حكمها، وبالتالي إذا كانت لدى المجتمع الدولي رغبة حقيقية في مساعدة الليبيين على إيجاد حل ينهي صراعهم، "فعليه دعم بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بصبغتها الدبلوماسية لإيجاد خريطة طريق لحل سياسي شامل للأزمة الليبية يرضي الأطراف كافة"، منوها إلى أن هذا الأمر لن يكتمل إلا من خلال إعطاء الثقة للممثل الخاص للأمين العام للدعم في ليبيا في أي خطوة تقدم عليها البعثة الأممية نحو كل مقترح لحل شامل، وطالب الدول الأعضاء بمجلس الأمن وقف التدخل في الشؤون الداخلية الليبية والعمل على تقريب وجهات النظر بين الأطراف السياسية والعسكرية الليبية.

وبخصوص أهمية تركيز قوات حفظ للسلام الدولي في ليبيا حذّر الرايس من خطورة الإقدام على هذه الخطوة، "باعتبار أن مسألة التدخل العسكري في ليبيا مجدداً، بعد ما حدث ذلك عام 2011 تحت أي مسمى كان على غرار بعثة حفظ سلام، أو غيرها، لن يكون مقبولاً من الشعب الليبي بأي شكل من الأشكال"، وقال إنه إذا كانت بعثة الأمم المتحدة ترغب في حل الميليشيات المسلحة في ليبيا ووقف الاقتتال يجب عليها دعم الجهود المبذولة في سبيل إنجاح عمل لجنة "5+5" العسكرية (خمسة أعضاء من الشرق وخمسة أعضاء من الغرب) في مساعيها الوطنية الرامية إلى توحيد المؤسسة العسكرية، وتفكيك الميليشيات، وإخراج المرتزقة الأجانب، والمحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار مثلما نصّ على ذلك اتفاق جنيف.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات