Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إعطاء الحرية للجيل "زد" تنعكس إيجابيا على الشركات

فيما يوشك حزب العمال على تكريس "حق الموظفين في إغلاق" بريد العمل من خلال القانون، يقول مات بوتر إن أكثر الفئات الاجتماعية تأثراً بهذا القرار ستكون الشباب الذين لم يعرفوا يوماً عالماً من دون هواتف ذكية، ولا شكل الحدود المناسبة بين العمل والحياة

ليست القوانين الجديدة التي تضمن عدم تحول منازلنا إلى مكاتب على مدار اليوم والساعة نهاية العالم، مثلما تقول الشركات (غيتي)

ملخص

التشريع المتوقع لحزب العمال والذي يمنح الموظفين الحق في "إغلاق" بريد العمل بعد ساعات الدوام سيفيد "الجيل زد" بشكل خاص إذ يعيد رسم الحدود بين العمل والحياة الشخصية ويشكل خطوة ضرورية لحماية خصوصية هذا الجيل، رغم مقاومة بعض أرباب العمل لهذه الفكرة

على غرار العمل المرن و"تيك توك" والعبارة العامية التي يستخدمها الجيل زد "حقاً حقاً"، يعد الحق بإغلاق وسائل الاتصال بالعمل، وهي فكرة اقترحها حزب العمال قبل الانتخابات ضمن جملة إصلاحات لحقوق العمال، ومن المتوقع أن يكرسها القانون الآن، بمثابة اختبار [رائز] رورشاخ للشخصية.

إذ يرجح أن يعبر موقفك البديهي من قانون العمل الجديد الذي سيسنه العمال ويعطي للعامل الحق بالتوقف عن العمل بعد ساعات الدوام، عن مكنونات نفسك وعن شخصك، سواء من ناحية المواقف أم النظرة الاجتماعية أم اختلاف الأجيال، أكثر مما يعبر عن التشريع نفسه.

في الوقت الحالي، لا يمتلك الموظفون حقاً مكرساً بشكل رسمي بالتوقف عن العمل بعد الدوام. فإن رغب صاحب العمل بإزعاجك خارج ساعات العمل المتفق عليها من خلال اتصال هاتفي أو بريد إلكتروني، يمكنه أن يفعل ذلك. كما يستطيع أن يطالبك بالرد كذلك، أو بالقيام بعمل إضافي. لكن القانون الجديد الذي يضمن عدم تحول منازلنا إلى مكاتب على مدار اليوم والساعة ليس نهاية العالم بالنسبة إلى قطاع الأعمال، خلافاً لما يشاع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

سنت دول عدة، منها إيرلندا وبلجيكا وأستراليا، قوانين مشابهة، وهي تعتمدها [القوانين هذه سارية على أراضيها]، كما أن هذا القانون ليس سوى تراجع عن عملية استحواذ - غير مخطط لها وغير مقصودة حتى - على وقتك الخاص.  

إن كنت أحد الذين كانوا يعملون أساساً في منتصف العقد الأول من القرن الحالي، حين طرحت [في الأسواق] الهواتف الذكية وحزم الإنترنت المنزلية العريضة غير المحدودة، فستجد أن القانون يرجع توقعاتك إلى الحد المنطقي الذي كان عليه عندها. مرحباً هل ما زلت في العمل؟ كلا، لقد غادرت بعد انتهاء دوامك اليوم وعدت للمنزل أو أنت الآن في النادي الرياضي أو في الحانة، فلنتحدث غداً.

بالنسبة إلى القوى العاملة في عام 2024، تبدو هذه الفكرة أقرب إلى العصر الذهبي، فالآن من المعتاد أن يقال للمرء "اتصل بي سريعاً"، أو أن يكون في منزله يوم الأحد، ويرى جملة واحدة على هاتفه [من مديره] "ليوم الغد، ما رأيك؟".

لكن الأمر المختلف والفارق الكبير هو أنه في هذه المدة الفاصلة، وصل الجيل زد. وقريباً سيصبح أبناء هذا الجيل الذين يعدون أساساً الفئة السكانية الأكبر في العالم، وتتراوح أعمارهم بين منتصف سن المراهقة وأواخر العشرينيات، أكبر كتلة ناخبين في التاريخ. 

في عملي اليومي، أقوم بتوجيه وإرشاد زملاء من الجيل زد، ونظرائي وعملاء. ويقوم جزء كبير من عملي على تأكيد أهمية الفرد نفسه ومساعدة مجموعة تميزها مكانتها ضمن القوى العاملة باستعدادها الدائم لتلبية احتياجات الآخرين، نصف مجموع الموظفين الآن إما يعملون أعمالاً حرة أو لديهم عملهم الخاص. والأهم هو أنهم لا يعرفون [ما كانت عليه] حياة العمل ما قبل الهواتف الذكية ولم يعرفوا يوماً في السابق وضعية تجعلهم غير متاحين للعمل، سواء عملياً أم فعلياً. وما يعنيه ذلك هو أنهم جيل يعمل على التفاوض على رسم حدود تبدو عادية [مقبولة] أو أقله مألوفة، لبقية القوى العاملة.

على رغم كل التحسر والتذمر من أن "لا أحد يريد أن يعمل بعد الآن" في أوساط المديرين الأكبر سناً والأكثر انفعالاً، و[شكواهم من] أن الموظفين الشباب يشعرون "بالاستحقاق" [بأنهم أصحاب حقوق وامتيازات] وأنهم يحبون [ما يعرف بـ] "الانسحاب بهدوء" [بذل أقل المطلوب الممكن في العمل من دون المبادرة أو قبول ساعات عمل إضافية]، يقال لموظفي الجيل زد كذلك إنه ما عاد بإمكانهم ضمان وظيفة واحدة مدى الحياة، وإنه عليهم بذل جهود كبيرة وتقبل الواقع و"تنويع المهمات والوظائف" لـ[يصبحوا من أصحاب الخبرات والمهارات ويراكموا المعرفة الأكاديمية والمهنية].

وفي هذا الوقت، يفعلون ما لم يضطر غيرهم من أية فئة عمرية قبلهم إلى أن يقوم به: يشقون طريقهم وحدهم لمعرفة كيفية التعامل مع أصحاب العمل الذين يقابلونهم بالخداع والإكراه وتحميلهم الذنب وتجاهل للحدود، من دون أن تكون لديهم أية حماية ملموسة وراسخة كتلك التي كانت تمثلها عبارة "آسف أنك اتصلت ولم تجدني، أرجو منك معاودة الاتصال غداً". 

يضاف إلى ما تقدم "كوفيد-19"، حين تحول العمل عن بعد والاجتماعات عبر "زوم" إلى نمط العمل الاعتيادي بسبب إجراءات الإغلاق المتعاقبة. كما حولت هذه الإجراءات غرف جلوس الجميع أو غرفة النوم في الشقق المشتركة إلى مكتب تظهر فيه فجأة صور رؤوس كبيرة  ثنائية الأبعاد وبلا أجساد للمديرين والعملاء والزملاء من دون سابق إشعار، ما خلا رسالة مفاجئة أو سؤال "هل يمكنك الاتصال الآن؟". 

إنه شيء عظيم فعلاً ألا يضطروا إلى قضاء ساعتين يومياً في الانتقال من مكتب وسط المدينة وإليه خلال ساعة الذروة، لكن ذلك يجعلهم من ناحية ثانية رهن إشارة المديرين الأكبر سناً.   

هل تعتقدون بأن الجيل زد كثير الاحتجاج؟ هو كذلك لأنكم لا تتركونه وشأنه.

ولا يخفى أن أية مؤسسة لا تستطيع أن تقيم حجم مساهمة موظفيها فيها، سوى من خلال عدد الساعات التي يقضيها الموظف في الجلوس على كراسيها المتحركة، تواجه مشكلات جدية [تعاني خطباً كبيراً]، وإن كنتم تشعرون بالتهديد إزاء عدم قدرتكم على الاتصال بشخص معين عندما يذهب في عطلة أو خلال نهاية الأسبوع، فذلك يعني بأنكم لا تمسكون بمقاليد الأمور [في غياب أطر ناظمة].

يوفر الحق في التوقف عن العمل بعد الدوام أول تشريع حماية في مكان العمل وضع خصيصاً للجيل زد، قد تعتبرونه خطوة سياسية حاذقة مثل تعهد توني بلير وغوردون براون بطرح الحد الأدنى للأجور في عام 1997. منذ ثلاثة عقود حذر الصناعيون من هذا الإجراء، معتبرين أنه سيدمر الاقتصاد وأن تحديد دفع 3.60 جنيه استرليني لقاء ساعة العمل سيفلس الشركات ويؤدي إلى التخلي عن مجموعات من القوى العاملة.

لكن اليوم كما في الأمس، سيتبين بأن الرافضين وممتهني التخويف على خطأ. في الانتخابات الأخيرة، حتى المحافظون أيدوا تحديد الأجر المعيشي على المستوى الوطني. 

ستساعد الإصلاحات في مكان العمل التي يسنها حزب العمال الجيل زد في إعادة رسم الحدود التي اعتبرها كل جيل قبله من المسلمات، علينا أن نتركهم وشأنهم ونسمح لهم بالاستمتاع بعطلتهم.

مات بوتر مؤلف كتاب "الوداع الأخير: تاريخ العالم في مرآة رسائل الاستقالة"

© The Independent

اقرأ المزيد