Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سلاح الديمقراطيين الخارق لهزيمة ترمب

مع أمثال ميشيل أوباما ونانسي بيلوسي وهيلاري كلينتون اللاتي يدعمن المرشحة كامالا هاريس تمارس النساء قوة لكسر القيود ومعها آمال المرشح الانتخابية

سيكون من غير الحكيم من هاريس الاستهانة بالتحدي الذي يمثله لقاء خصم غير تقليدي وشرس مثل ترمب (رويترز)

ملخص

تستفيد كامالا هاريس من الدور المهم الذي لعبته النساء في المؤتمر الوطني الديمقراطي، وخصوصاً ميشيل أوباما ونانسي بيلوسي وهيلاري كلينتون، وكذلك من إرث عائلة أوباما في مزج السياسة بالثقافة الشعبية، وهذا ما يساعدها في معركتها ضد ترمب

بطقم فرنسي أنيق، ولكن داكن باللون الكحلي والمؤلف من سروال وقميص أطلت كامالا هاريس لإلقاء خطاب إعلان قبولها ترشيح الحزب الديمقراطي لها في ختام المؤتمر الوطني الديمقراطي، وكانت إشاعات انتشرت بأنها ستواصل مسيرة هيلاري كلينتون بارتداء "الزي الأبيض المؤيد لحق المرأة في التصويت" في إشارة إلى الطبيعة التاريخية لترشيحها، ولكن بحسب ما أجاب أحد مساعديها بحدة عندما سئل عما إذا كان يتوقع منها الحديث عن احتمال أن تصبح أول رئيسة للبلاد قائلاً: "لا تحتاج كامالا إلى إثبات مؤهلاتها".

ولهذا اختلفت الرسالة في شيكاغو عن حملة كلينتون التي منيت بالفشل عام 2016 واستشهاد هيلاري المستمر بمواجهتها "حواجز غير مرئية" [في إشارة إلى الحواجز الخفية التي تعرقل المسيرة المهنية للنساء]. قللت هاريس من شأن هذا الجانب من معتقداتها أو لعلها احتسبت منطقياً أنه، باستثناء الناخبين المتعاطفين، لا يرحب الأميركيون دائماً بالمرأة التي تتحدث عن نضالاتها وكفاحها.

وهدف خطاب اقتصادي صيغ جيداً إلى نقل هاريس من مكانة المرأة النسوية الليبرالية المتحدرة من كاليفورنيا، التي صقلها معسكر ترمب – فانس وحولها إلى صورة كاريكاتورية للنشاط اليساري المتطرف المتطفل، إلى صورة امرأة أميركية عادية: امرأة تتمتع بالمنطق السليم والوضوح والصدق وتتولى مسؤولية أمن أميركا والغرب.

واستطراداً شكل الأسبوع الماضي أسبوعاً نسائياً جماهيرياً بامتياز مع إلقاء هيلاري كلينتون وميشيل أوباما خطابات رنانة ضمن المؤتمر، فيما احتشد الحضور في إحدى الفعاليات التي تحدث فيها نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب السابقة والمرأة الفولاذية، عن سبب شعورها "بالواجب" لدعم تنحي جو بايدن عن السباق الرئاسي وأعلنت أمام الحشد "أدركت بالضبط ما كنت أفعله". وضم هذا التجمع "لعشائر" الديمقراطيين أسماء نسائية بارزة ولامعة، وينطبق ذلك أيضاً على التحدي المتمثل في توجيه الضربة القاضية لآمال دونالد ترمب في الفوز بولاية رئاسية ثانية.

إن كانت تلك النتيجة المحققة في نوفمبر (تشرين الثاني)، فستكون الأسباب شخصية فضلاً عن كونها مصلحة بحتة بالنسبة إلى معظم المشاركين. آثرت هاريس استخدام لهجة رصينة واصفة منافسها بالشخص "غير الجدي"، مما قد يرتب تداعيات خطرة في حال انتخابه مجدداً، واستذكرت بحماسة عملها في الادعاء العام لإثبات إدانته وإخفاقاته الأخلاقية. أما كلينتون وعلى رغم أنها أصبحت الآن متحدثة أكثر جاذبية وأقل حدة مما كانت عليه عندما أخفقت في معركتها مع ترمب عام 2016، فإنها ما زالت تسارع إلى الانتقام، معلنة "نتقدم عليه الآن".

وجاء الكلام الصريح والواضح والجريء على لسان شخص واحد حاز خطابه على الميدالية الذهبية، وهي ميشيل أوباما، التي ألقت خطاباً قوياً وشخصياً، إذ برزت الحماسة في صوتها والشرارة في عينيها.

 

أدركت أوباما من بعد خبرة أن ترمب سيلجأ إلى "الأكاذيب القبيحة الكارهة للنساء والعنصرية" عن هاريس، ولكنها اتسمت أيضاً بروح المرح، إذ حولت وصف ترمب المعادي للمهاجرين الذين يتولون "وظائف السود" إلى سخرية طريفة إذ تساءلت: "من سيخبره أن الوظيفة التي يسعى إليها حالياً قد تكون مجرد واحدة من وظائف السود؟" [في إشارة إلى احتمال فوز هاريس – داكنة البشرة – بالبيت الأبيض].

تلك الإشارة إلى فترة زوجها الرئاسية التي امتدت على ولايتين كانت بمثابة تذكير بقدرة عائلة أوباما على سرقة الأضواء، وبأنهم يحظون أكثر من أية عائلة من العائلات السابقة التي شغلت البيت الأبيض، بعاطفة الموالين للحزب، لا شك في أن ميشيل أرادت أيضاً أن تقول من خلال خطابها إنه "كان يجب أن أكون أنا المرشحة".

كل هذا لا يخلو من درجة من العظمة بل وحتى الاستعلاء، ومن هنا كانت عبارة "ميشيل أوباما تدعوكم إلى التحرك" بمثابة توجيه للناشطين للتصرف بحماسة ونشاط أكبر لإلحاق الهزيمة بترمب.

في هذا السياق لا يمكن إغفال فكرة أن الفضل في اللمعان والتألق الشديدين اللذين تتمتع بهما السياسة الأميركية اليوم يعود لحد كبير إلى إرث عائلة أوباما باعتبارهما أول زوجين رئاسيين أدركا دور وسائل التواصل الاجتماعي وأعادا اختراع العلاقة بين السياسة والثقافة الشعبية من خلال منسقي الأغاني ومغني موسيقى الراب ومصممي الأزياء والممثلين الكوميديين. في الـ60 من العمر، ما زالت ميشيل تتمتع بنحافة ملفتة وإطلالة باهرة. وهي لا توفر أية نفقات في حرب الأناقة، إذ أطلت ببدلة "جمبسوت" باهظ الثمن ومن دون أكمام من دار "مونس" Monse وبحذاء أسود لامع من "جيمي تشو" Jimmy Choo (غالباً ما يكون الحذاء القوي الرسمي حذاء بكعب رفيع مذهل باللون الأسود أو الجلد اللامع)، وتخلت عن تسريحات الشعر المتقنة لصالح الضفائر المبهجة ووصلات الشعر وزينت أذنيها بالأقراط الدائرية، ولعلها شعرت بالارتياح لعدم اضطرارها إلى ارتداء أزياء من "جي كرو" J. Crew بألوان باهتة ومحايدة مجدداً.

وتميز المؤتمر بإنتاجه الضخم والمكلف إلى حد كبير، مع وجود طاقم نسائي من المشاهير بما في ذلك مايا هاريس التي تعد أقرب مستشارة غير رسمية لشقيقتها المرشحة، وأوبرا وينفري، وفرقة موسيقى الريف الأميركية "ذا تشيكس" The Chicks التي أدت النشيد الوطني الأميركي كتقديم لهاريس، بدلاً من الأغاني التقليدية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولكن فقاعة التفاؤل الحماسي هذه ستصدم قريباً بأرض الواقع عندما سيتواجه كل من هاريس وترمب وجهاً لوجه في مناظرتهما التلفزيونية الأولى في الـ10 من سبتمبر (أيلول) المقبل، ستمتحن تلك المناظرة قدرات هاريس على الرد في اللحظة الراهنة في ظل الاستفزاز القوي الذي ستتعرض له من خصمها. وكانت هيلاري كلينتون أسرت لي في إحدى المقابلات "أنك لا تملكين فكرة عما يبدو الأمر عندما تتعرضين للهجوم من دونالد ترمب – إنها بمثابة كرة نار"، ولكن هاريس تملك أفضلية معرفة هذا الأمر مسبقاً.

وعلى رغم ذلك، سيكون من غير الحكيم الاستهانة بالتحدي الذي يمثله لقاء خصم غير تقليدي وشرس. ويقال في هذا السياق إنها تقضي ربع وقتها في التحضير لتلك المناظرة، فهناك بعض نقاط الضعف التي تطبع أسلوبها، إذ تفتقر إلى عامل "التعاطف" الذي ساعد باراك أوباما وبيل كلينتون، ويكمن اختبار المناظرة في قدرتها على إظهار المرونة تحت الضغط، وهو أمر لم تبرع فيه حتى الساعة.

ولكن هاريس تملك مجموعة من النساء اللاتي يدعمنها بشدة، أجريت مقابلة للتو مع تامي داكوورث الطيارة السابقة في حرب العراق والسيناتور عن ولاية إلينوي التي أجابت بلغة عسكرية عندما سألتها عن ذلك بالقول: "لا شك أنها ستلقنه درساً".

وفي هذا الإطار يتعين على المرشحة لشغل أعلى منصب سياسي في العالم أن تستوفي عدداً مذهلاً من الشروط معاً: أن تكون ناشطة قوية ومدافعة عن القيم الوطنية الأميركية (كان هناك عشرات الأعلام الأميركية على المسرح ووضع المشاركون دبوساً يحمل شعار العلم الأميركي على ياقات قمصانهم لتأكيد هذه النقطة). كما عليها تجنب المشاحنات الحادة التي ألحقت الضرر بهيلاري كلينتون في معركتها مع ترمب، وفي الوقت نفسه إظهار عدم خوفها من خصم لا يستهان بقوته.

إذا أردنا "عدم العودة للوراء"، وهو الشعار الذي هتف به المشاركون في المؤتمر طوال أسبوع، فعلى هاريس أن تبدأ في الإظهار للأميركيين أنه بوسعها الدفع بهم إلى الأمام.

لقد شكل المؤتمر الوطني الديمقراطي مجرد تذكير بحجم بروز المواهب النسائية في العقود الماضية من السياسة الأميركية، وبأن أياً من هذه المواهب لم يصل بعد إلى المكتب البيضاوي في البيت الأبيض. في حال صنعت هاريس التاريخ، سيكون ذلك حتماً بفضل قوة النساء الناضجات اللاتي يدعمنها.

آن ماكيلفوي هي مضيفة بودكاست مقابلات في "بوليتيكو" بعنوان "باور بلاي" (politico.eu/power-play-podcast)

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء