ملخص
وقعت الهند وبنغلاديش في عام 2013 معاهدة تسمح بتسليم رئيسة الحكومة السابقة، لكن أحد بنودها ينص على إمكانية رفض ذلك في حال كان التسليم سيؤدي إلى جريمة أو إلى جنحة "ذات طابع سياسي".
تحولت رئيسة الوزراء البنغلاديشية السابقة الشيخة حسينة إلى معضلة دبلوماسية بالنسبة إلى حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، وفق ما يرى محللون، بعد أربعة أسابيع على فرارها إلى نيودلهي في ظل احتجاجات شعبية معارضة لحكمها.
في الخامس من أغسطس (آب) رضخت ابنة بطل الاستقلال مجيب الرحمن الذي اغتيل في عام 1975، للخيار الوحيد المتاح أمامها في مواجهة التظاهرات التي كانت تطالب بإنهاء حكمها الاستبدادي: غادرت قصرها وفرت على متن مروحية إلى الهند التي مثلت نقطة الثقل في الدعم الدبلوماسي لها منذ عام 2009.
القمع الدامي
ومنذ فرار الشيخة حسينة يدعو الطلاب الذي قادوا التحركات ضدها نيودلهي لإعادتها إلى بنغلاديش لتمثل أمام القضاء على خلفية القمع الدامي الذي واجهت به المتظاهرين على مدى أسابيع. ونتيجة لذلك، أحيا نفي الشيخة حسينة التوترات بين نيودلهي والحكومة الانتقالية في بنغلاديش التي يقودها محمد يونس الحائز جائزة "نوبل" للسلام.
وقال مايكل كوغلمان من مركز "ويلسون" للأبحاث "سيكون من الأسهل بكثير بالنسبة إلى دكا أن تواصل علاقاتها مع حكومة (هندية) لا تستضيف الشيخة حسينة"، لكن طرد الشيخة حسينة (76 سنة) يمكن أن يضر بعلاقات الهند مع جيرانها الآخرين في جنوب آسيا، في وقت تسعى فيه نيودلهي لمواجهة النفوذ الصيني.
من جهته قال توماس كين من مجموعة الأزمات الدولية، "من الواضح أن الهند لا تريد تسليمها (الشيخة حسينة)". واعتبر أن قيامها بذلك "لن يبعث برسالة جيدة إلى حلفائها في المنطقة، الذين قد يشككون في استعداد الهند لحمايتهم".
وواجهت نيودلهي العام الماضي انتكاسة جراء هزيمة مرشحها المفضل في الانتخابات الرئاسية في جزر المالديف أمام خصم مؤيد للصين. كذلك، خسرت حليفاً مخلصاً في المنطقة بسقوط الشيخة حسينة.
دعم مودي
وفي بنغلاديش يتعامل ضحايا الحكم السابق مع نيودلهي على أنها شريكة في المسؤولية عن انتهاكات حقوق الإنسان التي يتهمون حكومة الشيخة حسينة بها، حتى إنهم لم يعودوا يخفون مناهضتهم لحكومة محمد يونس الانتقالية، خصوصاً أنها كانت قد نالت دعم مودي.
في الوقت ذاته، حث القومي مودي الذي جعل من القضية الهندوسية أولويته المطلقة، حكومة يونس على حماية الأقلية الهندوسية في بنغلاديش. وأشار في خطاب لمناسبة عيد الاستقلال في أغسطس، إلى أنها قد تكون مهددة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هجمات
وأتى ذلك في وقت تعرض عدد من الهندوس في بنغلاديش وبعض المعابد المخصصة لهم لهجمات إبان حالة الفوضى التي أعقبت سقوط نظام الشيخة حسينة، ولقي ذلك إدانة الحكومة الانتقالية والطلاب، غير أن وسائل إعلام هندية مقربة من حكومة مودي لم تتوان عن إذكاء نار أعمال العنف التي أثارت تظاهرات من قبل القوميين المقربين من مودي.
وأعرب فخر الإسلام علم جير المسؤول في الحزب الوطني المعارض في بنغلاديش عن أسفه لدعم الهند الحصري لرئيسة الوزراء السابقة. وقال إن "شعب بنغلاديش يريد علاقات سليمة مع الهند، لكن ليس على حساب مصالحه". وأضاف، "للأسف، فإن موقف الهند لا يعزز الثقة".
الثقة
وانعدمت الثقة بين الدولتين الجارتين إلى حد أن بعض البنغلاديشيين اتهموا نيودلهي بالمسؤولية عن الفيضانات التي أسفرت عن مقتل 40 شخصاً.
في المقابل نفت وزارة الخارجية الهندية أن تكون قد تسببت بالفيضانات من خلال إطلاق المياه عبر سدودها، خصوصاً أنها تسببت أيضاً في مقتل نحو 20 شخصاً في الهند.
حتى اليوم، لم تعلق حكومة دكا علناً على استقبال الهند الشيخة حسينة، غير أنها ألغت جواز سفرها الدبلوماسي، ما يحول عملياً دون مغادرتها البلاد.
معاهدة
ووقع البلدان في عام 2013 معاهدة تسمح بتسليم رئيسة الحكومة السابقة، لكن أحد بنودها ينص على إمكانية رفض ذلك في حال كان التسليم سيؤدي إلى جريمة أو إلى جنحة "ذات طابع سياسي".
وقال السفير الهندي السابق لدى بنغلاديش بيناك رانجان شاكرافارتي إن العلاقات بين الدولتين مهمة للغاية بالنسبة إلى دكا بحيث لا يمكن تعريضها للخطر على خلفية مصير الشيخة حسينة. وأضاف "أي حكومة عاقلة تدرك أن جعل عودة الشيخة حسينة أولوية لن يعود عليها بأي فائدة".