Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تلويح بعصيان مدني... روائح خلافات إسرائيلية تفوح من فيلادلفيا

مراقبون يرصدون شروخاً في المجتمع العبري ونعت نتنياهو بـ"ملك الموت"

يتمسك نتنياهو ببقاء قوات إسرائيلية في محور فيلادلفيا (رويترز)

ملخص

بينما طلب وزير الدفاع الإسرائيلي غالانت التركيز على خطوات تضمن صفقة قريبة ناقش الكابينت مقترحات انتقام من حركة "حماس" على مقتل الأسرى الستة بدلاً من التجاوب مع مطلب المتظاهرين وأهالي الأسرى والإضراب بالبحث في كيفية تذليل العقبات للتوصل إلى صفقة.

على رغم عدم تحقيقه هدف الشلل العام في إسرائيل فإن الإضراب الذي شهدته الدولة العبرية اليوم الإثنين، بدعوة من الاتحاد العام للعمال (الهستدروت) احتجاجاً على سياسة حكومة بنيامين نتنياهو التي تشكل عقبة أمام التوصل إلى صفقة أسرى في غزة، أسهم في اتساع قاعدة المشاركين في أعمال الاحتجاج، التي قادها منتدى عائلات الأسرى الذي فشل منذ بداية الحرب في تحقيق هدف "تظاهرة المليون" واختراق الحكومة والكنيست والوزارات، كوسيلة تلزم "بيبي" بالتوصل إلى هدنة تعيد من تبقى من المحتجزين على قيد الحياة.

وقبل أن تأمر محكمة العمل في تل أبيب بوقف الإضراب العام الذي تمت الدعوة إليه، كان الإضراب نفسه أحدث شرخاً داخل المجتمع الإسرائيلي وحتى بين عائلات الأسرى، إذ شارك فيه عدد كبير من قطاعات العمل وأبرزها بعض المستشفيات الأعضاء في اتحاد العمال (الهستدروت) والمطار الدولي ومدارس وبنوك وبلديات باستثناء تلك التي يترأسها من اليمين وأحزاب الليكود وغيرها.

لكن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش اليميني المتطرف نجح في إقناع محكمة العمل خلال بحثها التماس قدمه إلى جانب التماسات أخرى من تنظيمات يمينية مثل "ام ترتسو"، بإلغاء الإضراب العام. فبعدما قررت المحكمة صباحاً، إنهاء الإضراب عند السادسة مساءً بالتوقيت المحلي عادت وتراجعت وقررت إنهاءه عند الثانية والنصف ظهراً، وتبنت رواية سموتريتش بأنه إضراب سياسي وكتبت في القرار أن "لا علاقة بين مقتل المحتجزين وصفقة أسرى وضرب الاقتصاد. إنه إضراب سياسي". وبذلك منع قرار المحكمة استمرار الإضراب لأكثر من يوم، وفق ما أعلن من قبل لجنة تنظيم الإضراب.

كما انعكس الانقسام بصورة أخطر مع دعوة أكثر من والد أسير في غزة إلى إلغاء الإضراب بادعاء أنه يعكس صورة انقسام للمجتمع الإسرائيلي وضعف الدولة أمام حركة "حماس". وخرج للتظاهر مئات من اليمين الإسرائيلي في مقابل الحكومة في مواجهة الإضراب والتظاهرات ودعماً لقرارها بعدم التراجع عن مطلب الانسحاب من فيلادلفيا ونتساريم.

"نتنياهو ملك الموت"

بنيامين نتنياهو، الذي كان يصفه الإسرائيليون قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بـ"ملك إسرائيل"، لنجاحه في التغلب على بقية الأحزاب وتشكيل الحكومة بصورة سلسة إلى جانب طرح سياسته الخارجية بصورة دبلوماسية بارعة، اختار المتظاهرون استبدال اللقب بـ"نتنياهو ملك الموت". وأطلق المحتجون شعارات أخرى بينها "نتنياهو أفرجت عن السنوار وتنازلت عن الأسرى" و"فيلادلفيا مقبرة للأسرى". وبرزت التظاهرات وأعمال الاحتجاج التي طافت إسرائيل تزامناً مع الإضراب ووصلت ذروتها مقابل ديوان الحكومة عند انعقاد جلستها اليوم.

الكابينت الموسع للحكومة، الذي انعقد حتى ساعة متأخرة من مساء أمس الأحد، شهد خلافات واسعة ورفض اقتراح وزير الدفاع يوآف غالانت التراجع عن مصادقته على قرار البقاء في محور فيلادلفيا. وتعرض غالانت لهجوم واسع من قبل الوزراء الذين اتهموه بتشجيع "حماس" والسنوار، واعتبروا إلغاء قرار الكابينت حول فيلادلفيا جائزة لـ"حماس".

 

 

الوزراء الإسرائيليون دعوا خلال جلستهم إلى إقالة غالانت من الحكومة بعدما اتهم نتنياهو بهدر دم الأسرى وذكره خلال الاجتماع بأنه هو من وقع على صفقة "جلعاد شاليط" والإفراج عن 1027 أسيراً مقابل شاليط، موجهاً حديثه إلى نتنياهو بالقول، "أنت من حرر يحيى السنوار من السجن الإسرائيلي بصفقة وقعت عليها، ولا تريد التوقيع على صفقة لإنقاذ مئة أسير لا نعرف مصيرهم ويعانون 11 شهراً في الأسر".

وبينما طلب غالانت التركيز على خطوات تضمن صفقة قريبة ناقش الكابينت مقترحات انتقام من حركة "حماس" على مقتل الأسرى الستة بدلاً من التجاوب مع مطلب المتظاهرين وأهالي الأسرى والإضراب بالبحث في كيفية تذليل العقبات للتوصل إلى صفقة.

وحمّل وزير الخارجية يسرائيل كاتس، حركة "حماس" مقتل الأسرى الستة. وقال، "الحركة أعدمت ستة مختطفين من أجل تخويف مجتمعنا ومحاولة تفكيكه، لكننا سنرد على هذه الجريمة البشعة".

وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير طالب بإصدار أحكام بالإعدام ضد أسرى في السجون الإسرائيلية، بقوله "نحن نستخدم قوتنا ضد صفقة ومفاوضات وحشية، نحن في حاجة إلى نصر. نحن نتحدث مع "حماس" بطريقة واحدة فقط، من خلال النوايا".

نتنياهو: اتفاق ليس بكل ثمن

على رغم أصوات وصرخات المتظاهرين مساء أمس خلال جلسة الكابينت وتحميل نتنياهو مسؤولية مقتل الأسرى الإسرائيليين وتطويق التظاهرة مبنى الحكومة خلال جلستها اليوم، فإن نتنياهو أعرب عن ارتياحه لعدم معارضة الوزراء مطلب إبقاء الجيش في فيلادلفيا باستثناء غالانت. وقال "نريد صفقة ولكن ليس بأي ثمن"، مهدداً بأن إسرائيل ستجبي ثمناً باهظاً حاداً وسريعاً من "حماس" في غضون 24 – 48 ساعة على مقتل الستة، تماماً كما فعلنا بعد مقتل 12 طفلاً في مجدل شمس".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتسرب من حديث نتنياهو في الكابينت شرحه لتعنته بمحور فيلادلفيا، "جئنا للكابينت لأنه لم يكن أمامنا مفر من انعقاده بعد مقتل الستة ولكن لن نغير قرار فيلادلفيا كون هذه الحرب على وجودنا أمام المحور الإيراني".

واعتبر نتنياهو إلغاء قرار الكابينت حول فيلادلفيا، وفق طلب غالانت، خطأ فادحاً كونه قراراً إستراتيجياً "ويشكل جائزة للإرهاب ورسالة لـ(حماس) تحفز مزيداً من أعمال القتل، المزيد فالمزيد من التنازلات ستعرض إسرائيل للخطر. انسحاب مطلق من القطاع، الخروج من المحور، تعرض المصالح الأمنية للخطر".

سيد كل شيء

عدم تجاوب الكابينت ونتنياهو مع مطلب الإسرائيليين والاحتجاجات بالتنازل عن مطلب فيلادلفيا والتوصل إلى صفقة فورية أثار نقاشاً أمنياً وسياسياً محلياً، حذر خلاله البعض من دخول المنطقة إلى وضع أمني خطر إذا ما رد الجيش بقوة، تنفيذاً لتهديد وزراء الكابينت ونتنياهو، ويدخل الحرب إلى مرحلة جديدة قد تنعكس على مختلف الجبهات.

رئيس تحرير صحيفة "هآرتس" ألوف بن، اتهم نتنياهو مباشرة قائلاً، "صحيح أن من ضغط على الزناد لقتل الأسرى هي (حماس) لكن من قرر حكم الموت هو نتنياهو الذي يعتقد أنه سيد الأمن وأحياناً سيد الاقتصاد وسيد الدبلوماسية، إلا أنه في مرآة التاريخ هو لن يكون إلا سيد الموت وسيد التخلي عن الأسرى".

وأمام إظهار الانقسام في الاحتجاجات والإضراب قال "نتنياهو ووزراء حكومته مذنبون لكن الجمهور لا يمكنه أن يعفي نفسه من المسؤولية. فعلى مدى أشهر طويلة بقي معظمه في البيت وعائلات المخطوفين اضطرت إلى الكفاح وحدها في سبيل حياة أبنائها، هذا حصل أيضاً بسبب سياسة فرق تسد لنتنياهو... المخطوفون "قطعوا" عن الجمهور، وكأنهم لم يكونوا جزءاً منه وكأنه توجد معضلة بين حياتهم وحياتنا جميعاً".

وتابع، "نتنياهو خلق عرضاً عابثاً (إما المخطوفون وإما الدولة)، وهذا نجح. والجمهور الخائف بقي في البيت". ودعا إلى خروج كل الجمهور إلى الشارع "ومن لا يشارك في الاحتجاج يكون مشاركاً في مقتل الأسرى".

 

 

وتحميل الإسرائيليين أيضاً، المسؤولية طرحه أكثر من مسؤول سياسي وأمني فيما رد البعض على تهديد نتنياهو لغزة أثبت أن الضغط لا يولد صفقة "بل يولد الموت للمخطوفين".

عصيان مدني له تبريره

مع تعنت نتنياهو في فيلادلفيا ووقف الحرب، اقترح الإسرائيليون تصعيد الاحتجاجات أيضاً بين جنود الاحتياط فيما دعا رئيس الحكومة السابق إيهود براك إلى عصيان مدني، واستباقاً لعدم عرقلة النشاطات التصعيدية كما حصل للإضراب يناقش الإسرائيليون قانونية بعضها.

العصيان المدني، أبرز المقترحات الواردة وبحسب ما يرى متخصصون في القانون فإنها شرعية في ظل الوضع الحالي لإسرائيل.

المتخصص في الشؤون القانونية البروفيسور ميني ماوطنر، اعتبر أن النشاطات السياسية غير العنيفة "مبررة" عندما تتخذ الدولة قراراً غير أخلاقي بصورة واضحة، لذا فإن العصيان المدني له تبريراته القانونية.

واستند ماوطنر على المادة الأولى في قانون الأساس، "كرامة الإنسان وحريته". وفي رأيه فإن تعرض قدسية الحياة باعتبارها قيمة تقف في أساس النظام القانوني في إسرائيل، مؤكداً أن قرار الكابينت بتفضيل استمرار السيطرة على محور فيلادلفيا على صفقة إعادة المخطوفين، يمس بقيمة رئيسة في الثقافة السياسية لإسرائيل وبقيمة رئيسة في نظام الدولة".

وقال إن المبرر الوحيد لقرار الكابينت يمكن أن يكون أن التنازل عن محور فيلادلفيا من أجل إعادة المخطوفين سيؤدي إلى مس كبير بحياة الإنسان في المستقبل، ولكن هذا المبرر سيسقط إذا أخذنا في الحسبان حقيقة أن وزير الأمن وقيادة الأمن العليا في إسرائيل تؤيد من دون تردد إعادة المخطوفين من خلال التنازل عن محور فيلادلفيا. ومن هنا فإن قرار الوزراء الثمانية في الكابينت حول تفضيله يرتكز إلى اعتبارات غير أمنية".

ورأى المتخصص في الشأن القانوني، أن قرار الحكومة المس بقدسية حياة المخطوفين من دون الاستناد إلى اعتبارات أمنية "هو قرار غير أخلاقي ويعارض المبادئ الأساسية للنظام في إسرائيل، وهذا القرار يبرر عمل المواطنين في إطار نظرية العصيان المدني.

المزيد من متابعات