Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تبون يتطلع لولاية ثانية من أجل "الجزائر الجديدة"

محللون يرون أنه "طالما لم تُحل المسألة السياسية فإن أي خطاب آخر سيكون تشتيتاً للانتباه"

يعتبر تبون أنه "أعاد البلاد إلى المسار الصحيح استجابة لحاجات الشعب" (أ ف ب)

ملخص

انتخب عبدالمجيد تبون نهاية 2019 في اقتراع جرى في ذروة الحراك الشعبي، وشهد نسبة امتناع عالية عن التصويت (60 في المئة). وكان عليه مواجهة هذه الحركة الاحتجاجية السلمية التي أطاحت سلفه عبدالعزيز بوتفليقة في أبريل من السنة نفسها بعد تظاهرات حاشدة.

يعول الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون على الفوز بولاية ثانية في انتخابات السابع من سبتمبر (أيلول) الجاري متسلحاً بتحسن الوضع الاجتماعي والاقتصادي، لكن بعد خمسة أعوام على الحراك المؤيد للحريات، تبددت الآمال بتغييرات سياسية عميقة.

في 11 يوليو (تموز) الماضي، أعلن تبون ترشحه لولاية رئاسية ثانية بالقول، "أعتقد أن كل ما قمنا به كان أساساً ولبنة أولى لجعل اقتصادنا اقتصاد دولة ناشئة بأتم معنى"، مؤكداً أنه يسعى إلى بناء "جزائر جديدة" خلال الأعوام الخمسة المقبلة.

تشتيت للانتباه

وانتخب عبدالمجيد تبون نهاية 2019 في اقتراع جرى في ذروة الحراك الشعبي، وشهد نسبة امتناع عالية عن التصويت (60 في المئة). وكان عليه مواجهة هذه الحركة الاحتجاجية السلمية التي أطاحت سلفه عبدالعزيز بوتفليقة في أبريل (نيسان) من السنة نفسها بعد تظاهرات حاشدة.

ويرى مدير مركز الدراسات حول العالم العربي والمتوسط في جنيف حسني عبيدي أن تبون، إضافة إلى "إهمال مسألة الانتقال الديمقراطي التي طالب بها ملايين المواطنين خلال الحراك، فقد تخلى نهائياً عن إحداث تغيير في النظام السياسي الجزائري".

ويضيف، "ليس تغيير القيادة هو ما سيدخل الجزائر في عهد جديد"، مشيراً إلى "حصيلة متباينة" لتبون الذي يواجه "صعوبة في إحداث تغيير عميق لتجسيد (الجزائر الجديدة)".

ويقول المتخصص في مجال العلوم السياسية محمد هناد، "طالما لم تُحل المسألة السياسية بشكل شرعي، فإن أي خطاب اقتصادي، ثقافي، دبلوماسي أو غيره، سيكون مجرد تشتيت للانتباه".

تحت تأثير القمع المتزايد وجائحة "كوفيد" التي منعت التجمعات، بدأ الحراك في الانحسار اعتباراً من ربيع 2020، ثم انتهى مع سجن أبرز وجوهه وحل المنظمات الرئيسة لحقوق الإنسان.

عشرية العصابة

ويعتبر تبون أنه "أعاد البلاد إلى المسار الصحيح استجابة لحاجات الشعب، ولجعل الجزائر قوة اقتصادية".

ولا يفوت فرصة للتذكير بآخر ولايتين لبوتفليقة الذي توفي في سبتمبر (أيلول) 2021، اللتين وصفهما بـ"عشرية العصابة"، في إشارة إلى محيطين بالرئيس الذي كان أضعفه المرض منذ إصابته بجلطة دماغية عام 2013.

بعد سقوط بوتفليقة، أصدرت المحاكم أحكاماً ثقيلة في حق وزراء سابقين، ومديرين في شركات عامة، وأفراد من محيط الرئيس السابق.

إلى جانب عملية "التنظيف الكبيرة" في هرم السلطة السابقة، يعتبر تبون أنه أعاد توجيه الاقتصاد نحو المسار الصحيح.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال، "المؤشرات تثبت قوة الاقتصاد الوطني حالياً"، مشيراً إلى "ارتفاع مداخيل الدولة وتوقف نزف الخزانة العمومية، واسترجاع مليارات الدولارات من الأموال المنهوبة".

وفي رأي عبيدي استفاد تبون من "ظروف دولية ملائمة"، مثل الحرب في أوكرانيا التي زادت منذ عام 2022 أسعار الغاز الطبيعي الذي تعتبر الجزائر أكبر مصدر له في أفريقيا، وأيضاً من "معرفته العميقة بكيفية عمل الإدارة الجزائرية".

ويوضح أن تبون أدخل "طرقاً جديدة للحكم موجهة الآن نحو الحاجات الاجتماعية والمادية للسكان"، مشيراً أيضاً إلى "خطابه القريب من الشعب والمغلف بطابع شعبوي مع نظام ريعي شامل".

وزادت الحكومة رواتب الموظفين مرات عدة، كما زادت معاشات التقاعد، وأنشأت عام 2022 منحة بطالة تقدر بـ13 ألف دينار (نحو 99.47 دولار) شهرياً، موجهة للبالغين بين 19 و40 سنة في ظل وجود 36 في المئة من الشباب دون سن الـ24 عاطلين من العمل، بينما أعطيت قطاعات الطرق والسكن والنقل اهتماماً كبيراً.

يدفع ذلك رابح زروقني، وهو ممرض يبلغ من العمر 35 سنة في الجزائر العاصمة، إلى القول "هناك تطور ملحوظ على مستوى البنية التحتية".

ولاية مبتورة

ورد تبون على معارضيه الذين ينتقدون بطء هذا التقدم، بأن ولايته الأولى "بترت إلى عامين من أصل خمسة بسبب الحرب ضد (كوفيد-19) والفساد". ويقول عبدالحميد مقنين، وهو طالب يبلغ من العمر 20 سنة، عن تلك الفترة، "عانينا كثيراً. الاقتصاد انهار، ومع ارتفاع الأسعار وكلف المعيشة لم يكن ممكناً القيام بأي شيء بسهولة من دون التفكير فيه مئات المرات مسبقاً".

منذ عام 2022، هناك اتجاه نحو التحسن: في نهاية يوليو الماضي، توقع تبون نمواً بنسبة 4.2 في المئة لهذا العام (بعد أكثر من أربعة في المئة في العام السابق)، وناتجاً محلياً إجمالياً قدره 260 مليار دولار، واحتياطاً بالعملات الأجنبية يقدر بـ70 مليار دولار.

لكن الاقتصاد لا يزال غير متنوع ويعتمد بصورة كبيرة على المحروقات، إذ توفر صادرات النفط والغاز 95 في المئة من موارد العملة الأجنبية.

على صعيد السياسة الخارجية، كان أداء تبون أيضاً متبايناً، مع عودة الجزائر إلى الساحة الدولية من خلال تنظيم قمة الجامعة العربية فيها عام 2022، وشغلها مقعد عضو غير دائم في مجلس الأمن حيث تدافع بشراسة عن القضية الفلسطينية. ومع ذلك، فقد شهدت تدهوراً في العلاقات مع عدد من الجيران العرب والأفارقة مثل المغرب والإمارات أو مالي.

كذلك الأمر مع فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، فقد نشب خلاف جديد في نهاية يوليو بعد تقارب واضح خلال العامين الماضيين، عندما قدمت باريس دعماً قوياً لخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية. وردت الجزائر الداعمة لجبهة البوليساريو المطالبة باستقلال الصحراء الغربية، بسحب سفيرها على الفور من باريس.

المزيد من تقارير