ملخص
يتوقع محللون في "سوسيتيه جنرال" تكرار موجة نزف الأسهم العالمية خلال الفترة المقبلة.
من المرجح أن يستقبل الذهب شريحة كبيرة من المستثمرين خلال الفترة المقبلة، إذ تشير البيانات إلى أربعة أسباب قوية تدفع إلى عودة المستثمرين إلى أسواق الملاذات الآمنة بقيادة المعدن النفيس.
يتمثل السبب الأول في تجدد حال عدم اليقين الاقتصادي مع تصاعد حدة التوترات الجيوسياسية، أما السبب الثاني فيتعلق بموجة الخسائر التي عصفت بأسواق الأسهم خلال تعاملات أغسطس (آب) الماضي، التي من المتوقع أن تتكرر مرة أخرى خلال الأيام المقبلة، فيما يرتبط السبب الثالث بالبيانات السلبية الواردة من الصين والولايات المتحدة في شأن احتمال دخول اقتصادهما في ركود، بينما يرتبط السبب الرابع باتجاه البنك المركزي الأميركي إلى خفض أسعار الفائدة بداية من اجتماعات سبتمبر (أيلول) الجاري في ظل هدوء معدلات التضخم.
في مذكرة بحثية حديثة، قال بنك "غولدمان ساكس"، إنه يتعين على المستثمرين التوجه نحو الذهب، مع تسليط الضوء على المعدن الثمين باعتباره أفضل سلعة للتحوط ضد الأخطار الجيوسياسية والمالية. وتوقع فريق محللي السلع في البنك الاستثمار الأميركي، أن يرتفع الذهب إلى 2700 دولار للأوقية بحلول أوائل عام 2025 مع استعداد البنك المركزي الأميركي لبدء خفض أسعار الفائدة في سبتمبر الجاري، مما يعيد رأس المال الغربي إلى المعدن الثمين.
وفي الوقت نفسه، تواصل البنوك المركزية في دول الأسواق الناشئة شراء الذهب، إذ تضاعفت المشتريات ثلاث مرات منذ منتصف عام 2022 وسط مخاوف من العقوبات المالية الأميركية وجبل من الديون السيادية.
ويتخذ بنك "غولدمان ساكس" نهجاً أكثر انتقائية في الاستثمار بالسلع الأساس، إذ يؤثر الطلب الضعيف في الصين على أسعار النفط الخام والنحاس.
وخفض البنك الاستثماري توقعاته لخام "برنت" بمقدار خمسة دولارات إلى نطاق يراوح ما بين 70 و85 دولاراً للبرميل، وأجل هدف سعر النحاس البالغ 12 ألف دولار للطن إلى ما بعد عام 2025.
وكتب المحللون، أنه "في هذه البيئة الدورية الأكثر مرونة، يبرز الذهب باعتباره السلعة التي لدينا في اتجاهها الصعودي أعلى ثقة على المدى القريب".
من ناحية أخرى، ارتفعت العقود الآجلة للذهب 22 في المئة تقريباً هذا العام، لتتداول فوق 2500 دولار للأوقية.
هل تتكرر خسائر أغسطس العنيفة؟
في الوقت نفسه، يرى محللو "سوسيتيه جنرال" أن فرص تكرار الاضطرابات التي شهدتها الأسواق العالمية في أوائل أغسطس الماضي لا تزال قائمة، مرجعين ذلك إلى احتمالات تشديد السياسة النقدية في اليابان وتراجع التفاؤل في شأن أرباح شركات التكنولوجيا الأميركية. وسلط استراتيجيو المصرف الفرنسي في مذكرة بحثية حديثة، الضوء على مدى أهمية النظر شرقاً بالنسبة للمستثمرين الراغبين في تحليل مصدر الهزات التي ضربت الأسواق العالمية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكتبوا، "حثثنا قراءنا دائماً على مراقبة اليابان من كثب لأنها كانت دوماً رائدة في التحركات السوقية الكبرى، على سبيل المثال، بدأت فقاعة التكنولوجيا في أواخر التسعينيات في الانكماش أولاً في اليابان". وأشاروا إلى أنه لم يمر سوى شهر منذ برز اهتمام المتداولين باليابان إلى الواجهة مع تعرض الأسهم لضربة مزدوجة، والمخاوف في شأن الاقتصاد الأميركي في أعقاب تقرير الوظائف الضعيف.
وتعافت المعنويات بعد ذلك، مع تخفيف البيانات الأميركية الأخرى من مخاوف الركود، ومع ذلك، سيكون المستثمرون مقصرين إذا تجاهلوا تحولين أساسيين يمكن أن يتسببا في مشكلات للأسواق مرة أخرى، والتحول الأول يتمثل في أن تفاؤل المحللين في شأن أرباح شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى يتراجع الآن بصورة حادة، مما يقوض المحرك الرئيس للسوق الصاعدة في الولايات المتحدة.
أما التحول الثاني، فيتعلق بتساؤل حول ما إذا كانت اليابان تتحرك مرة أخرى نحو التركيز على متغيرات الاقتصاد الكلي، إذ يسمح تجاوز مرحلة انخفاض التضخم لبنك اليابان بمواصلة رفع أسعار الفائدة.
صعود الدولار يضغط على الذهب
وعلى رغم التوقعات المتفائلة بالنسبة للمعدن الأصفر، تراجعت أسعار الذهب خلال التعاملات الأخيرة، بضغط من ارتفاع مؤشر الدولار، في ظل ترقب الأسواق صدور تقرير الوظائف الشهري في الولايات المتحدة الجمعة المقبلة، لاستشراف آفاق السياسة النقدية خلال الفترة المقبلة.
وعند تسوية تعاملات الجمعة الماضي، تراجعت أسعار العقود الآجلة للذهب تسليم ديسمبر (كانون الأول) 2023 بنسبة 0.2 في المئة أو 4.6 دولار عند 2523 دولاراً للأونصة، وهو أدنى مستوى منذ نهاية جلسة 22 أغسطس الماضي عندما سجل نحو 2516.7 دولار، بينما ارتفع مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام سلة من ست عملات رئيسة، 0.15 في المئة عند مستوى 101.83 نقطة، وهو أعلى مستوى خلال أسبوعين، منذ لامس مستوى 102.01 نقطة في 20 أغسطس الماضي.
ووفقاً لتقرير مجلس الذهب العالمي، أضافت البنوك المركزية العالمية صافي 37 طناً إلى الاحتياطات الرسمية في يوليو (تموز) الماضي، ويمثل هذا زيادة بنسبة 206 في المئة على أساس شهري وأعلى إجمالي شهري منذ يناير الماضي.
وأظهرت أداة "فيد واتش" توقع المستثمرين بالإجماع خفض أسعار الفائدة في اجتماع السياسة النقدية لـ"الاحتياط الفيدرالي" يومي 17 و18 سبتمبر الجاري، إذ يتوقع 63 في المئة خفضاً بمقدار 25 نقطة أساس، فيما رجح نحو 37 في المئة الاتجاه إلى خفض كلفة الاقتراض بنحو 50 نقطة أساس.
الانكماش يطرق أبواب الصين وأميركا
على صعيد البيانات السلبية، انكمش النشاط الصناعي في الولايات المتحدة للشهر الخامس على التوالي في أغسطس الماضي، وللمرة الـ21 في آخر 22 شهراً، مع ضعف الطلب وتراجع الشركات عن الاستثمار في رأس المال والمخزون بسبب السياسة النقدية وعدم اليقين في شأن الانتخابات.
وبحسب بيانات معهد إدارة التوريد، سجل مؤشر مديري المشتريات الصناعي 47.2 نقطة، بزيادة 0.4 نقطة عن قراءة يوليو الماضي البالغة 46.8 نقطة، ومقارنة بتوقعات ارتفاعه إلى 47.5 نقطة، في حين تراجع مؤشر الطلبيات الجديدة 2.8 نقطة إلى 44.6 نقطة، ليظل في منطقة الانكماش، دون مستوى 50 نقطة، انخفض مؤشر الإنتاج لشهر أغسطس الماضي بنحو 1.1 نقطة إلى مستوى 44.8 نقطة، وارتفع مؤشر الأسعار بنحو 1.1 نقطة إلى مستوى 54 نقطة.
فيما أظهرت القراءة النهائية ضمن مسح لـ"ستاندرد أند بورز غلوبال"، تراجع مؤشر مديري المشتريات الصناعي خلال أغسطس الماضي إلى مستوى 47.9 نقطة من 49.6 نقطة في يوليو الماضي، إذ انخفض إنتاج التصنيع للمرة الأولى في سبعة أشهر، مع تراجع المبيعات وسط تقارير متزايدة عن ضعف الطلب.
وفي السياق، انكمش نشاط المصانع في الصين للشهر الرابع على التوالي في أغسطس الماضي، في أحدث علامة على أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم قد يواجه صعوبة في تحقيق هدف النمو الاقتصادي لهذا العام. وذكر المكتب الوطني للإحصاء الصيني، أن مؤشر مديري المشتريات للقطاع الصناعي انخفض الشهر الماضي من 49.4 نقطة إلى 49.1 نقطة، وهو ما جاء أسوأ من توقعات المحللين عند 49.5 نقطة.