Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وثائق مسربة: قناة تجارية سرية بين روسيا والهند لتفادي العقوبات الغربية

وفقاً للوثائق وشهادات مسؤولين غربيين ورجلي أعمال سابقين، استهدفت موسكو وشركاؤها الهنود تقنيات ذات استخدام مزدوج تخضع لضوابط التصدير الغربية.

ناريندرا مودي وفلاديمير بوتن في الكرملين خلال اجتماعهما الثنائي في يوليو 2024 (غيتي)

ملخص

كانت الهند من أكبر مشتري النفط الخام الروسي، وبلغ إجمالي التجارة بين البلدين أعلى مستوى له على الإطلاق عند 66 مليار دولار في السنة المالية 2023-2024، مما يمثل زيادة بمقدار خمسة أضعاف مقارنة بالعام الذي سبق غزو أوكرانيا

كشفت مراسلات رسمية روسية اطلعت عليها صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية عن أن روسيا كانت تقوم سراً بشراء سلع حساسة من الهند وتدرس إنشاء مرافق حيوية في البلاد لتأمين مكونات لمجهودها الحربي.

الصحيفة ذكرت أن وزارة الصناعة والتجارة الروسية التي تشرف على الإنتاج الدفاعي، أعدت خططاً سرية في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 لإنفاق نحو 82 مليار روبية (1 مليار دولار في ذلك الوقت) لتأمين إلكترونيات حيوية عبر قنوات غير معلومة بالنسبة إلى الحكومات الغربية.

وتضمنت الخطة التي تم الكشف عنها في رسائل إلى هيئة غامضة للترويج التجاري تربطها علاقات وثيقة بأجهزة الأمن الروسية، استغلال "احتياطات كبيرة" من الروبيات التي جمعتها البنوك الروسية من مبيعات النفط المتزايدة إلى الهند.

ووفقاً للوثائق وشهادات مسؤولين غربيين ورجلي أعمال كانا يعملان في هذه التجارة سابقاً، استهدفت روسيا وشركاؤها الهنود تقنيات ذات استخدام مزدوج - السلع التي يمكن استخدامها لأغراض مدنية وعسكرية - والتي تخضع لضوابط التصدير الغربية. حتى إن موسكو كانت تفكر في ضخ استثمارات في مرافق تطوير وإنتاج الإلكترونيات الروسية-الهندية، بحسب الملفات المسربة.

"فايننشال تايمز" ذكرت أيضاً أن المراسلات أظهرت لجوء روسيا إلى نيودلهي في وقت قرّب رئيس الوزراء ناريندرا مودي بلاده من المدار الأميركي أكثر من أي وقت مضى. فخلال زيارة دولة لواشنطن العام الماضي، وقّع مودي سلسلة من اتفاقات التعاون الهندي-الأميركي في مجالات متنوعة من محركات الطائرات المتقدمة إلى الذكاء الاصطناعي.

وعلى رغم عدم وضوح مدى فاعلية أو اكتمال تنفيذ روسيا لخططها، فإن البيانات التفصيلية المتعلقة بتدفقات التجارة تشير إلى أن العلاقات التجارية بين روسيا والهند تكثفت في مجالات معينة، وتحديداً تظهر البيانات زيادة في التجارة التي تنطوي على أنواع السلع المذكورة في الوثائق الروسية.

مستوى التعاون الروسي – الهندي كان مصدر قلق بالنسبة إلى المسؤولين الأميركيين. فعلى سبيل المثال، قام والي أدييمو، نائب وزير الخزانة الأميركي، في يوليو (تموز) الماضي بمخاطبة ثلاث من أكبر المنظمات التجارية في الهند محذراً إياها من أن "أي مؤسسة مالية أجنبية تتعامل مع القاعدة الصناعية العسكرية الروسية تخاطر بتعرضها للعقوبات" وأن خطر التعرض للعقوبات "موجود بغض النظر عن العملة المستخدمة في الصفقة".

الصحيفة البريطانية قالت إنه وعلى رغم إعراب مودي عن استيائه من تأثير الغزو الروسي لأوكرانيا في الاقتصادات النامية ودعوته الطرفين إلى صنع السلام، فقد منحت دلهي روسيا شريان حياة اقتصادياً بعد تعرض الأخيرة لعقوبات غربية.

ومن المعلوم أن الهند كانت من أكبر مشتري النفط الخام الروسي، وبلغ إجمالي التجارة بين البلدين أعلى مستوى له على الإطلاق عند 66 مليار دولار في السنة المالية 2023-2024، مما يمثل زيادة بمقدار خمسة أضعاف مقارنة بالعام الذي سبق غزو أوكرانيا. وقد تمت بعض هذه التجارة بالعملة الهندية، مما ترك روسيا بفائض منها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي تفاصيل التسريبات، ذكرت "فايننشال تايمز" أن المسؤول الحكومي الروسي المعني بالمراسلات المسربة، ألكسندر غابونوف، هو نائب رئيس قسم "الإلكترونيات الراديوية" في وزارة الصناعة والتجارة، وهو مجال حساس خصوصاً لأن روسيا تعتمد على الإلكترونيات المنتجة في الخارج لاستخدامها في الصواريخ والطائرات المسيّرة والحرب الإلكترونية.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2022، طلب غابونوف من منظمة سرية تتخذ من موسكو مقراً لها، ولها صلات بالأجهزة الأمنية الروسية، تدعى "اتحاد النشاط الاقتصادي الخارجي والتعاون الدولي بين الدول في الصناعة" — أن تقدم خططاً للحصول على مكونات حيوية من الهند.

رد رئيس الاتحاد، فاديم بوييدا، أنهم وضعوا "خططاً محددة" بالتعاون مع صناعة الإلكترونيات الروسية و"ممثلين من الشركات الهندية الحكومية والخاصة المعنية" الذين يمتلكون "إمكانات عالية" للاستفادة من الروبيات التي تمتلكها روسيا.

عرض بوييدا خطة من خمس مراحل لمساعدة روسيا في إنفاق الروبيات وإنشاء إمدادات مستقرة من المكونات ذات الاستخدام المزدوج وذلك بإنشاء روسيا لـ"نظام دفع مغلق بين الشركات الروسية والهندية" خارج نطاق الرقابة الغربية، "بما في ذلك استخدام الأصول المالية الرقمية"، بحسب ما كتب بوييدا.

ووفقاً للخطة المقدمة، بإمكان روسيا شراء ما يصل إلى 100 مليار روبل من المكونات، بما في ذلك أجزاء "معدات الاتصالات والخوادم والمعدات الإلكترونية المعقدة الأخرى" التي كانت تُشترى سابقاً من الدول الغربية.

وأوضح أن أعضاء الاتحاد بدأوا مشاريع تجريبية لإنتاج مكونات مصممة روسياً في الهند وأجروا "عملاً مفصلاً في شأن إخفاء المعلومات حول مشاركة الأفراد والكيانات الروسية، وكذلك لوجستيات الإمداد عبر دول ثالثة".

وذكرت الخطة كذلك أنه يمكن تخصيص أموال إضافية لدعم مشاريع مشتركة في الهند لمصانع الإلكترونيات اللازمة "لتلبية حاجات البنية التحتية الحيوية للمعلومات في روسيا".

وتشير الرسائل المسربة إلى دفع ثمن فئتين محددتين من السلع، وهي أنواع من الإلكترونيات والآلات، بالروبية. وتظهر البيانات الروسية أن التجارة في هذه الفئات ارتفعت من مستويات ضئيلة في منتصف عام 2022.

وأظهرت بيانات الجمارك الروسية، وبحسب الصحيفة البريطانية مجدداً، إدراج شركة "Innovio Ventures" الهندية في الإقرارات التجارية كمورد لما لا يقل عن 4.9 مليون دولار من المعدات الإلكترونية، بما في ذلك الطائرات المسيّرة، إلى روسيا، إضافة إلى 600 ألف دولار من السلع التي تم شحنها إلى قيرغيزستان. وتمت تسوية المعاملات بالروبية، وفقاً للبيانات الروسية.

وتضمنت الشحنات إلى روسيا معدات إلكترونية بقيمة 568 ألف دولار لاستخدامها في أنظمة الراديو الإلكترونية لمصلحة شركة روسية تدعى "Testkomplekt" التي تعرضت لعقوبات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لدورها في نظام المشتريات العسكرية في موسكو.

رجل أعمال هندي مطلع على التجارة بين روسيا والهند قال لـ"فايننشال تايمز" إن موسكو أجرت دراسات لتأسيس منشآت في الهند. وأوضح: "كان من المقرر استخدام جزء من هذا الفائض من الروبيات في الهند لتطوير التصنيع اللازم للسلع ذات الاستخدام المزدوج"، مضيفاً "يمكن أن تكون هذه العناصر الإلكترونية منخفضة القيمة مثل تلك الموجودة في الغسالات أو الثلاجات. يمكنك إما تصدير هذه العناصر أو استخراج المكونات الإلكترونية وإرسالها إلى روسيا".

المزيد من تقارير