Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"أضنة" جديدة على مسار التطبيع بين أنقرة ودمشق

موسكو تسارع في عقد سلسلة لقاءات ومحادثات فنية وأمنية لتهيئة اجتماع على مستوى رئاسي

انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية من أهم شروط دمشق لتطبيع العلاقات مع أنقرة (اندبندنت عربية)

ملخص

لعل فتح المعابر بين مناطق سيطرة الحكومة ومن جهة المعارضة المدعومة تركياً ومنها معبر "أبو الزندين" يعد ترجمة لنجاح المفاوض الروسي، وبادرة حسن نية تركية على طريق التطبيع.

"من ليس له قديم، ليس له جديد" مثل متداول في الشارع السوري باعتباره دلالة على أهمية الماضي في حياة الناس، ينطبق حول ما يدور في أروقة السياسة ودوائرها الضيقة حالياً حين عادت اتفاقية "أضنة" الموقعة بين دمشق وأنقرة إلى الواجهة بعد أكثر من عقدين ونصف العقد (1998).

وبات الجانب الروسي، عراب المفاوضات بين البلدين أكثر تصميماً منذ عام 2019 على ضرورة الارتكاز والعودة إلى تلك الاتفاقية، وإجراء تعديلات عليها حفاظاً على المسار التفاوضي للوصول إلى إعادة العلاقات بعد قطيعة دامت أكثر من 12 عاماً من اندلاع النزاع المسلح في سوريا.

المفاوضات المتعثرة

في هذا الوقت تسارع موسكو إنجازها سلسلة لقاءات ومحادثات فنية وأمنية تحضيراً للقاء الرباعي (السوري، التركي، الإيراني، الروسي) المزمع عقده فور اكتمال شروطه، ومن المتوقع أن يكون قريباً، ومن ثم الوصول إلى تهيئة اجتماع على مستوى رئاسي، وقبل ذلك تدور مفاوضات حول نقاط عدة منها تحديد الجهات وتصنيفها إرهابية، ووضع آلية للتعاون بين البلدين في مكافحة الإرهاب، مع تحديد جدول زمني لانسحاب القوات التركية من الأراضي السورية.

وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف كشف عن اقتراح روسي للجانب التركي بالعودة إلى اتفاقية أضنة لمكافحة الإرهابيين في الشمال السوري بالاتفاق بين دمشق وأنقرة. وقال في تصريحات له "الاتفاقية لا تزال سارية المفعول، وتتيح لتركيا دخول الأراضي السورية بعمق معين لمكافحة الإرهاب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويجزم الباحث التركي في الشؤون السياسية، فراس رضوان أوغلو في حديثه إلى "اندبندنت عربية" من أنقرة تمسك الجانب التركي بشروط ضمان أمان الحدود والأمن القومي حيال التهديدات من قبل فصائل حزب العمال الكردستاني الموجودة باسمه على الحدود أو بأسماء متغيرة في إشارة إلى أحزاب كردية مسلحة.

وأضاف، "المؤشرات الأولى تتجه نحو إعادة صياغة اتفاقية أضنة وسط ليونة بالموقفين التركي والسوري، ومع تزايد فرص النجاح برعاية روسية، وبالتأكيد سيطرأ عليها تعديلات، وإلا ما الفائدة من هذه العلاقة، لا بد من التجديد في الاتفاقات والدساتير".

وكانت "اتفاقية أضنة" الأمنية التي وقعت في أكتوبر (تشرين الأول) 1998، قد أطفأت فتيل حرب وشيكة بين سوريا وتركيا بعد نشاط واسع لحزب العمال الكردستاني على حدود تركيا الجنوبية، وتنص الاتفاقية بالتزام سوريا عدم السماح بأي نشاط يهدد أمن تركيا بما فيه دعم حزب العمال الكردستاني، ومنحت الحق لأنقرة في اتخاذ الإجراءات الأمنية والتوغل داخل الأراضي السورية بعمق خمسة كيلومترات في حال أخفق الجانب السوري بتنفيذ التزاماته.

نسخة أضنة الجديدة

في غضون ذلك تحاول أنقرة ودمشق جر مسار التفاوض إلى ما يحقق مصالح كل منهما، كما يتمسك كل طرف بمطالبه على رغم محادثات شاقة يحاول الكرملين الوصول من خلالها إلى اتفاق سريع سعياً منه إلى كسب إسطنبول في ظل التغيرات الخارجية والنزاع الروسي-الأوكراني ومن خلفه الأوروبي والأميركي.

ولعل أكثر المطالب تعقيداً، التي أخذت وقتاً طويلاً من المحادثات وسط تدخل أطراف دولية وعربية آخرها العراق تتلخص بعدم إجراء لقاء على المستوى الرئاسي إلا بشرط انسحاب القوات التركية من الشمال السوري، حيث اجتاح الجيش التركي منذ عام 2016 الأراضي السورية بذريعة مكافحة الإرهاب عبر ثلاث حملات عسكرية (غصن الزيتون، درع الفرات، نبع السلام) وتحولت المناطق التي يسيطر عليها إلى مناطق نفوذ للمعارضة المسلحة المستاءة من التقارب التركي-السوري.

وذكر السفير السوري السابق في تركيا، نضال قبلان أن ما سرب حتى الآن من تعديلات جوهرية أدخلتها أنقرة على الورقة التركية تماشياً مع المطالب السورية يزيد من فرص عقد الاجتماع الرباعي المرتقب على مستوى وزراء الخارجية في وقت قريب.

ويلخص قبلان التعديلات التركية بأنها ببنودها الستة، تشير إلى تولي روسيا وسوريا وإيران مهمة الإشراف، والتحقق من تطبيق البنود، وأهمها الانسحابات التركية من مدن وبلدات ومناطق عدة في ريفي حلب وإدلب والشمال الغربي، وفتح المعابر الحدودية الرسمية الخمسة خلال شهر عوضاً عن ستة أشهر، وحل الخلاف مع التنظيمات والأحزاب الكردية غير المسلحة بالحوار مع دمشق حصراً، وتولي الجيش السوري النظامي مسألة استيعاب من يراهم لا يشكلون خطراً أمنياً، إضافة إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية السورية.

 

في المقابل يرفع الأتراك مطلباً يتعلق باستيعاب شخصيات المعارضة السورية من الذين أدخلوا في أعمال إرهابية، أو نشاطات مسلحة، وبخاصة أن تركيا دعمت المعارضة منذ اندلاع الحرب عام 2011 وأدخلت فصائل المعارضة السورية المسلحة بالنزاع التركي-الكردي وكونت ما يسمى "الجيش الوطني" بدعم تركي الذي تمركز شمالاً وحارب جنباً إلى جنب في عمليات استهدفت مناطق سيطرة القوات الكردية التي تسعى إلى تشكيل إدارة ذاتية واسعة، لا سيما أن بعض الصقور في الإدارة الكردية يسعون إلى الانفصال، أو تكوين كونفدرالية لهم.

ويرى مراقبون أن المحادثات لعودة العلاقة التركية-السورية إلى سابق عهدها ليست بالسهلة، فالقوات الكردية ومعها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الحليف المحلي لقوات التحالف الدولي في سوريا بزعامة الولايات المتحدة تتلقى دعماً غير محدود من واشنطن وبخاصة بعد جهود واسعة في دحر تنظيم "داعش" من مناطق الشمال الشرقي في البلاد حتى سقوطه في آخر معاقله بقرية الباغوز في ريف دير الزور الشرقي، شرق سوريا وتدريب الكوادر الكردية المقاتلة على أسلحة متطورة، ولن تسمح أميركا وقواتها الموجودة على الأرض بالهجوم على مناطق النفوذ الكردية، مع تأمين الحماية اللازمة لهم، وسط معلومات عن تأمين منظومات دفاعية متطورة وصلت حديثاً.

في هذه الأثناء لا يستبعد فريق من المعارضة السورية تعثر المفاوضات، وعدم الاتفاق على تعديل اتفاقية أضنة لعدم قدرة الجيش النظامي على حماية الحدود وسط وجود قوات دولية منها أميركية وميليشيات كردية مسلحة علاوة على اتساع قوة قوات العشائر، فضلاً عن التهديدات التي لا تزال حاضرة من مجموعات فلول تتبع "داعش"، مع أخطار هرب عشرات آلاف الإرهابيين من سجون ومعتقلات تشرف على حراستها القوات الكردية في حال اندلاع أي تهديد أمني وعسكري من أي نوع كان.

في الأثناء كشف المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحزب الحاكم في تركيا، عمر تشليك في مؤتمر صحافي عن عمل أجهزة الاستخبارات وعقد اجتماعات على مستوى الدفاع والخارجية "لمناقشة شروطنا وشروطهم ووضعها بصورة متقابلة للوصول إلى نقاط مشتركة".

وفي النهاية تركز آلية المفاوض التركي على مستويات استخباراتية ووزارية ورئاسية، وبالفعل نجح الوسطاء في إجراء لقاءات أمنية ووزارية في موسكو العام الماضي لكن الأنظار تتجه للقاء الرئاسي لطي صفحة الخلاف الحاصل، ولعل فتح المعابر بين مناطق سيطرة الحكومة ومن جهة المعارضة المدعومة تركياً ومنها معبر "أبو الزندين" يعد ترجمة لنجاح المفاوض الروسي، وبادرة حسن نية تركية على طريق التطبيع.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات