ملخص
عطلت الصواريخ الإسرائيلية السابقة تصنيع الأسلحة وتخزينها لكن لم توقف العمل والإنتاج
قضى الشارع السوري ليل الأحد يترقب مذعوراً مجريات أكثر الاستهدافات الجوية الإسرائيلية وأعنفها، التي طاولت مناطق في وسط البلاد منذ اندلاع حرب غزة قبل ما يقارب العام، إذ كسر دوي الانفجارات المتلاحقة هدوء المنطقة الوسطى بصواريخ موجهة أصابت مواقع عسكرية ومنها مركز البحوث العلمية في مصياف، بالريف الغربي لمحافظة حماة.
ليل سوريا الأسود
وارتفع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 18 شخصاً و37 مصاباً، وفق إحصاءات طبية، وبحسب ما أعلن وزير الصحة بحكومة تصريف الأعمال في دمشق، حسن غباش بعد غارات جوية متلاحقة بالتزامن مع تصدي الدفاعات الجوية السورية لكمٍ من الصواريخ بينما انهال عدد منها ملحقاً خسائر بشرية.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره لندن، تحدث عن ارتفاع حصيلة الخسائر البشرية لتصل إلى نحو 25 شخصاً منهم خمسة مدنيين وأربعة عناصر من جيش النظام واثنان من عناصر "حزب الله" من الجنسية السورية إضافة إلى 11 من السوريين العاملين مع الفصائل الإيرانية، وثلاثة أشخاص مجهولو الهوية، وإصابة ما لا يقل عن 32 آخرين.
الهجمات تركزت في مجملها على مركز البحوث العلمية بمدينة مصياف التي تبعد عن حماة من الجهة الغربية نحو 45 كيلومتراً، (مدينة هادئة تشرف على سهل الغاب والمرتفعات الجبلية)، كما طاولت الصواريخ موقعاً على طريق مصياف ـ وادي العيون ومواقع عدة أخرى منها موقع عسكري جنوب غربي المدينة.
وفي وقت ذكرت وكالة "رويترز" نقلاً عن مصادر استخباراتية إقليمية، أن مركز البحوث العلمية يستخدم لإنتاج الأسلحة الكيماوية، جزم من جهته مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن في تصريحات له، بأن المركز لا علاقة له بالأسلحة الكيماوية بل هو المسؤول عن تصنيع صواريخ دقيقة قصيرة ومتوسطة المدى وتطويرها يشرف عليه الحرس الثوري الإيراني، وفي الفترة الأخيرة دخل خط تطوير المسيرات.
من دون أي رد
في غضون ذلك اكتفت دمشق بالرد سياسياً وإعلامياً، وشدد بيان وزارة الخارجية على حق الدفاع عن سيادتها، وتحرير أرضها "المحتلة" بكل الوسائل المشروعة التي يضمنها القانون الدولي، وطالب البيان جميع دول العالم بإدانة هذا الهجوم و"التضامن في السعي إلى وضع حد للاعتداءات والجرائم الإسرائيلية الممنهجة".
واعتبرت دمشق أن تمادي تل أبيب هو نتيجة "الدعم غير المحدود من قبل الولايات المتحدة ودول غربية أخرى" حسب ما جاء في البيان، "مما يشجعه على الاستمرار في جرائمه وعدوانه المتواصل، ويجعل تلك الدول شريكة في هذا العدوان والتغطية عليه تستوجب المساءلة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في المقابل دانت طهران الغارات الإسرائيلية ووصفت ما حدث بـ"العمل الإجرامي"، وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية "الوقت حان ليتوقف مؤيدو الكيان الإسرائيلي عن دعمه وتسليحه".
وجاء الهجوم الأخير بعد فترة هدوء وانتظار طويلين للرد الإيراني المزمع عقب اغتيال رئيس المكتب السياسي السابق لحركة "حماس" إسماعيل هنية أواخر يوليو (تموز) الماضي في مقر رئاسي بالعاصمة طهران، وسلسلة هجمات إسرائيلية لكبح النفوذ الإيراني أبرزها قصف مقر دبلوماسي تابع لطهران في دمشق في الأول من أبريل (نيسان) الماضي.
يأتي ذلك وسط اعتقادات تفيد بعودة التحركات الإيرانية إلى إنتاج ذخيرة وصواريخ لإمداد "حزب الله" اللبناني، بينما الاحتمالات تتجه إلى تأزم الوضع الداخلي في تل أبيب، ونية رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تحويل الأنظار عن الاحتجاجات الشعبية التي تحاصره.
وإلى جانب مركز البحوث العلمية في مصياف، هناك مراكز مهمة عدة منها (جمرايا وبرزة) تعرضا كذلك لضربات وقصف متكررين، بينما تخضع هذه المراكز للعقوبات الغربية. وفي أبريل عام 2017 فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على موظفي مركز جمرايا، وقبل ذلك عام 2016 طاولت العقوبات ستة مسؤولين في المركز بتهمة السعي إلى إنتاج بحوث علمية لوجستية وكيماوية.
مراكز تطوير الأسلحة
لم يكن الهجوم على مركز مصياف للبحوث العلمية الأول من نوعه فقد استهدف مرات قبل ذلك، وآخرها في منتصف مارس (آذار) 2023، حينها تحدث وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس عن "استخدام إيران منشآت مركز البحوث في مصياف لإنتاج صواريخ وأسلحة متطورة".
وأظهر في مؤتمر صحافي خريطة لمنشآت عسكرية لتصنيع الذخيرة المتطورة، وجاء حديثه على هامش الاستهداف قبل الأخير "لموقع تحت الأرض في مركز البحوث العلمية في مصياف تُصنع فيه صواريخ دقيقة تشكل تهديداً لإسرائيل والمنطقة".
وتركزت الاستهدافات الإسرائيلية على نقاط عسكرية تتبع للحرس الثوري، والمطارات والقواعد المنتشرة للفصائل الموالية لإيران في الجنوب والشرق السوريين، وتزايدت الهجمات على مراكز البحوث العلمية بعد تنامي القدرات الإيرانية على تطوير منظومات أسلحة وصواريخ وطائرات مسيرة، والاستفادة من نقل هذه التجارب إلى أماكن بالغة الحساسية، في حين يقلل فريق من السوريين من دقة السلاح الإيراني لا سيما بعد الرد الإيراني على تل أبيب بعد قصفها للسفارة لدى دمشق.
وكشف تقرير نشره مركز "ألما" للبحوث الإسرائيلي العام الماضي عن مساع إيرانية للسيطرة على صناعة الدفاع في سوريا، وبخاصة الأسلحة الكيماوية مما أثار مخاوف محتملة من استخدامها في مواجهة مقبلة مع إسرائيل، وذكر التقرير أن "المركز يوفر الوقت ويختصر الخدمات اللوجستية اللازمة لنقل السلاح من إيران إلى سوريا و‘حزب الله‘ اللبناني، وقد استهدف مرات عدة خلال الأعوام الماضية، وعطلت الهجمات تصنيع الأسلحة وتخزينها لكن لم توقف العمل والإنتاج".
وتشي المعلومات من شهود كانوا في موقع الحادثة ليلاً إلى توزع اندلاع حرائق في مواقع حراجية، وسقوط صواريخ حفرت عميقاً بالأرض تصل لأمتار، مما يدل على استخدام تل أبيب صواريخ بهدف ضرب مخادع تحت الأرض، مما خلف أضراراً واسعة في شبكات المياه والكهرباء والاتصالات والطرقات.
وزارة الموارد المائية قالت إن القصف أدى إلى تخريب خطوط الضخ والإسالة الرئيسة باتجاه خزان مصياف الأرضي وانقطاع خط التغذية الكهربائية لآبار الجريفات التي تغذي المدينة وانقطاع خط التغذية الكهربائية لآبار خان جليمدون وآبار مدينة سلحب.