Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

5 استنتاجات حول المناظرة بين ترمب وهاريس 

قدمت المرشحة الديمقراطية نفسها للشعب الأميركي وتمكنت من نصب الفخاخ لخصمها

شاشة تعرض مناظرة ترمب - هاريس أمس الثلاثاء (ا ف ب)

ملخص

دخلت هاريس مسرح المناظرة أمس وأول ما فعلته هو مصافحة خصمها وتقديم نفسها: "أنا كامالا هاريس". ويستدعي هذا التصرف حقيقة أنهما يلتقيان وجهاً لوجه للمرة الأولى، لكن إذا ما تعمّقنا في سجل المرشحة الديمقراطية، فسندرك أنها عبر المناظرة تقدم نفسها أيضاً للشعب الأميركي، فهي المرة الأولى تقريباً التي ينصت إليها مواطنوها لاتخاذ قرار محوري.

كانت المناظرة الرئاسية بين كامالا هاريس ودونالد ترمب أمس الثلاثاء أقل دراماتيكية من مناظرة الأخير مع جو بايدن، لكن مثّلت فرصة لكلا المرشحين لتوضيح مواقفهما المتحولة وإقناع الناخبين المترددين، وللسيدة هاريس تحديداً لتثبيت قاعدتها الانتخابية والوصول إلى شرائح جديدة. وبعد مشاهدة المناظرة، نستعرض في هذا التقرير خمسة استنتاجات حول أهميتها للمرشحين، من انتصر فيها، ومدى حيادية منظميها:

هاريس تقدم نفسها

دخلت هاريس مسرح المناظرة أمس وأول ما فعلته هو مصافحة خصمها وتقديم نفسها، "أنا كامالا هاريس". ويستدعي هذا التصرف حقيقة أنهما يلتقيان وجهاً لوجه للمرة الأولى، لكن إذا ما تعمّقنا في سجل المرشحة الديمقراطية، فسندرك أنها عبر المناظرة تقدم نفسها أيضاً للشعب الأميركي، فهي المرة الأولى تقريباً التي ينصت إليها مواطنوها لاتخاذ قرار محوري، وربما كان ذلك سبباً لأن يطلق مذيع "سي أن أن" جيك تابر صاحب التوجهات الليبرالية تصريحاً غير شعبي بالمطلق لدى جمهوره بقوله إن المناظرة ستكون "أهم لحظة" في مسيرة هاريس السياسية.

وفي هذه اللحظة المحورية كانت هاريس تواجه تحدياً في إبراز تحولها نحو الوسط والخروج من عباءة مواقفها الليبرالية القديمة التي يمكن أن تكلفها خسارة شريحة كبيرة من الناخبين. ففي 2019، وكما كشفت "سي أن أن" أخيراً دعمت هاريس قضايا يسارية مثل تمويل عمليات التحول الجنسي للمهاجرين المحتجزين والسجناء الفيدراليين عبر أموال دافعي الضرائب، وإلغاء تجريم حيازة المخدرات للاستخدام الشخصي.

ولذلك بدت هاريس حريصة على إبراز مواقفها المتغيرة، فهي اليوم تتعهد بتأمين الحدود من الهجرة غير الشرعية وبعدم حظر تقنية التكسيرالهيدروليكي" المستخدمة لاستخراج النفط والغاز، بعدما كانت تدعم حظر استعمالها في 2019، وشددت على تعهدها الجديد أكثر من مرة، مما يظهر حرصها على الفوز بولاية بنسلفانيا الحاسمة في الانتخابات والتي يعتمد اقتصادها على هذه التقنية.

أداء جيد ولكن

 يبقى السؤال هل نجحت هاريس في استغلال "اللحظة الأهم"؟. الإجابة نعم، إذ ظهرت المرشحة الديمقراطية بـ"أداء جيد" واستطاعت بحسب معظم وسائل الإعلام الأميركية إيقاع ترمب في فخ استفزازتها. لكن ما يمكن وصفه بالجيد لم يرقَ إلى استحقاق تعبير "المذهل" لدى عالم السياسات الأميركي إيان بريمر.

ومع ذلك، التزمت هاريس خطها السياسي وكانت أكثر انضباطاً ووجهت لكماتها الكلامية لترمب بذكاء، مما استثار الأخير، فاستغرق في مهاجمتها شخصياً، بدلاً من مناقشة السياسات وإضعاف حججها، كما أوصاه أنصاره ومنهم رئيس مجلس النواب.

ونجاح هاريس في إثارة حنق ترمب الملحوظ يعكس نجاح الاستعدادات والتحضيرات المكثفة، إذ استمعت المرشحة الديمقراطية إلى توصيات من هيلاري كلينتون عن كيف يمكنها استفزاز المرشح الجمهوري، ودخلت في مناظرات محاكية للواقع مع فيليب رينز، دوبلير ترمب.

وتعلمت هاريس أيضاً من أخطاء حملة كلينتون التي غرقت في خطاب الهوية، مما أسهم في فشلها أمام ترمب. وبدلاً من مجادلة المرشح الجمهوري حول مواضيع الهوية والجندر والعرق التي يحاول جرّها إلى الحديث عنها، ركزت هاريس على توضيح سياساتها مع التحذير من أن تعليقات ترمب حول عرقها تزيد من انقسام البلاد لا أكثر.

مديرا المناظرة ضيّقا على ترمب

الاستقطاب السياسي الشديد في هذا الموسم الانتخابي أضفى مزيداً من الصعوبات على مديري المناظرة ديفيد موير ولينسي ديفيس. وبخلاف شبكة "سي أن أن" التي قررت عدم التعليق أو تدقيق أحاديث المرشحين في مناظرة بايدن – ترمب، قررت شبكة "أي بي سي نيوز" أن تسمح لمديري المناظرة بالقيام بذلك، لكنهما ظهرا مترصّدين لترمب أكثر من هاريس.

وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" في مقالة لمجلس التحرير إن "مديري المناظرة ساعدا المرشحة الديمقراطية وكانا في صفها بوضوح، إذ لم يشككا إلا في صحة تصريحات ترمب أكثر من مرة، على رغم أن هاريس قدمت أكاذيب عدة حول دعم ترمب المزعوم لمشروع 2025 ووجهات نظره في شأن التلقيح الاصطناعي وزعمها بعدم وجود قوات أميركية في منطقة قتال نشطة في الخارج".

وتعددت المواقف التي تدخل فيها مديرا المناظرة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، عندما قال ترمب إن بعض الولايات تسمح بالإجهاض في الشهر التاسع، علقت ديفيس بأنه "لا توجد ولاية في هذه الدولة تشرع قتل الطفل بعد ولادته". ولم يهدأ هذا الجدال حتى تدخل زميلها موير للطعن في مزاعم المرشح الجمهوري بأن المهاجرين في بلدة بأوهايو يأكلون الكلاب والقطط، مشيراً إلى أن "أي بي سي نيوز" تواصلت مع مدير المدينة وأبلغها بعدم وجود تقارير موثقة تؤكد ذلك. وبعدما رد ترمب أنه سمع الناس تقول ذلك عبر التلفزيون، رد موير أنه سيستند إلى تصريح مدير المدينة، لا ما قيل عبر التلفزيون. 

في المقابل لم تكُن هناك أي توترات بين هاريس ومديري المناظرة، بل إن الاثنين لم يحرصا على الضغط عليها عندما حانت بعض الفرص للحديث أكثر عن مواضيع مزعجة لإدارة بايدن ومنها الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، أو استجوابها بأسئلة إضافية حول التحولات في مواقفها من تقنية التكسير والهجرة، على رغم أن هاريس وفق صحيفة "نيويورك تايمز" أطلقت أيضاً تصريحات يمكن وصفها بـ"المضللة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأثار أداء مديري المناظرة هجوماً حاداً من المحافظين الذين اعتبروا شبكة "أي بي سي نيوز" منحازة ضد المرشح الجمهوري وتعمل لمصلحة هاريس، وعلق السيناتور ليندسي غراهام قائلاً إنه لا يستبعد أن يكون موير وديفيس "على قائمة رواتب الحزب الديمقراطي". وكتب ترمب بعد المناظرة، "أعتقد بأن هذه كانت أفضل مناظرة لي على الإطلاق، خصوصاً أنها كانت بين ثلاثة أشخاص مقابل واحد".

ترمب لم يكن مستعداً

بدا ترمب أقل استعداداً من هاريس، فبعدما تباهى بأنه قادر على إنهاء الحرب في أوكرانيا، لم يستطِع توضيح كيف يمكن أن يفعل ذلك، والأمر كذلك بالنسبة إلى حرب غزة. وقال ترمب كذلك إنه لا يستبعد أن يعاود محاولة إلغاء نظام الرعاية الصحية "أوباما كير"، لكن لدى سؤاله حول ما إذا كان يملك خطة بديلة، قال إنه يملك "مفاهيم للخطة"، مما أثار سخرية بعضهم في مواقع التواصل الاجتماعي. وعلق الباحث الأميركي إيان بريمر أن المرشح الجمهوري "كان غير مستعد على الإطلاق للمناظرة ولا عذر له، فلا يوجد سياسي أميركي أكثر خبرة من ترمب في التعامل مع وسائل الإعلام السائدة". وعنونت مجلة "بوليتيكو" أن "ترمب منح الانتصار لهاريس نيابة عنها" لأنه حضر المناظرة من دون استراتيجية، في حين اتبعت هاريس نهجاً واضحاً بعدم التركيز على الأسئلة واستغلال المناظرة لترديد ما أعدته مسبقاً.

 هاريس انتصرت ولكن

قالت "وول ستريت جورنال" إن الرئيس فشل في الدفاع عن سجله عندما سمح للسيدة هاريس بوضعه في موقف دفاعي، كما وقع في فخ القول إن الانتخابات الأخيرة سُرِقَت وإن مثيري الشغب في السادس من يناير (كانون الثاني) تعرضوا لسوء المعاملة، وإن المحاكم حكمت ضده عام 2020، وتساءلت، "هل يهتم بذلك أي ناخب متردد وقلق حيال مصاريف البقالة؟". 

وأكدت الصحيفة في مقالتها الافتتاحية أن هاريس، الأقل شهرة من الرئيس السابق، كانت الأكثر استفادة وانتصرت بوضوح في المناظرة، وإن لم يكُن ذلك لأنها قدمت قضية قوية لرؤيتها أو سجلها في الأعوام الأربعة الماضية، وعلى رغم أنها استمرت في الحديث عن "خطتها" للاقتصاد، إلا أنها كررت نفس الوعود غير المحددة حول "المستقبل" التي قدمتها منذ اختارها الديمقراطيون مرشحة لهم. وتمكنت نائبة الرئيس أيضاً من استفزاز ترمب للحديث عن مواضيع شخصية، مما ترك سياساتها وتاريخها من دون مساس إلى حد كبير وبدلاً من الحديث عن كيفية تحسين حياة الأميركيين خلال الأعوام الأريعة المقبلة، أو الضغط عليها لتوضيح سياساتها، "ابتلع ترمب الطعم وأمضى جزءاً كبيراً من المناظرة يتحدث عن الماضي، أو عن جو بايدن، أو عن المهاجرين الذين يأكلون الحيوانات الأليفة".

واستطلعت "نيويورك تايمز" نحو 14 من كتاب الرأي لديها حول هوية المنتصر في المناظرة، وخلص جميعهم باستثناء كاتب واحد إلى فوز هاريس على رغم أن التوتر ظهر عليها في بداية المناظرة، في حين علق بعضهم أن ترمب لم يملك استراتيجية وسمح لها باستفزازه وإثارة غضبه.

وقال دانييل مكارثي محرر "مجلة العصر الحديث" إن ترمب فاز من خلال التمسك بموقفه كمرشح من خارج المؤسسة وأكد استعداده لطرد المسؤولين غير الناجحين، في حين تباهت هاريس بالجمهوريين الذين أيدوها، بمن فيهم ديك تشيني، وقال "إذا كانت واشنطن بحاجة إلى تغيير عميق، فلن يأتي من نائبة الرئيس".

وفور انتهاء مناظرة أمس، دعت حملة المرشحة الديمقراطية إلى مناظرة ثانية في أكتوبر، في حين قال ترمب "سننظر في الأمر، لكنهم يريدون مناظرة ثانية لأنهم خسروا". ودعا المرشح الجمهوري في الماضي إلى عقد ثلاث مناظرات. وقالت رئيسة حملة هاريس، جين أومالي ديلون، إن "هاريس مستعدة لمناظرة ثانية. هل دونالد ترمب مستعد؟".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات