ملخص
يمكن تعريف الناخبين المترددين أو المتأرجحين بأنهم أشخاص لا يملكون تفضيلاً ثابتاً لحزب على آخر، ولذلك يغلب التردد على مراحل اختيار المرشح الذي سيصوتون له، وهو ما يجعلهم هدفاً مغرياً وصعب المنال للحملات الانتخابية.
في ضوء فارق الأصوات الضئيل بين دونالد ترمب وكامالا هاريس كما تشير استطلاعات الرأي، فمن المرجح ألّا يكون حسم الانتخابات وحده بيد أنصارهما المطلقين بقدر ما هو بيد نحو 18 في المئة من الناخبين الأميركيين، الذين لم يحسموا قرارهم بعد، ويحتاج المرشحان إلى حشد قوتيهما لإقناعهم بالتصويت لمصلحتهما، فمن هم هؤلاء الناخبون، ما صفاتهم المميزة، وما العوامل المؤثرة في اختيارهم؟
من هم؟
يمكن تعريف الناخبين المترددين أو المتأرجحين بأنهم أشخاص لا يملكون تفضيلاً ثابتاً لحزب على آخر، ولذلك يغلب التردد على مراحل اختيار المرشح الذي سيصوتون له، وهو ما يجعلهم هدفاً مغرياً وصعب المنال في الوقت نفسه للحملات الانتخابية، بخاصة أنهم في نهاية المطاف سيصوتون لأحد المرشحين، وعندما يحدث ذلك، فمن المحتمل أن يكون صوتهم حاسماً لنتيجة الانتخابات.
وتتكون غالبية الناخبين المترددين من صغار السن والأقل تعليماً وثراء وإدراكاً بالسياسة، مقارنةً بالناخبين المتابعين والمتأثرين بسياسات أحد الحزبين، وفق منظمة "أميركا الجديدة".
ومما يصعب كسب أصوات هذه الشريحة هو عدم وجود استراتيجية واحدة لتحقيق ذلك، فالناخبون المترددون يمكن أن يشتركوا مع الديمقراطيين في قضايا، ومع الجمهوريين في قضايا أخرى. وكشف استطلاع لشركة "نانو" في يوليو (تموز) الماضي أن 56 في المئة من المترددين صوتوا في الماضي للحزبين الجمهوري والديمقراطي، مما يدل على أنهم لا يملكون ولاء لحزب معين بل يتخذون قرارهم كل موسم انتخابي.
ومن الخطأ الظن بأن غالبية الناخبين المتأرجحين ليبراليون لأنهم أصغر سناً وأكثر تنوعاً، فهم يميلون أكثر إلى أن يكونوا محافظين، وذلك في مصلحة ترمب، كما أن غالبيتهم يعتبرون أنفسهم معتدلين، وفق استطلاع "يو غوف". ومن حيث الخصائص الديمغرافية فهم ذكور في الغالب، ومن الطبقة العاملة التي تميل لأن تكون محافظة اجتماعياً.
وأفاد استطلاع لصحيفة "نيويورك تايمز" وكلية سيينا بأن هناك 18 في المئة من الناخبين المترددين ومعظمهم من الملونين، مشيراً إلى أن على رغم أن هاريس حققت بعض التقدم لدى الناخبين الأصغر سناً والآسيويين والسود واللاتينيين والأميركيين الأصليين إلا أن الكثير منهم لم يتخذ قراراً بعد. وأظهرت نتائج الاستطلاع أن الناخبين المتأرجحين لا يعرفون الكثير عن المرشحة الديمقراطية مقارنة بترمب الذي أمضى نحو عقد كزعيم للحزب الجمهوري، ولذلك فهم حريصون على سماع أخبار هاريس ومعرفة خططها.
ما القضايا التي تشغلهم؟
ناخبو الحزبين تشغلهم قضايا مثل حق المرأة في الإجهاض والتغير المناخي والهجرة إضافة إلى الاقتصاد. لكن بالنسبة للناخبين المترددين فيشغلهم الاقتصاد أكثر من أي شيء آخر، ولا يولون بقية القضايا اهتماماً كبيراً مثل غيرهم من الناخبين. ولذلك، سينصت هؤلاء الناخبون إلى خطط المرشحين الاقتصادية، وكيف يمكن أن يسهما في خفض التضخم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفق استطلاع شركة "نانو"، فإن الناخبين المترددين وضعوا الاقتصاد وتكلفة المعيشة على رأس القضايا المؤثرة في قرارهم بنسبة 85 في المئة. وأظهر الناخبون الأصغر سناً اهتماماً بخاصة بقضية السيطرة على السلاح.
وستواجه هاريس مهمة صعبة في الدفاع عن السجل الاقتصادي لإدارة جو بايدن التي تعتبر جزءاً منها، إذ وصل التضخم إلى ذروته في عهد هذه الإدارة عند 9.1 في المئة. وأظهر استطلاع رأي أجرته "بي بي أس" و"أن بي آر" بعد المناظرة الرئاسية أن 51 في المئة من الناخبين يعتقدون أن ترمب سيكون أفضل للاقتصاد مقابل 49 في المئة لهاريس.
رد فعلهم بعد المناظرة
وعلى رغم هيمنة الخطاب القائل بتفوق هاريس في المناظرة، إلا أن بعض الناخبين المتأرجحين ما زالوا غير مقتنعين بها كرئيسة للبلاد، وفقاً لمقابلات أجرتها "رويترز" مع عشرة ناخبين. وأفاد ستة بأنهم سيصوتون أو يميلون للمرشح الجمهوري، وقال ثلاثة إنهم سيدعمون نظيرته الديمقراطية، فيما لم يحسم أحدهم قراره.
ولاحظ خمسة منهم غموض هاريس في المناظرة التي استمرت أكثر من 90 دقيقة، ولم يشعروا بأن لديها خطة واضحة لتحسين الاقتصاد الأميركي والتعامل مع ارتفاع تكاليف المعيشة، وهو مصدر قلق كبير للناخبين. أما الناخبون الذين يعتزمون التصويت لترمب فقالوا إنهم يثقون به لتحسين الاقتصاد، على رغم أنهم لا يحبونه كشخص، مشيرين إلى أن وضعهم المالي الشخصي كان أفضل أثناء رئاسته.
تقارب المرشحين
وحُسمت الانتخابات الماضية بين بايدن وترمب بفارق ضئيل، ومن المتوقع أن يتكرر السيناريو في انتخابات 2024، أي أن تُحسم بعشرات الآلاف من الأصوات في الولايات المتأرجحة. وسيشكل الناخبون المترددون حصة كبيرة من هذه الأصوات. وقالت "رويترز" إنه على رغم أن صغر حجم العينة، إلا أن الردود تشير إلى أن هاريس قد تحتاج إلى تقديم مقترحات سياسية أكثر تفصيلاً لكسب الناخبين الذين لم يتخذوا قرارهم بعد.
وقال خبير العلاقات العامة أندرو كونيشوسكي، السكرتير الصحافي السابق لزعيم مجلس الشيوخ الديمقراطي تشاك شومر، "لقد ركزت هاريس على التناقضات الموضوعية الرئيسة بينها وبين ترمب... من جانبه، لم يفعل ترمب ما يمكن أن يؤذي صورته في نظر أتباعه المخلصين، لكنه على الأرجح لم يحقق أي تقدم في أوساط الناخبين المترددين أيضاً".
أما المحلل الاستراتيجي الجمهوري ليام دونوفان فأقر بتفوق هاريس في بعض النقاط، وفشل ترمب "إلى حد كبير" في أن يحملها وزر سياسات بايدن التي لا تحظى بشعبية، واتهمها بدلاً من ذلك بأنها "ماركسية " واستمر في شن هجمات غاضبة على المهاجرين".
وأظهرت استطلاعات الرأي أن الفارق بين المرشحين ضئيل بحيث يمكن لأي منهما أن يفوز في نوفمبر (تشرين الثاني). وعلى المستوى الوطني، يتقدم المرشح الجمهوري بنقطة واحدة 48 في المئة مقابل 47 في المئة وفقاً للاستطلاع الذي أجرته "نيويورك تايمز" بالتعاون مع كلية سيينا بين 3 و6 سبتمبر(أيلول) الجاري.
وتعمل هاريس على استقطاب ناخبي الوسط، وتركز على الجمهوريين المناهضين لترمب ومن بينهم نائب الرئيس السابق ديك تشيني وابنته ليز التي فقدت منصبها في مجلس النواب بسبب معارضتها لترمب. في حين يركز ترمب اهتمامه على قاعدته إلى حد كبير، عبر تحذيره من المهاجرين الذين يصفهم بأنهم مجرمون ورسم صورة قاتمة لبلد "في حال متدهورة" هو الوحيد القادر على إنقاذه.