Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا أرسلت مصر جيشا إلى الصومال؟

باب المندب مدخل استراتيجي مهم لمصالح القاهرة ولن تسلمه لأديس أبابا ولو كلفها ذلك تدخلاً عسكرياً

مصر لن تترك الصومال لقمة سائغة لإثيوبيا التزاماً بموقفها القومي والأفريقي والاستراتيجي (رويترز)

ملخص

تفاعل الدور المصري ونشاط التحرك الدبلوماسي كلها مؤشرات إلى تعافي الحال المصرية التي تراجعت بفعل الثورة وتبعاتها، والحروب المحيطة وتداعياتها وأزمة سد النهضة الإثيوبي ونيلها، وتدهور العملة والصعوبات الاقتصادية التي عانتها البلاد طوال عقد من الزمان أو يزيد.

لقيت الخطوة العسكرية المصرية رد فعل حاداً من إثيوبيا بعد أن أرسلت مصر طائرتين عسكريتين من طراز سي 130 العملاقة، تحملان جنوداً ومعدات عسكرية إلى جمهورية الصومال. مصر بررت خطوتها تلك بأنها تأتي ضمن إطار التعاون المشترك بين البلدين الذي وقعه رئيساهما - المصري عبدالفتاح السيسي والصومالي حسن شيخ محمود - أثناء زيارة الأخير القاهرة قبل أيام. وشمل الاتفاق التدريب والحصول على معدات عسكرية مصرية والدفاع المشترك بناء على اتفاق الدفاع العربي المشترك، فالصومال دولة عربية عضو بالجامعة العربية.

كانت إثيوبيا - ولا تزال - تعد الصومال حديقة خلفية لها. وتقول إنها حمت الصومال من إرهاب "حركة الشباب" وثبتت الحكم الحالي في مقديشو، لكن إثيوبيا حريصة على استمرار الصراع الصومالي الداخلي والتقسيم الواقع به، ممثلاً بجمهورية الصومال المعترف بها دولياً، وعلاقتها المريبة بجمهورية أرض الصومال الانفصالية التي لم يعترف بها أحد أبداً. إثيوبيا عقدت اتفاقاً مع جمهورية أرض الصومال مما يعد اعترافاً فعلياً بها، مما دفع الصومال لسحب سفيرها لدى إثيوبيا وطرد السفير الإثيوبي بها. الخطوة الإثيوبية تنشد منفذاً بحرياً على القرن الأفريقي بعد أن فقدت أي منفذ لها على البحر الأحمر باستقلال إريتريا عام 1993.

 الخطوة المصرية بإرسال قوات إلى الصومال تشير إلى ما يلي...

للصبر حدود، وكما يقول المثل المصري "إثيوبيا مش عايزة تجيبها لبر"، فقد صبرت مصر كثيراً على إثيوبيا التي تماطل بالتوصل إلى اتفاق واضح ملزم يحمل روح اتفاق المبادئ الموقع بين البلدين عام 2015 في ما يتعلق بحصتي مصر والسودان من مياه النيل، بعد بناء إثيوبيا سد النهضة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

باب المندب مدخل استراتيجي مهم للمصالح المصرية ولن تسلمه مصر إلى إثيوبيا من طريق جمهورية أرض الصومال الانفصالية، ولو كلفها ذلك تدخلاً عسكرياً.

مصر لن تترك الصومال لقمة سائغة لإثيوبيا التزاماً بموقفها القومي والأفريقي والاستراتيجي.

وتأتي الخطوة المصرية كمؤشر إلى تعافي وعودة الدور المصري المهم داخل القارة الأفريقية من جهة والبعد العروبي من جهة أخرى، والدور الإقليمي المهم لمصر الذي تراجع بسبب أحداث الثورة وتبعاتها خلال يناير (كانون الثاني) 2011 من جهة ثالثة، والحروب التي تحيط بمصر من كل "حدب وصوب". فغرب مصر يعيش حال احتراب وفوضى وحكومتين إحداهما في شرق ليبيا والأخرى بغربها، وفي جنوب مصر حرب ملتهبة بين العسكر بالسودان الذين قتلوا شعبهم وشردوه ودمروا بلادهم. وفي الشرق، تخوض إسرائيل حرب دمار وإبادة على غزة منذ عام تقريباً على حدود رفح المصرية.

 ولعل زيارة الرئيس المصري تركيا قبل أيام تعد مؤشراً آخر على تعافي الدور المصري والإقرار به من قبل قوة إقليمية مهمة، ومن قبل الرئيس رجب طيب أردوغان شخصياً الذي عادى مصر على مدى أكثر من عقد من الزمان بعد "الانقلاب الشعبي" على حكم الإخوان المسلمين عام 2013.

وقبل أيام قليلة من زيارة السيسي أنقرة، وقعت وزارة الدفاع المصرية اتفاقاً للتصنيع الحربي المشترك مع نيجيريا أكبر الدول الأفريقية بعدد السكان، وواحدة من أكبر منتجي البترول داخل أفريقيا.

تفاعل الدور المصري ونشاط التحرك الدبلوماسي كلها مؤشرات إلى تعافي الحال المصرية التي تراجعت بفعل الثورة وتبعاتها والحروب المحيطة وتداعياتها، وأزمة سد النهضة الإثيوبي ونيلها وتدهور العملة والصعوبات الاقتصادية التي عانتها البلاد طوال عقد من الزمان أو يزيد.

المحبون لمصر وشعبها والمؤمنون من العرب بدورها القيادي في المنطقة، يتمنون أن تكون قراءات التعافي للحال المصرية صحيحة وفي تصاعد مستمر.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء