Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"تاتا"... الإمبراطورية الهندية التي توسعت في بريطانيا

تمكنت الشركة العملاقة من مد مخالبها إلى عديد من مجالات حياة الناس

تعد بريطانيا أكبر سوق للشركة العملاقة خارج الهند (رويترز)

ملخص

تمتلك مجموعة "تاتا" 26 شركة مدرجة في الأسواق العامة حول العالم بتقييم سوقي إجمالي يتجاوز 365 مليار دولار

مع تفعيل خطة الإنقاذ الحكومية التي تبلغ قيمتها 500 مليون جنيه استرليني (656.1 مليون دولار) لمصنع الصلب في بورت تالبت، لن يكون هناك كثير ثناء من جانب حركة النقابات العمالية على مالكيها الهنود (شركة "تاتا"). ففي إطار "صفقة الإنقاذ" التي مُول جزء منها من دافعي الضرائب البريطانيين سيفقد نحو 2800 شخص وظائفهم داخل مواقع في جنوب ويلز.

وسيحصل بعض الأطول خدمة على تعويضات تصل إلى 100 ألف جنيه استرليني (131.2 ألف دولار)، وحتى العمال الأصغر سناً سيحصلون على حد أدنى من 20 ألف جنيه استرليني (26.2 ألف دولار) لكل منهم. وادعى وزير الدولة لشؤون الأعمال والتجارة جوناثان رينولدز أنه حصل على تنازلات كبيرة في شأن الصفقة للعمال في بورت تالبت، لكن في الواقع الصفقة التي حصل عليها لم تكن أفضل بكثير من تلك التي وافق عليها سابقوه من حزب "المحافظين".

ويعد استبدال فرن كهربائي أكثر نظافة لإنتاج "الفولاذ الأخضر" بأفران الصهر القديمة التي تعمل بالفحم في بورت تالبت، خطوة ستؤدي إلى تمزيق قلب مجتمع يتمتع بتراث طويل في صناعة الصلب يمتد لأكثر من قرن، ويبدو للوهلة الأولى متعارضاً مع قيم مؤسس الشركة جامستجي تاتا.

تاتا الذي كان معروفاً بفطنته ومحبته للإنجليز كان من الزوار المنتظمين لبريطانيا في بعثات بحثية إلى مصانعها القطنية، وحين توفي خلال عام 1904 أثناء زيارته ألمانيا أُعيد جثمانه ليدفن في مقبرة بروكود ووكينج إذ لا يزال يرقد في ضريح.

لكن بينما ركز تاتا على الهند، كان خلفاؤه في القرنين الـ20 والـ21 يواصلون توسيع إمبراطوريته في بريطانيا، إذ أصبحت مجموعة "تاتا" الآن واحدة من أكبر أرباب العمل في القطاع الخاص.

إمبراطورية "تاتا"

ومن الاستشارات الإدارية إلى سيارات "لاند روفر" و"جاغوار" ومن شاي "تيتلي" إلى المواد الكيماوية الصناعية توظف شركات "تاتا" أكثر من 60 ألف شخص، وتحقق أكثر من 24 مليار جنيه استرليني (31.4 مليار دولار) إيرادات في بريطانيا.

وتعد المجموعة من أكبر المستثمرين في التصنيع داخل بريطانيا، إذ استثمرت مليارات الجنيهات في تجديد علامة "جاغوار لاند روفر" منذ أن اشترت الشركة غير المحبوبة من "فورد" خلال عام 2008. وتحت ملكية "تاتا" ادعت "جاغوار لاند روفر" أنها تنفق أكثر على البحث والتطوير في صناعة السيارات البريطانية من أي مصنع آخر. وتستثمر الشركة حالياً بصورة كبيرة في تطوير النسخ الكهربائية والهجينة من نماذجها.

وكانت إمبراطورية "تاتا" دخلت إلى هذه الجزر قبل دخولها صناعة السيارات البريطانية، حينما اشترت وحدة "تاتا للشاي" - التي تعد ثاني أكبر شركة شاي هندية بعد "هندستان ليفر" - بشراء "تيتلي" مقابل 271 مليون جنيه استرليني (355.6 مليون دولار). وكانت هذه الصفقة لحظة فخر وطني هندي إذ كانت المرة الأولى التي تشتري فيها شركة شاي هندية علامة تجارية عالمية.

وبعد ذلك، دخلت المجموعة إلى صناعة الكيماويات في بريطانيا بعد ستة أعوام حينما اشترت شركة "برونر مونت" التي تتخذ من تشيشاير مقراً لها، والتي تعد واحدة من أكبر منتجي رماد الصودا وبيكربونات الصوديوم وكلوريد الكالسيوم في أوروبا.

وخلال العام التالي دخلت مجموعة "تاتا" إلى صناعة الصلب في بريطانيا، إذ فازت في معركة الاستحواذ على شركة "كورس" بدفع 4.3 مليار جنيه استرليني (5.6 مليار دولار) مقابل الشركة، التي كانت بقايا "بريتيش ستيل" البريطانية.

ولاحقاً، قسمت الشركة جزء من العمليات، بما في ذلك مصنع "سكونثروب" للصلب وعلامة الصلب التجارية "بريتيش ستيل" الآن، وبعدما أصبحت مملوكة لمجموعة "جينغي" الصينية تمر "بريتيش ستيل" بعملية مشابهة تقريباً، إذ تنتقل إلى فرن قوسي كهربائي مع فقدان الوظائف والمساعدة الحكومية.

واليوم تمتلك مجموعة "تاتا" 26 شركة مدرجة في الأسواق العامة حول العالم بتقييم سوقي إجمالي يتجاوز 280 مليار جنيه استرليني (365 مليار دولار)، إذ تعد المملكة المتحدة أكبر سوق لها خارج الهند.

شكوك مثارة

فيما أثار حجم عملياتها في بريطانيا الشكوك حول إمكانية أن تكون الشركة في موقف أقوى أثناء مفاوضاتها مع الحكومة.

وترد الشركة على هذه الاتهامات بالقول إن كل من كياناتها في بريطانيا هي عمليات مستقلة بذاتها، ولا يمتلك أي منها غالبية ملكية تابعة لمجموعة "تاتا".

وقال المدير العام لشركة "تاتا ستيل" تي في ناريندرا لصحيفة "التايمز"، "’تاتا موتورز‘ شركة مدرجة تمتلك مجموعة ’تاتا‘ منها 35 في المئة فحسب. كما تمتلك شركة ’تاتا ستيل‘ مجموعة ’تاتا‘ منها 33 في المئة. و’تاتا ستيل‘شركة مدرجة ومستقلة، لذا يتعين علينا العمل ضمن القيود التي نتوقعها كشركة مدرجة مع مجلس إدارة مستقل ومساهمين مستقلين".

لكن حتى بعض المطلعين على الشركة يشككون في مزاعم الإدارة بأن أذرع مجموعة "تاتا" المختلفة لا تستخدم كوسيلة ضغط في المفاوضات، وقال أحدهم "سيقولون إنهم ليسوا مرتبطين، ولكن بصورة غير رسمية هناك تداخل طبيعي".

ربما يفسر هذا تردد "رينولدز" وهي علامة تجارية هندية لأدوات الكتابة في خلق احتكاك كبير مع "تاتا"، إذ إن استثمارات المجموعة كبيرة لدرجة أنها تتطلب بعض الواقعية السياسية من الوزراء.

على سبيل المثال قررت "أجراتاس" وهي ذراع "تاتا" لصناعة البطاريات الكهربائية خلال فبراير (شباط) الماضي، اختيار سومرست في بريطانيا بدلاً من إسبانيا كموقع لمصنع جديد بقيمة أربعة مليارات جنيه استرليني (5.2 مليارات دولار)، وهو استثمار مهم في مسعى بريطانيا إلى أن تكون جزءاً من التحول الأخضر في صناعة السيارات، مما سيخلق تسعة آلاف وظيفة في بريطانيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعتمد القطاع العام في بريطانيا بصورة كبيرة على خدمات "تاتا" الاستشارية وهي شركة تكنولوجيا المعلومات والاستشارات التي تقدر قيمتها بـ150 مليار دولار، وتدرج أسهمها في نيويورك ومومباي.

وقال المدير العام لشركة "تاتا ستيل" ناريندرا "نعم ولا... نعم لأن العمل هنا سهل والحكومة داعمة ولدينا علاقة جيدة على مر السنين، كما أن مجموعة ’تاتا‘ استثمرت بصورة كبيرة في بريطانيا من خلال ’جاغوار لاند روفر‘ و’تاتا للاستشارات‘ و’تاتا كيميكالز‘ و’تيتي‘ و’تاتا ستيل‘".

وقال الرئيس السابق لشركة "سافت بنك اليابانية" ألوك ساما والذي نصح بطرح أسهم شركة فنادق "تاتا" الهندية حينما كان مصرفياً استثمارياً في "مورغان ستانلي"، "’تاتا‘ لا تزال تتبع نهجاً أبوياً في إدارة الأعمال وهي أيضاً ليست مملوكة من قبل رأس المال المجنون". وأضاف "شركة ’تاتا سونز‘ (الشركة القابضة للمجموعة) مملوكة ومدارة من قبل مؤسسات خيرية، وهذا يؤثر في موقفهم تجاه جميع الأطراف المعنية، وإدارة ’تاتا‘ للأصول البريطانية الأيقونية كانت رائعة، وكآسيوي بريطاني أحببت امتلاك سيارتي الجاغوار لكنني دائماً ما كنت أسميها ’تاتا‘ الخاصة بي بدلاً من ’جاغوار‘ الخاصة بي، لذا أعتقد أن هذا يعكس شيئاً عن العلامة التجارية... لا، ببساطة لأن السوق هنا سوق ناضجة".

اقرأ المزيد