ملخص
قال وزير الداخلية الفلسطيني إن السلطة "ستمنع المخطط الإسرائيلي من الانتقال إلى بقية مدن الضفة الغربية، والذي بدأ بتدمير البنية التحتية شمال الضفة، على أن تتلوه مرحلة تالية تقوم على القصف الواسع على الفلسطينيين من دون تمييز".
تعبيراً عن الخشية من تكرار نموذج قطاع غزة في الضفة الغربية، قطع الرئيس الفلسطيني محمود عباس زيارته الخارجية أواخر الشهر وعاد لرام الله إثر بدء قوات الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية شمال الضفة الغربية.
يأتي ذلك في ظل الحرب المنسية التي تشنها إسرائيل في الضفة الغربية وأدت إلى قتل أكثر من 700 فلسطيني منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، واعتقال أكثر من 10 آلاف فلسطيني خلال اقتحاماتها شبه اليومية.
لكن تلك الكلفة البشرية والمادية تبقى نقطة في بحر حرب الإبادة الجماعية لإسرائيل على قطاع غزة، والتي تسببت بقتل أكثر من 41 ألف فلسطيني ونزوح معظمهم من منازلهم وافتقادهم إلى مقومات الحياة منذ نحو عام.
وفي نهاية الأسبوع الماضي زار وزير الداخلية الفلسطيني زياد هب الريح محافظة الخليل جنوب الضفة الغربية للتأكيد على "دور المؤسسة الأمنية الفلسطينية في حفظ الأمن والقانون، وعدم السماح بفرض جهات خارجية أسلوب مقاومة مسلحة يمكن أن يؤثر سلباً في الفلسطينيين"، وجاءت تلك الزيارة بعد أيام على محاصرة القوات الإسرائيلية محافظة الخليل مدة أسبوع إثر تنفيذ فلسطينيين خرجوا منها هجمات عدة ضد مستوطنين.
في خانة الثوابت الوطنية
وبحسب الوزير هب الريح فإن السلطة الفلسطينية ستعمل "بكل ما أُوتيت من قوة لإزالة المبررات التي تؤدي إلى إزهاق دماء شبابنا وتدمير البنية التحتية، وعدم السماح بانتقال نموذج غزة إلى الضفة الغربية".
وخلال لقائه وجهاء عشائر من محافظة الخليل وفعاليات محلية فيها، شدد هب الريح على أن منع انتقال نموذج غزة "لا يعتبر على الإطلاق عملاً غير وطني، لكنه يصب في خانة الثوابت الوطنية".
ووفق هب الريح فإن السلطة الفلسطينية "ستمنع المخطط الإسرائيلي من الانتقال إلى بقية مدن الضفة الغربية، والذي بدأ بتدمير البنية التحتية شمال الضفة، على أن تتلوه مرحلة تالية تقوم على القصف الواسع على الفلسطينيين من دون تمييز".
وتعارض السلطة الفلسطينية في ظل المعيطات السياسية الحالية ووجود حكومة متطرفة في إسرائيل، المواجهة المسلحة، وتدفع باتجاه مقاومة سلمية شعبية وعزل إسرائيل في المؤسسات الدولية.
وبحسب محافظ الخليل خالد دودين فإن السلطة الفلسطينية ترى أن للمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي أشكالاً عدة، مضيفاً أن الفلسطينيين "هم الخاسرون في حرب الضفة الغربية مثلما يجري في قطاع غزة"، مشدداً في حوار مع "اندبندنت عربية" على عدم قبول السلطة الفلسطينية "فرض أية جهة خارجية المقاومة المسلحة مع إسرائيل"، ومضيفاً أن "ذلك يعني تحقيق أمنية لليمين الإسرائيلي المتطرف من خلال تدمير كل ما هو موجود وتهجير شعبنا".
مقاومة سلمية
وأشار دودين إلى أن "الفلسطينيين لا يريدون حشر أنفسهم في الزاوية التي يريدها الاحتلال الإسرائيلي"، مضيفاً أن الجميع يريد "الحفاظ على الخليل بمنأى عن فرض جهة خارجية توقيت وأسلوب مقاومة نرى بأنها يمكن أن تؤثر سلباً وتدمر المحافظة".
ورفض محافظ الخليل قيام الأمن الفلسطيني بأي جهد لحماية المستوطنين الإسرائيليين، مشيراً إلى أن عمله "ليس مكملاً للاحتلال وبأنه لا توجد مصلحة مشتركة في ذلك مع الإسرائيليين".
ووفق دودين فإن "واجب السلطة الفلسطينية الحفاظ على أمن واستقرار الفلسطينيين وتقوية جبهتم الداخلية التي يحاول الاحتلال ضربها".
وعن تفسيره قصد وزير الداخلية الفلسطيني بسحب الذريعة من إسرائيل لنقل نموذج غزة، أوضح دودين أن ذلك يعني "عدم الخروج عن النص في المقاومة، والتركيز على المقاومة الشعبية السلمية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إبطال العبوات
وخلال الأسابيع الماضية أشارت تقارير صحافية إسرائيلية إلى إبطال الأمن الفلسطيني عشرات العبوات الجاهزة للتفجير في محافظة جنين شمال الضفة الغربية، وفي يوليو (تموز) الماضي اندلعت اشتباكات مسلحة في محافظتي طوباس وجنين شمال الضفة الغربية بين الأمن الفلسطيني ومسلحين.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح في نابلس رائد الدبعي إن تصريح وزير الداخلية الفلسطيني "صائب ومحق، ومن واجب السلطة الفلسطينية التفكير بمقاربة غير شعبوية تقوم على الحد من الخسائر".
وأشار الدبعي إلى أن "الاحتلال الإسرائيلي يستغل أية فرصة لخدمة القاعدة الصهيونية الذهبية التي تقوم على أرض أكثر لليهود وعرب أقل عليها"، وبحسب الدبعي فإن إسرائيل "تتبنى منذ السابع من أكتوبر 2023 عقيدة الضاحية الجنوبية المستمدة من الحرب العالمية الثانية، والتي تعني تدمير مقومات بقاء الناس في منازلهم".
ورأى الدبعي أن على السلطة الفلسطينية "التفكير بعقلانية أكثر وبعقلية القلعة المحاصرة، في ظل عجز الإدارة الأميركية عن إيقاف الحرب الإسرائيلية مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، والصمت العربي المطبق والتواطؤ العالمي"، موضحاً أن "المقاومة بأشكالها كافة حق للفلسطينيين، إلا أن توقيتها وشكلها يحددهما الشعب الفلسطيني مع ضرورة استخدامها بعقلانية ومن بعد قراءة واقعية".
سحب الذرائع من إسرائيل
ويرى المحلل السياسي سليمان بشارات أن تصريحات هب الريح تهدف إلى "سحب ذريعة يحاول الاحتلال الإسرائيلي ترويجها بأن عملياته العسكرية تأتي بسبب نشوء داع لها"، لكن بشارات لفت إلى أن إسرائيل "لا تحتاج إلى ذرائع للعدوان، فهي تعمل قبل السابع من أكتوبر 2023 على تقويض وإضعاف السلطة الفلسطينية اقتصادياً وسياسياً وأمنياً".
وبحسب بشارات فإن موقف السلطة الفلسطينية "يحاول الدفاع من موقف ضعف في ظل فقدان العمق العربي والوحدة الوطنية"، وأن السلطة تلجأ إلى "التصريحات الإعلامية لإزالة المبررات أكثر من قيامها بإجراءات عملية ضد المقاومة المسلحة".