Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل والحرب الواسعة شمالا: تهديدات جدية أم رسائل داخلية؟

أفادت وزارة الصحة اللبنانية بسقوط 3 قتلى وجريحين في قصف استهدف بلدة بليدا في قضاء مرجعيون

كشفت صحيفة "إسرائيل هيوم" أن قائد القيادة الشمالية في الجيش اللواء أوري غوردين أوصى بالسيطرة على منطقة أمنية عازلة في جنوب لبنان (ا ف ب)

ملخص

"أيام أو أسابيع قليلة تفصل لبنان عن عمل عسكري إسرائيلي كبير"، لسان حال عدد من المحللين العسكريين والمتابعين في لبنان والمنطقة، حتى أن البعض ذهب إلى مقارنة ما يحصل اليوم بما حدث في السنوات الأولى للحرب الأهلية اللبنانية وتحديداً عام 1978 عندما نفذت إسرائيل ما يعرف بـ "عملية الليطاني" أو الاجتياح الأول... لكن لماذا تصر إسرائيل اليوم على توسعة الحرب مع "حزب الله"؟

على رغم أن الميدان اللبناني جنوباً على وتيرته المعهودة من المعارك والتطورات العسكرية اليومية، لكن التصريحات الإسرائيلية ذهبت إلى ما هو أبعد بكثير والحديث عن حرب واسعة على لبنان تشمل تدخلاً برياً بدا أنه الأكثر جدية منذ أن أطلق "حزب الله" جبهة المساندة في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

منطقة أمنية عازلة في الجنوب 

"أيام أو أسابيع قليلة تفصل لبنان عن عمل عسكري إسرائيلي كبير"، لسان حال عدد من المحللين العسكريين والمتابعين في لبنان والمنطقة، حتى أن البعض ذهب إلى مقارنة ما يحصل اليوم بما حدث في السنوات الأولى للحرب الأهلية اللبنانية وتحديداً عام 1978 عندما نفذت إسرائيل ما يعرف بـ "عملية الليطاني" أو الاجتياح الأول، وحينها دخلت عبر عملية برية إلى بلدات جنوبية وأقامت حزاماً أمنياً بعمق 10 كيلومترات لمنع الفلسطينيين من تنفيذ عمليات ضدها. ومن ثم بعد سنوات قليلة أتى الاجتياح عام 1982 ووصلت معه القوات الإسرائيلية إلى قلب العاصمة بيروت، معتبرين أن الخطر الذي يشكله وجود "حزب الله" جنوباً يماثل ما كان يقلق تل أبيب حينها بسبب وجود الفلسطينيين قرب حدودهم.

وفي السياق، كشفت صحيفة "إسرائيل هيوم" عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن قائد القيادة الشمالية في الجيش اللواء أوري غوردين أوصى بالسيطرة على منطقة أمنية عازلة في جنوب لبنان، ونقلت الصحيفة تأكيد غوردين أنه تمت تهيئة الظروف التي من شأنها أن تسمح للجيش بتنفيذ مثل هذه الخطوة خلال وقت قصير، كما لفت إلى أن التقديرات تشير إلى أن 20 في المئة فقط من السكان اللبنانيين ما زالوا موجودين في بلدات الجنوب.

وزارة الأمن الإسرائيلية أعلنت بدورها أنها "انتهت من إعادة تجهيز 97 غرفة طوارئ في بلدات الحدود الشمالية". وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة "ستقوم إدارة المشتريات الدفاعية بشراء ما يقارب 9000 قطعة سلاح من طراز عراد بقيمة تبلغ نحو 50 مليون شيكل لصفوف الاحتياط". 

تطورات ميدانية

في جديد التطورات الميدانية، استهدف الجيش الإسرائيلي أطراف بلدتي علما الشعب ويارين في القطاع الغربي، بعدد من القذائف. فيما أفادت وزارة الصحة اللبنانية بسقوط 3 قتلى وجريحين في قصف إسرائيلي استهدف بلدة بليدا في قضاء مرجعيون.

وجاء ذلك بعد ساعات من اجتماع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت مع المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين في تل أبيب لبحث التطورات على الجبهة الشمالية، وأشارت في هذا الإطار معلومات صحافية إلى أن زيارة الأخير هدفت لأمر واحد وهو احتواء الوضع جنوب لبنان منعاً لأي عملية عسكرية واسعة من قبل إسرائيل، ووصف متابعون الزيارة بأنها المحاولة الأخيرة للضغط الأميركي على إسرائيل في ما يتعلق بجبهة لبنان.

في الأثناء حذر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اتصال هاتفي نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت، من العواقب المدمرة على إسرائيل في حال شنت حرباً على لبنان.

لكن وفي دلالة على عدم نجاعة الضغوط الأميركية، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الحكومة الأمنية المصغّرة قررت، فجر الثلاثاء، توسيع أهداف الحرب الراهنة لتشمل إعادة سكان الشمال إلى بيوتهم بعدما نزحوا عنها بسبب القصف المتبادل مع "حزب الله". وقال مكتب نتنياهو في بيان صدر في ختام اجتماع لحكومة الحرب إن "مجلس الوزراء السياسي والأمني حدّث هذا المساء أهداف الحرب بحيث باتت تشمل الفصل الآتي: العودة الآمنة لسكان الشمال إلى منازلهم".

العملية البرية الإسرائيلية إن حدثت 

على رغم أن التهديد بالاجتياح البري الإسرائيلي ليس جديداً، ويضعه كثيرون في سياق الحرب النفسية، لكن خبراء عسكريين يتوقفون عند مجموعة نقاط أساسية، ومنها أن أي اجتياح في الوقت الراهن لا بد أن يسبقه قصف مركز مدفعي وغطاء جوي عسكري، بخاصة على التلال المنتشرة في الجانب اللبناني، وهذا يعني حرباً واسعة.  

يقرأ العميد المتقاعد والنائب اللبناني السابق وهبة قاطيشا الأحداث الأخيرة ويقول إن التطورات الميدانية ستتصاعد حتماً في الفترة المقبلة، ويضيف أنه إذا قرر الجيش الإسرائيلي تنفيذ عملية برية باتجاه لبنان فإن دخوله سيتم على طول الحدود، أي من القطاعات الثلاثة، الشرقي والغربي والأوسط، فيما سيكون دخوله بحدود القرى المدمرة والخالية من السكان، والتي هي بحدود 5 إلى 10 كيلومترات، وذلك بهدف ربط انسحابه من هذه القرى بعودة المستوطنين إلى المستوطنات الشمالية. 

وكان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري علق بدوره على التهديدات الإسرائيلية الأخيرة قائلاً إن لبنان اعتاد عليها وإن علت نبرتها أخيراً، واستبعد بري هجوماً برياً واسعاً على لبنان، مرجحاً أن يلجأ الجيش الإسرائيلي إلى زيادة وتيرة عملياته العسكرية لتصبح أكثر كثافة واتساعاً، لكن من دون أن تتطور إلى محاولة الاجتياح.

خطر الحزب على الحدود الشمالية

يتوقف مدير مؤسسة "الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري" رياض قهوجي في حديث مع "اندبندنت عربية" عند الخلاف الأخير الكبير بين قياد الحكومة في إسرائيل وقيادة الجيش والنظرة للعملية العسكرية في لبنان، ويقول إنه من ناحية هناك إجماع داخل إسرائيل على ضرورة تغيير الوضع في الجبهة الشمالية، بخاصة أن بقاء "حزب الله" عند الحدود مباشرة يشكل خطراً باعتبار أنه يمكن أن يتكرر سيناريو السابع من أكتوبر في الشمال ويجب عدم السماح به، بالتالي هناك إجماع داخل إسرائيل على ضرورة تغيير الواقع وعدم تواجد الحزب ومقاتليه شمالاً وكذلك تقليص قدراته.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف أن الخلاف داخل إسرائيل، والذي وصل إلى كلام عن طرد نتنياهو لغالانت واستبداله بوزير العدل جدعون ساعر، هو على توقيت العملية وعلى حجمها. لناحية التوقيت من الواضح أن القيادة العسكرية تريد أن تنتظر حتى تنتهي الحرب في غزة قبل أن تفتح جبهة كبرى في شمالها وهي تفضل المواجهة على جبهة واحدة وليس جبهتين، ولكن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ولأسبابه الخاصة يفضل توسيع الحرب الآن مع "حزب الله".

ويتابع قهوجي أن الأمر الثاني محط خلاف في إسرائيل هو حجم العملية وهل ستكون مختصرة على إنشاء حزام أمني أم تدخل في عمق الأراضي اللبنانية والأهم استراتيجية الخروج منها، بمعنى متى يعلن الإسرائيلي تحقيق الأهداف وانتهاء العملية، أما أسباب التصعيد الراهن فهي بالنسبة للإسرائيلي مبررة باعتبار أن وجود الحزب وقدراته المتقدمة على الحدود أمر مرفوض، وهدف تل أبيب أن لا يكون هناك مقاتلون على الحدود الشمالية. ويقول "القيادة العسكرية تريد أن تستنفذ الحلول الديبلوماسية، ومن ناحية لبنان بات واضحاً أن حزب الله يرفض التوقف والدخول في أي مفاوضات دبلوماسية قبل انتهاء الحرب في غزة، وهذا سبب إضافي للقيادة العسكرية الإسرائيلية بإنهاء حرب غزة أولاً وإعادة الأسرى وثم التوجه إلى لبنان".

التصريحات الإسرائيلية: موجهة للداخل

يضع الكاتب والباحث السياسي بلال بلقيس كلام الإسرائيليين بخصوص الحرب الواسعة مع "حزب الله" في إطار الرسائل التي توجه للداخل الإسرائيلي أكثر منها للخارج، وتحديداً للبنان، ويقول إنه في حال قررت تل أبيب الذهاب نحو حرب واسعة فإن الحزب سيكون مهيأ لها.

ويتابع "حتى الآن وبالتحليل السياسي والاستراتيجي أستبعد فرضية شن حرب كبيرة كما يحكي، والكلام الإسرائيلي هو للداخل الإسرائيلي أكثر منه للحزب أو للمواجهة، لعدة أسباب ومنها أن أولوية نتنياهو وما يمثله في إسرائيل تتعلق بغزة والضفة الغربية ارتباطاً بإنهاء المقاومة الفلسطينية، أكثر من أن يفتح معركة كبرى على الجانب اللبناني". ويضيف أن الجانبين الأميركي والأوروبي دعموه بالكامل في غزة، لكن هذا الدعم يغيب عن الحديث عن حرب مع لبنان، والمصالح الأميركية لا تلتقي مع مصالح إسرائيل في مقاربة أي توسعة على الساحة اللبنانية.

وفي سياق متصل يعتبر بلقيس أن تل أبيب لو كانت تريد شن حرب واسعة على لبنان لكانت استفادت من محطات سابقة في الفترة الماضية كانت ذريعة مقنعة لتوسعة الضربات على لبنان، ومنها استهداف "حزب الله" أهداف محددة في العمق الإسرائيلي، لكنها لم تقم بذلك.

ويختم معتبراً أن الحروب تكون بناء على قرار عميق ومحضر ومتفق عليه، وأي حرب مع لبنان تحتاج حسابات إقليمية واسعة، فيما الإسرائيليون أنفسهم اليوم مختلفون على هذه الحرب، وإسرائيل لن تتحمل حرباً طويلة لأشهر مع "حزب الله".

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط