ملخص
ابتكر تلميذان بريطانيان، ثينوك رودريغو وسيمبا شي، تكنولوجيا تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل صحة الشعاب المرجانية، مما جذب اهتمام "ناسا" ومنظمات بيئية عالمية. يهدف ابتكارهما إلى حماية الشعاب من تأثيرات تغير المناخ باستخدام التكنولوجيا الحديثة
نجح تلميذان بريطانيان في ابتكار شكل جديد من التكنولوجيا التي تتصدى لتأثيرات تغير المناخ، دفع إلى اهتمام وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" به وتحدث الشابان عن شعور "غامر" يجتاحهما برؤية اختراعهما يستخدم في مختلف أنحاء العالم.
وفي التفاصيل أن ثينوك رودريغو وسيمبا شي تلميذان في "كلية إيتون" البريطانية يبلغان من العمر 17 سنة، وقد تعاونا في الصيف الماضي في تأسيس شركة باسم "ريف ساوند" ReefSound (صوت الشعب المرجانية) تصب تركيزها على تطوير حلول مبتكرة للتحديات البيئية، وذلك بهدف تطبيق أساليب الذكاء الاصطناعي في تحليل وتفسير التسجيلات الصوتية الصادرة عن هذه الهياكل البحرية علهما يوفران وسائل مغايرة تحمي الشعب المرجانية المهددة بسبب تغير المناخ.
وبعد مرور سنة تقريباً، جذبت هذه الشركة الناشئة اهتمام المسؤولين في "ناسا"، فيما يستعين بها عدد من المنظمات المعنية بالحفاظ على البيئة لاستخدامها في سبع دول مختلفة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي حديثهما إلى "اندبندنت"، استذكر ثينوك وسيمبا اللحظة "الرائعة فعلاً"، وفق توصيفهما، حينما تواصل مع فريق البحاثة هذا، الذي يضم أيضاً التلميذة الصينية بوني ليو ذات الـ 17 سنة، موظف في "مركز هيوستن لبحوث الفضاء" للحصول منهم على ترخيص في استخدام مركبة الغوص الموجهة عن بعد، التي تتنقل تحت الماء وتعمل على تشخيص حال الشعب المرجانية.
وعلى رغم أن "مركز هيوستن لبحوث الفضاء" لم يمض في تنفيذ الاتفاق، قال ثينوك إن نيلهم "هذا الشكل من الاهتمام بعث في نفوسهم شعوراً أكثر من مذهل".
والفريق الذي اشتغل جاهداً في ساعات متأخرة من الليل بعد الدوام المدرسي، ابتكر نموذجاً من الذكاء الاصطناعي منوطة به مهمة تحليل تسجيلات للأصوات الصادرة من الشعب المرجانية، ويزعم أنه أقل كلفة بنسبة 60 في المئة وأكثر كفاءة بخمس مرات مقارنة مع المسوحات اليدوية التي يتولاها غواصون متخصصون وطرق تحليل الصور المأخوذة بالأقمار الاصطناعية المعمول بها حالياً.
وهذا العام، نجحت التكنولوجيا التي ابتكرها الفريق في أخذ تسجيلات لمصلحة منظمات الحفاظ على المرجان في ماليزيا وجزيرة كوزوميل المكسيكية، فيما لم تنته بعد مناقشات مع منظمات من الولايات المتحدة وأستراليا وإندونيسيا والفيليبين وجزر المالديف بشأن استخدام هذه المنتجات.
في هذا الصدد، قال ثينوك: "يعطينا هذا الاهتمام حافزاً حقيقياً. شخصياً، ليس في وسعي حتى أن أشرح الإثارة والتحفيز العظيمين اللذين أشعر بهما عندما أرى التكنولوجيا التي أمضيت عاماً في تطويرها تساعد الناس والبلدان في مختلف أنحاء العالم، وتعود بالنفع عليهم".
"إنه ببساطة شعور لا يصدق"، أضاف ثينوك موضحاً "نطمح في أن نشاهد تكنولوجيا ’ريف ساوند‘ مستخدمة في كل الشعب المرجانية حول العالم".
بدأ ثينوك وسيمبا محادثتهما الأولى بشأن الشعب المرجانية عندما كانا جارين في مسكنهما الجامعي.
ويستعيد سيمبا ذاكرته "أتذكر عندما بدأنا في تنفيذ المشاريع، قصدت غرفة ثينوك وخضنا مناقشات حول المشروع، وأعربنا عن الروعة الكبيرة التي يتميز بها"، مضيفاً "أحب الترابط القوي الذي يجمعنا، والإنجازات التي في مقدورنا أن نسطرها من طريق العمل معاً".
كذلك قال سيمبا إن شغفه وزميله في إيجاد حلول مناسبة تحمي الشعب المرجانية من الأخطار بدأ بعدما اطلعا على عدد من الكتب الخاصة بها وشاهدا أفلاماً وثائقية حول هذا الموضوع، وعندها عرفا "الحجم الكبير لهذه المشكلة".
اكتشف ثينوك وسيمبا أن الشعب المرجانية التي تتمتع بحال صحية سليمة تبدو مختلفة عن نظيرتها المتدهورة صحياً، فوجدا أن استخدام نموذج الذكاء الاصطناعي من شأنه أن يوفر على منظمات حماية الشعب المرجانية قدراً مهولاً من الوقت والمال.
وطور فريق "ريف ساوند" نموذجاً من الذكاء الاصطناعي قادراً على تحليل الحال الصحية التي تتسم بها هذه الشعب المرجانية أو تلك، وذلك بدقة تصل حتى 99.4 في المئة.
ومع تطويرهما اختراعاً محتملاً، أخذ ثينوك وسيمبا وبوني مشروعهم إلى مسابقة مدرسية متخصصة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات يديرها "مركز هيوستن لبحوث الفضاء"، بعنوان "تحدي كونراد"، ليصبحوا الفريق البريطاني الأول الذي يظفر بالفوز في هذه المنافسة.
وبفضل نجاحهم، حصل الطلاب البريطانيون الذين يتابعون دروسهم في السنة الدراسية الـ13 على منح دراسية بقيمة 298 ألف دولار (ما يساوي 227 ألف جنيه استرليني) من جامعات أميركية، ولكنهم لم يقرروا بعد خطواتهم المستقبلية.
قال ثينوك إنها كانت "فرصة مذهلة" و"غامرة حقاً" أن نرى التقدم الكبير الذي حققته الشركة الناشئة خلال ما يزيد قليلاً على عام. ويطمح الفريق إلى تحقيق المزيد من الإنجازات بعد.
وأوضح ثينوك "نسعى إلى ابتكار منتج يتمتع بالكفاءة اللازمة التي تسمح باستخدامه من جانب الحكومات على نطاق واسع. لذا، نأمل في أن نبدأ العمل مع الحكومات في الأشهر القليلة المقبلة. وأعتقد أن هذه الخطوة ستكون مذهلة".
وإذ يتابع ثينوك وسيمبا كلاهما دروسهما لنيل شهادة المستوى الأول في الرياضيات، والرياضيات المتقدمة، والفيزياء، وعلوم الكمبيوتر، كان لا بد من بذل "الكثير من العمل الشاق" لتحقيق التوازن بين الابتكار والتعلم.
ولكن بالنسبة إلى ثينوك يصبح "تحقيق التوازن المطلوب سهلاً" عندما يرون أن مشروعهم يساعد الناس حول العالم.
وأوضح "في الواقع، تتقلص أي صعوبة نواجهها في العمل كل ليلة على هذا المشروع، عندما نرى تأثيره الإيجابي الآن، وعندما ترون أنه يُستخدم في كل أنحاء العالم".
وأضاف سيمبا: "شغفنا كبير في المشاريع البيئية، خصوصاً التي تنطوي على استخدام التكنولوجيا. ونحن نخوض هذه التجارب كل يوم، وتغمرنا الحماسة حقاً بشأن المستقبل".
ويؤكد ثينوك وسيمبا، اللذان سيواصلان تطوير "ريف ساوند" وسيسعيان إلى تطبيق التكنولوجيا على نطاق عالمي، إن جل ما يحلمان به مواصلة حياتهما المهنية في مجال الابتكار التكنولوجي والمناخي.
© The Independent