ملخص
غموض حول شركة "بي. أي. سي كونسلتنغ" المسؤولة عن توريد أجهزة "البيجر" إلى "حزب الله"، ورئيس الشركة التايوانية يكشف عن حادثة "غريبة" عندما قام بنك تايواني محلي بتأخير تحويل مصرفي من الشركة المجرية لأن البنك المحلي كان لديه شكوك في شأنها.
مشهد غير مسبوق أشبه بأفلام نهاية العالم، ففي تمام الساعة الثالثة والنصف أمس الثلاثاء انفجرت في أنحاء لبنان وبعض مناطق سوريا مئات أجهزة الاتصال اللاسلكي "البيجر" المحمولة يداً، ليسقط آلاف الجرحى ويقتل آخرون في اللحظة ذاتها. العملية عالية المستوى التي قامت بها إسرائيل مستهدفة تنظيم "حزب الله" اللبناني أثارت فيضاً من التحليلات والتفسيرات في أنحاء العالم في شأن كيفية انفجار أجهزة "البيجر" التي كان يعمل بها عناصر "حزب الله" وغيرهم ممن على صلة بالجماعة.
سؤال رئيس أيضاً تعلق بالجهة المسؤولة عن توريد تلك الأجهزة التي تسلمها "حزب الله" قبل بضعة أشهر قليلة للعمل بها كبديل للهواتف المحمولة، بعد أن دعا الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله مقاتلي الحزب وعائلاتهم إلى الاستغناء عن الهواتف المحمولة ووصفها بـ"العميل القاتل" الذي يقدم معلومات دقيقة ومجاناً لإسرائيل.
بعدما تواردت الأنباء عن أن الشركة المصنعة لهذا النوع من الأجهزة هي شركة "غولد أبولو" التايوانية سرعان ما نفت الشركة تورطها في الهجوم، وقالت في بيان اليوم الأربعاء إن أجهزة الاتصال اللا سلكي التي انفجرت بأيدي عناصر "حزب الله" ليست من تصنيعها، موضحة أن شركة "بي. أي. سي كونسلتينغ" ومقرها بودابست لديها ترخيص لاستخدام علامتها التجارية وصنعت طراز أجهزة الاتصال اللا سلكية (البيجر) المستخدمة في التفجيرات داخل لبنان.
وأضافت الشركة التايوانية في بيان اليوم "في ما يتعلق بطراز جهاز البيجر أي. آر 924 الذي ورد في أحدث التقارير الإعلامية، نوضح أن هذا الطراز يتم إنتاجه وبيعه بواسطة بي. أي. سي". وأكد مؤسس "غولد أبولو" هسو تسينغ كوانغ للصحافيين أن الأجهزة التي تعرضت للانفجار "صنعتها شركة في أوروبا لديها الحق في استخدام العلامة التجارية للشركة التايوانية". وأوضح أنه وافق منذ نحو ثلاثة أعوام على السماح لشركة "بي. أي. سي" ببيع منتجاتها باستخدام العلامة التجارية "غولد أبولو"، والتي قال إنها تتمتع بسمعة طيبة في السوق.
غموض حول الشركة المجرية
بالبحث عن شركة "بي. أي. سي كونسلتينغ" على محرك البحث "غوغل" وجدت "اندبندنت عربية" أن الموقع الإلكتروني للشركة لا يعمل، وبالبحث عبر تطبيق غوغل للخرائط من خلال العنوان الموضح للشركة على الإنترنت والذي يظهر أن مقرها في العاصمة المجرية بودابست، فإن العنوان يظهر مبني صغيراً يتكون من طابقين ولافتة صغيرة معلقة على باب زجاجي. وحاولت "اندبندنت عربية" الاتصال على رقم الهاتف المرفق لكن من دون رد.
ويذكر حساب الشركة على موقع "لينكيد أن" إنها تتمتع بخبرة استشارية تمتد لأكثر من عقد من الزمان. وتشير إلى أن الاتصالات هي واحدة من مجالات خبرتها الرئيسة، قائلة إنها تدمج "أفضل الدروس والممارسات التكنولوجية السابقة من مناطق جغرافية مختلفة".
وتقول وزارة الشؤون الاقتصادية التايوانية التي تشرف على التجارة إن سجلاتها أظهرت "عدم وجود صادرات مباشرة إلى لبنان" من أجهزة "البيجر" التي تنتجها شركة "غولد أبولو". وقالت الوزارة إن أجهزة "البيجر" التي تنتجها الشركة صدرت بصورة رئيسة إلى أوروبا وأميركا الشمالية، وإن الشركة راجعت التقارير الإخبارية والصور وحكمت بأن الأجهزة لم تُعدل إلا بعد تصديرها من تايوان.
والأربعاء، أعلنت بودابست أن شركة "بي أيه سي" المجرية التي قدمت على أنها تنتج أجهزة الاتصال المستخدمة من حزب الله، هي "وسيط تجاري بدون موقع إنتاج أو عمليات في المجر". وأكد المتحدث باسم الحكومة زلتان كوفاكسو عبر منصة إكس أن "الأجهزة المعنية لم توجد يوما على الأراضي المجرية" مشيرا إلى أن "هذه المسألة لا تطرح أي خطر على الأمن القومي".
حادثة غريبة
وقال هسو إنه ارتبط بعلاقة طويلة الأمد مع شركة "بي. أي. سي" قبل إبرام اتفاق ترخيص العلامة التجارية. وأضاف أنه بالنظر إلى الوراء كانت هناك حادثة "غريبة" مع شركة "بي. أي. سي"، عندما قام بنك تايواني محلي بتأخير تحويل مصرفي من الشركة لأن البنك المحلي كان لديه شكوك في شأنها. وقال مؤسس الشركة التايوانية "إن التحويل ربما جاء من بنك في الشرق الأوسط." ولم يذكر أي بلد، وفق صحيفة نيويورك تايمز.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ربما تكون الشركة هي واجهة وهمية لعمليات يديرها الموساد الإسرائيلي والتي أُرسلت عبرها شحنة أجهزة "البيجر" إلى "حزب الله". فوفق مسؤولين أميركيين ومسؤولين آخرين مطلعين على الهجوم تحدثوا للإعلام الأميركي فإن إسرائيل وضعت مواد متفجرة في شحنة من أجهزة "البيجر" من شركة "غولد أبولو".
ونقلت "نيويورك تايمز" عن مسؤولين أميركيين "وآخرين" لم تسمهم قولهم إن إسرائيل عبثت بأجهزة النداء اللا سلكية قبل وصولها إلى لبنان من خلال زرع كمية صغيرة من المتفجرات بداخل كل منها. وقال مصدر أمني لبناني كبير ومصدر آخر لـ"رويترز" إن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) زرع متفجرات داخل أجهزة "البيجر" قبل أشهر من تفجيرات أمس.
وكان مصدر مقرب من "حزب الله" قال لوكالة الصحافة الفرنسية في وقت سابق أمس طالباً عدم نشر اسمه، إن الأجهزة التي انفجرت "وصلت عبر شحنة استوردها ’حزب الله‘ أخيراً تحوي ألف جهاز"، ويبدو أنه "تم اختراقها من المصدر". لكن صحيفة "نيويورك تايمز" نقلت عن مصادرها أن الطلبية التي تلقتها "غولد أبولو" تضمنت نحو 3 آلاف جهاز، معظمها من طراز "أي بي 924".
وتعد العملية خرقاً أمنياً لم يسبق له مثيل يستهدف "حزب الله" تم خلاله تفجير آلاف الأجهزة في أنحاء لبنان مما أدى إلى مقتل 12 وجرح نحو 3 آلاف بينهم مقاتلون من الجماعة والسفير الإيراني في بيروت. وأقر مسؤول من "حزب الله" تحدث لـ"رويترز" طالباً عدم ذكر اسمه بأن انفجار الأجهزة هو "أكبر اختراق أمني" تعرضت له الجماعة خلال الاشتباكات المستمرة مع إسرائيل منذ قرابة عام.