ملخص
تستعد وزيرة الخزانة راتشيل ريفز لإعلان أول موازنة لها في نهاية أكتوبر المقبل.
كما كان متوقعاً على نطاق واسع في السوق، أبقى بنك إنجلترا المركزي على سعر الفائدة كما هو عند خمسة في المئة، بعدما خفضه الشهر الماضي بمقدار ربع نقطة مئوية (0.25 في المئة) للمرة الأولى منذ أعوام.
وكان توقع السوق والمحللين والاقتصاديين بعدم التغيير في سعر الفائدة يعود لمؤشرات غير مباشرة على أن معدلات التضخم لا تزال صامدة، وأيضاً لأن قرار لجنة السياسات المالية الشهر الماضي كان بغالبية طفيفة جداً، أي أن البنك كان منقسماً في شأن قرار الخفض السابق.
وتتكون اللجنة التي تتخذ قرار الفائدة من تسعة أعضاء، وكان التصويت لمصلحة الخفض في أغسطس (آب) الماضي بنسبة خمسة في المئة مع الخفض في مقابل الإبقاء على سعر الفائدة كما هو.
وجاء التصويت الخميس لمصلحة الإبقاء على سعر الفائدة من دون تغيير بنسبة ثمانية إلى واحد، أي أن عضواً واحداً في اللجنة هو الذي كان رأيه خفض سعر الفائدة بمقدار ربع نقط مئوية اضافية.
وعلى رغم أن الغالبية كانت تتوقع هذا القرار إلا أن الجميع تقريباً لم يتوقعوه بارتياح تام، بحسب ما قالت كبيرة الاقتصاديين في بنك "أتش أس بي سي" ليز مارتن خلال مقابلة مع شبكة "سكاي نيوز" قبل قرار البنك.
أما مصدر عدم الارتياح والقلق فكان الخوف من أن يفاجئ البنك الأسواق، وبخاصة مع توجه البنوك المركزية للتركيز على الاقتصاد الكلي ومؤشراته وليس على مزاج السوق ومتطلباته.
أسباب إبقاء الفائدة مرتفعة
ومع أن بعضهم توقع أيضاً أن يتبع المركزي البريطاني نظيره الأميركي الذي خفض الفائدة أمس الأربعاء للمرة الأولى بنصف نقط مئوية (0.5 في المئة)، إلا أن بنك انجلترا اختار التزام الحذر، وسبب شبه الإجماع بين أعضاء لجنة السياسات النقدية هو أرقام التضخم التي صدرت قبل أيام عن مكتب الاحصاء الوطني في بريطانيا.
وعلى رغم أن معدل التضخم الذي يحسب بمؤشر أسعار المستهلكين لم يتغير الشهر الماضي عن الشهر الذي سبقه وظل عند نسبة 2.2 في المئة، لكن مؤشر التضخم الأساس ارتفع في أغسطس (آب) عن يوليو (تموز) الماضي بأكثر حتى من توقعات السوق، وينظر البنك المركزي بعين الاهتمام للمؤشر الأساس لأنه يستبعد أسعار الغذاء والطاقة التي ترتفع وتنخفض بسرعة، وبلغ معدل التضخم الأساس في أغسطس الماضي 3.6 في المئة، بينما كانت توقعات السوق ارتفاعاً بـ 3.5 في المئة.
لذا جاء في بيان البنك أن لجنة السياسات النقدية ترغب في طرد الضغوط التضخمية من النظام عبر مسار تدرجي.
وأضاف البيان أن "السياسة النقدية بحاجة إلى أن تظل مشددة لفترة كافية حتى تعود الأخطار التضخمية نحو النسبة المستدامة عند اثنين في المئة خلال المدى المتوسط وتستقر عند ذلك".
وتقول كبيرة الاقتصاديين في شركة "كيه بي أم جي" في بريطانيا إن قرار البنك يتسق مع التوقعات، لكن لغة بيان لجنة السياسات النقدية بعد الاجتماع تشير إلى إمكان خفض سعر الفائدة في الاجتماع المقبل مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وسيأتي الاجتماع المقبل لبنك انجلترا مباشرة بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، وحتى ذلك الحين لا ينتظر أن يقرر الاحتياط الفيدرالي أي تغيير في سعر الفائدة الأميركية، وهكذا تظل أسعار الفائدة في البلدين عند مستوى خمسة في المئة.
تأثير قرار البنك المركزي
أما سبب التفاؤل باحتمال العودة لخفض أسعار الفائدة بعد أكثر من شهر فهو الوضع العام للاقتصاد البريطاني الذي لا يشير إلى نمو قوي خلال النصف الثاني من هذا العام على عكس النصف الأول، كما أن أرقام سوق العمل تشير إلى تشديد مطرد مما يعني أن النشاط الاقتصادي يتباطأ بشدة في التوسع.
ومن شأن استمرار ارتفاع كلفة الاقتراض أن يضغط أكثر على النشاط الاقتصادي نزولاً في وقت تستهدف الحكومة العمالية الجديدة إنعاش النمو الاقتصادي لمواجهة التحديات الهائلة أمامها، فضلاً أن استمرار الفائدة مرتفعة على الجنيه الإسترليني على عكس انخفاضها على الدولار، وهو ما من شأنه أن يقلل من فرض تنافسية المصدرين البريطانيين على رغم أن تراجع الصادرات يسهم في خفض ارتفاع معدلات التضخم.
ويزيد ارتفاع كلفة الاقتراض خدمة أعباء الدين العام للحكومة البريطانية، بينما تستعد وزيرة الخزانة راتشيل ريفز لإعلان أول موازنة لها في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وبالتالي ربما يكون حذر البنك في التعامل مع معدلات التضخم غير كاف لدرء خطر انزلاق الاقتصاد نحو الركود، وهو ما لا يريد المسؤولون عن السياسة النقدية أن يتحملوا كونهم سببه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويثقل استمرار أسعار الفائدة مرتفعة كاهل المواطنين أيضاً حتى على رغم بعض التيسير الذي شهدته سوق القروض العقارية بعد بدء البنك خفض سعر الفائدة الشهر الماضي، وإن كانت بعض لشركات العقارية الكبرى تظل كمتفائلة بأن النشاط الذي عاد للسوق العقاري يمكن أن يستمر، إلا أن أصحاب البيوت الذين أصبحوا يدفعون أقساطاً شهرية مضاعفة على قروضهم العقارية يشعرون بالقلق الشديد.
ولا تقتصر تبعات استمرار ارتفاع كلفة الاقتراض على القطاع العقاري وحسب بل تطاول قطاعات اقتصادية أخرى، إذ تجد الشركات سوق الائتمان لتوفير التمويل لتوسيع نشاطها مشدداً إلى حد كبير، ويمكن لذلك أن يدفع بعضهم لتقليص النشاط أو في الأقل تباطؤ النمو، مما يعني مزيداً من الضغوط على سوق العمل.