Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تستخدم إسرائيل سكان غزة دروعا بشرية؟

"هآرتس" تقول إن الجيش يجبرهم على تمشيط الأنفاق والمباني المشتبه بأنها مفخخة بعلم رئيس الأركان

جندي إسرائيلي يقف عند مدخل نفق في رفح، 13 سبتمبر 2024، وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و"حماس" (أ ف ب)

ملخص

منظمة "كسر الصمت" الإسرائيلية التي توثق الانتهاكات العسكرية التي يقع فيها الجيش، ذكرت أن استخدام الفلسطينيين دروعاً بشرية تعد ظاهرة منتشرة على نطاق واسع في مختلف الوحدات التي تقاتل في غزة لدرجة أنه يمكن اعتبارها بروتوكولاً.

اقتحم الجيش الإسرائيلي منزل عمر عاشور في مدينة غزة، وبسرعة اقتادوه إلى مكان تجمع الجنود، وهناك ربطوا وسطه بالمتفجرات ووضعوا على رأسه كاميرا، ثم قيدوا يديه خلف ظهره وطلبوا منه التحرك بحسب التعليمات.

بناء على تعليمات الجيش كان عمر يمشي، وعند فتحة نفق تحت الأرض طلبوا منه النزول إليه وتفتيشه، ثم العودة سريعاً إلى مكان تجمع الجنود. يقول الرجل "طلبوا مني التحرك داخل النفق، والسير فيه بخفة، وكأنني درع بشري".

لتفتيش الأنفاق

أدخل الجنود عمر بقوة إلى فتحة نفق كانوا يريدون تفجيره، وكان الرجل مضطراً إلى الاستجابة لجميع مطالبهم حرصاً على حياته، لذلك حاول تنفيذ التعليمات كما سمعها.

يقول، "طلب مني الجنود البحث عن المسلحين أو عتادهم العسكري، وعندما كنت أنفذ أوامرهم عشت لحظات رعب من أن يفجروا جسدي في أي وقت، لا أعرف كيف حملني جسمي وأنا أفتش النفق".

بعد أن استخدم الجيش الإسرائيلي عمر كدرع بشري اعتقلوه واقتادوه إلى السجن، وبعد أسبوعين أفرجوا عنه أمام بوابة معبر "كرم أبو سالم"، وحينها أدلى بشهادته لـ"اندبندنت عربية" التي تحقق مراسلها من شهادات أخرى لأشخاص آخرين من قطاع غزة استخدمهم الجيش الإسرائيلي للغرض نفسه.

 

 

في إسرائيل كشفت صحيفة "هآرتس" في تحقيق لها أن الجيش يستخدم الفلسطينيين دروعاً بشرية بشكل منهجي لتمشيط الأنفاق والمباني في حربه على قطاع غزة، وهو ما يحدث بعلم كبار ضباط الجيش وعلى رأسهم رئيس الأركان هرتسي هاليفي.

في تبرير "هآرتس" فإن الجيش يرى أن حياة الجنود أهم من حياة الفلسطينيين، ومن الأفضل أن يستخدموهم دروعاً بشرية، وفي بعض الحالات استخدموا أيضاً أطفالاً ومسنين.

والدروع البشرية هو مصطلح عسكري يعني استخدام مجموعة من المدنيين أو العسكريين بهدف حماية وحدات قتالية معينة، أو منشآت حساسة في وقت الحرب، بنشرهم حولها لوضع الخصم أمام حرج أخلاقي يمنعه من استهدافهم.

في العلوم العسكرية هناك نوعان من الدروع البشرية: طوعية وغير طوعية، وينطبق التصنيف الأول على المدنيين الذين يعرضون أنفسهم للخطر لحماية أشخاص، أما الآخر فيشمل المدنيين الذين يستخدمهم طرف محارب لحماية نفسه.

منظمة "كسر الصمت" الإسرائيلية التي توثق الانتهاكات العسكرية التي يقع فيها الجيش، ذكرت أن استخدام الفلسطينيين دروعاً بشرية تعد ظاهرة منتشرة على نطاق واسع في مختلف الوحدات التي تقاتل في غزة لدرجة أنه يمكن اعتبارها بروتوكولاً.

أما منظمة "بتسليم" الإسرائيلية لحقوق الإنسان فقالت على موقعها الإلكتروني، "الجيش الإسرائيلي استخدم على مر السنين، وكجزء من سياسته الرسمية، فلسطينيين دروعاً بشرية، وأمرهم بتنفيذ أعمال عسكرية محفوفة بأخطار حقيقية على حياتهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في عام 2000 جعلت إسرائيل استخدام الدروع البشرية سياسة حربية معلنة لجيشها، وفي الانتفاضة التي اندلعت حينها كان أفراد الجيش يقتحمون البيوت ويجبرون ساكنيها على مساعدتهم في تحقيق أهدافهم العسكرية، مثل ردع الطلقات أو الحجارة المصوبة باتجاههم، أو الاختباء وراء ظهورهم وإطلاق النار وحبسهم في البيوت التي اقتحمها الجيش واتخاذها مقراً لمنع الفصائل من الهجوم، وإرغامهم على التقاط بعض الأشياء من الشوارع المشتبه بأنها مفخخة.

يطلق على الدروع البشرية في إسرائيل مصطلح "شاويشيم"، وهي سياسة ممنوعة في القانون الدولي الإنساني. يقول منسق التحقيقات في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بكر التركماني، "تحظر القوانين الدولية استخدام كل أشكال الدروع البشرية خلال الصراعات والحروب، بما في ذلك اتفاقيات جنيف".

يخالف القانون

تعد المحكمة الجنائية الدولية ونظام روما الأساسي استخدام الدروع البشرية جريمة حرب. يوضح التركماني أن القانون الدولي الإنساني يفرض على أطراف النزاع المسلح التمييز بين المدنيين والعسكريين، وبين المشاركين في القتال وغيرهم بموجب مبدأ التناسب.

ويضيف التركماني "وثقت الهيئة المستقلة كثيراً من الممارسات التي قام بها الجيش الإسرائيلي، والمرتبطة باستخدام مدنيين كدروع بشرية سواء خلال اقتحام المجمعات الطبية أو المنازل، حيث استخدم المواطنين من خلال إعطائهم كاميرات وربطها على رؤوسهم واقتيادهم عن بعد باتجاه أماكن محددة لفحصها".

من الذين أدلوا بشهادتهم لـ"اندبندنت عربية" الشاب حكيم، الذي اعتقله الجيش الإسرائيلي ثم فخخه بكميات كبيرة من المتفجرات وربطها بحبل على خاصرته، ثم أرسله إلى شقة سكنية لتفتيشها.

 

 

يقول حكيم "أجبرني الجيش على اقتحام منزل وتفتيشه والوقوف في شرفة البيت خلال تبادل إطلاق نار مع مسلحين من الفصائل الفلسطينية غرب مدينة غزة، وبعدها اعتقلوني أسبوعاً ثم أطلقوا سراحي".

حركة "حماس" اعتبرت أن استخدام الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين دروعاً بشرية خلال عملياته العسكرية في قطاع غزة "جريمة حرب مكتملة الأركان". ويقول عضو المكتب السياسي للحركة عزت الرشق، "على محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية إضافة جرائم الدروع البشرية إلى ملف جرائم الحرب التي يحاكم عليها قادة إسرائيل".

توثيق المؤسسات الحقوقية لحالات استخدام الجيش الإسرائيلي للفلسطينيين دروعاً بشرية أثار غضب الإدارة الأميركية. يقول نائب المتحدث باسم الخارجية فيدانت باتل إن "إسرائيل والجيش يحققون في هذه الحوادث، ما حدث لا يعكس قيمهم ويعد انتهاكاً للأوامر والإجراءات".

في تبرير الجيش الإسرائيلي لهذه الانتهاكات، تقول المتحدثة باسم الجيش كارين حاجيوف، "بصفتنا جيشاً يلتزم بالقانون الدولي والمعايير الأخلاقية، نخصص كثيراً من الموارد لتقليل الأذى الذي يتعرض له المدنيون الذين غصبتهم (حماس) على أداء دور الدروع البشرية".

وتضيف "حربنا ضد (حماس) وليست ضد شعب غزة، التعليمات تحظر استخدام المواطنين الغزيين الذين يتم القبض عليهم في الميدان في مهام عسكرية تشكل خطراً متعمداً على حياتهم، تم تحويل الادعاءات في هذا الشأن إلى الجهات المختصة لفحصها".

المزيد من متابعات