Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لبنان على أعتاب حرب ثالثة... ماذا يريد نتنياهو؟

مراقبون يؤكدون غياب أية خطة إستراتيجية لديه والرد على "عملية الضاحية" يدخل القتال مرحلة جديدة

دخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية الخيام بجنوب لبنان، 22 سبتمبر 2024 (أ ف ب)

ملخص

عام على اندلاع الحرب وما زالت إسرائيل غارقة في معركة استنزاف وسط معادلة فرضها "حزب الله". ووفق أكثر من تقرير إسرائيلي كلفت الحرب تل أبيب ثمناً باهظاً من النواحي الأمنية والسياسية والاقتصادية، إلى جانب ما تحدثه من تعميق التوتر داخل المجتمع.

مع إصرار إسرائيل على تكثيف وتوسيع ضرباتها تجاه لبنان وصولاً إلى العملية البرية، وفي موازاة الإعلان عن تعديلات في تعليمات الجبهة الداخلية فُرضت، بموجبها، حال طوارئ حرب على كل المناطق الإسرائيلية من أقصى الشمال تجاه سوريا ولبنان وحتى حيفا ومناطق في المركز، دخلت حرب "طوفان الأقصى" مرحلة جديدة، وبات احتمال نشوب حرب لبنان الثالثة أقرب من أي وقت مضى. واختلف الإسرائيليون في آرائهم وتقييماتهم حول قرارات "الكابينت" والأجهزة الأمنية، في حين أسقطت إسرائيل من جدول أعمالها ملف الأسرى.

عام على اندلاع الحرب وما زالت إسرائيل غارقة في معركة استنزاف وسط معادلة فرضها "حزب الله". ووفق أكثر من تقرير إسرائيلي كلفت الحرب تل أبيب ثمناً باهظاً من النواحي الأمنية والسياسية والاقتصادية، إلى جانب ما تحدثه من تعميق التوتر داخل المجتمع. وفي رؤية شاملة لهذه الوضعية أجمع خبراء وباحثون ووسائل إعلام على أن غياب خطة إستراتيجية تجاه غزة ولبنان والضفة لن يؤدي إلى تحقيق الأهداف التي يضعها متخذو القرار.

ففي الظاهر سجلت إسرائيل إنجازات بارزة، وتناول كثر عمليتي تفجير أجهزة الاتصال لدى "حزب الله" وعملية الضاحية، كأكبر إنجازات يحققها الجيش منذ بداية الحرب، ومع هذا يقول الباحث في مركز "موشيه ديان" لأبحاث الشرق الأوسط ميخائيل ميلشطاين، "إن خروج إسرائيل من المستنقع الذي وضعت نفسها فيه يتطلب بلورة إستراتيجية مركبة، وهو هدف مركزي يجب على المستوى السياسي وضعه اليوم، وقبل اتساع الأمور إلى حرب ثالثة على لبنان".

انعطافة دراماتيكية

يرى ميلشطاين أن نتائج عمليتي تفجير أجهزة الاتصال والضاحية "تشكل تفوقاً تكنولوجياً حقق إنجازات، لكنها لا يمكن أن تترجم إلى انعطافة دراماتيكية".

حديث ميلشطاين جاء إثر قصف نفذه "حزب الله" بعد منتصف ليل الأحد، وصل مداه إلى معظم بلدات الشمال والجليل وحيفا والمنطقة المحيطة وأدى إلى مقتل وإصابة عدد من الأشخاص إلى جانب إلحاق دمار كبير في معظم البلدات، وتحديداً في حيفا والمنطقة المحيطة بها المعروفة باسم "الكرايوت"، وسقطت الصواريخ في مواقع عسكرية ومصانع "رفائيل" لصناعة الأسلحة.

القصف الذي استمر حتى ساعات صباح اليوم الأحد أدى بالجبهة الداخلية إلى تغيير تعليماتها للمرة الثانية في أقل من 10 ساعات، ووصلت الأمور إلى وقف جميع النشاطات وإغلاق المؤسسات التعليمية وأماكن العمل وغيرها.

مشاهد صبيحة الأحد عكست أكثر من أي وقت مضى خطر الاقتراب من حرب ثالثة مع لبنان، لكن جهات أمنية وسياسية رأت أن الجهود الأميركية والخارجية من شأنها منع اتساع الحرب بالتوصل إلى تفاهمات أولية لتسوية سياسية، وهو أمر استبعده متخذو القرار، وألغى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو اجتماع "الكابنيت" الذي كان مقرراً عقده بعد ظهر الأحد، ودخلت القيادة إلى الملجأ الذي أعد تحت الأرض في منطقة مبنى وزارة الأمن، مع البقاء في حال انعقاد مستمرة لاتخاذ القرارات وفق تطور الأوضاع.

وهدد نتنياهو بتكثيف واستمرار القتال لضمان أمن سكان الشمال، فيما أجرى وزير دفاعه يوآف غالانت جولة على قواعد سلاح الجو قال خلالها إن "(حزب الله) بدأ يشعر ببعض قدراتنا. سنستمر بتنفيذ العمليات لحين تحقيق الهدف، ما ننفذه من عمليات خطوات ضرورية لن نتوقف عنها حتى نصل إلى وضع نعيد فيه سكان الشمال إلى بيوتهم مع ضمان أمنهم. هذه هي مهمتنا، وسنستخدم كل ما يتطلبه تحقيقها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تهديد نتنياهو وغالانت جاء بعد قصف مكثف لـ"حزب الله" طاول منطقة واسعة تبعد أكثر من 50 كيلومتراً عن الحدود الشمالية، بعد أن أعلن الجيش أنه حقق أهدافاً واسعة له بتدمير منصات ومخازن الصواريخ والمسيرات التي في حوزة "حزب الله" وأضعف قدرته العسكرية.

لكن ما أبقاه دمار ليلة كاملة من القصف في الشمال وحيفا ومرج بن عامر والجولان ومناطق أخرى أثار نقاشاً إسرائيلياً واسعاً حول مدى نجاعة وصحة تحركات متخذي القرار.

صحيفة "إسرائيل اليوم" كتبت تحت عنوان "على مسافة خطوة من حرب لبنان الثالثة"، "على رغم الضربة التي تلقاها (حزب الله) فإنه متمسك بسياسته، وتبقى المعضلة لدى متخذي القرار في إسرائيل هي كيفية استكمال القتال في ظل خطر دائم بالولوج إلى معركة شاملة لا يزال الطرفان يسعيان إلى تجنبها".

يقول المتخصص العسكري يوآف ليمور إن إسرائيل تراهن على أن تكثيف ضرباتها سيؤدي إلى حشر "حزب الله" في الزاوية، ليصل إلى اتفاق تتراجع بموجبه عناصر "قوة الرضوان" عن الحدود ويعود سكان الشمال إلى بيوتهم، لكن هذا الرهان من شأنه أن يُفقد إسرائيل أوراق مساومة يفترض أن تستخدمها في هذه الحرب، لإضعاف وحشر "حزب الله" في الزاوية، ومن ثم التقدم نحو حرب شاملة تكون أثمانها جسيمة في الجانب الإسرائيلي".

ورفض ليمور وغيره من الخبراء والعسكريين ما روجت له القيادة السياسية والإسرائيلية بعد عملية الضاحية الجمعة، من أن عدم الرد الفوري من قبل "حزب الله" يشير إلى علامة ضعف لديه. بحسب ليمور فإنه "على عكس ما يتحدث عنه المسؤولون فمن المريح بالنسبة إلى الحزب أن يبقى الوضع كما هو، بمعنى أن يتحمل ثمن الضربة القاسية بعناصره وبالممتلكات، كضرر تكتيكي أليم، لكنه قد يبقي الإنجاز الإستراتيجي المتمثل بـ(احتلال) الجليل، وهو ما يعد من ناحية إسرائيل أمراً لا يطاق".

أما ما تسعى إليه القيادة الإسرائيلية بإلزام "حزب الله" الفصل بين غزة ولبنان، فبحسب عسكريين لم ينجح أيضاً، لأن "حزب الله" سيواصل العمل على إسناد غزة، والهجمات المكثفة التي تلقاها الجليل ليل الأحد كانت محاولة واضحة للتأكيد أن أعمال إسرائيل الأخيرة لم تحرف الحزب عن طريقه، وأن حسن نصرالله رفع قليلاً الرهان من جانبه، حين استعدت منظمته لتوسيع النار إلى منطقة حيفا والخليج، ممما أدى إلى تغيير في تعليمات الدفاع لسكان المنطقة"، وفق ليمور.

الاجتياح أكثر فاعلية

منذ صباح الأحد شهدت منطقة الشمال حركة واسعة لحشود عسكرية ومدرعات وآليات قتالية في طريقها إلى الشمال، بعد أن أعلن الجيش أنه ماض نحو اجتياح بري لجنوب لبنان، لكن في هذا الجانب جاءت التحذيرات من الخطر على أكثر من صعيد، منها "عدم الجاهزية الكافية للجيش لخوض صعوبات القتال البري ومواجهة وحدات كاملة بعد سنة من القتال في غزة". فضلاً عن أن مثل هذه العملية قد تؤدي إلى دخول إيران ووكلائها في سوريا والعراق واليمن إلى الساحة، لتتسع الحرب على نحو شامل وخطر.

وأمام أخطار تدحرج الأمور نحو هذه الهاوية تواصل الولايات المتحدة جهودها لدفع تفاهمات أولية حول اتفاق دبلوماسي يمنع حرباً واسعة في الشمال، علماً أن أمنيين وعسكريين استبعدوا قبول نتنياهو بتسوية لا تحقق مسعى حكومته إلى فصل مساري غزة والشمال، ومن ثم الدخول في حرب من دون إستراتيجية واضحة تساعد على تحقيق أهدافها.

في هذا الجانب حذرت صحيفة "هآرتس" من تجاهل المطالب والجهود الأميركية، وبحسبها فـ"من الأفضل الاستماع إلى البيت الأبيض. صحيح أنه يبدي تفهماً كبيراً حتى لأعمال إسرائيل الأخيرة ضد (حزب الله)، لكنه يحذر أيضاً من استمرار التصعيد، ويشدد على أنه ما زال ممكناً إقرار التهدئة بتفاهمات دبلوماسية. وأن من المحظور المراهنة على نتائج انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة، إذ إنه لا توجد حلول سحرية للوضع المعقد الذي وضعت فيه إسرائيل. وقف النار في لبنان وفي قطاع غزة على حد سواء، هو فقط مسألة وقت في نهاية الأمر".

وشددت الصحيفة على أنه "تحديداً في هذه الظروف فإن المطلوب هو بالأساس جهود أميركية جديدة لعقد صفقة في الشمال وفي الجنوب. الإدارة الأميركية باركت تصفية عقيل، لكن واشنطن التي أظهرت قدرة وساطة متدنية جداً طوال الحرب غاضبة من محاولة إسرائيل تصعيد المواجهة مع (حزب الله)، وربما توريط الإدارة الأميركية في حرب إقليمية عشية الانتخابات الرئاسية الأميركية".

المتخصص العسكري عاموس هرئيل يقول "فشل أميركي آخر يعني ضربة قاضية لصفقة المخطوفين التي من دون ذلك تتجمد المفاوضات حولها تماماً إزاء رفض نتنياهو ويحيى السنوار. ومن خطابات نتنياهو الأخيرة وتصريحاته في محادثات مع كبار قادة الجيش، من الواضح أنه لا توجد لديه أية مصلحة لدفع الصفقة قدماً في وقت يعارضه شركاؤه في اليمين المتطرف". وأضاف، "مصير نتنياهو الشخصي أكثر أهمية من مصير المخطوفين. وقد قرر الرهان على كل الصندوق، أو على معظمه في الأقل، وبدلاً من التركيز على الصفقة مع (حماس) فهو يحاول القيام بعملية طموحة أكثر ستضر بـ(حزب الله) وربما ستؤثر بصورة غير مباشرة في (حماس)".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات