Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا جنت غزة من دعوات المقاطعة الشعبية؟

يرى مراقبون أن الحملات الشعبية لم تظهر أية نتائج إيجابية مباشرة في مسار الحرب والمحال التجارية والعمالة أكبر الخاسرين

أثرت حملات المقاطعة بصورة رئيسة في الشركات العاملة بالبلدان الداعمة لغزة (أ ف ب)

ملخص

لم تظهر الحرب أية نتائج إيجابية مباشرة على قطاع غزة جراء دعوات المقاطعة، بل تسببت في إغلاق بعض المحال التجارية وتضرر العمالة في الشركات التي تعتمد على نظام الامتياز التجاري بالبلدان العربية

تحت دعوى "التحيز إلى إسرائيل"، لا تزال عدة شركات أجنبية تواجه تداعيات إدراجها في قائمة المقاطعة الشعبية، التي انطلقت عقب اشتعال حرب غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الثاني) 2023 ضد مجموعة من الشركات العالمية.

لكن ومع استمرار الحرب بقطاع غزة وانقضاء عام على اندلاعها، تفرض تساؤلات منها ما مدى الاستفادة التي حققها القطاع من تلك الحملات بعدما ألحقت خسائر للشركات المستهدفة؟ وما إذا كانت هذه الحملات تؤثر بصورة أكبر في الشركات نفسها أم في الاقتصاد الوطني للدول التي تنطلق منها الحملات؟

مقاطعة عشوائية

يرى المتخصص الاقتصادي رشاد عبده، أن غزة "لم تستفد بصورة مباشرة من حملات المقاطعة، فالتأثيرات السلبية للمقاطعة على رغم أنها طاولت الشركات الأم فإن الوضع استمر على حاله داخل القطاع".

ويوضح عبده، في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، "التأثيرات السلبية للمقاطعة ظهرت بصورة أوضح في الشركات التي تعمل بنظام الامتياز التجاري (الفرنشايز)، إذ تكون الملكية للمستثمرين المحليين، والعمالة عربية، والمنتجات محلية. ونتيجة لذلك، تضررت هذه الشركات بصورة كبيرة، مما أثر سلباً في العمالة المحلية، وألحق ضرراً بالغاً بعدد من الأسر، التي تعتمد على تلك الوظائف".

 

"المقاطعة العشوائية لم تكن الحل الأمثل"، بحسب عبده، الذي عزا الأسباب إلى تضرر الاقتصادات المحلية في الدول العربية، وما أحدثته من خسائر للمستثمرين. مشيراً إلى ما وصفه بـ "المفاهيم الخاطئة" لدى بعض الأفراد المتعاطفين حول دور المقاطعة في دعم القضية الفلسطينية، إذ يظنون أن جميع صور المقاطعة "تعد مواقف وطنية تصبّ في مصلحة فلسطين". عاتباً على المراكز البحثية العربية التي "لم تلعب دوراً فعالاً في تسليط الضوء على التأثيرات السلبية للمقاطعة في الاقتصاد الوطني" بحسب عبده.

أما عن تأثيراتها في مسار الحرب بغزة، يقول عبده "الدعم الأميركي لإسرائيل يفوق بكثير أي أثر يمكن أن تحدثه المقاطعة، أياً كانت الخسائر التي تتكبدها هذه الشركات، والحرب لم تظهر أية نتائج إيجابية مباشرة على قطاع غزة جراء المقاطعة، بل تسببت في إغلاق بعض المحال التجارية وتضرر العمالة في الشركات التي تعتمد على نظام الامتياز التجاري بالبلدان العربية".

شركات متضررة

وحول حجم الضرر الواقع على الشركات أشار الرئيس التنفيذي لشركة ماكدونالدز كريس كمبنسكي، في يناير (كانون الثاني) الماضي، إلى أن النشاط في بعض الأسواق بالشرق الأوسط، وعدد من الأسواق العالمية الأخرى، "تأثر بصورة كبيرة نتيجة للصراع بين إسرائيل و(حماس)"، نتيجة ما اعتبره "انتشار معلومات مُضللة تتعلق بالعلامة التجارية".

وكذلك ذكرت شركة ستاربكس في الشهر ذاته، أن الحرب أثرت سلباً في أعمالها بالشرق الأوسط، إذ جاءت نتائج الربع الأول أقل من توقعات السوق. وبحسب تقرير نشره المجلس الأطلسي يونيو (حزيران) الماضي انخفض صافي الدخل للشركة 15 في المئة في الربع الثاني من هذا العام.

واعتبر الرئيس التنفيذي للشركة أن أحد العوامل التي أثرت في هذا الأداء الضعيف هو التصور الخاطئ حول علامتها التجارية، المرتبط  بالحرب بين إسرائيل و"حماس"، وسط أنباء ترددت عن أن الشركة تعتزم الاستغناء عن 2000 موظف بمنطقة الشرق الأوسط في سياق الحرب على غزة.

 

حملات المقاطعة أثرت بصورة رئيسة في الشركات العاملة بالبلدان الداعمة لغزة، وفق رأي المتخصص الاقتصادي، رئيس مركز العاصمة للدراسات خالد الشافعي، متسائلاً "هل غيرت من مسار الحرب أو قدمت شيئاً يذكر للقطاع؟". ملقياً بالضوء على أن إسرائيل "لا تزال ماضية في حربها، بينما تأثرت العمالة في البلدان العربية والاستثمارات التي تُضخ داخلها".

ومضى الشافعي، "هناك عمالة وضرائب تُجمع من هذه المنتجات، والمقاطعة أدت إلى تقليل حجم الناتج المحلي والضرائب وصافي الأرباح، مما يؤثر بصورة مباشرة في الاقتصاد الوطني للدول الداعمة لغزة، ومع ذلك، تبقى هذه الحملات رسالة معنوية للتضامن مع غزة، لكنها لم تؤدِ إلى تقليل شدة الضربات أو تهدئة الوضع في غزة". لافتاً إلى ضرورة توضيح أن هناك فروعاً مملوكة لرجال أعمال محليين، والمنتجات تبقى محلية، حتى إذا حصلت على العلامة التجارية للشركات التي جرت مقاطعتها.

وأعلنت شركة أميركانا للمطاعم، التي تدير مطاعم كنتاكي وكريسبي كريم في الشرق الأوسط، عن انخفاض 48 في المئة في أرباح الربع الأول لهذا العام، كما تأثرت شركات أخرى مثل دومينوز وكوكا كولا.

الحرب أوسع من المقاطعة

وبعيداً من الحرب، التي من أجلها دُشنت حملات المقاطعة، يرى أستاذ الاقتصاد بجامعة دمنهور خالد رحومة، أن المقاطعة أسهمت في "تنشيط الصناعة الوطنية" من خلال تعزيز بدائل الواردات، مثل ظهور منتجات جديدة من المياه الغازية تحمل أسماء وعلامات تجارية محلية، إضافة إلى سلع عدة تحمل شعارات محلية، التي وصلت إلى الأسواق العربية. كما أن عدداً من المنتجات التي كانت تعتمد على المنتجات المستوردة، أصبحت الآن تُنتج محلياً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفقاً لتقرير نشره المجلس الأطلسي يونيو الماضي، سعت العلامات التجارية المحلية إلى ملء الفراغ الناتج من المقاطعة، بحسب تقديرها ارتفعت مبيعات بدائل الصودا في مصر 500 في المئة منذ السابع من أكتوبر 2023، بينما زادت أعمال سلسلة القهوة الأردنية أسطرلاب بين 30 و40 في المئة.

وعلى رغم أن رحومة يعتقد بأن المقاطعة "نشطت الصناعة الوطنية" فإنه يشير إلى أن العمالة المحلية في البلدان التي قاطعت الشركات ذات العلامات التجارية الأجنبية "قد تضررت، مما أدى إلى فقدان كبير للوظائف"، لكنه يرى أنه على الشركات المحلية "أن تستوعب تلك العمالة"، مؤكداً أن التأثير في الشركات الأم بدول المنشأ "سيكون أكبر، إذ ستنخفض تحويلات الأرباح".

وبينما يرى رحومة أن الحرب الجارية "كانت أوسع من مجرد فكرة المقاطعة"، فإنه يعتقد أن تبرؤ الشركات من دعم إسرائيل، "إحدى إيجابيات المقاطعة"، بعدما اضطرت شركات إلى وضع لافتات "تنفي صلتها بالتحيز إلى إسرائيل، تجنباً لفقدان حصص من الأسواق المحلية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير