Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

النفط الإيراني بين هاريس وترمب

لم يقم بايدن بتعطيل عقوبات الرئيس الأميركي السابق بل أبقاها على حالها ولكنه تجاهلها

ارتفعت صادرات النفط الإيرانية من النفط الخام والمنتجات النفطية عبر البحار في عهد بايدن (أ ف ب)

ملخص

الحقيقة هي أنه لن تكون هناك عقوبات إذا فاز ترمب لأن العقوبات القديمة لا تزال موجودة، والأمر يتعلق بالتطبيق.

كثرت الأسئلة في الأوان الأخيرة عن مصير صادرات النفط الإيراني في حال فوز الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب. كثير من المحللين في مجالات مختلفة يعتقدون أن ترمب سيقوم بـ"فرض عقوبات على إيران ويحظر النفط الإيراني"، والمطلعون منهم يقولون إنه سيكون "حازماً" في تطبيق العقوبات، مما يعني انخفاض الإمدادات وارتفاع أسعار النفط.

الحقيقة هي أنه لن تكون هناك عقوبات إذا فاز ترمب لأن العقوبات القديمة لا تزال موجودة، والأمر يتعلق بالتطبيق. وفي وقت يتوقع أن يشدد ترمب على تطبيق العقوبات، إلا أن ذلك لن يؤدي إلى رفع أسعار النفط بل على العكس، قد يؤدي إلى انخفاضها كما سنرى لاحقاً.

والحقيقة أنه كان هناك اتفاق بين حكومة أوباما-بايدن وإيران وقّع عام 2014 يلزم إيران بتحجيم برنامجها النووي في مقابل تخفيف العقوبات على إيران، وارتفعت صادرات إيران النفطية في الأعوام التالية على أثرها، ثم جاء ترمب في الربع الرابع من عام 2018 وفرض عقوبات على إيران. الظاهر أنه نتج من هذه العقوبات انخفاض كبير في صادرات النفط، ولكن الحقيقة أن الانخفاض كان أقل بكثير مما أشاعته وسائل الإعلام لأن إيران لجأت إلى نقل النفط، وبمساعدة دول أخرى، بطرق مختلفة يصعب إلا على المتخصصين تتبعها.

في بداية عهد الرئيس بايدن بدأت وسائل الإعلام تنشر أخباراً عن زيادة صادرات النفط الإيرانية ولكن الحقيقة لم تكن هناك زيادة.  كل ما في الأمر أن الشحن "في الخفاء" بدأ يظهر للعلن. لم يقم بايدن بتعطيل عقوبات الرئيس ترمب على إيران، بل أبقاها على حالها، ولكنه تجاهلها للأسباب التالية:

1- وعد بايدن عندما كان مرشحاً أن يعيد الاتفاق الذي وقعه أوباما في 2014 ولكنه فشل لأن الإيرانيين أدركوا أن أي اتفاق سيكون مربوطاً بالرئيس وليس بالحكومة الأميركية. وحتى تستمر المحادثات في فيينا في شأن مشروع إيران النووي، يجب أن يستمر الإيرانيون بالحضور، واستمرار الحضور يتطلب من بايدن تجاهل العقوبات، ثم أدركت الحكومة الإيرانية الفرصة فاستثمرت وزادت إنتاج النفط وصادراته.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

2- في وقت أدرك فيه بايدن أن المحادثات مع إيران في شأن برنامجها النووي وصلت فيه إلى طريق مسدود ويجب الضغط على إيران من طريق التضييق على صادرات النفط، غزت روسيا أوكرانيا وبدأ الحديث عن فرض عقوبات على روسيا. هنا اضطر بايدن إلى الاستمرار في تجاهل العقوبات على إيران في محاولة للتخفيف من ارتفاع أسعار النفط، ولكن الأمر انتقل من "التغاضي" إلى التنسيق إذ تم إعطاء ضوء أخضر لإيران من طريق دولة خليجية بأنه سيتم التغاضي عن العقوبات إذا قامت إيران بتصدير النفط إلى أوروبا للتعويض عن النفط الروسي هناك. في تلك الفترة قرر بايدن سحب 180 مليون برميل من المخزون الإستراتيجي على مدى ستة أشهر، بينما قامت إيران في الفترة نفسها بالسحب من المخزون العائم الذي تجاوز 70 مليون برميل وقتها، الغريب أن السحب في تلك الدولتين بدأ معاً وانتهى معاً.

3- ما إن انتهى أثر الهجوم الروسي على أوكرانيا والعقوبات التي تلت ذلك في أسواق النفط، حتى بدأت حملة بايدن الانتخابية لولاية ثانية، وهذا تطلب إبقاء أسعار النفط منخفضة، وهذا تطلب بدوره غض النظر عن العقوبات، مما أسهم في زيادة إنتاج وصادرات إيران من النفط.

إيران بين هاريس وترمب

لا يوجد رقم دقيق لصادرات إيران النفطية والأرقام تختلف من مصدر لآخر، وخبرة كاتب هذا المقال تشير إلى أن الصادرات الحقيقية دائماً أكبر مما يذكر في أي مكان.

تشير بيانات شركة "كبلر"، وهي شركة تتبع السفن وحمولاتها حول العالم والأفضل ضمن كل من يتتبع السفن، إلى أن صادرات النفط الإيرانية من النفط الخام والمنتجات النفطية عبر البحار ارتفعت باستمرار في عهد بايدن، إذ ارتفعت بنحو 400 ألف برميل في 2023 وبنحو 200 ألف برميل يومياً في الأشهر السبعة الأولى من عام 2024. ويتوقع أن يكون متوسط صادرات إيران النفطية عبر البحار نحو 1.8 مليون برميل يومياً في العام الحالي.

ولكن كما ذكرت أعلاه، الكميات الحقيقية قد تكون أكبر بسبب التهريب، وهي بالتأكيد أكبر لأن هناك صادرات برية إلى الدول المجاورة وبخاصة العراق وأفغانستان وباكستان.

المتوقع أن تستمر كامالا هاريس بسياسات بايدن نفسها تجاه إيران إذا فازت بالانتخابات، وقد نرى مزيداً من التعاون بين حكومتها والنظام الإيراني، وبخاصة بعد التطورات الأخيرة في فلسطين ولبنان.

غالبية المحللين يرون أن ترمب، إذا فاز بالانتخابات، سيشدد العقوبات على إيران وهذا سيؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط، ولكن الأدلة التاريخية تشير إلى أن ترمب لن يشدد العقوبات على إيران إلا إذا قامت دول الخليج بزيادة الإنتاج للتعويض عن انخفاض صادرات النفط الإيرانية، لهذا في الأقل نظرياً لن يؤدي ذلك إلى ارتفاع الأسعار، بل على العكس قد يخفضها لأن صادرات إيران لن تنخفض بسبب عمليات التجارة الخفية التي أتقنتها إيران بمساعدة دول أخرى.

والذي سيمنع أسعار النفط من الانخفاض هو امتناع بعض دول الخليج عن زيادة الإنتاج إذا طلب ترمب ذلك.

خلاصة القول إنه بغض النظر عمن سيفوز بالانتخابات الأميركية، فإن أثر إيران في أسعار النفط سيكون سلبياً.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء