Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ارتفاع أسعار الشحن مع عزم الشركات على إضراب مكلف بالموانئ الأميركية

يقول المحللون إن توقف العمال قد يكلف اقتصاد الولايات المتحدة مليار دولار يومياً ويرفع الأسعار على المستهلكين

من المتوقع إغلاق عشرات الموانئ أمام الحاويات بما في ذلك المراكز البحرية الكبرى في نيويورك وبالتيمور ونورفولك وسافانا وهيوستن (رويترز)

ملخص

تسهم الموانئ المتأثرة في الولايات المتحدة بنحو نصف حجم التجارة الأميركية في شحن الحاويات

يستعد آلاف العمال في الموانئ الممتدة من نيو إنغلاند إلى تكساس للإضراب صباح الثلاثاء المقبل، في أول إضراب من نوعه منذ ما يقارب نصف قرن، وسيؤدي هذا الإضراب إلى توقف عمليات الشحن التجاري على نطاق واسع، مما يتسبب في تعطيل الاقتصاد الوطني قبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية الأميركية.

ويتوقع أن يكون الاضطراب الذي سيلحق بتدفق البضائع داخل وخارج البلاد الأكبر من نوعه منذ ذروة الوباء، كما قد يؤدي التوقف عن العمل لفترة قصيرة إلى تعطيل الشحن وخلق فوضى في سلاسل التوريد لأسابيع. وستعلق البضائع التي تراوح من السيارات إلى الإلكترونيات، ومن الطعام إلى الأثاث، على السفن قبالة الساحل، وفي كل يوم يستمر فيه الإضراب قد يكلف الاقتصاد الأميركي ما يصل إلى مليار دولار يومياً، وفقاً للمحللين.

الإضراب والتداعيات على الانتخابات الأميركية

ومع بدء الإضراب قبل خمسة أسابيع من الانتخابات الأميركية قد يزيد ذلك من حالة عدم اليقين في الحملة الرئاسية. وفي ظل مخاوف من التأثيرات المحتملة اصطفت مجموعات الأعمال والجمهوريون في الكونغرس للضغط على البيت الأبيض من أجل استخدام صلاحيات الطوارئ لمنع الإضراب، ومع ذلك لم تظهر حتى الآن إدارة الرئيس جو بايدن استعداداً للتدخل في هذا النزاع.

من جانبها لم تدل نائب الرئيس كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية للرئاسة، ولا دونالد ترمب، المرشح الجمهوري، برأيهما في الإضراب المحتمل حتى الآن، لكن إغلاق الموانئ سيتزامن مع المناظرة التلفزيونية لنائب الرئيس المقررة ليلة الثلاثاء.

وكانت المفاوضات بين اتحاد عمال الموانئ الدولية، الذي يضم 47 ألف عضو، وتحالف الشحن البحري الأميركي، الذي يمثل شركات النقل البحري ومشغلي الموانئ، متوقفة تقريباً منذ الصيف. وينتهي عقد العمل الحالي مساء اليوم الإثنين، مما يتيح للنقابة بدء الإضراب الثلاثاء، في وقت مبكر من الساعة 12:01 صباحاً بالتوقيت الأميركي، للمطالبة بزيادات كبيرة في الأجور وضمانات أقوى بعدم استخدام الأنظمة الآلية لتحل محل العمال.

ويعد عمال الموانئ مسؤولين عن تحميل وتفريغ البضائع في الموانئ، بما في ذلك تشغيل الرافعات التي تنقل الحاويات من وإلى السفن العملاقة، وكذلك صيانة المعدات.

وسيركز تأثير الإضراب في شحن الحاويات وحركة السيارات والشاحنات الجديدة، ومن المتوقع إغلاق عشرات من الموانئ أمام شحنات الحاويات، بما في ذلك المراكز البحرية الكبرى في نيويورك وبالتيمور ونورفولك وسافانا وهيوستن.

ويمثل عمال الموانئ على الساحل الغربي نقابة منفصلة كانت وافقت على عقد العام الماضي، لذلك لن تتأثر موانئ كاليفورنيا ومنطقة شمال غربي المحيط الهادئ بصورة مباشرة بالإضراب. ومع ذلك، قد يرفض العمال هناك، تضامناً، التعامل مع الشحنات المحولة من الساحل الشرقي.

وخلال الإضراب أكدت النقابة في الساحل الشرقي أنها ستواصل التعامل مع الشحنات العسكرية والسفن السياحية، لتجنب التأثير في عطلات الناس، أما السفن التي تحمل النفط والغاز فهي تخدمها منشآت مخصصة بفرق غير مشمولة بالإضراب، لذلك من غير المتوقع أن تتأثر أسعار البنزين وزيت التدفئة.

"سيدفع المستهلكون الأميركيون الثمن"

استمر آخر إضراب لنقابة عمال الموانئ (ILA) 45 يوماً في عام 1977، وكان قبل صعود الاقتصاد العالمي الحديث، وفقاً لمديرة برنامج تكنولوجيا سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية في جامعة هيوستن، مارجريت كيد. وكانت تمثل التجارة في ذلك الوقت 16 في المئة فقط من الاقتصاد الأميركي، وهي نسبة أقل بكثير من النسبة الحالية البالغة 27 في المئة، بحسب بيانات البنك الدولي، كما تسهم الموانئ المتأثرة بنحو نصف حجم التجارة الأميركية في شحن الحاويات.

وقالت كيد، لصحيفة "واشنطن بوست"، "مع إضراب كهذا من ناحية إغلاق نصف البلاد، سيدفع المستهلكون الأميركيون الثمن، وإذا استمر لفترة طويلة سيفقد البعض وظائفهم، لذا هذا ليس قطاعاً واحداً فقط بل هو الاقتصاد الأميركي بأكمله".

من جهتها، تقول نقابة عمال الموانئ إن الأخطار على أعضائها كبيرة أيضاً، إذ يجادلون بأن العمال يستحقون نصيباً عادلاً من مئات المليارات من الأرباح التي حققتها صناعة الشحن، بخاصة بعدما استمروا في العمل حتى مع انتشار فيروس كورونا.

في حين لم تكشف الأطراف عن مطالب النقابة بالتفصيل، وتوقفت المفاوضات في يونيو (حزيران) الماضي، حينما اتهمت النقابة أحد الموانئ في ولاية ألاباما باستخدام بوابة آلية في انتهاك للعقد. والأربعاء الماضي قدم التحالف البحري المعروف باسم USMX شكوى إلى المجلس الوطني لعلاقات العمل، يطلب فيها أمراً بإعادة النقابة إلى طاولة المفاوضات.

وقال التحالف في بيان "لقد كان التحالف البحريUSMX واضحاً في تقديرنا لعمل نقابة رابطة عمال الموانئ الدولي، واحترامنا الكبير لأعضائها. لدينا تاريخ مشترك من العمل معاً ونحن ملتزمون بالتفاوض".

إضراب الموانئ وتباطؤ النمو الاقتصادي

وكان رئيس الاتحاد هارولد داغيت، وهو عضو من الجيل الثالث من نيوجيرسي، يوجه خطابه منذ أشهر. وقد أعطى ذلك للمستوردين الوقت للاستعداد للإضراب، إذ نقلت الشركات الكبرى شحناتها في وقت مبكر من الصيف عن المعتاد استعداداً للشحن في فترة العطلات، بينما جرى تحويل شحنات أخرى إلى الساحل الغربي، لكن المحللين قالوا إن هذه التدابير لن تفعل كثيراً لتخفيف تأثير الإضراب.

وقالت مديرة صادرات المحيطات في أميركا الشمالية لدى شركة الخدمات اللوجيستية "سي أتش روبنسون"، ميا جينتر، "هذا ربما يكون أغرب شيء شهدته في أميركا الشمالية منذ فترة، باستثناء كوفيد".

ومع ذلك، لا يتوقع أن يكون التأثير الاقتصادي مدمراً إلا إذا استمر الإضراب لفترة طويلة. ولكل أسبوع تتوقف فيه الموانئ عن العمل، ستفقد نسبة النمو السنوي للاقتصاد عُشر نقطة مئوية. على سبيل المثال، بدلاً من أن ينمو الاقتصاد بمعدل 2.5 في المئة هذا العام، سينمو بمعدل 2.4 في المئة إذا استمر الإضراب أسبوعاً، وفقاً لـكبير الاقتصاديين لدى "إيرنست ويونغ"، جريج داكو.

في حين قد يبطئ التوقف عن العمل التقدم في السيطرة على التضخم، على رغم أن ذلك لن يكون كافياً لتغيير خطط "الاحتياطي الفيدرالي" في شأن تخفيضات أسعار الفائدة المستقبلية، وفقاً لجريج داكو.

وأضاف داكو "إنه صدمة كبيرة من ناحية القيمة الدولارية، لكنه لن يدمر الاقتصاد أو يتسبب في ركود. إنه ببساطة ليس كبيراً بما فيه الكفاية".

ستعمل المخزونات العالية كحاجز ضد نقص المنتجات في بعض أجزاء الاقتصاد، إذ أعاد تجار التجزئة والجملة بناء مخزوناتهم منذ انخفاضها في منتصف عام 2021، وفقاً لبيانات مكتب الإحصاء الأميركي.

وفي يوليو (تموز) الماضي ارتفعت واردات الساحل الغربي من الصين بأكثر من 30 في المئة مقارنة بالشهر نفسه من عام 2023، وهو أكثر من ضعف الزيادة النسبية في الأشهر الثلاثة السابقة، وفقاً لمعلومات "أس أند بي غلوبال ماركت إنتليجنس".

نقلت شركة "سيكو لوجيستيكس"، وهي شركة متخصصة في الشحن البحري، بعض شحنات عملائها إلى موانئ الساحل الغربي التي لن تتأثر بإجراءات الاتحاد.

وقال المدير التجاري العالمي لشركة "سيكو" في شيكاغو، براين بورك، "مثل عديد من الشركات، كنا نستعد لهذا الاحتمال... الجميع كان يعلم أن هذه ستكون مشكلة، وكان لدى الجميع أشهر طويلة للاستجابة".

تجارة الحاويات وحالة من الفوضى

ومع ذلك، حتى الخميس الماضي كان من المقرر وصول 42 سفينة حاويات إلى ميناء نيويورك ونيوجيرسي في الأيام المقبلة، وفقاً لمنصة "كونتينر إكس"، وهي سوق عبر الإنترنت للحاويات الملاحية مقرها في ألمانيا. لكن قد يواجه المستوردون الذين لم يضعوا خططاً بديلة بعد خطر احتجاز شحناتهم في البحر أو على الأرصفة، ويعد التجار الصغار على وجه الخصوص عرضة لزيادة الكلفة ونقص الحاويات.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة "كونتينر إكس تشينج"، كريستيان رولوفز، "قد يدفع الإضراب تجارة الحاويات إلى حالة من الفوضى".

داغيت، الذي يشغل منصب رئيس الاتحاد منذ عام 2011، يقود الاتحاد الذي يمثل عمال الموانئ من ولاية مين إلى تكساس، بمساعدة ابنه دينيس، نائب الرئيس التنفيذي للاتحاد. وأصدروا بيانات حادة ومقاطع فيديو خلال الأسابيع الماضية تؤكد استعدادهم للقتال، مشيرين إلى معارك عمالية ملحمية من العقود الماضية، ويمنح دستور الاتحاد رئيسه السلطة الحصرية لتحديد ما إذا كان يجب إعلان الإضراب.

أجور عمال الشحن

وتتفاوت أجور عمال الشحن بصورة كبيرة، إذ يبلغ المعدل الأعلى حالياً 39 دولاراً في الساعة، ووفقاً لتقرير صادر عام 2020 حول عمال الموانئ في نيوجيرسي ونيويورك، بلغ متوسط الأجر السنوي نحو 160 ألف دولار، لكنه يراوح ما بين 25 و450 ألف دولار، ويتلقى العمال أيضاً مكافأة إضافية ممولة من رسوم تفرض على الحاويات.

وكان آخر عقد جرى التفاوض عليه في عام 2018 تضمن زيادات لم تواكب التضخم، وقد اتهم هارولد داغيت تحالف الملاحة بمحاولة مواصلة تقديم عروض متدنية للعمال.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبالنظر إلى عدم استعداد الاتحاد للتفاوض، يقول المحللون إنه من المتوقع أن تتدخل الحكومة الفيدرالية في نهاية المطاف لحل النزاع.

وتواصلت وزيرة العمل بالإنابة، جولي سو، التي ساعدت في حل نزاع يتعلق بموانئ الساحل الغربي العام الماضي، مع الطرفين، إلى جانب مسؤولين من البيت الأبيض ووزارة النقل. وقال مسؤول في الإدارة إن رسالتهم للطرفين كانت الدعوة للتفاوض بنية حسنة.

وتمتلك الحكومة السلطة لاتخاذ خطوات أكبر بموجب قانون عام 1947 المعروف باسم Taft-Hartley، الذي يمكن أن يجبر المضربين على العودة إلى العمل واستمرار التفاوض، لكن بالنسبة إلى إدارة بايدن، التي تصف نفسها بأنها الأكثر تأييداً للنقابات في التاريخ، قد يكون هذا خطوة صعبة.

وقال مسؤول في الإدارة في بيان "لم نلجأ أبداً إلى قانون Taft-Hartley لكسر إضراب، ولسنا بصدد النظر في ذلك الآن".

وأرسل الاتحاد الوطني لتجارة التجزئة خطاباً موقعاً من 177 مجموعة تجارية تمثل المستوردين والمصنعين والمزارعين إلى بايدن، يحذرون فيه من أن الإضراب سيكون "مدمراً" ويحثون المسؤولين على أن يكونوا "مستعدين للتدخل في حال حدوث إضراب أو أي عمل آخر يؤدي إلى إغلاق الساحل أو تعطيله".

وحاول الجمهوريون في الكونغرس الضغط على إدارة بايدن للتدخل.

وقال السيناتور تيد كروز (جمهوري - تكساس) خلال جلسة استماع الأربعاء الماضي "كالعادة، يبدو أن إدارة بايدن-هاريس لم تكن على دراية بإمكانية حدوث إضراب، ولم تظهر أي قيادة في جمع الأطراف للتفاوض على صفقة ومنع الإضراب".

اقرأ المزيد