ملخص
في حديثه لـ"اندبندنت عربية" كشف المخرج القبرصي لفيلم "طالبو اللجوء" عن أن فيلمه حاول التنبيه على مدى خطورة الرحلة من بدايتها، لأن عديداً من طالبي اللجوء لا يفهمون المدى الكامل للأخطار والمعاناة التي تنتظرهم، وغالباً يكون لديهم توقعات خيالية حول الحياة في أوروبا، لكنهم يصدمون بالواقع وتعقيدات تشريعات اللجوء الأوروبية.
تزداد أزمة اللجوء مع تصاعد الأزمات السياسية في العالم وتتفاقم أعداد ضحايا النزوح، وفتحت السينما ملف اللاجئين مرات عديدة كواحد من أهم الأزمات التي تؤرق العالم، وكان أبرز هذه الأعمال فيلم "السباحتان" و"ليمبو" و"ما وراء المحيط" و"كبائن الزعتري" و"مسافر حلب إسطنبول"، وغيرها من الأعمال التي حازت على نجاح جماهيري ونقدي ودولي، ونالت جوائز عديدة من المهرجانات العالمية، نظراً إلى حساسية القضية وكثرة المعانين.
طالبو اللجوء
وبمهرجان الإسكندرية السينمائي في دورته الـ40 عرض الفيلم القبرصي "طالبو اللجوء" وهو يروي معاناة مجموعة من الشباب الذين يحاولون الهجرة غير الشرعية عبر البحر، في رحلة تحمل في طياتها كثيراً من التضحيات التي لم يكن الشباب يتوقعونها.
ويفتح الفيلم القضية مجدداً ويبرز ما يعانيه اللاجئون إنسانياً ونفسياً وعلى كل المستويات، بخاصة أن حلم اللجوء لم يعد مزيناً بالورد كما يتخيل بعض الراغبين فيه.
قضية شائكة
وتحدث مخرج الفيلم مايكل خباشيس مع "اندبندنت عربية" عن تجربته مع الفيلم وسبب اختياره القضية الشائكة التي يعانيها الملايين منذ سنوات طويلة، وقال "قدمت نحو 14 فيلماً سينمائياً، وحرصت أن تتنوع القضايا التي يحملها كل عمل ليكون هناك رسالة إنسانية مقدمة لكثير من البشر من خلال شاشة السينما، وفي فيلم ’طالبو اللجوء‘ شعرت بإلحاح شديد داخلي لطرح قضية اللاجئين فيه".
وأشار المخرج إلى عمق القضية وخطورتها وتصاعدها بقوله إن هناك أسباباً كثيرة لتلك الظاهرة عبر السنوات الماضية تجبر الناس على الفرار، أهمها الاضطهاد والحرب والصراع والفقر، وتدهور الأوضاع الإنسانية والسياسية وعدم الإحساس بالأمان، إضافة إلى الطموح الذي يسيطر على الجميع بأن موطن اللجوء سيكون الجنة وعالم تحقيق الأحلام، وللأسف يتم إغراء بعض الشباب بوعود كثيرة تؤكد أمان عملية اللجوء أو الفرار، ويزينها المهربون لجني أرباح كبيرة من هؤلاء الضحايا الذين يجازفون بأرواحهم وأولادهم.
وتابع المخرج "تابعت مئات القضايا الإنسانية من هذا النوع وتأثرت كثيراً، إذ فقد كثير من اللاجئين حياتهم، بخاصة عندما حاولوا العبور لأوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، بينما لم ينج من نجحوا في العبور، إذ عانوا أشكالاً مختلفة من الصدمات النفسية والجسدية نتيجة الأعمال الوحشية التي واجهوها بعد الوصول إلى مقر اللجوء أو أرض الأحلام كما يعتقدون".
وكشف المخرج القبرصي عن أن فيلمه حاول التنبيه على مدى خطورة الرحلة من بدايتها، لأن عديداً من طالبي اللجوء لا يفهمون المدى الكامل للأخطار والمعاناة التي تنتظرهم، وغالباً يكون لديهم توقعات خيالية حول الحياة في أوروبا، لكنهم يصدمون بالواقع وتعقيدات تشريعات اللجوء الأوروبية.
وقال المخرج إنه كان فخوراً بمشاركة الفيلم ضمن المسابقة الدولية بمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول حوض البحر الأبيض المتوسط في دورته الـ40، بخاصة أن الفيلم يتناول صعوبات تخص سكان البحر المتوسط والفارين منه وإليه.
وأشار إلى أن الفيلم استغرق تصويره قرابة الأسابيع السبعة من العمل اليومي والمتواصل، ولذا كان مرهقاً بصورة كبيرة بالنسبة إليه لكونه تولى بنفسه معظم المهام الفنية، بما في ذلك الإخراج والكتابة والإنتاج والتصوير والمونتاج.
واعتمد المخرج بحسب قوله على الدمج بين الكوميديا والدراما ليبرز القضية من دون طابع مباشر أو خطابي في صورة سينمائية تعكس المأساة الحقيقية التي يعيشها اللاجئون في العالم، لذا فهو معقد ويملك عديداً من الأحاسيس التي يمكن نقلها إلى المشاهدين ليشعروا بمأساة حقيقية يروح ضحيتها الآلاف يومياً.
واختتم مخرج "طالبو اللجوء" بأنه على رغم الطابع الكوميدي الذي يطغى على الأحداث، فإن الفيلم ينتهي نهاية مأسوية.
ويعد فيلم "طالبو اللجوء" من أفلام البطولة المشتركة، إذ يجمع بين خمسة نجوم منهم أربعة من دولة قبرص وآخر يوناني، وبلغت موازنة العمل نحو 850 ألف يورو، وتم تصويره بالكامل في قبرص، واستخدمت بعض المؤثرات السينمائية المستحدثة من إنجلترا، وكذلك كثير من تقنيات الذكاء الاصطناعي في بعض جوانب الصوت والشخصيات.
وحصد الفيلم عدداً من الجوائز في ثمانية مهرجانات دولية، إذ فاز بجائزة أفضل فيلم في أربعة منها، وجائزة أفضل إخراج في اثنين آخرين، كما حصل على جائزة أفضل تصوير سينمائي في مهرجان واحد، وجائزة أفضل فيلم أوروبي في مهرجان آخر. وحقق الفيلم إشادة واسعة من النقاد والجمهور.
قصة حب
وعلى رغم الجدل الإنساني والسياسي الذي أثاره فيلم "طالبو اللجوء" عرض الفيلم الإيطالي الرومانسي "ثلاث قواعد لا تعرف الخطأ" في اليوم نفسه، وانتزع إعجاب الجمهور والنقاد لوجود حالة شاعرية بين أحداثه التي تدور حول برونو، وهو فتى عمره 14 سنة، يقع في حب فتاة تدعى فلافيا، وتتعقد الأمور عندما يكتشف أنها تبادله المشاعر، مما يدفعه إلى الاستعانة بأحد الأشخاص الذي يبتزه لتعليمه كيفية إتمام قصة حبه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال مخرج الفيلم ماركو جانفريدا إن الضغوط والأحداث والتصاعد المتواتر للحياة بخاصة في المجال السياسي والدولي صنعت توتراً كبيراً في كل شيء، خصوصاً في ما يتعلق بموضوعات السينما، لكن تظل النفس الإنسانية ومشاعرها وقصص الحب هي الحكايات التي لا تموت ولا تتساقط بالقدم، ولهذا كان هناك حماس كبير لتقديم هذا الفيلم، وحاول العمل المزج بين الدراما والرومانسية، لأن الفكرة الرئيسة تدور حول بناء الثقة بالنفس في العلاقات العاطفية، إذ يستعرض بصورة غير مباشرة كيف يغير الحب حياتنا، ويحيل الأشخاص الأكثر عقلانية إلى مرهفين يبحثون عن الألفة والاستقرار العاطفي.
وأشار المخرج إلى أنه واجه تحديات عديدة في اختيار الممثلين وبخاصة دور البطل، لأنه تطلب أداءً مركباً يناسب تعقيدات الشخصية.
فيلم "ثلاث قواعد لا تعرف الخطأ" استغرقت كتابته نحو شهر فقط، بينما استمر تصويره أكثر من عام في مدينة صقلية الإيطالية. وتعدت موازنته نحو 800 ألف يورو، وحصل على عديد من الجوائز في مهرجانات دولية متنوعة، من بينها ألمانيا وألبانيا والصين والولايات المتحدة وأذربيجان.