Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مفارقة الهزيمة الإسرائيلية

كيف يؤدي النجاح العسكري إلى فشل سياسي؟

تكريم لذكرى الإسرائيليين الذين قتلوا وأسروا في مهرجان موسيقي خلال السابع من أكتوبر 2023، في كيبوتس رعيم، إسرائيل، أغسطس (آب) 2024 (رويترز)

ملخص

إن هذا الجمود الكارثي والعزلة العالمية المتزايدة التي تعيشها إسرائيل والتوقعات الاقتصادية المتشائمة أكثر فأكثر تسهم في خلق شعور وطني باليأس والإحباط كما أن مواطني المجتمعات الحدودية في الشمال والجنوب غير قادرين على العودة إلى منازلهم، وبدلاً من توحيد الإسرائيليين اليهود ضد عدو خارجي مشترك أدت معركة إسرائيل المتعددة الجبهات ضد أعدائها الخارجيين إلى توسيع الانقسامات الاجتماعية والسياسية

خلال السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 فاجأت حركة "حماس" الجهازين العسكري والاستخباراتي الإسرائيليين المعروفين بكفاءتهما. كلاهما كانا على علم منذ أعوام عن التحضيرات التي تقوم بها الجماعة المسلحة الفلسطينية لغزو إسرائيل وقتل جنودها ومواطنيها واختطافهم. لكنهما لم يتمكنا من تصديق أن الجماعة قد تجرؤ أو تنجح في تنفيذ مثل هذه العملية غير المسبوقة. فالجيش الإسرائيلي والأجهزة الاستخباراتية ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والجمهور الإسرائيلي الأوسع، كانوا يعتقدون جميعاً أن الحدود الجنوبية المحصنة لبلادهم منيعة للغاية، وأن ميزان القوى في صالح إسرائيل لدرجة أن "حماس" لم تكن لتفكر مطلقاً بتحدي الوضع القائم.

لكن "حماس" تحدت ذلك الوضع. فخلال الأيام والأسابيع التي أعقبت هجومها المدمر، أصبحت عبارة "كل شيء تغير" شائعة ومتداولة بين الإسرائيليين، ولفترة من الوقت بدا الأمر وكأن كل شيء تغير بالفعل، إذ حطم الهجوم ثقة الإسرائيليين الجوهرية بأنفسهم وقلب معتقدات قديمة حول أمن البلاد وسياساتها ومعاييرها المجتمعية رأساً على عقب. لقد فقدت قيادة الجيش الإسرائيلي هيبتها بين ليلة وضحاها تقريباً مع ظهور تفاصيل عن فشلها في منع الهجوم ثم وصولها متأخرة للغاية لإنقاذ المجتمعات الحدودية والمواقع العسكرية والأشخاص العزل الذين كانوا حاضرين في مهرجان موسيقي.

نتيجة لذلك، تلاشت الدراما السياسية التي كانت سيطرت على إسرائيل خلال الأشهر التسعة السابقة للسابع من أكتوبر 2023، على غرار محاولة نتنياهو إجراء إصلاح شامل للقضاء بهدف الحد من استقلالية مؤسسات الدولة مثل المحكمة العليا ومكتب المدعي العام والخدمة المدنية التكنوقراطية، من أجل تحويل مزيد من السلطة لحلفائه اليمينيين والمتدينين. وتوارى المهندس الرئيس للإصلاح وزير العدل ياريف ليفين عن الأنظار تقريباً، ربما بسبب شعوره بالذنب لأنه أسهم في تشتيت انتباه إسرائيل قبل هجوم "حماس". وشكل نتنياهو حكومة حرب موحدة تمثل فصائل سياسية مختلفة عادة ما تكون متعارضة بشدة، وفي غضون أيام استدعى نحو 250 ألف جندي احتياط لشن هجوم مضاد على غزة.

بعد تجاوز الصدمة الأولية شنت قوات الدفاع الإسرائيلية رداً انتقامياً مدمراً، فبعد تكليفها بتفكيك قدرات "حماس" العسكرية والإدارية حولت مساحات شاسعة من غزة إلى ركام، وجعلت نحو مليوني نسمة من سكان غزة نازحين داخليين، وقتلت أكثر من 40 ألف فلسطيني ثلثهم تقريباً من مقاتلي "حماس" وفقاً للتقييمات الإسرائيلية الرسمية، ونجحت القوات الإسرائيلية بصورة فعالة في إيقاف "حماس" عن إطلاق الصواريخ على إسرائيل وهدمت جزءاً كبيراً من شبكة الأنفاق التابعة لها في غزة، وتقول إنها تمكنت من تفكيك الجماعة الإرهابية التي كانت منظمة جيداً في السابق، فحولتها إلى فرق مبعثرة من المقاتلين المسلحين.

ولكن حتى مع احتلال الجيش الإسرائيلي نحو ثلث أراضي غزة يشعر عديد من الإسرائيليين بأن الوضع الحالي شبيه بالهزيمة. وعلى رغم التعبئة الكاملة والدعم شبه الثابت من الحكومة الأميركية لم يتمكن الجيش الإسرائيلي الذي لا يزال تحت نفس القيادة نفسها منذ "السابع من أكتوبر" من تحقيق النصر، وفي المقابل لم يستسلم زعيم "حماس" يحيى السنوار وهناك نحو 100 رهينة إسرائيلية مفقودين في غزة، نصفهم تقريباً ما زالوا على قيد الحياة وفقاً لتصريحات نتنياهو العلنية.

إن هذا الجمود الكارثي والعزلة العالمية المتزايدة التي تعيشها إسرائيل والتوقعات الاقتصادية المتشائمة أكثر فأكثر تسهم في خلق شعور وطني باليأس والإحباط، ومن المفارقة أن بعض الجوانب المهمة في السياسة والمجتمع الإسرائيليين لم تشهد في الواقع تغييرات ملحوظة مباشرة بعد الهجوم الذي نفذته "حماس". فما زال مواطنو المجتمعات الحدودية في الشمال والجنوب غير قادرين على العودة إلى منازلهم، وبدلاً من توحيد الإسرائيليين اليهود ضد عدو خارجي مشترك أدت معركة إسرائيل المتعددة الجبهات ضد أعدائها الخارجيين إلى توسيع الانقسامات الاجتماعية والسياسية، التي كانت موجودة سابقاً بين معارضي نتنياهو وأنصاره. ومتجاوزاً توقعات خصومه وحلفائه على حد سواء يواصل نتنياهو العمل كمركز ثقل في السياسة الإسرائيلية. أما الائتلاف اليميني الذي يبقيه في السلطة فقد كثف من مساعيه إلى سحق حركة إقامة الدولة الفلسطينية و"استبدال النخبة الإسرائيلية"، وهو تعبير ملطف لتدمير المؤسسات الديمقراطية والليبرالية في إسرائيل.

ثم خلال الـ17 من سبتمبر (أيلول) الماضي بدأت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية شن سلسلة من الهجمات المضادة الجريئة على نحو متزايد ضد أشرس خصومها المجاورين، ميليشيات "حزب الله" اللبنانية، التي فتحت جبهة ثانية ضد إسرائيل في الشمال بعد يوم واحد من هجوم "حماس" في الجنوب. واغتالت إسرائيل حسن نصرالله الذي كان زعيماً لـ"حزب الله" منذ فترة طويلة، وشنت هجوماً برياً على جنوب لبنان. وقد صورت غالب وسائل الإعلام الإسرائيلية الأعمال العدائية المتوسعة في شمال إسرائيل على أنها فرصة ليس لسحق "حزب الله" فحسب بل وأيضاً لكي تثبت البلاد لنفسها أنها تجاوزت أخيراً عامها المرعب المليء بالصدمات والضعف، وأنها أصبحت مجدداً تلك الدولة المعروفة بذكائها وقوتها وتفوقها التكنولوجي وذات السمعة العالمية المرموقة. ولكن، مثلما فشلت الحرب في غزة في تحقيق التغييرات التي توقعها الإسرائيليون في شأن الحقائق الأساس المقلقة في بلادهم، فإن هذه الجبهة الجديدة لن تجلب تغييرات كبيرة، ما لم تتبن إسرائيل التعديلات الأعمق التي يجب أن تجريها في سياستها تجاه الفلسطينيين وفي سياستها الداخلية.

حركة تناقضية

بعد أسبوع من هجوم السابع من أكتوبر لو أخبرت إسرائيلياً عادياً حتى من أنصار نتنياهو أن "بيبي" سيظل رئيساً للوزراء بعد عام وأن سلطته ستظل مدعومة من نفس الائتلاف اليميني، ما كان ليصدقك ربما. وطوال تاريخ إسرائيل في أعقاب أسوأ الكوارث الأمنية التي مرت بها البلاد، كانت الحكومة المدنية تسقط في النهاية. وبعد إخفاقات الجيش خلال حرب يوم الغفران (حرب أكتوبر) عام 1973 وغزو لبنان عام 1982 عاد جنود الاحتياط الغاضبون من الجبهة للاحتجاج، وأجبروا رئيسي الوزراء غولدا مائير ومناحيم بيغن على الاستقالة. وفي كلتا الحالتين في غضون أشهر أطلقت الحكومة تحقيقات واسعة النطاق حول ما حدث من أخطاء.

كان من المنطقي تخيل أن يواجه نتنياهو مصيراً أسوأ. فعلى مدار عقود من الزمان في السياسة قدم نفسه على أنه "سيد الأمن"، وادعى أنه يفهم كيف يحافظ على أمن البلاد بصورة أفضل من الجنرالات الإسرائيليين الذين اعتبرهم جبناء، وغير مبدعين ويولون اهتماماً مفرطاً لرغبات الولايات المتحدة. وكان أشد خصومه السياسيين من القادة العسكريين السابقين الذين شغلوا أيضاً منصبي رئيس وزراء إسرائيل أو وزير الدفاع، أمثال إسحاق رابين وإيهود باراك وأرييل شارون وبيني غانتس ويوآف غالانت وزير الدفاع الحالي. وتقليدياً كانت أعلى المراتب في الجيش الإسرائيلي وأجهزة الاستخبارات تحتلها مجموعة من اليهود الأشكناز الليبراليين، وهي المؤسسة التي تعهد نتنياهو منذ فترة طويلة بالاستيلاء عليها. وكانت هذه المؤسسة هي التي قادت الانتفاضة الشعبية ضد اقتراح نتنياهو أوائل عام 2023 لإعادة هيكلة القضاء الإسرائيلي.

ومع ذلك، فإن استمرار نتنياهو في السلطة ربما يمثل أكبر قطيعة مع الوضع الراهن في تاريخ إسرائيل خلال العام الماضي. فحتى يومنا هذا رفض نتنياهو الاعتراف بأية مسؤولية عن مقتل 1200 إسرائيلي واغتصاب وإصابة عدد من الآخرين واختطاف 250 رهينة، والتدمير الشامل في يوم واحد لمجتمعات حدودية مزدهرة وإخلاء المجتمعات في شمال إسرائيل الذي تلى ذلك. وانهارت معدلات تأييد نتنياهو أواخر عام 2023، وعلى رغم أنها تحسنت بصورة مطردة منذ ذلك الحين فإن شعبيته لا تزال متأخرة مقارنة بشخصيات المعارضة مثل رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت. وبعد اغتيال نصرالله أظهر استطلاع للرأي أجرته "كيشت 12" القناة الإخبارية الرئيسة في إسرائيل أنه إذا أجريت انتخابات داخل إسرائيل اليوم، فإن ائتلاف نتنياهو الذي يشغل حالياً 68 مقعداً في الكنيست لن يفوز إلا بـ46 مقعداً. وباعتباره قارئاً شغوفاً لاستطلاعات الرأي يدرك نتنياهو أن الجمهور الإسرائيلي غاضب، وسعى إلى اتباع استراتيجية متعددة الأوجه للبقاء في السلطة. فعلى مدى عام أصر نتنياهو ومؤيدوه على أن اللوم في أحداث السابع من أكتوبر يقع بالكامل على الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن الداخلي [شين بيت] المكلف مراقبة الفلسطينيين، فضلاً عن الإسرائيليين الذين احتجوا على جهوده لإصلاح القضاء، وبخاصة جنود الاحتياط الذين هددوا بعدم القيام بواجباتهم التطوعية.

إن استمرار نتنياهو في السلطة يمثل تغييراً في التاريخ الإسرائيلي

 

من خلال تنصله من المسؤولية والمناورة بعناية للحفاظ على كتلته السياسية، ربما تمكن نتنياهو من تجنب تحقيق مدمر حول سياسته التعايش مع "حماس" وتجاهله المتكرر للتحذيرات التي قدمها الجيش وأجهزة الاستخبارات في شأن هجوم وشيك على إسرائيل، وجهوده الرامية إلى تقويض السلطة الفلسطينية شريكة السلام السابقة لإسرائيل. وخوفاً من الهزيمة في صناديق الاقتراع والسعي إلى إيجاد طريقة لتأجيل محاكمته الجارية بتهمة الفساد، تمكن نتنياهو أيضاً من تفادي إجراء انتخابات مبكرة. وكان أحد العناصر الرئيسة لاستراتيجيته هو إطالة أمد الحرب في غزة وتوسيعها إلى لبنان، وتجنب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع "حماس" حتى على حساب التخلي عن الرهائن المتبقين في غزة، الذين يتعرضون للتعذيب والتجويع والقتل في الأنفاق المتبقية في غزة.

ومن أجل حماية نفسه تنازل نتنياهو عن قدر هائل من السلطة لرفاقه في الائتلاف اليميني المتطرف، الذين يعارضون بشدة أية صفقة في شأن الرهائن تستلزم انسحاب إسرائيل من غزة أو إطلاق سراح المقاتلين الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية. وهذا أيضاً يمثل تغييراً بمقدار 180 درجة في الموقف الوطني. فكثيراً ما افتخر الإسرائيليون في استعدادهم لبذل كل ما في وسعهم لإعادة الرهائن والأسرى إلى الوطن، مثلما اتضح في عملية الجيش الإسرائيلي عام 1976 في عنتيبي بأوغندا لإنقاذ ركاب طائرة الخطوط الجوية الفرنسية المخطوفة المتجهة من تل أبيب إلى باريس، وهي عملية جريئة ضحى خلالها شقيق نتنياهو الأكبر، يوني [يوناتان] بحياته. وقبل خمسة أعوام سافر رئيس الوزراء إلى موسكو وتفاوض شخصياً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للإفراج عن امرأة إسرائيلية شابة احتجزت بتهمة الاتجار في المخدرات. لكنه لم يفعل الشيء نفسه من أجل الرهائن الذين اختطفوا خلال السابع من أكتوبر 2023.

وشجعت مكانة نتنياهو السياسية الهشة أعضاء ائتلافه على تعزيز أجنداتهم بصورة أكثر حزماً. ومع إدراكهم لحرصه على الحفاظ على السلطة دفعوا باتجاه اتخاذ تدابير مثيرة للجدل، مثل إعادة بناء المستوطنات اليهودية داخل قطاع غزة التي تنازل عنها شارون عام 2005. وعلى رغم أن نتنياهو يرفض الفكرة في العلن فإنه يميل لأن يصبح أول زعيم إسرائيلي يوسع مطالبة إسرائيل بضم الأراضي الفلسطينية بعد عقود من الانسحاب منها. وخلال الأسابيع الأخيرة عاد ياريف ليفين وزير العدل إلى الأضواء مجدداً لاستئناف مساعيه من أجل إصلاح القضاء، متجاوزاً العملية التشريعية لمتابعة التغييرات القضائية من خلال الوسائل البيروقراطية، متحدياً المشورة القانونية من المستشارة القضائية للحكومة جالي باهراف ميارا.

 

خلال الأعوام التي سبقت السابع من أكتوبر 2023 كان بعض القادة الإسرائيليين العرب يبذلون جهوداً ناجحة لدمج المواطنين الفلسطينيين في المجتمع الإسرائيلي من خلال تأمين حقوق متساوية وفرص اقتصادية أكبر، وفي أعقاب هجوم "حماس" تراجعت الحكومة عن هذه الحملة من خلال اعتقال المواطنين العرب وإدانتهم بسبب منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي ومنع التظاهرات العربية المناهضة للحرب. واتبعت وسائل الإعلام الرئيسة النهج نفسه من خلال تجنب إضافة أصوات عربية إلى برامجها الحوارية والتحليلية المتواصلة. وخلال أقل من عامين سيطر ائتلاف نتنياهو سياسياً على قوة الشرطة الوطنية وحولها إلى أداة شخصية في يد وزير الأمن القومي اليميني المتطرف الشعبوي في إسرائيل إيتامار بن غفير، وهو تلميذ الحاخام العنصري مائير كهانا. وشرع بن غفير في شن حملة حرب بيروقراطية فقام بتعيين المقربين منه في المناصب العليا، وترقية ضباط اعتقلوا بصورة غير قانونية أو اعتدوا بعنف على المتظاهرين المناهضين للحكومة، وغض الطرف عن المستوطنين اليهود المتطرفين الذين نفذوا مذابح في القرى الفلسطينية داخل الضفة الغربية، وتجاهل الارتفاع الحاد في الجرائم العنيفة داخل المجتمعات العربية في إسرائيل. وبالنسبة إلى بن غفير المدافع عن التفوق اليهودي كلما قل عدد العرب كان ذلك أفضل لليهود.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحتى وقت قريب كان غالب اليهود الإسرائيليين ينظرون إلى مثل هذه المواقف المتعصبة باعتبارها مشينة. ولكن من خلال عدم معارضتها علناً عمل نتنياهو على جعلها أمراً طبيعياً. وفي غضون ذلك، يتولى مسؤول آخر من اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو وهو وزير المالية بتسلئيل سموتريتش قيادة جهود للاستيلاء على الأراضي في الضفة الغربية وتقويض السلطة الفلسطينية من خلال إفقارها مالياً. وأعلن سموتريتش وبن غفير بوضوح عن هدفهما بالضم الإسرائيلي الكامل للضفة الغربية وزيادة الأمر سوءاً الآن من خلال الاحتلال الرسمي لغزة.

ثمن البقاء في السلطة

الحرب المتعددة الجبهات التي تخوضها إسرائيل الآن هي أيضاً حرب داخلية، شنها رئيس الوزراء من أجل تغيير المعايير والسلوكات. وعلى رغم أنه يتشارك مع حلفائه من اليمين في عديد من القناعات الأيديولوجية فقد وضع نتنياهو نفسه في موقف سياسي أصبح فيه رهينة لهم، وهو الآن يسعى إلى جعل الجمهور الإسرائيلي رهينة أيضاً.

إن هجوم السابع من أكتوبر زج الإسرائيليين العلمانيين وغيرهم ممن يتماهون مع القيم العالمية والعلمانية والليبرالية على وجه الخصوص في موقف حرج، فعلى مدار العقود الثلاثة التي تلت مؤتمر مدريد عام 1991 واتفاقيات أوسلو عام 1993 أصبح هؤلاء الإسرائيليون ينظرون إلى بلادهم باعتبارها جزءاً يفتخر به لا يتجزأ من الغرب، وإلى صراعها مع الفلسطينيين باعتباره مشكلة عالقة يمكن إدارتها والتعايش معها إلى أجل غير مسمى. وكانت إدارة الصراع [احتواء الصراع من دون حله] مع تعزيز اقتصاد إسرائيل في الوقت نفسه وتجنب التحركات الكبرى نحو الحرب أو السلام هي الاستراتيجية التي أقنع بها نتنياهو جمهوره بنجاح بعد عودته السياسية عام 2009، وسهلت هذه الاستراتيجية تحالفاً ضمنياً بين رئيس الوزراء وأعضاء النخب الليبرالية في إسرائيل، إلى أن انقلب ضدهم بمحاولته تعديل النظام القضائي. وعلى رغم عدم تصويتهم له فقد استمتعوا بالسخاء المالي الذي وفرته استراتيجيته واستفادوا بنجاح من مدح إسرائيل باعتبارها "دولة غربية متقدمة" و"الأمة الناشئة" المزدهرة في العالم.

والآن يواجه الليبراليون الإسرائيليون ضغوطاً مزدوجة تتمثل في الرفض من الغرب التقدمي في الخارج، وشيطنتهم وتهميشهم من أولئك المؤيدين لنتنياهو في الداخل. وعلى رغم أن اليهود الإسرائيليين المحافظين والمتدينين يعانون أيضاً انخفاض قيمة الشيكل وارتفاع التضخم، فإنهم يستطيعون أن يجدوا معنى في مواصلة الحرب خصوصاً المستوطنين المتشددين الذين يرون أن معارضتهم لانسحاب غزة عام 2005 تبررت، وأن هناك فرصة سانحة لرفع مكانتهم داخل المجتمع الإسرائيلي، وبخاصة في ظل بروزهم داخل القوات المقاتلة في الجيش.

أما الليبراليون الأكثر التزاماً والأكثر تعرضاً للضغط فقد لجأوا إلى استراتيجيتين من أجل البقاء، الأولى هي الهجرة موقتاً في الأقل أو التقدم بطلب للحصول على جوازات سفر أجنبية على أساس النسب العائلي، وكانت هذه الظاهرة موجودة قبل الحرب في غزة. منذ بداية انقلاب نتنياهو القضائي، أصبح الحديث عن الرحيل شائعاً بين الإسرائيليين الأكثر ثراء وتعليماً، وتزايدت حدته مع استمرار الحرب وحكم نتنياهو. ويبدو أن الوجهات الأكثر شعبية هي اليونان والبرتغال وتايلاند إلى جانب الملاذات التقليدية مثل لندن ونيويورك، وتمكن بعض المهاجرين من الاحتفاظ بوظائفهم داخل إسرائيل، مع بقاء البعض يعملون من بعد كـ"رحالة رقميين".

يأمل معارضو نتنياهو أن ينفد حظه بطريقة ما

 

أما الاستراتيجية الأخرى للبقاء فتتمثل في التمسك بموقفهم والاستمرار في الاحتجاج ضد نتنياهو وائتلافه في حين يدعمون النضال العسكري ضد "حماس" و"حزب الله"، ويطالبون بالإفراج عن الرهائن المتبقين. وخلال أواخر أغسطس (آب) الماضي بلغت أزمة الرهائن ذروة مروعة عندما أقدمت "حماس" على إعدام ستة إسرائيليين في نفق داخل رفح. وفي ظل حال من الألم والغضب الشديدين إزاء عدم إبرام نتنياهو صفقة لإنقاذ هؤلاء الستة وعدم اعتزامه إتمام مفاوضات للإفراج عن الرهائن المتبقين، خرج مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الشوارع في أكبر احتجاجات مناهضة للحكومة منذ السابع من أكتوبر 2023.

ولكن حتى الآن فشلت احتجاجات الشوارع في زعزعة أسس ائتلاف نتنياهو. وحظيت التظاهرات بدعم نفس الشخصيات (ومن بينها غالانت) التي قادت الاحتجاجات ضد إصلاح نتنياهو القضائي، وتجاهلها رئيس الوزراء بعد أن صور المتظاهرين بذكاء على أنهم قوة مسيسة لا تسعى إلا إلى إطاحته، وتستخدم الآن محنة الرهائن كذريعة.

ويأمل معارضو نتنياهو أن تنفد حظوظه بطريقة ما أو أن تظهر خلافات قديمة بأعجوبة وتتسبب في زلزال مفاجئ. وإحدى نقاط الضغط التي يواجهها نتنياهو هي مسألة الإعفاء من الخدمة العسكرية لليهود المراهقين المتدينين الأرثوذكس [الحريديم]. فعلى مدى عقود من الزمان، برر زعماء الحريديم هذا الإعفاء على أساس أن شبابهم في حاجة إلى الحماية من إغراءات الحياة العلمانية التي قد يواجهونها في الثكنات، وكشفت الحرب أخيراً بصورة واضحة عن التفاوت القاسي بين الإسرائيليين الحريديم غير المجبرين على الالتحاق بالخدمة العسكرية وبقية الشباب الإسرائيليين، الذين يطلب منهم الآن التضحية بحياتهم من أجل وطنهم.

وخلال يونيو (حزيران) الماضي قضت المحكمة العليا الإسرائيلية بالإجماع بأنه لا يوجد أساس قانوني لإعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية، وأن التجنيد يجب أن يعامل كلتا المجموعتين من الشباب على قدم المساواة، لكن الحكومة ماطلت في تنفيذ هذا الحكم وكان الجيش متردداً في تجنيد الشباب بالقوة، إلا أن هذه المسألة ستعود إلى الواجهة قريباً عندما يصوت البرلمان الإسرائيلي على موازنة العام المقبل، وهدد القادة السياسيون للحريديم بإسقاط الحكومة ما لم تقر الإعفاء من التجنيد الذي يسعون إليه بشدة. ولحماية جانبه الضعيف هذا استدرج نتنياهو أخيراً منافساً قديماً له وهو وزير العدل الإسرائيلي السابق جدعون ساعر للانضمام إلى ائتلافه.

جروح ذاتية

وعلى رغم احتجاجات الإسرائيليين ضد نتنياهو ودعواتهم لإعادة الرهائن إلى الوطن، وعلى رغم أن حكومتهم لم تحقق بعد "النصر الكامل" الذي وعدت به، فإن المشاعر الحقيقية المناهضة للحرب تكاد تكون معدومة في المجتمع اليهودي الإسرائيلي العام. حتى أن الإسرائيليين الذين يكرهون نتنياهو وقاعدته المحافظة اجتماعياً، الفخورين بعالميتهم وإيمانهم بالديمقراطية العلمانية لن يتبنوا مطلقاً ما يعدونه قيماً سلمية نادى بها الأميركيون والأوروبيون الليبراليون بعد الحرب العالمية الثانية. فهم يفضلون العيش وفقاً لشعار اشتهر في فيلم الويسترن "الطيب والشرير والقبيح" (The Good, The Bad, and the Ugly) الذي أنتج عام 1966، وأصبح كليشيهاً راسخاً [عبارة شائعة] في الخطاب الإسرائيلي "عندما تحتاج إلى إطلاق النار، أطلق النار ولا تتحدث". وكثيراً ما برر الإسرائيليون هذه الفلسفة العدوانية بالإشارة إلى وجودهم في محيط خطر. وفي لغة المستشرقين شبه [رئيس الوزراء السابق] إيهود باراك هذا الوضع بـ"فيلا وسط الغابة".

إن غالب منتقدي نتنياهو الأكثر شراسة بمن في ذلك كبار الضباط العسكريين الحاليين والمتقاعدين وأقارب الرهائن المتبقين في غزة، لا يسعون إلى حل يؤدي إلى اتفاق سلام دائم عندما يطالبون بوقف إطلاق النار، بل انسحاب موقت للقوات الإسرائيلية من أجزاء من غزة في مقابل الإفراج عن الرهائن الإناث وكبار السن والمرضى، تليه عملية إعادة احتلال لغزة واستئناف الحرب حتى يتم سحق "حماس" وقتل السنوار ثم على الأرجح العودة إلى نسخة أكثر قسوة من الوضع الذي كان قائماً قبل الحرب، بما في ذلك الاستيلاء على الأراضي في شمال غزة بما يشكل حزاماً أمنياً. ويعد الهجوم الجديد في لبنان أقل إثارة للجدل، فبعض القادة الذين يعارضون نتنياهو يشجعون على غراره إعادة احتلال موقتة للمرتفعات عبر الحدود وطرد سكانها اللبنانيين. قد يكون نتنياهو غير محبوب لكنه يقود سياسة شعبية.

ولم تبد الحكومة الأميركية والحكومات الأوروبية الكبرى إلا معارضة رمزية وسطحية لتحركات إسرائيل في غزة والضفة الغربية. ففرضت كندا والاتحاد الأوروبي وفرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة عقوبات على بعض المستوطنين العنيفين الذين هاجموا الفلسطينيين، في حين أوقفت ألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة بيع بعض الذخائر المعينة مثل القنابل التي تزن 2000 رطل إلى إسرائيل. لكن بصورة عامة منح الغرب إسرائيل حرية شبه مطلقة في عملياتها داخل غزة والضفة الغربية، ولم يبذل حتى الآن أي جهد حقيقي لإحياء عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، مذعناً لمزاعم نتنياهو بأن الوقت غير مناسب. وتمثل هذه السياسة ديناميكية قديمة في علاقة إسرائيل بالغرب وبصورة خاصة مع الولايات المتحدة، إذ يوافق الحلفاء الغربيون على اتباع نهج إسرائيل في التعامل مع القضية الفلسطينية طالما تحترم إسرائيل مخاوفهم في الشرق الأوسط الأوسع.

ومع ذلك، وعلى رغم دعم الحكومات الغربية لجهود إسرائيل الحربية يشعر الإسرائيليون بأنهم يبتعدون بصورة متزايدة من بقية العالم. وبعض هذا الشعور بالاغتراب والعزلة مبرر، فقد توقفت معظم رحلات الخطوط الجوية الأجنبية إلى تل أبيب، ووصل تصنيف إسرائيل الائتماني إلى أدنى مستوياته على الإطلاق. لكن جزءاً من هذه العزلة ناجم عن خيارات ذاتية شخصية، إذ تسلط وسائل الإعلام العبرية السائدة الضوء على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الغربية وداخل الأماكن العامة، إضافة إلى الحوادث المعادية للسامية وهو ما يعزز رواية نتنياهو القائلة بأن هذه الأحداث تمثل صوراً قديمة من كراهية اليهود. وعلى نحو مماثل فإن المزاعم بأن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب أو حاولت ارتكاب إبادة جماعية في غزة، التي يجري البت فيها حالياً داخل محكمتين دوليتين تصور عموماً في إسرائيل على أنها دعاية خبيثة وآثمة.

 تغيير في الرأي

استعاد الإسرائيليون بعض الثقة في النفس خلال سبتمبر عندما كثفت الحكومة هجماتها على "حزب الله". فبعد السابع من أكتوبر 2023 أثبت "حزب الله" أنه قادر على تدمير المدن والمطارات ومحطات الطاقة الإسرائيلية أثناء دعمه لـ"حماس"، مما أجبر الجيش الإسرائيلي على تقسيم قواته البرية بين جنوب إسرائيل وشمالها. وبالنسبة إلى الإسرائيليين الذين كانوا محبطين منذ السابع من أكتوبر 2023 فإن الهجوم الإسرائيلي المضاد أعاد إلى الأذهان حرب الأيام الستة خلال عام 1967، التي انتصرت فيها إسرائيل بسرعة بفضل تفوقها في القوة الجوية. وأعلن نتنياهو أن إسرائيل "تفوز" بالحرب وهدد إيران راعية "حزب الله" بهجمات مماثلة. وأمرت وزارة التعليم الإسرائيلية بأداء رقصات احتفالية في المدارس الدينية العامة. وعلى رغم أن اليهود الإسرائيليين العلمانيين الليبراليين لم يرقصوا على أنغام الموسيقى في أماكن علنية فإنهم كانوا أيضاً في غاية السعادة، إذ أعزوا الشعور بالانتصار لشجاعة طياريهم وذكاء عملائهم الاستخباراتيين.

ولكن سرعان ما تلاشت هذه النشوة بعد أن ردت إيران بإطلاق عشرات الصواريخ، وقتل إرهابيين لستة أشخاص في محطة القطار الخفيف داخل تل أبيب. وبطريقة موازية أثبتت العملية البرية الحديثة في لبنان بالفعل أنها أكثر كلفة من حيث الخسائر العسكرية الإسرائيلية، مقارنة بالغارات الجوية السابقة والعمليات الخاصة. ومن الواضح أن حرباً إقليمية أكبر تشمل إيران لن تقدم لإسرائيل انتصارات سريعة ودائمة. والشعور السائد بين الإسرائيليين بأنهم يخسرون الصراع بصورة عامة أعمق من أن تعوضه أية نجاحات عسكرية ضد "حزب الله" وحتى إيران. ومن الضروري لهم أن يقبلوا بأن واقعهم الأوسع تغير بالفعل منذ السابع من أكتوبر، وأن استراتيجيتهم تحتاج إلى التأقلم مع هذا الواقع.

وبعد مرور عام، لا تزال إسرائيل في حال حداد على الخسائر التي تكبدتها بسبب أحداث السابع من أكتوبر، مع تكرار مشاهدها باستمرار في وسائل الإعلام. واستطراداً، تفقد إسرائيل ميزتها الاقتصادية وتواجه مغادرة ملحوظة للنخب الليبرالية. لقد فشلت الحكومة في إعادة شعور الوحدة بين مواطنيها، متمسكة عوضاً عن ذلك بسياساتها المثيرة للانقسام، إضافة إلى ذلك، تقترب قواتها العسكرية، وخاصة قوات الاحتياط، من مرحلة الإنهاك في أطول معركة مستمرة وغير محسومة في تاريخ البلاد. وحتى إذا لم تصدر المحاكم الدولية أوامر اعتقال بحق القادة الإسرائيليين، فستضطر إسرائيل إلى التعايش مع التداعيات الأخلاقية والسمعة المتضررة في الشرق الأوسط وفي جميع أنحاء العالم، بسبب الموت والدمار الذي تسببت به في غزة.

بعد مرور عام على الحرب أصبحت التهديدات الطويلة الأمد التي تواجهها الديمقراطية الإسرائيلية أكثر خطورة من أي وقت مضى

 

عوضاً عن الانغماس في النشوة بعد مقتل نصرالله والانجرار إلى حرب إقليمية شاملة ومدمرة ضد إيران، يتعين على إسرائيل أن تستفيد من تفوقها الحالي في ساحة المعركة وحال الضعف التي يعانيها كل من "حماس" و"حزب الله". وعليها أن تتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بوساطة أميركية على جبهتيها الجنوبية والشمالية، وأن تستعيد رهائنها وتسهل إعادة تأهيل غزة المدمرة، وتبدأ عملية شفاء وطني. إن إطالة أمد الحرب في محاولة عبثية لتحقيق "النصر الكامل" سيؤدي إلى وقوع مزيد من الضحايا والأضرار الاقتصادية حتى لو فاز دونالد ترمب برئاسة الولايات المتحدة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل كما يأمل نتنياهو. ولعقود من الزمن شكل كل من قطاع غزة ولبنان مستنقعاً لإسرائيل، لذا ليس من المفترض أن تكرر أخطاءها السابقة، بل عليها بدلاً من ذلك أن تقلل خسائرها وتبرم صفقة. لو كان هناك حكومة إسرائيلية مسؤولة تراعي المصالح الاستراتيجية الطويلة الأجل للبلاد، لاغتنمت الفرصة بالفعل لإعادة إطلاق عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية والتقدم نحو اتفاق حل الدولتين مع محمود عباس المتقدم في السن، تماماً مثلما وقع بيغن معاهدة السلام التاريخية بين إسرائيل ومصر بعد انتصار الجيش الإسرائيلي في نهاية المطاف في حرب يوم الغفران.

في الواقع، تكمن مأساة إسرائيل في أن حكومتها الحالية تقود البلاد في الاتجاه المعاكس. وكانت مهمة نتنياهو طوال حياته تتمثل في هزيمة الحركة الوطنية الفلسطينية وتجنب أية تسوية إقليمية أو دبلوماسية معها. ويتلخص الهدف المعلن لائتلافه في إنشاء دولة يهودية من النهر إلى البحر، مع منح حقوق سياسية محدودة للرعايا غير اليهود إن لزم الأمر، ولكن يفضل عدم منحهم أية حقوق على الإطلاق حتى لو كانوا يحملون الجنسية الإسرائيلية. وتتفاقم الكارثة لأن أحزاب المعارضة الصهيونية تدعو إلى الإطاحة بنتنياهو لكنها لا تجرؤ على رفع راية السلام والتعايش مع الفلسطينيين، خوفاً من أن تبدو غير وطنية في زمن الحرب أو أن يتهمها اليمينيون بالخيانة.

وخلال الوقت الحاضر يوجه الإسرائيليون نحو قبول تعميق نظام الفصل العنصري المؤسسي في الضفة الغربية واحتلال دائم داخل غزة وربما في جنوب لبنان، وتزايد الاستبداد والثيوقراطية في الداخل عوضاً عن النظر إلى المعنى الأعمق ليوم السابع من أكتوبر وإدراك عدم استدامة الوضع الذي كان قائماً قبل الحرب، والاعتراف بأن محاولة "إدارة" القضية الفلسطينية [لا حلها] ما دام النمو الاقتصادي مستمراً هي وهم ذاتي خاطئ، وتقدير خطورة التظاهر بأن الفلسطينيين غير موجودين. وبعد عام من الحرب، من المؤسف أن التهديدات الطويلة الأمد المحدقة بالديمقراطية والقيم الليبرالية في إسرائيل ازدادت خطورة.

مترجم عن "فورين أفيرز" 4 أكتوبر 2024

ألوف بن هو رئيس تحرير صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية

المزيد من آراء