Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المحقق الخاص... عالم الخيانة والأسرار في دلهي

يشتغل بها نحو 800 شخص ويتراوح الدخل الشهري بين 300 و2500 دولار بحسب الخبرة

يواجه المحققون في دلهي تحديات معقدة باستمرار (مواقع التواصل)

ملخص

لا يقتصر عمل المحقق الخاص على العلاقات الشخصية؛ فقد كشفوا قضايا استغلال وسوء استخدام السلطة، وفضحوا خيانات أثرت في مجتمعات بأكملها، وفي حين يعتبر البعض أن عملهم ضرورة لكشف العدالة، يراه آخرون محفوفاً بالأخطار والضغوط.

في دلهي، يعمل المحققون الخاصون في الظل، يتعاملون مع قضايا تتراوح من خيانة الأزواج إلى جمع المعلومات للأحزاب السياسية، هذا العمل لا يخلو من الأخطار، حيث يواجه المحققون تحديات معقدة باستمرار، سواء كانت نزاعات شخصية أو قضايا أراض أو حتى مؤامرات سياسية، هؤلاء المحققون يترقبون، ويجمعون الأدلة، ويكشفون حقائق غالباً ما تكون صادمة.

لكن عملهم لا يقتصر على العلاقات الشخصية؛ فقد كشفوا قضايا استغلال وسوء استخدام السلطة، وفضحوا خيانات أثرت في مجتمعات بأكملها، في حين يعتبر البعض أن عملهم ضرورة لكشف العدالة، يراه آخرون محفوفاً بالأخطار والضغوط.

محققو دلهي الخاصون هم أولئك الذين يكشفون الأسرار المخفية ويزيلون الغموض عن الأبواب المغلقة، ليصبحوا لاعبين أساسيين في عالم مليء بالخيانة والأسرار.

التقينا بأكريتي خاتري في مكتبها، حيث كانت منهمكة في إعداد فريق لمهمة سرية، كان أحد أعضاء الفريق يرتدي ملابس ممزقة، متخفياً في هيئة متسول، المهمة كانت مراقبة تلميذ تورط في أنشطة مشبوهة ومخالفة للقانون، والد الصبي أراد معرفة ما يفعله ابنه أثناء وجوده في الكلية، بخاصة بعد أن اكتشف أنه أنجرّ إلى صحبة سيئة وأصبح يتعاطى الكحول والمخدرات.

 

 

في حديثها لـ"اندبندنت عربية"، كشفت أكريتي أن عملاءها يأتون من خلفيات متنوعة، تشمل البيروقراطيين، السياسيين ورجال الأعمال، إضافة إلى العائلات الثرية التي ترغب في مراقبة أفرادها.

وأضافت أن الطلب على خدمات وكالتها شهد ارتفاعاً ملحوظاً خلال الموجة الأولى من جائحة "كوفيد-19"، حيث تصاعدت الشكوك بين الأزواج الذين اضطروا إلى قضاء فترات طويلة معاً في المنزل، وعلقت قائلة "واجهت العديد من الحالات التي طلب فيها الأزواج الوصول إلى محادثات واتساب الخاصة بشركائهم".

أوضحت أكريتي أن شغفها بالتجسس بدأ منذ صغرها، حيث كانت تراقب زملاءها في المدرسة والجامعة بسرية تامة، وتميزت بقدرتها على ملاحظة التفاصيل الدقيقة وربط المعلومات ببعضها، وهو ما مكنها من كشف الحقائق.

وتحدثت عن بدايتها في هذا المجال قائلة إنها في عام 2007 صادفت إعلاناً في صحيفة عن وكالة تحريات، فاتصلت بهم بدافع الفضول، وعلى رغم عدم امتلاكها خبرة سابقة، حصلت على وظيفة في الوكالة.

نظراً لغياب برامج تدريبية رسمية للمحققين في ذلك الوقت، تعلمت أكريتي المهارات الأساسية في الميدان، واكتسبت خبرات في إجراء التحقيقات، وفحص الخلفيات، كما تعلمت أهمية الصبر من مديرها في العمل.

 

 

اليوم، تدير أكريتي واحدة من أكبر وكالات التجسس في الهند "وينس جاسوس"، والتي تمتد فروعها في مدن عدة مثل دلهي ومومباي وبنغالور وبوني وكولكاتا، وتعتمد في عملها على أحدث التقنيات، مثل المراقبة الإلكترونية، وأجهزة تعقب نظام تحديد المواقع العالمي، والتنكر ومتابعة الروتين اليومي للمشتبه فيهم وإجراء الاستجوابات.

وأوضحت أكريتي "المحقق يجب أن يتحلى بالصبر الشديد، العمل غالباً يتطلب الانتظار لساعات طويلة أثناء مراقبة الشخص المستهدف، كما يجب أن يكون المحقق سريع البديهة وملمّاً بالمعلومات ليتمكن من صياغة قصص مقنعة عند استجوابه، والسرية أمر أساسي؛ لا يمكن للمحقق أن يلفت الأنظار بملابس أو أكسسوارات بارزة".

تتعامل أكريتي مع قضايا تتعلق بالتحقيقات الشخصية والتجارية، تشمل "القضايا التجارية والتوظيف المزدوج وتسريب البيانات والتزوير، بينما تركز القضايا الشخصية على العلاقات الزوجية، فحص الخلفيات قبل الزواج، وحضانة الأطفال ومراقبة سلوكهم."

اقرأ المزيد

ويعمل العديد من الأشخاص في دلهي، مثل أكريتي خاتري في مجال التحقيقات الخاصة، وهي مهنة تشهد ازدهاراً في الهند حيث يلجأ الأفراد والشركات إلى المحققين لأداء مهام لا يمكنهم تنفيذها بأنفسهم، لكن هذه المهنة محفوفة بالأخطار، بخاصة بسبب التحديات القانونية المتعلقة بمتابعة الأفراد من دون إذن، وهو أمر غير قانوني في البلاد.

قال كنور فيكرام سينغ، أحد كبار المحققين وممثل منظمة تحقيقات خاصة "كانت هناك محاولات لتشريع القانون حول هذه المهنة، ففي عام 2007 تم تقديم مشروع قانون وكالات التحقيق الخاصة إلى البرلمان لوضع معايير الترخيص والمؤهلات للمحققين الخاصين، ومع ذلك، لم يتم تحويل هذا المشروع إلى قانون، مما يعني أن قطاع التحقيقات الخاصة يعمل من دون حماية قانونية، مما يضعنا في منطقة قانونية رمادية".

أضاف سينغ في حديثه لـ "اندبندنت عربية" أن المحققين الخاصين يحققون دخلاً جيداً، لكنهم يواجهون مخاطرة كبيرة، "الشرطة تعرفنا كمحققين، ولذلك عادةً لا يتدخلون في عملنا، لكن في حال تصادف وجودنا أثناء متابعة قضية، يمكن أن يشكل ذلك خطراً علينا، وعادة ما نضطر للانسحاب".

 

 

وأشار سينغ إلى أن المحققين المعروفين يتجنبون العمل الميداني بأنفسهم، لأنهم معروفون لدى الشرطة، لذلك يلجأون إلى توظيف المحققين الحر، متابعاً "أعرف الكثير منهم الذين يمكنني استدعاؤهم إذا احتجت إلى دعم إضافي، وفي دلهي وحدها، يوجد نحو 700-800 محقق حر".

وتابع "يبدأ دخل المحققين الجدد بنحو 300 دولار شهرياً، إضافة إلى تغطية تكاليف القضايا التي يتعاملون معها، أما المحققون المخضرمون الذين يمتلكون سنوات من الخبرة، يتراوح دخلهم الشهري نحو 2500 دولار، وبالنسبة للمحققين المتخصصين في أنواع معينة من التحقيقات، فإن متوسط دخلهم الشهري يصل إلى نحو 1000 دولار".

وفي ما يتعلق بدور المحققين في العمل مع السياسيين، أوضح روهيت مالك "نحن نعمل مع السياسيين، لكن طبيعة العمل تختلف، فبفضل سلطتهم وعلاقتهم بالشرطة، لا يحتاج السياسيون إلى خدماتنا في التحقيقات، ومع ذلك، عندما يرغب السياسي في إبقاء شيء ما سرياً، يلجأ إلينا عادة ما نُكلف بمهمة كشف الأعضاء غير المخلصين في فرقهم، لأن الولاء هو ما يهم السياسيين بالدرجة الأولى".

وأفاد "غالباً ما يتم توظيفنا خلال فترة الانتخابات للتحقق مما إذا كان المرشح المنافس ينتهك القواعد أو يقدم رشاوى للمسؤولين الحكوميين، وفي بعض الحالات نُكلف بالتحقيق عن سمعة المرشحين الذين ينوون خوض الانتخابات، وتقييم مدى شعبيتهم بين الناخبين".

وأضاف مالك "لا نحقق أرباحاً كبيرة إلا عندما نعمل مع الشركات، وفي هذه الحالات، نركز عادةً على تتبع الشركات أو المنتجات المزيفة التي تُلحق أضراراً جسيمة بسمعة الشركة وتقوض قيمة علامتها التجارية".

 

 

وأشار إلى أن أكثر القضايا تعقيداً للمحققين تتعلق بتعقب المصانع التي تنتج السلع المقلدة "غالباً ما تكون هذه المصانع موجودة في مناطق بعيدة مثل أطراف دلهي أو في أحياء مكتظة جداً، هذه المصانع دائماً ما تكون في حالة تأهب قصوى، تراقب أي حركة مشبوهة، مما يجعل من الصعب التحقيق من دون أن يُكشف أمرنا".

من جانبها، قالت أكريتي "على رغم التغيرات التي شهدتها هذه المهنة على مرور السنين، تظل الصفات الأساسية للمحقق الناجح ثابتة، أنا أميل إلى توظيف النساء الشجاعات اللواتي يتحمسن لهذه المهنة، سواء كانوا رجالاً أو نساء، أبحث عن أشخاص تتراوح أعمارهم بين 28 و32 سنة، يتميزون بمظهر عادي ولا يرتدون ملابس لافتة، وليست لديهم وشوم ظاهرة"، مضيفاً "المحقق المثالي هو من يمتزج وسط الحشود من دون لفت الانتباه، ويتجنب إثارة شكوك الشرطة، والجاسوس الجيد يعرف متى ينسحب، فنحن لا نعرض الأرواح للخطر في هذه المهنة، ولا نتحمل مسؤولية إذا تم القبض على أحد أفراد الفريق".

المزيد من تقارير