Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رحيل نعيمة المشرقي سيدة المسرح والشاشة في المغرب

أتقنت دور الزوجة والأم ومثلت بغزارة في مسلسلات وأفلام مغربية وعالمية

نعيمة المشرقي رائدة التمثيل في المغرب (نقاية الفنانين - المغرب)

ملخص

رحلت الممثلة المغربية الرائدة نعيمة المشرقي، سيدة المسرح والشاشة التلفزيونية والسينمائية. وأطلت المشرقي في أعمال كثيرة طوال عقود، وجذبت جمهوراً كبيراً من مختلف الأجيال.

لم تكن نعيمة المشرقي التي غادرتنا قبل أيام اسماً عادياً في تاريخ التمثيل في المغرب، فقد كانت الوجه الأكثر ظهوراً على الشاشة على مدار عقود من الزمن. فهي ولجت عالم الفن منذ أواخر الخمسينيات، ووقفت على خشبات المسارح وأمام كاميرا مخرجي الأفلام المغربية والدولية ومخرجي المسلسلات والبرامج، وكان حضورها في هذه المجالات الفنية غزيراً. وكانت تحظى بتقدير كبير لدى الجمهور، خصوصاً في المغرب، فقد برعت في أداء دور الزوجة والأم على السواء، في وضعيات نفسية واجتماعية مختلفة.

وقفت نعيمة المشرقي على خشبة المسرح باكراً، وأدت دوراً لطفلة في حالة حزن، غير أن هذا الشعور لم يتوقف عندها مع نهاية المشهد، بل لازمها إلى ما بعد اختتام العرض، إذ طلب منها أن تبكي خلال أداء الدور، لكن المشهد استغرقها، فدخلت في حالة من البكاء لم تتوقف إلا بعد عودتها إلى البيت. ويبدو أن هاته الحالة من الصدق الفني التي استبدت بنعيمة المشرقي وهي صغيرة، ظلت تلازمها على مدار العقود التي وقفت فيها أمام الجمهور في المسارح، أو أمام الكاميرا في البرامج والمسلسلات والأفلام.

جمهور المشرقي ينجذب إليها بصورة خاصة، مصدقاً كل ما تقدمه. لذلك نجده متعاطفاً معها، ومتماهياً مع الانفعالات التي تصرفها خلال التمثيل، بل إن من يشاهدها وهي تقوم بأدوار الزوجة والأم يحس أنها لا تبذل جهداً في التمثيل، بل تقدم الشخصية ببساطة وعفوية. وقد استطاعت أن تجسد المرأة المغربية، سواء المقيمة في المدينة أو البادية دون تكلف وتصنع، فكان محبوها يحسون بها قريبة منهم، إنها تقدم صوراً واقعية للمرأة، دون الحاجة إلى أية مساحيق فنية، وإن كانت تميل في الغالب إلى تجسيد أدوار الخير والحكمة، عبر تقديم نماذج للمرأة الرزينة الكيسة والهادئة.

أدوار برسائل إنسانية

شاركت المشرقي في تدريبات مسرح الهواة التي كان يديرها المخرج الفرنسي بيير لوكا في منتصف الخمسينيات، وانضمت إلى فرقة الرائد المسرحي الطيب الصديقي منذ مطلع الستينيات، وقدمت معه عديداً من الأعمال من بينها: "قصة الحسناء" و"سفر شون لي" و"مولات الفندق" ومسرحية "محجوبة" المقتبسة من "مدرسة النساء" لموليير، و"مومو بوخرصة" المقتبسة من عمل لأوجين يونيسكو، فضلاً عن أعمال أخرى تنقل الثقافة المغربية مثل مسرحيتي "سلطان الطلبة" و"ديوان سيدي عبدالرحمن المجذوب".

وبعد تجربتها مع الطيب الصديقي ستعيش تجربة أخرى مع المخرج عبدالرحمن خياط في مسرحيات مثل "فليفلة" و"الناعورة". ولم يتقاسم معها هذا المخرج المغربي التجربة المسرحية فحسب، بل ستصير رفيقة دربه حيث جمعتهما تجربة الزواج إلى لحظة رحيلها.

ومنذ ارتباطهما واصلت الحضور في عديد من أعماله سواء في المسرح أو الأفلام أو البرامج التلفزيونية.

كانت للمشرقي بصمة واضحة في تاريخ السينما المغربية، عبر مشاركتها في عديد من الأفلام أبرزها "عرس الدم" و"فرسان المجد" و"طبول النار" لسهيل بن بركة، و"أيام شهرزاد الجميلة" لمصطفى الدرقاوي، و"البحث عن زوج امرأتي" و"للا حبي" و"جارات أبي موسى" و"باديس" لعبدالرحمن التازي، و"حجر الصحراء الأزرق" لنبيل عيوش" و"دم ودماء" لعبدالإله الجوهري" و"خريف التفاح" لمحمد مفتكر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما حضورها التلفزيوني فقد تجسد في عدد مهم من المسلسلات ذات الطابع الاجتماعي في الغالب مثل "الساس" و"أولاد الناس" و"دار الضمانة" و"الزعيمة" و"الغالية" و"سوق الدلالة" و"الناس الملاح" وغيرها. وشاركت في تمثيليات إذاعية منذ بداياتها، كما قدمت للتلفزيون المغربي برامج ذات بعد تثقيفي وتوجيهي مثل برنامج "لام ألف" الذي كان موجهاً لمحاربة الأمية بالمغرب، عبر دروس مبسطة في قالب تمثيلي، وكان يحظى بمتابعة هائلة من لدن المغاربة، وبرنامج "أمي الحبيبة" الذي كانت تقدم فيها قصص مؤثرة لأمهات في ظروف اجتماعية هشة وقاسية.

كان للمشرقي حضور في السينما الأجنبية، منذ بداياتها، إذ وقفت أمام كاميرا المخرج السينمائي الإسباني فرناندو فرنان غوميز سنة 1962 للمشاركة في فيلمه الطويل "انتقام دو ميندو"، لتواصل الحضور من حين لآخر في أفلام أجنبية فرنسية إسبانية وإيطالية.

قامت فلسفة التمثيل عند نعيمة المشرقي على فكرة مفادها أن الفن ينبغي أن يظل رسالة إنسانية، لذلك ظلت بعيدة من الأعمال ذات الطابع التجاري، وكانت حريصة على أن يكون الدور الذي تقدمه غير مفرغ من الحمولة الإنسانية. وانسجاما مع هذه الفلسفة شاركت في حملات وأنشطة عديدة تهم الطفل والمرأة في الغالب، كما شغلت منصبي سفيرة للنوايا الحسنة لدى "اليونيسف"، ومستشارة لدى المرصد الوطني لحقوق الطفل.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة