Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني: نرفض وجود السلاح بمراكز الإيواء

كلفة الحرب على لبنان بالمليارات أما المساعدات فمحدودة ومشروطة

يتجنب وزير الشؤون الاجتماعية الخوض في تحديد المسؤوليات وأسباب التقاعس الرسمي في تأمين الملاجئ والمراكز للنازحين (أرشيف الوزارة)

ملخص

حذر وزير الشوون الاجتماعية اللبناني هكتور حجار من أن عدم توافر التمويل ستكون له تبعات سلبية في مقدمها الأمن الغذائي، متوجهاً إلى النازحين بالقول إن "مراكز الايواء ليست للشعارات السياسية ولا للصور وليست لإدارة حزبية".

أظهر تقرير صادر أخيراً عن وحدة الكوارث التابعة للحكومة اللبنانية، ارتفاع عدد النازحين اللبنانيين إلى 1.2 مليون شخص، معظمهم من جنوب لبنان وشرقه، إضافة إلى الضاحية الجنوبية لبيروت.

وعلى رغم الجهود الحكومية لتنفيذ خطة طوارئ لتأمين مراكز إيواء وتوفير الحاجات الأساس، فإن الأعداد الهائلة من النازحين تفوق الإمكانات المتاحة، مما يجعل التعامل مع الحاجات أكثر صعوبة، وبلغ عدد مراكز الإيواء  874 مركزاً غالبيتها مدارس تحولت إلى مراكز إيواء موقتة، تُقدم مساعدات إنسانية محدودة.

للإطلاع على أوضاع النازحين في لبنان راهناً، وما يمكن أن تقوم به الدولة اللبنانية في أكبر أزمة نزوح داخلية، بخاصة أن لا أفق لانتهاء الحرب قريباً، أجرت "إندبندنت عربية" مقابلة خاصة مع وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار.

يقول الوزير المعني بشكل مباشر بأزمة النزوح الراهنة إن "الكارثة كبيرة جداً وقيمة الأضرار المادية تخطت حتى الآن 3 مليارات دولار، وفق دراسات يجريها البنك الدولي، أما المساعدات المالية فلا تزال محدودة ومشروطة ولم تبلغ الـ50 مليون دولار بعد، فيما هناك حاجة إلى 425 مليون دولار" وفق تحديد حكومة تصريف الأعمال اللبنانية.

ورفض الوزير المنتمي إلى "التيار الوطني الحر" المقاطع جلسات حكومة تصريف الأعمال، إعطاء موقف واضح ومباشر من "حرب الإسناد" التي أعلنها "حزب الله"، مكتفياً بعبارة يكررها رداً على هذا السؤال وغيره، "أنا أدعم كل عمل مقاوم عندما يتم احتلال أرضنا، وليقيّم الحزب بنفسه ما إذا كان أخطأ أم لا في دخول الحرب".

واعترف حجار بأن "الحرب ستحدث تغييراً كبيراً في منطقة الشرق الأوسط"، وأن "التحول الكبير له كلفة عالية، والفاتورة التي سيدفعها لبنان باهظة"، داعياً إلى "العمل من خلال الدهاء السياسي إلى تقليص الكلفة، ووضع إسرائيل في الزاوية من خلال سحب المسوغ والعمل بالإمكانات الدبلوماسية لمنعها من تنفيذ مخططها".

المهمة الصعبة 

يعترف وزير الشؤون الاجتماعية "نحن أمام كارثة كبيرة"، ويقول "كان يجب أن نتحسب لها منذ عام، ولكن الوقت الآن ليس لانتقاد بعضنا وإنما لتسخير عقلنا ومشاعرنا وأحاسيسنا وطاقاتنا وقدراتنا للتفكير معاً بعقل بارد لمواجهة هذه الكارثة". وبدأ حجار العمل على الأرض منذ بدء التصعيد الإسرائيلي ضد لبنان من خلال الاستعانة بالمجموعة نفسها التي تعاونت معها وزارة الشؤون الاجتماعية في أزمة وباء كورونا قبل سنوات، وكلفها مساعدة هيئة الطوارئ الحكومية عن بعد، والعمل على إيجاد ملاجئ بديلة عن المدارس والاستعانة بـ "داتا" متوافرة لدى قسم الهندسة والتخطيط في الجيش اللبناني. واعترف حجار بصعوبة إيجاد مراكز إيواء بديلة من المدارس، والتي "تحتاج إلى قرار سياسي وأموال" كما يقول، فالنازح الذي وجد صعوبة في ترك منزله والتأقلم على مركز إيوائه سيجد صعوبة في انتقاله مرة ثانية إلى مركز جديد، أما الخيارات المتاحة عن المراكز البديلة فهي وفق الوزير المعني مزيجاً من الأفكار، رافضاً الإفصاح عنها وكاشفاً عن أن "الخيم هي آخر الخيارات على أبواب فصل الشتاء، ويمكن اللجوء إلى المنازل الجاهزة (Prefabricated houses) والمراكز الرديفة"، لكنه يؤكد في الوقت نفسه "رفض التسليم بمخطط إسرائيل والتصرف وكأنهم لن يعودوا لقراهم وبيوتهم".
وهذا الموضوع يحتاج، بحسب حجار، "إلى حوار هادئ آملاً في الوصول إلى حل قريب، ليس فقط بسبب الشتاء إنما لتفادي تطيير العام الدراسي لطلاب المدارس الرسمية وعدد من المدارس الخاصة التي تحولت إلى مراكز إيواء".

لماذا تأخرت الاستعدادات؟

ويتجنب وزير الشؤون الاجتماعية الخوض في تحديد المسؤوليات وأسباب التقاعس الرسمي في تأمين الملاجئ والمراكز للنازحين، على رغم التحذيرات الجدية بتوسع الحرب على لبنان، ويؤكد أنه سبق وطالب خلال زيارة إلى الجنوب ومن السراي الحكومي ببيروت "باجتماع طارئ للوزراء المعنيين بالكارثة التي يمكن أن تقع".

ويتابع، "حصل لقاء يتيم تخلله حوار غير مجد، وأخذونا سامحهم الله إلى عمل تقني فقط من دون اللقاء السياسي المعمق للبحث بكيفية إدارة الأمور وإيجاد البدائل"، معتبراً أن "الوقت الآن ليس للانتقاد بل للعمل معاً، وعملية الاستئثار بالقرار لا تفيد، ونحن ندرك أن حكومتنا هي حكومة تكنوقراط ووزاراتنا هي سيادية وفي صلب هذه الأزمة وفريقنا سيادي وتضحياته كبيرة في هذا المجال".

المساعدات مشروطة وأقل من المطلوب

وفي مؤشر واضح على عمق الكارثة، يكشف الوزير اللبناني أن آخر التقارير التي وردته تفيد بأن حجم المساعدات الدولية لم يبلغ الـ50 مليون دولار، وهي بحسب ما يشرح "أموال مشروطة بمعنى أنها محددة، إما للغذاء وإما للأدوية والطبابة، والنسبة الأقل مخصصة للإيواء، وهذا أمر مستغرب"، ويؤكد أن "لبنان لا يزال في المرحلة الأولى من الإغاثة، وعدم توافر التمويل سيكون له تبعات سلبية في مقدمها الأمن الغذائي، بينما بدأ الكلام عن عدم القدرة على تأمين ثلاث وجبات يومياً، وبعض المراكز لن تسلم إلا وجبة واحدة"، وأمام هذا الواقع "هناك صعوبة في توفير البدائل"، ويضيف حجار متسائلاً "إذا كان الطعام غير متوفر بسبب النقص في الأموال فكيف بتأمين مراكز إيواء بديلة تحتاج إلى مياه وكهرباء وتدفئة، ومن سيتحمل مسؤوليتها؟ وإذا لم تحصل استجابة كبيرة فنحن مقبلون على أزمة كبيرة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تزوير وسلاح بين أيدي النازحين

وتحدث حجار عن "أعمال تزوير يقوم بها بعض النازحين في بعض المناطق"، رافضاً الكشف عنها، تتعلق بمحاولات "الاستفادة من الإيجارت وتسجيل أسماء غير موجودة في مراكز الإيواء، وطلب المساعدات بشكل مضاعف عن حاجتهم"، ويتوجه إلى هؤلاء بالقول "لا تلعبوا هذه اللعبة، فعلى مستوى الضمير أنتم تلعبون بالأمن الغذائي والصحي للناس، ولن نقبل أن تمر هذه الأمور، ومن جهتي لن أسكت عن أي حالة من هذا النوع"، ويضيف "الذهاب إلى اختلاق قصصٍ ضد الوزارات وفبركة أفلام لموظفي الوزارات لتغطية عوراتكم فهذا لن نسكت عنه".

ويغمز من منتقدي وزارته من الإعلاميين شارحاً أن "موظفي وزارة الشؤون الاجتماعية يعملون في ظروف صعبة، وهناك 1000 موظف نازح، وأربعة قتلى من بينهم، وجرحى، وبيوتهم مدمرة"، ويؤكد أنه يعمل وفق خطة وضعتها الوزارة تدعم بقاء المواطن الجنوبي في قريته، لتجنب تفاقم النزوح إلى بيروت".
وعن وجود السلاح في أماكن الايواء يعترف حجار بأنه سمع عن هذا الموضوع وطلب من فريق الوزارة والأجهزة متابعة المسألة، وعبّر عن رفضه القاطع لوجود سلاح مع النازحين وخاطبهم قائلاً "إلى أهلنا الذين نقدر مصابهم ونقدر وضعهم، مراكز الإيواء ليست للشعارات السياسية والصور وليست لإدارةٍ حزبية، وهي مراكز لخير الجميع ومن أجل الجميع، وهي تابعة لوزارتَي التربية، والشؤون الاجتماعية". وأضاف "من أجل حماية الأطفال والنساء وكبار السن علينا بتدبيرٍ شخصي والأحزاب المعنية بهذا الموضوع إعطاء علم لمرجعياتهم أن السلاح يجب ألا يكون موجوداً مع النازحين لا في السيارات ولا في المدارس"، ورأى أن "السلاح يجب أن يكون على الجبهات ومن لديه رغبة في القتال فلينتقل إلى هناك، مطالباً بإعلان دولي صادر عن الأمم المتحدة ينص على حماية مراكز الإيواء، وداعياً إلى "عدم خلق مبررات قد تؤدي إلى مزيد من المشكلات". 

هل تنهي الحرب ملف النازحين السوريين؟

ومنذ توسع الحرب على لبنان وبالتزامن مع حركة النازحين اللبنانيين في الداخل، شهدت عودة اللاجئين السوريين لبلادهم حركة لافتة، وبلغ عدد العائدين حتى الآن حوالي 230  ألف نازح سوري.
وأفاد وزير الشؤون الاجتماعية بأنه منذ بداية حرب الإسناد التي أعلنها "حزب الله"، أجرى سلسلة اتصالات مع مسؤولين في الأمم المتحدة ومع المنظمة الدولية لشؤون اللاجئين ومع رئيس الحكومة والوزراء المعنيين وأبلغهم عن وجود 200 ألف نازح سوري في الجنوب يجب التشاور حول وضعهم، وذكّر بالاقتراح الذي قدمه في شأن بناء مخيم كبير على الحدود اللبنانية - السورية، لكن الرد كان بأن تشييد المخيم يحتاج إلى ثلاثة أشهر، ويضيف "لو كنا باشرنا بذلك منذ بداية حرب غزة لكنا اليوم مستعدين في الأقل لنقل النازحين السوريين الموجودين حالياً على الطرقات في صيدا وزحلة وبيروت إلى مراكز آمنة، إذ يعكس مشهدهم صورة غير جميلة عن الدولة اللبنانية، إضافة إلى أخطار انتشار الأمراض بسبب غياب وسائل النظافة"، ويجدد أنه منفتح على الحلول وأنه وضع إطار حل لكل الموجودين على الطرقات وينتظر الأجوبة عنه.

ويؤكد حجار أنه "مع تفاقم الوضع الأمني في لبنان نتيجة الحرب، اجتاز الحدود اللبنانية - السورية في الأسابيع الماضية حوالي 230 ألف سوري، ولم تتأثر حركة العودة كثيراً بالإقفال القسري للمعبر الرسمي جراء القصف الإسرائيلي نظراً لوجود معابر عدة غير شرعية".

وإذ يكشف أنه قد يزور سوريا خلال الأيام المقبلة لمتابعة هذا الملف وقضايا تتعلق بالجمرك والحدود، يشدد على أن النازحين السوريين يمكنهم الاستفادة حالياً من العفو الممنوح من الرسوم، ورداً على سؤال عما إذا كانت الحرب هي البداية الفعلية لإنهاء ملف النازحين السوريين في لبنان، فإنه يعود لما سبق وقاله بأنه "قد يأتي حدث ويغير الأمور وشاء أن يكون هذا الحدث حرب، وهذا ما لم نكن نتمناه، وربما تكون هذه فرصة للتغيير في نمط عودة السوريين لبلادهم، وفي نمط المبادرات الدولية".

ويراهن حجار على التغير الحاصل في النداء المتعلق بلبنان وسوريا من قبل المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي وهذا تطور في التفكير، داعياً إلى "إعادة النظر بالخطط التي وضِعت تجنباً لافتقاد الدور والبقاء خارج اللعبة".

اقرأ المزيد

المزيد من حوارات