ملخص
اتفقت حركتا "حماس" و"فتح" على تشكيل لجنة مجتمعية لإدارة غزة، وهذا الحل يشبه مقترح إسرائيل في تشكيل إدارة محلية تتبع لإشراف دولي تدير غزة بدلاً من "حماس".
في اللقاء الذي جمع حركتي "فتح" و"حماس" اتفق الطرفان على تشكيل "لجنة الإسناد المجتمعي"، وهي فكرة مبتكرة تتجاوز أية خطط إسرائيلية يطرحها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في شأن اليوم التالي للحرب.
برعاية الوسيط المصري، التقت حركتا "فتح" و"حماس" في العاصمة القاهرة، وهناك عقد الفصيلان اجتماعاً طويلاً بحث خلاله الجانبان ملف إدارة قطاع غزة بعد الحرب، وهذا الموضوع من أكثر الأمور التي تواجه الفلسطينيين تعقيداً.
إدارة غزة ملف صعب
فكرة إدارة غزة بعد الحرب ليست بالأمر السهل، إذ تصر إسرائيل على عدم وجود "حماس" ولا "فتح" في اليوم التالي للحرب، ويقترح نتنياهو خلق هيكل حكومي جديد في غزة يكون بدعم دولي وقوات حفظ سلام وإشراف عسكري من تل أبيب.
ترفض الفصائل وحتى الجهات الرسمية المقترحات الإسرائيلية في شأن حكم القطاع، ويعتبرون أن مستقبل غزة أمر داخلي للفلسطينيين ولا علاقة لتل أبيب فيه، ولكن الفلسطينيين أنفسهم لا يستطيعون الاتفاق على شكل حكم يوحدهم ويمثلهم أمام العالم.
يعيش الفلسطينيون انقساماً سياسياً وجغرافياً قديماً، إذ تحكم السلطة الضفة الغربية، بينما تسيطر "حماس" على قطاع غزة. خلق هذا التشتت حالاً من الضعف للقضية، ومنذ عام 2007 يفشل الطرفان في الاتفاق والتوحد، لكن الحرب أجبرتهما على التلاقي درءاً للمساعي أو المحاولات الهادفة إلى خلق واقع جديد يقضي على القضية الفلسطينية.
لقاء مهم وأربعة مقترحات
في أية حال، فإن اللقاء الذي جمع حركتي "فتح" و"حماس" يعد مهماً للغاية بسبب توقيته وطبيعة المجتمعين والملفات التي يناقشها، إذ جاء بعد حديث إسرائيل عن قرب انتهاء مهمة قواتها في غزة، وإعلان نتنياهو عن بدء بحث مستقبل غزة واليوم التالي للحرب.
ولمحاولة قطع الطريق على نتنياهو، يحاول الفلسطينيون البحث عن حلول متفق عليها بين الفصائل يقدمونها للعالم على أنها أفكار قابلة للتحقيق، ولهذا اتفقت "فتح" و"حماس" على تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة غزة وملفاتها.
في الاجتماع الفصائلي، قدم لـ"حماس" و"فتح" أربعة مقترحات، الأول تشكيل لجنة محلية لإدارة غزة منفصلة عن السلطة، والثاني تشكيل إدارة عربية-أميركية-إسرائيلية تدير غزة فقط، واقتراح ثالث بتشكيل إدارة أميركية- إسرائيلية-فلسطينية، أما الرابع فكان تشكيل لجنة مجتمعية لمساندة قطاع غزة.
تفاصيل لجنة الإسناد المجتمعي
وبعد مفاوضات عميقة بين "فتح" و"حماس" أشرف عليها الوسطاء المصريون، جرى الاتفاق على تبني المقترح الرابع وتنفيذه، يقول القيادي في حركة "فتح" أيمن الرقب "إذا تم هذا الأمر فيه مصلحة كبيرة للفلسطينيين، من شأنه أن يؤسس لوحدة وطنية تواجه الحرب وتصفية القضية وتهديد مستقبل وجود سكان غزة على أرضهم".
ويضيف الرقب "لجنة الإسناد المجتمعي هي إطار منبثق عن حكومة التكنوقراط الفلسطينية التي من شأنها أن تدير غزة والضفة على حد سواء، هذه اللجنة تتبع إدارياً للسلطة الفلسطينية، ولكنها تتشكل من أعضاء غير منتمين للفصائل الفلسطينية".
وبحسب معلومات "اندبندنت عربية"، فإن مهمة لجنة الإسناد المجتمعي تتلخص في إدارة الملفات السيادية التي تمثل الدولة مثل المعابر والصحة والإغاثة والإيواء والتنمية الاجتماعية والتعليم، ومن ثم إعادة الإعمار.
يوضح الرقب أن اللجنة الجديدة ستكون جزءاً من النظام السياسي الفلسطيني، وستتولى الشؤون المدنية بما في ذلك الأعمال الشرطية، ومن ضمن مهماتها إعادة بسط الأمن في غزة بصورة تدرجية، وبعد ذلك اعتماد الموظفين المدنيين الذين عينتهم "حماس" في السلك الحكومي الرسمي الفلسطيني.
ويشير إلى أن لجنة الإسناد المجتمعي تتشكل من 10 إلى 15 عضواً مهنياً، وأول مهمة لهم إدارة معابر رفح، فيما سيكون تمويل اللجنة من جهات دولية داعمة ومن موازنة الحكومة الفلسطينية والجباية الداخلية.
تشبه المخطط الإسرائيلي
ويبدو أن هذا الاتفاق سوف يكتب له النجاح هذه المرة ويمكن تطبيقه على أرض الواقع، إذ جرى التوصل إليه بعد محادثات عميقة دارت بين رئيس مفاوضي "حماس" خليل الحية الذي يشغل منصب نائب رئيس الحركة أيضاً، ونائب رئيس حركة "فتح" محمود العالول الذي يشغل منصب مستشار رئيس السلطة محمود عباس.
يقول الباحث في الشؤون السياسية مؤمن قاسم "انطلاقاً من طبيعة هاتين الشخصيتين اللتين تديران اللقاء، يمكن القول إن القرار جاء من أعلى مستوى بين ’حماس‘ و’فتح‘، وإنه يمكن أن ينجح ما لم تفرض إيران أجندة على حركة ’حماس‘".
ويضيف "كفكرة مبتكرة فإن لجنة الإسناد المجتمعي تعد أفضل الحلول، وتلبي مطالب ’حماس‘ و’فتح‘، لأن الأولى تصر على تشكيل حكومة تجمع الكل ومن دون فصائل وهذه صفات اللجنة الجديدة، وكذلك تطلب إعادة بناء غزة من خلال جهة مستقلة وهذه صفات اللجنة، وتلبي رغبات ’فتح‘ في أنها تتبع للسلطة الفلسطينية بقيادة عباس".
بنظرة أبعد يرى قاسم أن لجنة الإسناد المجتمعي تتوافق مع الحلول الإسرائيلية التي ترفض قيام حكومة السلطة الفلسطينية بإدارة قطاع غزة وتصر على لجنة محلية برعاية دولية، وهنا يقول قاسم "لجنة الإسناد المجتمعي أعضاؤها محليون وتمويلها دولي وتحظى بإشراف إسرائيلي وأميركي، هذا يعني أنها قد تجد موافقة من نتنياهو".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
موقف "حماس" وإسرائيل
ماذا عن موقف "حماس"، يجيب عن هذا السؤال عضو المكتب السياسي للحركة باسم نعيم، قائلاً "نؤيد كل الحلول ولا نعارض وجود دور السلطة الفلسطينية، ونقبل بما يوافق عليه الشركاء في ’فتح‘".
ويضيف في تصريح خاص "نحن معنيون بإدخال المساعدات وإغاثة سكان القطاع والشروع في إعادة الإعمار وهذه مهمات لجنة الإسناد المجتمعي التي تمهد لتشكيل الحكومة لاحقاً، الجهود التي تبذلها ’حماس‘، تأتي في سياق رفض أي مخططات إسرائيلية لفصل القطاع عن الضفة الغربية، وأبلغنا الجانب المصري بموقفنا من فكرة اللجنة".
في إسرائيل جاء الرد على هذا الاجتماع الفصائلي من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نفسه، إذ قال "لا جدوى من أي نقاش حول الإدارة المستقبلية لقطاع غزة قبل القضاء على ’حماس‘، الخطابات حول اليوم التالي مجرد كلام فارغ طالما بقيت ’حماس‘ على ما هي عليه".