Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تكفي زيادة الأجور لوقف تآكل دخول الأردنيين؟

رفع الحد الأدنى إلى 420 دولاراً في 2025 ومراقبون يرجعون القرار إلى أسباب سياسية واقتصادية

سيارات متراصة على طول أحد الشوارع قرب العاصمة الأردنية عمان (أ ف ب)

ملخص

يعاني المواطن الأردني منذ 12 عاماً من ثبات الأجور وارتفاع الأسعار وخفض القدرة الشرائية، ولا يزيد متوسط الأجر في الأردن على 640 دولاراً بينما تشير التقديرات إلى حاجة العائلة إلى 1500 دولار شهرياً.

تتجه الحكومة الأردنية إلى رفع الحد الأدنى للأجور إلى 300 دينار (420 دولاراً) بدءاً من عام 2025، بعد أن كان لا يتجاوز 260 ديناراً (366 دولاراً)، استجابة للضغوط الاجتماعية والاقتصادية والمخاوف السياسية.

وتشهد البلاد تضخماً غير مسبوق وارتفاعاً لكلف المعيشة، بموازاة ارتفاع نسب البطالة والفقر والمديونية العامة، لكن مراقبين يعتقدون أن رفع الحد الأدنى للأجور على رغم أهميته لن يشكل فارقاً كبيراً في مستوى حياة الأردنيين، الذين يعانون ثبات الأجور لأكثر من 12 عاماً متوالية. ويطالب المراقبون باتخاذ قرارات موازية من قبيل تحسين السياسات الاقتصادية وضبط الأسعار وتعزيز برامج الدعم والحماية الاجتماعية للطبقات الفقيرة.

حزمة قرارات

يؤكد وزير العمل خالد البكار أن وزارته ملتزمة قرار رفع الحد الأدنى للأجور ولا تراجع عنه وسيطبق مطلع عام 2025، بموازاة قرارات أخرى متوقعة كتعديل قانوني العمل والضمان الاجتماعي ودراسة واقع العمالة الوافدة وتأثيرها في فرص العمل للأردنيين.

بينما يقول رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن خالد الفنطاسة، إن رفع الحد الأدنى للأجور أصبح حقاً وجوبياً بعد مرور أكثر من خمسة أعوام تقريباً على بقائه ثابتاً عند 260 ديناراً (366 دولاراً).

 

 

بحسب البيانات الرسمية المتاحة، شهد الأردن ارتفاعاً كبيراً في أسعار الغذاء والسكن والتعليم. وتقدر دراسات اقتصادية كلف المعيشة الشهرية لعائلة متوسطة ما بين 1000 و1500 دولار وهو ما يفوق الحد الأدنى للأجور بأكثر من أربعة أضعاف.

ويقول البنك الدولي، إن الفقر في الأردن يرتبط بصورة كبيرة بارتفاع كلف المعيشة، ولذلك تعيش نسبة كبيرة من الأردنيين تحت خط الفقر خلال فترات معينة من السنة، بسبب الكلف المتزايدة. ووفقاً لدائرة الإحصاءات العامة فإن متوسط الأجور والرواتب التي يتقاضاها الأردنيون شهرياً لا تزيد على 640 دولاراً.

عائق التضخم

يتحدث مواطنون أردنيون عن أن زيادة الأسعار تتخطى الزيادة في الأجور بكثير، مما يفاقم من مشكلة القدرة الشرائية ويزيد من الأعباء على الأسر المتوسطة والفقيرة، إضافة إلى ذلك، وعلى رغم أن رفع الأجر يعزز العدالة في سوق العمل، فإنه قد يفرض تحديات على الشركات الصغيرة والمتوسطة التي قد تجد صعوبة في تحمل كلف أجور أعلى، مما قد يؤدي إلى تقليل فرص التوظيف أو حتى زيادة البطالة في بعض القطاعات، مما دفع متخصصين للمطالبة بإصلاحات اقتصادية أوسع تشمل دعم الطبقات الفقيرة والمتوسطة، وتعزيز سياسات الحماية الاجتماعية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في عام 2020 قررت الحكومة رفع الحد الأدنى للأجور إلى 260 ديناراً (366 دولاراً) للعامل الأردني ورفعه تلقائياً في كل عام مقبل بناء على معدل التضخم، لكن جائحة كورونا ألقت بظلالها على القرار بصورة سلبية وعرقلته تماماً، خصوصاً مع ارتفاع الأسعار ووضوح أثار التضخم والكلف على المواطنين.

لكن المتخصص في الشأن الاقتصادي حسام عايش، يرفض الاعتماد فقط على معدل التضخم في زيادة الحد الأدنى للأجور، مشيراً إلى الحاجة لابتكار طرق تعوض العاملين عن الأسعار التي ارتفعت أخيراً ومهددة بزيادة الارتفاعات.

وأوضح عايش أن زيادة الأسعار مع ثبات الدخل سيرفع معدل تراجع دخل الأسر إلى ما بين 10 و15 في المئة، من ثَم العزوف عن الخدمات والسلع والتوجه نحو أخرى أقل جودة وصحة.

قرار اقتصادي أم سياسي؟

يقول مراقبون، إن قرار رفع الأجور مرتبط بالدرجة الأولى بما تشهده دول جوار للأردن من تطورات جيوسياسية، وخشية الحكومة الأردنية من استثمار تيارات سياسية لحالة الغضب في الشارع على وقع معدلات مرتفعة للفقر والبطالة والأسعار والضرائب بموازاة ثبات للأجور منذ أكثر من 12 عاماً متتالية.

ويؤكد أحمد عوض مدير المرصد العمالي أن ثمة أسباباً سياسية في ظل الأوضاع الملتهبة في المنطقة، فإن تجاهل الأبعاد الاقتصادية في ظل الأزمات قد يضعف قدرة الأردنيين على مواجهة التحديات على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

ويعرف عوض الحد الأدنى للأجور بأنه أقل مستوى من الأجر الذي يجب أن يحصل عليه العامل لتغطية حاجاته الأساسية وضمان حياة كريمة له ولأسرته. ويضيف أن الهدف منه توفير دخل يمكن الأفراد والأسر من تلبية حاجاتهم الأساسية، وهي في رأيه ركيزة أساسية تعتمدها معظم الدول لتحقيق التوازن الاجتماعي والحد من الفقر وتعزيز الحماية الاجتماعية.

ويشدد عوض على أهمية الحد الأدنى للأجور خصوصاً للداخلين الجدد إلى سوق العمل وذوي المهارات المحدودة ودور ذلك في تحقيق العدالة الاجتماعية.

 ووفقاً للمرصد العمالي الأردني فإن الحد الأدنى للأجور الحالي، بعيد كل البعد من تغطية حاجات الأسر الأساسية، كما أن التعديل الجديد لا يزال غير كاف لمواجهة التحديات الاقتصادية الحالية.

واقع الأجور

وخلال الأعوام الـ20 الماضية، ارتفع الحد الأدنى للأجور في الأردن بصورة تدريجية ومتقطعة من 85 ديناراً (120 دولاراً) عام 2000 إلى 260 ديناراً (366 دولاراً) حالياً، استجابة لضغوط اجتماعية واقتصادية، وتغيرات في كلف المعيشة.

كانت الرواتب في الأردن تعتمد إلى حد كبير على التخصصات والقطاعات، مع تفاوت واضح بين العاملين في القطاعين الحكومي والخاص، إذ تمتع العاملون بالقطاع الحكومي باستقرار وظيفي وأجور ثابتة بينما كان العاملون في القطاع الخاص يعانون عدم استقرار الأجور، لكن هذا الأمر انقلب تماماً بعد مرحلة الخصخصة وتخلي الدولة عن رعايتها للمواطن، وهي مرحلة امتازت بانفتاح اقتصادي متزايد، بما في ذلك تحرير الأسواق.

 

 

ومع اندلاع ثورات "الربيع العربي" في المنطقة وتأثر الأردن بالتداعيات الاقتصادية الإقليمية، شهدت البلاد ركوداً اقتصادياً، وزيادة البطالة وتزايد الضغط الشعبي على الحكومة لتحسين الأجور كجزء من المطالب الاجتماعية.

يتحدث المركز الأردني لحقوق العمل "بيت العمال" عن فجوة كبيرة بين أجور الرجال والنساء سواء في القطاعين الخاص أو العام وتصل إلى 16 في المئة. مع اعتقاد سائد بأن الرجل هو المعيل الوحيد للأسرة، على رغم أن الأسر التي تعيلها امرأة في الأردن تبلغ 20 في المئة.

كما أن متوسط الدخل الشهري للعاملين في القطاع العام أعلى 29 في المئة من متوسط الدخل في نظيره الخاص، على رغم محدودية فرص العمل المتاحة فيه التي لا تتجاوز 8 آلاف فرصة سنوياً.

في المقابل كشفت دراسة لجمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، حول معدل الأجور في الأردن أن نحو 35 في المئة من العمال الأردنيين يتلقون أجراً أقل من 260 ديناراً (366 دولاراً) وهو الحد الأدنى للأجور حالياً، بينما يتلقى 16 في المئة فقط أجراً مساوياً للحد الأدنى.

ومنذ عام 2010، رفعت الحكومة الأردنية الرواتب مرة واحدة فقط وشملت زيادات للموظفين في القطاع العام والمتقاعدين المدنيين والعسكريين. وتراوحت الزيادات بين 15 في المئة و20 في المئة بينما حصل المتقاعدون على زيادات تراوح ما بين 10 (14 دولاراً) و80 ديناراً (113 دولاراً) شهرياً.

المزيد من العالم العربي