Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأردن قلق من تسلل شعارات "حزب الله" إلى أراضيه

مراقبون يحذرون من تيارات تحاول تفريغ مشاعر الاحتقان السياسي والاقتصادي

حاول الأردن تأمين نفسه من أي تحركات "حزب الله" على أراضيه (أ ف ب)

ملخص

تتسم مواقف الأردن الرسمية تجاه "حزب الله" بالحذر الشديد وينظر إليه على أنه ذراع إيرانية تهدد استقرار المنطقة.

للمرة الأولى على الإطلاق وبصورة غير مألوفة، يتردد هتاف "لبيك حزب الله" في العاصمة الأردنية عمان، بعد ساعات قليلة من الإعلان عن اغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله. لكن صدى هذه الهتافات أثار جدلاً واسعاً وقلقاً على المستويين الرسمي والشعبي، ومخاوف من احتمالية تشكل بيئة حاضنة للحزب في الأردن، وما قد يترتب على ذلك من تبعات أمنية وسياسية.

ويقول مراقبون إن المجتمع الأردني الذي يمتاز بتنوع الانتماءات السياسية قد يكون تربة خصبة لأي فكر خارجي لاعتبارات عدة أهمها وجود تيارات سياسية تحاول التمرد على السياسة الخارجية الأردنية والتشويش على الموقف الرسمي لعمان، فضلاً عن تفريغ مشاعر الاحتقان السياسي والاقتصادي.

ومبعث القلق الأردني هو حول تسلل الفكر الذي يمثله "حزب الله" إلى الشارع الأردني الذي ظل على مدى عام كامل من التظاهرات المؤيدة لغزة، عصياً على الاختراق من قبل أجندات مشبوهة أو فئات هدفها إحداث فوضى.

هل من شعبية لـ"حزب الله" وإيران؟

تاريخياً، لم يحظَ "حزب الله" بشعبية كبيرة في الشارع الأردني باستثناء فترة ما بعد 2006، لكن لاحقاً اتضح أن ثمة عداء نسبياً للحزب ولإيران بين الأردنيين بسبب سياساتهما في سوريا والمنطقة، إلا أن هناك شريحة صغيرة غالبيتها من أنصار التيارات والأحزاب اليسارية والقومية المستاءة من الموقف الرسمي، تحاول الضغط على الحكومة الأردنية التي تميل إلى التوازن في علاقاتها الإقليمية، لاتخاذ مواقف غير محسوبة النتائج، مما ترفضه عمان منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وعلى رغم ذلك، فإن استطلاعات الرأي التي أجريت خلال الأعوام الأخيرة، من بينها استطلاع أجراه مركز "الباروميتر العربي"، تشير إلى أن هناك نسبة محدودة جداً من الأردنيين تعتبر "حزب الله" مقاوماً لإسرائيل على رغم تراجع هذه النسبة مع مرور الوقت، بخاصة بعد تورطه في الصراعات الإقليمية.

 

 

والمزاج الشعبي تجاه "حزب الله" عبر عنه أيضاً استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية قبل أعوام كشف عن انخفاض جوهري في نسبة من يعتبرون الجماعة اللبنانية حركة مقاومة مشروعة.

الأردن الرسمي حذر

في موازاة ذلك، تتسم مواقف الأردن الرسمية تجاه "حزب الله" بالحذر الشديد، إذ ينظر إليه على أنه ذراع إيرانية تهدد استقرار المنطقة، ومنذ اندلاع المواجهة بينه  وإسرائيل قبل أسبوعين يحاول الأردن تجنب تداعيات الحرب في لبنان سياسياً أو اقتصادياً وأمنياً.

وثمة ضغط شعبي يمارسه الرأي العام في الأردن على الحكومة لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه إسرائيل، في موازاة مخاوف من تأثير ما يحدث في التجارة والطاقة والإضرار بخطوط الإمداد أو حصول ارتفاع كبير في أسعار النفط أو الغاز بسبب النزاع وتراجع السياحة الأردنية التي تُعدّ قطاعاً حيوياً في الاقتصاد.

كما يبدي أردنيون خشيتهم من تبعات نزوح لاجئين لبنانيين في حال اتسعت رقعة الحرب، مما سيزيد من الضغوط على البنية التحتية الأردنية ويشكل تغييراً لخريطة الديموغرافيا في البلاد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعبر وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي عن موقف بلاده إزاء ما يحدث بالإشارة دوماً إلى الدولة اللبنانية من دون التطرق إلى "حزب الله" بالقول إن الأردن يقف بالمطلق مع لبنان وأمنه وسيادته وسلامة مواطنيه، ويدعم جهود الدولة في بيروت لتطبيق قرار مجلس الأمن 1701 بالكامل وإعادة نشر قوات الجيش اللبناني في الجنوب، كما يدعم انتخاب رئيس جديد وتفعيل مؤسسات الدولة اللبنانية وحمايتها وتمكينها.

أزمة ثقة

كان الأردن على الدوام قلقاً من وجود "حزب الله" على حدوده مع سوريا، خصوصاً بعدما وجه الحزب تهديداً مبطناً لعمان أكثر من مرة، وكذلك في انتقاده مناورات "الأسد المتأهب" التي تجري بصورة دورية في الأردن بمشاركة قوات أميركية.

ومنذ عام 2006 رصدت الأجهزة الأمنية محاولات من "حزب الله" لاختراق الساحة الأردنية، مما دفع مراقبين إلى الاعتقاد بوجود خلايا نائمة للجماعة اللبنانية على الأراضي الأردنية.

وفي 2011 ومع بوادر التحاق الأردن بـ"الربيع العربي"، ظهرت مخاوف من اختراق "حزب الله" لقوى الحراك الأردني، بخاصة في صفوف اليسار وجماعة الإخوان المسلمين.

وبحسب الأجهزة الأمنية الأردنية، جنّد "حزب الله" عام 2011 عناصر أردنيين في صفوفه للقيام بعمليات عسكرية ضد إسرائيل وتم تدريب أفراد الخلية على استخدام برنامج تشفير الرسائل وتزويد العقل المدبر ببريد إلكتروني للتواصل.

وفي 2016، وافق الأردن على تصنيف وزراء الخارجية والداخلية العرب "حزب الله" اللبناني منظمة إرهابية، وفهم ضمنياً من هذا الموقف أنه موقف رسمي، إلا أن الحكومة لم تعلن ذلك رسمياً كما حدث مع تنظيم "داعش" وأبقت الباب موارباً، خصوصاً أن الحكومة اللبنانية لم تخلُ من أعضاء في فريقها الوزاري منذ ذلك الحين ينتمون إلى "حزب الله".

في الشأن ذاته، أقر الأمين العام لـ"حزب الله" الراحل حسن نصرالله في بيان منشور على موقع الحزب الإلكتروني بعلاقة جماعته بأفراد خلية اعتقلتهم السلطات الأردنية في 2019، وقال إن الموقوفين تابعون للحزب وهو من أرسلهم وإنه جرى البحث عن وسطاء لإطلاق سراحهم، مما أكد المخاوف الأردنية.

اليسار والإخوان

وخلافاً لما هو متوقع، قالت مصادر داخل الإخوان المسلمين إن الجماعة تراجعت عن نشر بيان نعت فيه نصرالله وسحبته من وسائل التواصل الاجتماعي بعد ساعات تحت ضغط التيار المتشدد من أنصارها، فضلاً عن الحسابات السياسية للجماعة التي فازت للتو بحصة وازنة من مقاعد مجلس النواب الأردني.

بينما اتسمت الحاضنة الاجتماعية المحدودة لـ"حزب الله" في الأردن بقربها من التيارات اليسارية والقومية التي تعمدت رفع صور نصرالله في تظاهرات قبالة السفارة الإسرائيلية في عمان، وأقامت له بيت عزاء داخل مقر حزب الوحدة الشعبية الذي يمثل هذه التيارات.

 

 

على صعيد متصل ووفقاً لاستطلاع "الباروميتر العربي"، سجل الرضا عن إيران مستويات متدنية في الأردن وبنسبة (25 في المئة)، كما أن أكثر من نصف الأردنيين لا ينظرون بإيجابية إلى مساعي وسياسات طهران في المنطقة ويعتقدون بأن نفوذ إيران في المنطقة يشكل تهديداً خطراً لمصالح الأمن القومي لبلدهم.

مزايدات وتحشيد

وفي تعليق له يقول الكاتب والمحلل السياسي حسين الرواشدة إن ‏من حق الأردنيين أن يشعروا بالقلق على بلدهم وإن ثمة توافقاً على وقوعه في دائرة الاستهداف، وطالب الأردنيين في الشارع بوقف المزايدات والوقوف مع الدولة والدفاع عن وجودها وحدودها ومصالحها من دون أن يعني ذلك الاعتراف أو الاحتفاء بـ"سايكس بيكو" أو التنازل عن الواجب العروبي والديني ونصرة الأشقاء في لبنان.

وأضاف، "دعونا من شعارات ’لبيك‘ التي نخجل من التعليق عليها ولنبتعد من الثنائيات القاتلة ومن الشحن والتحشيد، ولنكن تحت عنوان الدولة والهوية والرموز الأردنية"، مشيراً إلى أن الأردنيين في دولة وليس تنظيم مقاومة، ولديهم حساباتهم وإمكاناتهم وخياراتهم التي تقررها الدولة وليس أي طرف آخر.

وقال وزير الإعلام الأردني السابق سميح المعايطة بدوره إن إيران ترى في ما يحدث لـ"حزب الله" شأناً لبنانياً داخلياً، بينما يوجه بعض المتظاهرين الأردنيين إساءات لرجال الأمن في عمان ويرفعون صور حسن نصرالله وأعلام حزبه، مردفاً أن "بعضهم يسعى إلى تكرار نموذج لبنان الدولة الشكلية التي تحكمها ميليشيات".

المزيد من متابعات