Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حي المزة الدمشقي تحت القصف الإسرائيلي

استهدفته الغارات الجوية على رغم أنه يمتاز بالهدوء

"الحرس الثوري" و"حزب الله" يفضلون الإقامة في المزة قرب السفارة الإيرانية (اندبندنت عربية)

ملخص

شهد حي المزة أخيراً غارة إسرائيلية استهدفت مبنى سكنياً وأدت إلى مصرع تسعة أشخاص مدنيين بينهم نساء وأطفال وجرح 11 شخصاً، بينما تداولت وسائل إعلام وجود نائب قائد "فيلق القدس" رضا فلاح زاده داخل المبنى، وهو ما نفته السفارة الإيرانية في دمشق، كما نفت حمل الجنسية الإيرانية لأي من الأشخاص المصابين أو الذي فارقوا الحياة إثر الغارة.

لم يهدأ أكثر الأحياء رقياً غرب العاصمة دمشق، وهو حي "المزة"، ويذق طعم الطمأنينة والسكينة منذ تزايد القصف الإسرائيلي على بناياته المأهولة بالسكان، لتحيل بيوته إلى كتلة من نار منذ نشوب الحرب في غزة والجنوب اللبناني.

وشهد الحي أخيراً غارة إسرائيلية استهدفت مبنى سكنياً وأدت إلى مصرع تسعة أشخاص مدنيين بينهم نساء وأطفال مع جرح 11 شخصاً، بينما تداولت وسائل إعلام وجود نائب قائد "فيلق القدس" رضا فلاح زاده داخل المبنى، وهو ما نفته السفارة الإيرانية في دمشق، كما نفت حمل أي من الأشخاص المصابين أو الذي فارقوا الحياة إثر الغارة الجنسية الإيرانية.

وانقشع غبار الغارة عن تدمير ثلاثة طوابق ومصرع عائلة بأكملها من بين القتلى، إذ فارق الحياة الأكاديمي اليمني شوقي حسين العودي الذي يعمل مدرساً في العلوم الصيدلانية بالجامعة السورية الخاصة، وزوجته رهف قمحية من مدينة حمص المتخصصة في أمراض الكلى وبناتهما الثلاث.

وفي المقابل شهد الحي في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري قصف منزل أدى إلى مصرع ثلاثة أشخاص بينهم مقدمة البرامج في التلفزيون الرسمي السوري صفاء أحمد.

عودة الحي

ويشعر أهالي الحي بالريبة والتوجس من تكرار القصف، ولا سيما أنه بات معروفاً عن الحي الهدوء ويعد الخيار الأوفر للراغبين في السكن والإقامة بأمان في أعقاب الصراع المسلح منذ عام 2013، بخاصة أنه يحوي بعثات دبلوماسية ومنظمات دولية، فضلاً عن مقار أمنية ووزارات، ويمتد من ساحة الأمويين شرقاً حتى منطقة السومرية غرباً، ومن جبل المزة شمالاً إلى منطقة كفر سوسة جنوباً على مساحة 7750 هكتاراً (77.5 كيلومتر مربع).

 

وتعود تسمية "حي المزة" بالأصل لكلمة يونانية تعني المرتفع عن سوية سطح مدينة دمشق، كما يقال إنها أخذت هذه التسمية نسبة إلى المذاق الحلو لفاكهة التين الشوكي التي اشتهرت بها بساتينها الواقعة خلف حي الفيلات الشرقية، وكان المارة يتذوقون الفاكهة ويقولون "مزة" وتعني "طيبة"، أما بالآرامية فتعني الغلال والمؤنة.

وكانت المزة قرية من قرى غوطة دمشق غرب المدينة، وبدأت تكتسب أهمية بعد ازدياد العمران فيها وحين أنشئ على أرضها مطار المزة العسكري، وظل المطار الرئيس في دمشق حتى إنشاء مطار دمشق الدولي، وانقسم إلى عدة أحياء بعد التوسع إضافة إلى حي المزة القديمة والذي يسمى الشيخ سعد، ويضم مزة جبل والربوة والجلاء ومزة فيلات غربية ومزة فيلات شرقية وبساتين المزة.

حي دبلوماسي

ويظل الطريق السريع والذي يسمى "أوتوستراد المزة" ويقطع الحي أفقياً من الشرق إلى الغرب بطول أربعة كيلو مترات من ساحة الأموين، وانتهاء بمدخل دمشق الغربي وبداية الطريق الدولي بين دمشق وبيروت.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتتمركز هيئات مثل وزارة التعليم العالي والإعلام والقصر العدلي والقضاء العسكري والجمارك ومؤسسات الاتصالات والإسكان، إضافة لكثير من الكليات الجامعية وسكن الطلاب والتي يطلق عليها المدينة الجامعية، والتلفزيون السوري وكثير من المشافي ومنها "الأسد الجامعي" ومستشفى المواساة.

وتتنوع أشكال الأبنية السكنية في المزة وإن كانت تحوي أبنية راقية وحديثة بطابق أو اثنين في حي الفيلات الشرقية والغربية، والتي حولتها بعض السفارات الأجنبية إلى مقار لها، ويمكن مشاهدة الأبنية الطابقية والأبراج السكنية العالية مع توافر المراكز التجارة الحديثة، وتجهيز مدن رياضية منها مدينة الجلاء الرياضية ومدينة الشباب ومساكن للدبلوماسيين، كما كان تضم سجن مزة الشهير والذي أنشئ في عهد الانتداب الفرنسي وأغلق في سبتمبر (أيلول) 2000.

لعنة الجوار

وتركزت الضربات الإسرائيلية في الآونة الأخيرة على حي المزة بدمشق، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، إضافة إلى مواقع عسكرية ومناطق حدودية بين سوريا ولبنان، شملت اغتيالات شخصيات في ما يعرف بـ "محور الممانعة" وأيضاً من المدنيين في حي المزة، وضربات استهدفت المعابر الشرعية وغير الشرعية تحت ذريعة منع نقل الأسلحة من سوريا إلى "حزب الله" اللبناني.

 وأسفر الاستهداف، وفق المرصد، عن مصرع 27 شخصاً بينهم 15 مدنياً، إذ شنت 19 ضربة خلال 10 أيام وتوزعت جغرافياً بست غارات في دمشق وريفها، ومثلها على حمص، وضربتين على القنيطرة وحماة، وضربة على كل من درعا والسويداء واللاذقية.

 

وشهد الحي سلسلة ضربات سابقة اغتالت خلالها إسرائيل قيادات في الصف الأول من مسؤولي "فيلق القدس" و"الحرس الثوري" أبرزهم العميد محمد رضا زاهدي وسبعة ضباط آخرين يتبعون "الحرس الثوري الإيراني" أثناء اجتماع في مقر دبلوماسي ملحق بالسفارة المطلة على "أوتوستراد" المزة في الأول من أبريل (نيسان) الماضي.

وفي الحي نفسه انهار بناء مؤلف من أربعة طوابق إثر صواريخ استهدفت بناء في يناير (كانون الثاني) 2024 أثناء اجتماع أمني لوحدة المعلومات في الحرس الثوري، مما أدى إلى مقتل ضباط إيرانيين منهم حجة الله أميدوار وعلي آقا زاده وحسين محمدي وسعيد كريمي.

تحت دائرة الضو

وكثفت تل أبيب قصف حي المزة الذي بات تحت دائرة الضوء منذ اندلاع حرب غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، كما زادت من شدة ونوعية القصف والاستهداف، فبعدما كان يتركز على مواقع عسكرية وحول ريف العاصمة مثل المطارات والتحصينات والمستودعات، تحولت الضربات لتركز على اغتيال الشخصيات في كل من المزة وكفرسوسة، واستخدمت المنطقتان كأماكن إقامة، بحسب رأي خبراء، فتركزت عمليات القصف واغتيال شخصيات قيادية في العاصمة دمشق ومن أبرزهم رضا موسوي والعميد الحاج صادق.

وتروي مصادر أهلية عن خطورة مكوث إيرانيين وعناصر من "حزب الله" في الحي السكني الآمن حيث تتواصل التهديدات، وبعض القاطنين من أهالي الحي يفكرون بالانتقال إلى أماكن أخرى بعيداً من مقار الحرس الثوري و"حزب الله"، في حين كشفت الاختراقات الأمنية عن كثير من تفاصيل دور الإقامة والاجتماعات أو غرف العمليات.

ويعزو متابعون اختيار "الحرس الثوري" لحي المزة في المقام الأول لوجود السفارة الإيرانية ومقار أمنية وهيئات دبلوماسية، بينما عمدت الشخصيات الإيرانية إلى الاستحواذ على البيوت السكنية بالشراء أو الإيجار والإقامة بها، لكن الأمر أخذ بالتقلص بعد القصف المتواصل لقيادات "حزب الله" والحرس الثوري منذ حرب غزة، فأعاد النظر في أماكن الإقامة والاتصالات والتكتيك الأمني والعسكري المتبع.

وريثما يعود حي المزة لهدوئه المعتاد بعد ضجيج الغارات، فلن يعلم أي القاطنين إلى أي حد سيستمر المشهد الدموي الذي يحاصرهم ويحول بيوتهم الوديعة والآمنة إلى حطام.

المزيد من متابعات