Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تنجح المساعي الأفريقية في حلحلة الأزمة الليبية؟

يبدو أن أزمة المصرف المركزي بينت خطورة الاستقرار الهش الذي تعيشه البلاد

اجتماع بعثة الاتحاد الأفريقي بأطراف الصراع في المنطقة الغربية في ليبيا وتأجيل لقائها مع قادة المنطقة الشرقية (موقع الرئاسة الموريتانية للاتحاد الأفريقي الرسمي على فيسبوك)

ملخص

دارت تساؤلات حول أسباب توقف زيارة بعثة الاتحاد الأوروبي عند عتبة القطب الغربي فقط من دون أن تشمل القطب الشرقي.

تحركت بوصلة الاتحاد الأفريقي نحو العاصمة الليبية طرابلس الخميس الماضي في محاولة لحلحلة الجمود السياسي الذي ضرب البلد، بخاصة منذ أن شن قائد قوات الجيش الليبي بالمنطقة الشرقية خليفة حفتر هجومه على العاصمة السياسية طرابلس عام 2019، والتي أجهضت جهود المبعوث الأممي السابق غسان سلامة في عقد المؤتمر الجامع الذي كانت ستحتضنه آنذاك غدامس الليبية، ليحكم بعدها الجمود قبضته على العملية السياسية التي حالت أطراف الصراع الليبي دون دخولها رحاب العملية الديمقراطية، عبر الذهاب نحو انتخابات وطنية تنهي الفوضى الحالية.

ويبدو أن أزمة مصرف ليبيا المركزي بينت خطورة الاستقرار الهش الذي تعيشه ليبيا، مما دفع الاتحاد الأفريقي إلى تحريك أدواته تجاه هذا البلد، إذ اجتمع الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي رئيس الجمهورية الموريتانية محمد ولد الشيخ الغزواني بعدد من المسؤولين الليبيين بغية الوصول إلى اتفاق سياسي شامل يحقق الاستقرار والأمن في ليبيا في إطار تعزيز دور الاتحاد الأفريقي في محيطه الأفريقي.

تحرك استبشر به البعض خيراً، بخاصة في ظل إقرار المبعوثة الأممية بالنيابة إلى ليبيا ستيفاني خوري، في إحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي، بـ"فشل البعثة الأممية للدعم في ليبيا في معالجة الأزمة الليبية"، في حين وصفه آخرون بـ"التحرك المبتور".

تحرك مدروس

في هذا الوقت قال المتخصص في مجال العلوم السياسية بجامعة "نالوت" (غرب) إلياس الباروني إن تحرك الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني بصفته رئيس الاتحاد الأفريقي نحو ليبيا في هذا التوقيت بالذات "هو تحرك مدروس وقصدي وليس اعتباطياً، إذ جاء مباشرة بعد إحاطة المبعوثة الأممية بالنيابة ستيفاني خوري أمام مجلس الأمن، والتي أكدت فيها أن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي يعملان على إدارة الأزمة الليبية فقط"، مؤكداً أن أمام الاتحاد الأفريقي فرصة لتحريك العملية السياسية بشرط عدم تكرار الأخطاء نفسها التي وقعت في فخها المبادرات الأممية السابقة على غرار مبادرة المبعوث الأممي السابق عبدالله باثيلي.

وكانت المبعوثة الأممية بالنيابة إلى ليبيا قد نوهت في إحاطتها أمام مجلس الأمن الدولي في التاسع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري أن "الوضع الراهن في ليبيا استمر فترة طويلة لكنه غير مستدام، وقد كشفت أزمة البنك المركزي عن الطبيعة الهشة للاستقرار الذي ينظر إليه أحياناً على أنه نتيجة للجمود السياسي". وتابعت خوري، "حان الوقت لتبديد التصور بأن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي يعملان فقط على إدارة الأزمة في ليبيا وليس معالجتها". وهذا اعتراف وصفه المتخصص بالعلوم السياسية بالمهم، بخاصة إذا حاول الاتحاد الأفريقي البناء عليه وعدم الوقوع في الفخ الذي أشارت إليه خوري والمتمثل في ضرورة تقديم مبادرة ذات بصمة أفريقية تهدف "إلى معالجة الورم الجاثم على صدر الأزمة الليبية منذ سنوات". وأوضح الباروني أن بإمكان الاتحاد الأفريقي البناء على المبادرات الأممية السابقة وتفادي الأخطاء التي اوقعتها في الفشل على رغم نجاح بعض المحاولات على غرار اتفاقات الصخيرات وجنيف وتونس، "وهي اتفاقات تمخضت عنها حكومة فائز السراج السابقة والحكومة الوطنية الحالية التي يترأسها عبدالحميد الدبيبة، لكنها اتفاقات لا ترقى إلى المستوى المطلوب في ما يتعلق بإنهاء المراحل الانتقالية التي باتت مناخاً ملائماً لنمو واشتداد عود الفوضى، لا سيما في ظل استمرار الانقسام ووجود حكومتين على الأرض".

أضاف الباروني أن الاتحاد الأفريقي يحاول أن تكون له عين أخرى مخالفة للمشاريع التي سبق وقدمت من قبل البعثة الأممية للدعم في ليبيا، وقال إن زيارة رئيس الاتحاد الأفريقي "تأتي كمحاولة لطرق باب حل الأزمة الليبية، بخاصة أن موريتانيا كانت بمنأى عن الصراع الليبي، وليست طرفاً فيه"، موضحاً أن هذا التحرك الأفريقي نحو ليبيا محاولة لجس النبض حول رؤية مشتركة لحل الأزمة الليبية.

وأوصي المتخصص في مجال العلوم السياسية الاتحاد الأفريقي بتقديم آليات واضحة المعالم في ما يتعلق بإنهاء هذه المرحلة "عبر تقديم مقترح جديد لحل الأزمة الليبية لأن تكرار السيناريوهات نفسها يربك العملية السياسية ويمددها لفترة أطول"، مشيراً إلى أنه بالإمكان الاستفادة من المخرجات السابقة والتركيز على كيفية التعاطي معها حتى لا يجد الاتحاد الأفريقي نفسه في فخ إدارة الأزمة الليبية وليس معالجتها، ودعا رئاسة الاتحاد الأفريقي "إلى العمل على تقديم مقترح يبعد جميع الأجسام السياسية الموجودة حالياً، مقابل السعي لتشكيل جسم جديد تناط به مهام وضع قاعدة دستورية يتم عبرها تنفيذ الاستحقاق الانتخابي بعيداً من الأجسام الحالية التي تعرقل العملية الانتخابية" في إشارة إلى مجلس النواب ومجلس الدولة.

العدالة الانتقالية

وأفادت الرئاسة الموريتانية في بيان السبت بأن "زيارة البعثة الأفريقية طرابلس جاءت في إطار الجهود المتواصلة التي يبذلها الاتحاد الأفريقي لتعزيز التضامن الراسخ مع الشعب الليبي بهدف التغلب على التحديات الظرفية التي يواجهها، ودعماً لمسار المصالحة الوطنية".

ووصف الباروني مسألة المصالحة الوطنية بـ"الملف الشائك والمعقد" الذي ينظر إليه المجتمع الدولي والاتحاد الأفريقي "نظرة غير صحيحة لأنه سيعالج من دون المرور بقاطرة العدالة الانتقالية، مما سيفشل هذا الملف، لأن معظم الأطراف في الداخل والخارج ينظرون لهذا الملف بمنأى من العدالة الانتقالية". وشدد الباروني على أنه لا يمكن تحقيق المصالحة الوطنية إلا بجبر الضرر وتحقيق العدالة الانتقالية، "بالتالي يجب أن تكون المعالجة متزامنة، عدالة انتقالية ومصالحة وطنية، حتى يكتب لها النجاح، لأن جميع الأطراف الليبية والدولية تسعى إلى معالجته من دون الرجوع إلى العدالة الانتقالية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

غياب الآليات

المتخصص السوداني بالشأن الأفريقي محمد تورشين لم يكن متفائلاً، بدوره بتحرك الاتحاد الأفريقي، بخاصة في ظل غياب الآليات المناسبة لذلك وفق رويته، وقال إن الجهود الحالية تأتي في إطار مبادرة يقوم بها الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي محمد ولد الشيخ الغزواني، "بالتالي هي جهود مرتبطة فقط بالرئيس الموريتاني وليس بالأجهزة الأفريقية، بخاصة أن تركيبة البعثة الأفريقية التي زارت طرابلس تكونت من رئيس موريتانيا، الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي، وعضوية كل من رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسي فكي محمد، ووزير الخارجية والفرانكفونية والكونغوليين في الخارج جان كلود جاكوسو ممثلاً لرئيس الكونغو، ورئيس اللجنة رفيعة المستوى حول ليبيا دنيس ساسو أنغيسو، في المقابل غاب عنها مجلس الأمن والسلام الأفريقي وممثل عن محكمة العدل الأفريقية، لا سيما أن المحور الأبرز لهذا التحرك، وفق بيان الرئاسة الموريتانية، هو معالجة ملف المصالحة الوطنية في ليبيا".

أضاف المتخصص السوداني في الشأن الأفريقي أنه لا يتوقع أن تتوصل هذه الجهود إلى حلحلة الأزمة الليبية، مستدركاً في الوقت نفسه أنها تبقى مجرد محاولة تندرج ضمن عديد من المحاولات التي قد تصل إلى تحقيق أهدافها شرط توفير الدعم اللازم لها من أجهزة الاتحاد الأفريقي، وكذلك من الأمم المتحدة صاحبة الدور الأكبر في إدارة الملف الليبي.

ودارت تساؤلات حول أسباب توقف زيارة بعثة الاتحاد الأوروبي عند عتبة القطب الغربي فقط، حيث اجتمع الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي، برفقة بقية أعضاء البعثة، مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي بحضور عضو المجلس عبدالله اللافي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية الموقتة عبدالحميد الدبيبية، من دون أن تشمل القطب الشرقي وتركيبته المتمثلة في حكومة أسامة حماد وجناحيها العسكري الذي يقوده المشير خليفة، والبرلماني الذي يترأسه عقيلة صالح، وهي أطراف تعد من أبرز أطراف الصراع في ليبيا.

وهي تساؤلات أجاب عنها بيان لبعثة الاتحاد الأفريقي، مؤكداً أن هناك مشاورات مماثلة ستجرى، قريباً، مع السلطات في بنغازي (شرق) ومع سائر الأطراف الليبية، كمرحلة ثانية مكملة لمهمتها في طرابلس.

المزيد من تقارير