Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معاناة ضحايا العنف الجنسي في بريطانيا أثناء الاستجواب

إحدى الناجيات تقول "كنت أعيش في خوف دائم من مواجهة المعتدي وأتساءل عما إذا كان سيكرر ما فعله بي مع ضحية أخرى"؟

 تبين للباحثين أن ثلث ضحايا العنف الجنسي واجهن اتهامات بأنهن سعين إلى تحقيق العدالة بدافع الرغبة في الانتقام (شاترستوك)

ملخص

في معرض الحديث عن تجربتها أثناء قيام محامي الدفاع عن المتهم باستجوابها في المحكمة، قالت إحدى ضحايا العنف الجنسي إن "المثول للإدلاء بشهادتي كان من أكثر التجارب التي واجهتها رعباً على الإطلاق، فقد شعرتُ وكأنني أسير نحو حبل مشنقة أو كأنني حيوان محاصر"

كشف تقرير إدانة صدر أخيراً في المملكة المتحدة عن أن إجراءات المحاكمة في قضايا العنف الجنسي تتسبب بصدمات نفسية عميقة لبعض الضحايا، بحيث تواجه نحو ثلاثة أرباع الناجيات أثناء استجوابهن من قبل محامي الدفاع أسئلة مبنية على افتراضات خاطئة ومؤذية في ما يتعلق بالاغتصاب.

وأظهرت أبحاث أجرتها مؤسسة "دعم الضحايا"  Victim Support (وهي جمعية خيرية تقدم المساعدة والتوجيه لضحايا العنفين الجنسي والأسري في بريطانيا)، أن عدداً من الناجيات ساورتهن أفكار انتحارية أثناء خوضهن هذه الإجراءات القانونية في المحاكم، وبعضهن حاولن بالفعل وضع حد لحياتهن، وقد جرى تشخيص بعضهن بـ "اضطراب ما بعد الصدمة"  Post-Traumatic Stress Disorder (PTSD)، نتيجة التجربة التي مررن بها خلال المحاكمة.

اثنتان من الضحايا، من النساء اللواتي دين المعتدون عليهن، تحدثتا عن الصعوبات التي واجهتاها أثناء خوض تجربة التعامل مع نظام العدالة الجنائية، وتبين للباحثين خلال النظر في تجارب ضحايا العنف الجنسي في الدعاوى التي عُرضت أمام المحاكم أن ثلثهن تعرضن للاتهام بأن سعيهن إلى تحقيق العدالة كان بدافع الرغبة في الانتقام. 

وقد جرى استجواب ثلث الضحايا في شأن تعاطيهن الكحول أو المخدرات، فيما طُرحت على 15 في المئة منهن أسئلة حول ملابسهن أثناء حادثة الاغتصاب المزعومة.

إضافة إلى ذلك واجهت ما نسبته 12 في المئة من الضحايا تشكيكاً من جانب محامي الدفاع، مثل توجيه أسئلة أو اتهامات إليهن تتعلق بما إذا كان ما تعرضن له هو تجربة جنسية سيئة، أو ممارسة بالتراضي ندمن عليها في ما بعد.

وتبين من البحث أن نصف عدد القضايا التي نُظر فيها شهد فترات انتظار امتدت لنحو ثلاثة أعوام أو أكثر، بين تاريخ صدور البلاغ الأولي للشرطة وموعد المحاكمة.

وجرى أيضاً إرجاء نحو نصف عدد الدعاوى، وبعضها وصل إلى أربع مرات، وغالباً ما كان يحدث ذلك في اللحظة الأخيرة من دون تقديم أي توضيح لأسباب التأجيل.

الدراسة التي أجرتها مؤسسة "دعم الضحايا" استندت إلى مقابلات مع ضحايا العنف الجنسي ومتخصصي الجمعية الذين عملوا معهن، إضافة إلى تحليل حالات معينة.

وفي هذا الإطار أفادت إيلي* بعد تعرضها للاغتصاب عام 2018 أنها عانت تأخيراً دام نحو خمسة أعوام قبل بدء المحاكمة، واضطُرت إلى تقديم طعن في قرار اتخذته الشرطة بإغلاق قضيتها. 

"كان الوقوف على المنصة للإدلاء بشهادتي من أكثر التجارب التي واجهتها رعباً على الإطلاق، فقد شعرتُ وكأنني أسير إلى حبل مشنقة أو كحيوان محاصر"

إيلي

 

وأضافت أن الشرطة ألقت القبض على المعتدي بعد إبلاغها عن الحادثة، لكن جرى إطلاق سراحة بينما كانت تحقق في القضية.

وقالت "كان يعيش في مكان قريب من منزلي وكنت أشعر دائماً بقلق من الالتقاء به، وأتساءل عما إذا كان سيكرر فعلته مع نساء أخريات، وهذا الأمر جعل من الصعب جداً علي التعافي والمضي قدما".

وكانت مخاوفها في محلها، فبعد نحو ستة أشهر أُعيد اعتقال الجاني بتهمة اغتصاب أخرى إلا أن الشرطة لم توجه إليه أي اتهام، وتروي إيلي أنه في عام 2011 اتصل بها أحد المحققين لإبلاغها بأن سيُصار إلى إغلاق قضيتها.

وقالت "كانت المكالمة عادية للغاية وكأنها مجرد مسألة روتينية أخرى"، إلا أنها نجحت في تقديم استئناف للقرار وجرى تحديد موعد المحاكمة في عام 2023.  

وفي معرض الحديث عن تجربتها أثناء قيام محامي الدفاع عن المتهم باستجوابها في المحكمة، وصفت إيلي تلك اللحظة قائلة "كان المثول للإدلاء بشهادتي من أكثر التجارب التي واجهتها رعباً على الإطلاق، فقد شعرتُ وكأنني أسير نحو حبل مشنقة أو كأنني حيوان محاصر".

وخلال الجلسة استجوب الدفاع إيلي في شأن لقطات إحدى كاميرات المراقبة التي أظهرتها وهي تعدل وضعية قميصها بينما كانت تقف إلى جانب الجاني، وتابعت "كان يجب أن أبرر تصرفاً اعتبرته طبيعياً، وكنت مضطرة إلى أن أخبر مجموعة من الغرباء بأنني أملك ثديين كبيرين وأحتاج أحياناً إلى تعديل وضعيتهما".

ومضت إيلي تقول "حاول الدفاع تصوير الأمر وكأنني كنت أسعى إلى الانتقام من الجاني، وبأنني قضيت معه ليلة مثيرة ثم ندمت عليها لاحقاً"، وفي نهاية المطاف أصدرت هيئة المحلفين قرارها بالإجماع بإدانة المعتدي وحُكم عليه بالسجن 19 عاماً.

مسار العدالة الجنائية "يعيد إحداث صدمات نفسية للضحايا ويؤثر بشدة في سلامتهن العقلية"

كاتي كيمبن

 

أما كيت*، وهي إحدى ضحايا الاعتداء الجنسي، فقد اضطرت إلى لانتظار ثلاثة أعوام، وتحمل ثلاثة تأجيلات للمسار القانوني، قبل أن تُحال قضيتها أخيراً إلى المحاكمة عام 2023.

يُشار إلى أن كيت أبلغت عن الجريمة وهي لا تزال قاصراً، وجرى توفير مجموعة من التدابير الخاصة والمختلفة لمساعدتها إلا أنه مع حلول موعد محاكمتها كانت قد تجاوزت سن الـ 18 مما أدى إلى إلغاء بعض تلك التدابير.

وأعربت كيت عن استيائها من استجواب محامي الدفاع لها في شأن ملابسها عندما قالت "لم أشعر بأن ذلك كان لائقاً وأحسست بإزعاج شديد"، وعلى رغم إدانة الجاني بجميع التهم الموجهة إليه فإن كيت لا تزال تنتظر صدور الحكم بحقه بعد إلغاء موعد جلسة المحكمة.

الرئيسة التنفيذية لجمعية "دعم الضحايا" كاتي كيمبن أوضحت أن "مسار المحاكمة يفرض عبئاً كبيراً على الضحايا، فهناك تفاوت كبير في طرق حصولهن على حقوق أساس مثل التدابير الخاصة والتحديثات المتعلقة بتقدم قضاياهن والنتائج".

ولفتت إلى أن عملية نظام العدالة الجنائية "تتسبب في إعادة إحداث صدمات نفسية للضحايا، وتؤثر بشدة في سلامتهن العقلية"، مما يدفع كثيرات منهن إلى الندم على إقدامهن على إبلاغ الشرطة في المقام الأول".

ودعت المنظمة الخيرية الحكومة البريطانية ووكالات العدالة الجنائية إلى اتخاذ خطوات ملموسة لمعالجة مشكلة تأخير المحاكمات وإرجاء البت في القضايا.

إشارة أخيراً إلى أن "اندبندنت" تواصلت مع وزارة العدل البريطانية للتعليق على ما تقدم.

*تم تغيير الأسماء لحماية الهويات الحقيقية للضحايا

 

© The Independent

المزيد من متابعات