Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

متهمون بارتكاب جرائم ضد المرأة ما زالوا في صفوف الشرطة البريطانية

حصري: البارونة كيسي التي قادت مراجعة دامغة في عمل شرطة العاصمة البريطانية على أثر مقتل سارة إيفيرارد، أيدت الدعوات المطالبة بوقف شرطيين عن العمل

اهتزّت ثقة الناس في عمل الشرطة بعد بروز سلسلة فضائح سلّطت الضوء على فشل أجهزة الشرطة في التعامل مع العنف ضدّ المرأة (آيستوك /غيتي)

ملخص

أظهرت إحصائيّات جديدة مثيرة للصدمة في المملكة المتّحدة، أن ثلاثة أرباع عدد عناصر الشرطة والموظّفين المتّهمين بارتكاب أعمال عنفٍ ضدّ النساء، لم يوقفوا عن العمل على الرغم من التهم الموجّهة إليهم

أظهرت إحصائيّات جديدة مثيرة للصدمة في المملكة المتّحدة، أن ثلاثة أرباع عدد عناصر الشرطة والموظّفين المتّهمين بارتكاب أعمال عنفٍ ضدّ النساء، لم يوقفوا عن العمل على الرغم من التهم الموجّهة إليهم.

ففي شرطة العاصمة البريطانية  Metropolitan Police – الذي خلصت مراجعةٌ دامغة هذه السنة إلى أنها مناهضة للنساء من الناحية المؤسِّساتية، بعد واقعة مقتل سارة إيفرارد على يد أحد أفراد شرطة العاصمة (اختطفها الشرطي واين كوزينز في العام 2021 واغتصبها وخنقها وأحرق جثتها) - أوقف 12 في المئة فقط من العناصر والموظّفين، الذين اُتّهموا بارتكاب جرائم منها الاعتداء الجنسي والعنف الأسري، عن متابعة القيام بواجباتهم.

وقد انضمّ إلى لويز كيسي التي قامت بالمراجعة، عددٌ من الناشطين وضبّاطٌ بارزون في الشرطة، في مطالبة وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان بتغيير القواعد على وجه السرعة لجعل التعليق عن العمل إلزامياً أثناء التحقيق في الادّعاءات.

وأكّدت البارونة كيسي لـ "اندبندنت" أنه "يتعيّن إيقاف العناصر المتّهمين بارتكاب عنفٍ ضدّ النساء عن العمل فوراً أثناء إجراء التحقيق. وأعتقد أن ذلك يحميهم، ويحمي مقدّم الشكوى.

واعتبرت سو فيش - وهي رئيسة سابقة في الشرطة اضطلعت بدورٍ رائدٍ في تسجيل كراهية النساء على أنها جريمة، في العام 2016 - أن خطوةً من هذا النوع "ستمنح الضحايا الثقة في أن المسألة يُجرى التعامل معها بالجدّية التي تستحق".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويكشف التحقيق المشترك الذي أجرته المؤسّسة الخيرية "ريفيوج" Refuge (التي تُعنى بتوفير ملاذ لضحايا العنف المنزلي في المملكة المتّحدة) بالاشتراك مع "اندبندنت"، أن 24 في المئة فقط من عناصر الشرطة الذين حُقق معهم في قضايا عنفٍ أسري واعتداءٍ جنسي واغتصاب وإساءة استخدام المنصب، جرى إيقافهم عن العمل في مختلف أنحاء إنجلترا وويلز في الفترة الممتدّة ما بين مايو (أيار) العام 2022 ومايو من العام 2023.

وتظهر بياناتٌ واردة من 26 وحدة شرطة في البلاد، أن 1,124 عنصراً من الشرطة والموظّفين لديها، قد جرى اتّهامهم خلال هذه الفترة، في حين أُوقف 269 منهم فقط عن العمل. لكن من المتوقّع أن يكون عدد الاتّهامات أعلى بكثير، خصوصاً أن قوى الشرطة الـ 43، لم تستجب جميعها لطلبات وُجّهت إليها بالحصول على معلومات.

وتكشف الأرقام أيضاً عن تفاوتٍ هائلٍ على المستوى الوطني في طريقة استجابة الأجهزة، بحيث عمدت "شرطة مقاطعة ويلتشير" Wiltshire Police إلى إيقاف 83 عنصراً فقط من الذي خضعوا للتحقيق، فيما أوقفت "شرطة مقاطعة ساري" Surrey Police، 10 في المئة فقط من هؤلاء.

وأوقفت "شرطة مقاطعة ساري" عن العمل شرطيَّين اثنين من أصل 20 شرطياً خضعوا للتحقيق، بينما أبعدت "شرطة تيمز فالي" Thames Valley Police 15 شرطياً من أصل 61، فيما أوقفت "شرطة ميرسيسايد" Merseyside Police 4 من أصل 18عنصرا.

وفي جهاز شرطة العاصمة، وُجّه الاتّهام إلى 687 شرطياً وموظّفاً بارتكاب جرائم مرتبطة بعنفٍ ضدّ النساء والفتيات، خلال فترة 12 شهرا، لكن لم يوقف سوى 84 عنصراً وموظفاً عن العمل.

البارونة كيسي شدّدت على أن "أيّ فرد يوقف عن العمل أثناء التحقيق يمكنه العودة إلى وظيفته إذا ما جرت تبرئته". إضافةً إلى ذلك، انتقدت قضايا أوسع نطاقاً داخل الشرطة، وحذّرت من أن الأشخاص غالباً ما يفشلون في التدقيق في "الأسباب الكامنة" وراء اختيارهم مهنةً في مجال إنفاذ القانون.

 

وأضافت أن "أجهزة الشرطة لا تريد أن تصدّق أن العناصر التي ترتدي الزيّ الأزرق (زيّ الشرطة) تقدم على ارتكاب أفعالٍ سيّئة، وتعمل في المقابل على دعمها. إن التوازن مفقودٌ بالكامل ضدّ النساء اللواتي يعانين من عنف أسري على يد أفراد في الشرطة، بحيث لا يصدّقن، ولا يستمع إليهن. وفي بعض الحالات، تواجه النساء عواقب عندما يتقدّمن بشكوى".

جيس فيليبس، وزيرة شؤون العنف المنزلي وحماية النساء في حكومة الظل "العمّالية" المعارضة، أعربت لـ "اندبندنت" عن استيائها من "الأرقام المروّعة التي تكشف الانتهاكات البالغة للمعايير التي يتّبعها أفراد الشرطة"، مشيرةً إلى أن "الضحايا ما زالوا يعانون بشكلٍ كبير".

يُشار في هذا الإطار إلى أن ثقة الناس في عمل الشرطة قد اهتزّت بعد بروز سلسلة فضائح، سلّطت الضوء على فشل أجهزة الشرطة في التعامل مع العنف ضدّ المرأة، بما في ذلك قضية الشرطي السابق ديفيد كاريك الذي حُكم عليه بالسَّجن لمدّة 30 عاماً بتهمة الاغتصاب والاعتداء على ما يقلّ عن 12 امرأة.

وكانت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان قد أعلنت الأسبوع الفائت عن خطط ٍلتعديل القانون، بحيث يواجه عناصر الشرطة الذين تثبت إدانتهم بارتكاب سوء سلوكٍ جسيم، فصلاً تلقائياً من الخدمة. وهذا يلقي بمسؤولية تولّي جلسات الاستماع المتعلّقة بسوء السلوك، على عاتق كبار ضبّاط الشرطة، وليس على محامين مستقلين.

لكن حزب "العمّال" المعارض وصف هذه الإصلاحات بأنها غير كافية، مطالباً بوقفٍ فوريٍ عن العمل لأولئك الذين يخضعون للتحقيق بتهم اغتصاب وعنفٍ أسري.

وتروي هولي – وهي شرطية استبدلنا إسمها بآخر من أجل حماية خصوصيّتها - لـ "اندبندنت"، أنها كانت على علاقة من العام 2012 إلى العام 2014 مع شرطي زميلٍ لها، قام بالاعتداء عليها جسدياً وذهنياً ومالياً وجنسيا. ووصفت العلاقة معه بأنها كانت "الأكثر وحدةً ووحشية"، مؤكّدةً أن تلك الفترة كانت "الأشدّ رعبا" في حياتها.

وقد انفصلت هولي عنه، لكنها اكتشفت بعد نحو 3 أعوام، أن شريكها السابق قد انتقل إلى ضحيةٍ أخرى، الأمر الذي حدا بها إلى إبلاغ الشرطة عنه. وتقول: "قمتُ بذلك لإنقاذها. وتملّكني إحساسٌ بأنه قد يقدم على قتلها".

التحقيق استمرّ زهاء خمسة أعوامٍ ونصف، بقي خلالها الشرطي في الخدمة. لكنه قدّم استقالته في سبتمبر (أيلول) العام 2021، ودانته جلسة استماع متعلّقة بسوء السلوك، بارتكاب سوء تصرّف جسيم في العام 2022.

وتصف هولي تلك المرحلة بالقول: "خلال التحقيق الذي استمرّ لنحو 5 أعوام ونصف، دُمّرت حياتي. لقد استنفِدتُ عاطفياً واستنُزِفت تماماً في النهاية". وأضافت أن طريقة معاملتها من جانب أولئك الذين كانوا يحقّقون في مزاعمها، كانت في بعض النواحي أكثر صعوبةً من العلاقة المسيئة نفسها".

وتتابع وصف شعورها بالقول: "لم أستطع تصديق مدى الوحشية التي عوملتُ بها، وكأنني شخص ’ مختلّ عقليا ‘يشكّل وجوده خطراً على الآخرين، ووُصمتُ أيضاً بأنني كاذبة. كان الأمر بمثابة إهانةٍ لي وتجربة مروّعة للغاية". وأضافت: "أطّلع على الكثير من المعلومات التي لم يكن من المفترض أن يحصل عليها، ما سمح له بالتلاعب بالتحقيق وتدمير الأدلّة، كالتخلّص من هواتفه القديمة".

وتطالب منظّمة "ريفيوج" بفرض سياسة موحّدة في ما يتعلّق بالإيقافٍ عن العمل، في جميع وحدات الشرطة، تقضي بإلزام الموقوفين عن العمل على تسليم زيّهم الرسمي وبطاقة التفويض ودفاتر الملاحظات. وتسعى إضافةً إلى ذلك، إلى أن يُطلب منهم تسليم أجهزة الكومبيوتر المحمولة والهواتف الخاصّة بالشرطة، ومنعهم من استخدام أنظمة الكومبيوتر التابعة بلا، وحظر دخولهم إلى أماكن العمل.

السيّدة فيش الرئيسة السابقة لشرطة نوتينغهام قالت لـ "اندبندنت" إن "الأفراد المتّهمين بارتكاب عنف منزلي وجرائم جنسية، يجب أن يُعاد نشرهم في قوّات شرطة مختلفة، على الرغم من أن ذلك لا يضمن ردع أخطر المجرمين بينهم عن الانخراط في سلوكيّات مسيئة أو إجرامية".

وأضافت أن "بعض الشرطيّين يواصلون مهامهم على الرغم من مواجهتهم ادّعاءاتٍ خطيرة، لأنهم قد يشعرون بأن لديهم الحقّ في القيام بذلك، ويتمتّعون بشكلٍ من أشكال الحصانة من العواقب". وأشارت أيضاً إلى أنه "في حالات العنف الجنسي الأوسع نطاقاً التي نشهدها، غالباً ما يكون الجناة متسلسلين، ولا تمنعهم تدخّلات العدالة الجنائية من معاودة ارتكاب جرائم".

وأوضحت السيدة فيش، التي تقاعدت في العام 2017، أن معظم قوى الشرطة تعمد إلى تقييد واجبات العناصر بدلاً من تعليقها. وغالباً ما ينبع هذا القرار من افتراض أن الضحايا المزعومين ربما يلفّقون اتّهامات كاذبة".

لكنها لفتت إلى أن مصطلح "الواجبات المقيّدة" يمكن أن تكون له تفسيراتٌ مختلفة لدى قوّات مختلفة من الشرطة، مضيفةً أن "الإيقاف عن العمل هو إجراءٌ واضح، ومنصوصٌ عليه في لوائح سلوك الشرطة".

وقالت السيدة فيش، التي تزعم أنها تعرّضت لاعتداءٍ جنسي من جانب زملاء ذكور لها في مناسبتين منفصلتين، إن "ثقافة إلقاء اللوم على الضحايا وعدم تصديقهم" هي أكثر انتشاراً وأشدّ سوءاً في سلك الشرطة، مقارنةً بالمؤسّسات الأخرى، لأنه مجال "يهيمن عليه الذكور بقوّة".

جايمي كلينغلر وهي من مؤسّسي مجموعة Reclaim These Streets، التابعة لحملة تدعو إلى إصلاح الشرطة، وتؤيّد الدعوات إلى الوقف التلقائي عن العمل للعناصر المتّهمين، تقول إنه "يجب عليهم تسريع مسار الاتّهامات بالعنف ضد النساء، كيلا يستغرق الأمر أربع سنوات ليُصار إلى حلّها".

وأثارت مخاوف في ما يتعلّق باستبعاد الشرطيّين المتّهمين، وإعفائهم من مهامهم على الخطوط الأمامية، واستبدالها بمهمّاتٍ مكتبية، لأن هذا قد يعني أنهم يتلقّون إفاداتٍ من ضحايا الاغتصاب أو العنف الأسري.

وأكّدت هارييت ويستريش مديرة "مركز العدالة للمرأة"  Centre for Women’s Justice (مؤسّسة خيرية قانونية تعمل من خلال شراكات مع منظّمات القطاع النسائي) أن "عناصر الشرطة يمتلكون صلاحياتٍ ومكانةً معيّنة يمكنهم استغلالها وإساءة استخدامها. ويكمن الخطر الحقيقي في أن الأفراد الذين ارتكبوا جرائم جنسية أو انتهاكاتٍ منزلية في السابق، قد يكرّرون أفعالهم مرّةً أخرى".

وفي تعليق على ما تقدّم أفاد متحدّث بإسم مجلس رؤساء الشرطة الوطنية إن قادة الشرطة "يفكّرون بجدّية" في تعليق هؤلاء العناصر عن العمل عندما يكون ذلك مناسباً"، مضيفاً أنهم "يشهدون الآن نسبة أكبر من الحالات التي تؤدّي إلى التعليق عن العمل مقارنةً بالسابق".

وختم بالقول إن "الغالبية العظمى من العناصر والموظّفين هم محترفون وملتزمون. ومع ذلك، عند تلقّي أيّ ادّعاء ضدّهم، سيؤخذ على محمل الجدّ، وسيجرى تحقيق شامل، وحيثما يثبت سوء سلوك، سيُعتمد الإجراء المناسب.

بإمكانكم التوقيع على عريضة منظمة "ريفيوج"، التي تطالب وزيرة الداخلية سويلا برافرمان بفرض تعليق إلزامي لعمل جميع المعتدين المحتملين، وإظهار دعمكم لهذه المبادرة، من خلال النقر هنا.

© The Independent

المزيد من تقارير