Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فلسطينيو الضفة يدفعون دماءهم ثمنا لقطف الزيتون

مقتل سيدة قرب جنين برصاص مستوطن وخبراء أمميون يوصون بـ"حضور أجنبي" ليشكل عازلاً بين الجانبين

تشير التوقعات إلى أن محصول زيتون الضفة سينتج أكثر من 22 ألف طن من الزيت (وكالة وفا)

ملخص

وفق معطيات وزارة الزراعة الفلسطينية، فإن عدد أشجار الزيتون في فلسطين يتجاوز الـ 9 ملايين شجرة موزعة على 920 ألف دونم

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية اليوم الخميس مقتل فلسطينية برصاص إسرائيلي خلال قطفها الزيتون قرب مدينة جنين في الضفة الغربية المحتلة.

وجاء في بيان للوزارة "مقتل المواطنة حنان عبدالرحمن أبو سلامة (57 سنة) برصاص الاحتلال في قرية فقوعة".

وقال الجيش الإسرائيلي إنه يبحث في تفاصيل الحادثة، وذلك خلال رده على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية.

وقال منير بركات الذي يعمل محاسباً في المجلس القروي في البلدة إنه بحسب شهادات جمعها المجلس فقد وصل "إسرائيلي بلباس عسكري إلى المكان بسيارة وأطلق نحو 10 رصاصات باتجاه عائلة أبو سلامة التي كانت تقطف الزيتون في أرضها التي تبعد ما بين 200 و 250 متراً من جدار فاصل تقيمه إسرائيل في تلك المنطقة".

وأكد بركات أن المجلس القروي سمح بالتنسيق مع الجهات المعنية لأهالي القرية بقطف الزيتون، موضحاً أن "المجلس قام قبل أيام بنشر دعوة لسكان القرية بالتوجه إلى أراضيهم الزراعية لقطف الزيتون بناء على تنسيق مسبق مع الجهات المتخصصة".

وبهدف قطف ثمار الزيتون يصل أصحاب سهل رامين شرق طولكرم في شمال الضفة الغربية بصعوبة إلى أراضيهم التي غزتها الأشواك بسبب منعهم من الوصول إليها منذ أكثر من عام.

ولم تكن الصعوبة تأتي من اجتياز الأشواك المحيطة بأشجار الزيتون فقط، لكن بسبب مستوطن يرعى الماشية في السهل، اعتاد على منع الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم بقوة السلاح.

ومع بدء موسم الزيتون العام الحالي، تجمع أصحاب تلك الأراضي للتوجه إليها بصورة جماعية، بهدف "التمكن من قطف ثمار الزيتون والتصدي لاعتداءات المستوطنين المتواصلة".

وعلى رغم تجمعهم وحرصهم على التوجه بصورة جماعية، فإن المستوطنين هاجموهم الجمعة الماضي، بعد نصف ساعة من وصولهم، وأطلقوا ماشيتهم باتجاه أشجار الزيتون وحاولوا استفزازهم.

وبعد ساعات، حضرت القوات الإسرائيلية إلى السهل، وطلبت من المزارعين الخروج منه.

حملة مساعدة

ولتمكينهم من الوصول إلى أراضيهم في السهل، نظمت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان حملة لمساعدة المزارعين على الوصول إلى أراضيهم، وقطف ثمار الزيتون.

وأشار رئيس الهيئة مؤيد شعبان إلى إن الحملة تهدف إلى "حماية المواطنين في أكثر المناطق تعرضاً للاعتداءات وتقديم يد العون لهم والعمل على إيصالهم إلى المناطق التي يغلقها المستعمرون".

وقال شعبان خلال جنيه ثمار الزيتون إن الحملة "تريد أن تفشل مخططات الاحتلال التي تستهدف الموسم الوطني المتجذر عميقاً في وجدان الشعب الفلسطيني".

وتمكن المزارعون برفقة نشطاء الهيئة من قطف ثمار الزيتون، على رغم مطالبة قوات الجيش لهم بإخلاء السهل الزراعي.

واشتكى الناشط المجتمعي في طولكرم عادل سليمان من تحكم مستوطن واحد يرعى الأغنام في سهل رامين بالفلسطينيين، ومنعهم من الوصول إلى مساحة شاسعة من أراضيهم.

وشدد سليمان على أن المزارعين "متمسكون بأرضهم ولن يتخلوا عنها مها كلفهم ذلك من تضحيات".

وخلال الموسم الماضي الذي تزامن مع هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، منع المستوطنون والقوات الإسرائيلية الفلسطينيين من قطف الزيتون في 10 آلاف دونم (10 كيلومترات) في الضفة الغربية.

وتتركز اعتداءات في قرى جنوب نابلس وشمال شرقي رام الله وشمال سلفيت في شمال الضفة الغربية.

وأشار المسؤول في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أمير داوود إلى أنه على رغم ازدياد اعتداءات المستوطنين هذا العام على المزارعين، فإن نسبة تمكن المزارعين من الوصول إلى أراضيهم أعلى من العام الماضي.

وأضاف داوود أن "السلطات الإسرائيلية بدأت هذا العام بإصدار تصاريح خاصة لدخول أصحاب الأراضي الواقعة داخل جدار الفصل العنصري لجني ثمار الزيتون، على عكس العام الماضي حين لم يتم السماح لهم".

ووفق داوود فإن حملة الهيئة لقطف الزيتون "تتركز في المناطق التي تتعرض لاعتداءات المستوطنين والقريبة من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية".

يخشون التجمعات

وعن أهداف الحملة، أشار داوود إلى أنها "تسعى إلى مساعدة المزارعين في قطف الزيتون (العونة) وتمكينهم من الوصول إلى أراضيهم في المناطق التي يغلقها المستوطنون".

وبحسب داوود فإن المستوطنين "يخشون من تجمعات الفلسطينيين الكبيرة ويتجنبون مهاجمتهم".

ومنذ أكثر من عام تصاعدت اعتداءات المستوطنين على أهالي قرى جنوب نابلس في شمال الضفة الغربية، حيث سقط عدد منهم بين قتيل وجريح برصاص المستوطنين.

وحاول هؤلاء المستوطنون منع أهالي القرية من الوصول إلى أراضي "قصرة" لجني ثمار الزيتون طيلة الأيام الماضية.

واشتكى رئيس مجلس قرية قصرة هاني عودة من تعرض الأهالي لاعتداءات متواصلة من المستوطنين والقوات الإسرائيلية بهدف منعهم من الوصول إلى الأراضي الواقعة خلف الحواجز الترابية المحيطة بالمنطقة السكنية للقرية.

وأشار إلى أن موقع القرية الإستراتيجي الذي يفصل وسط الضفة الغربية عن شمالها والمطل على غور، يجعلها "محط أطماع المستوطنين".

وتحيط الحواجز الترابية بالقرية من ثلاث جهات، ويُمنع أهالي القرية من الوصول إلى أراضيهم الزراعية.

لكن هؤلاء قرروا وفق عودة، التوجه بصورة جماعية إلى أراضيهم في المنطقة الشرقية، قبل أن تأتيهم القوات الإسرائيلية وتطلب منهم المغادرة، "لكننا رفضنا ثم أتى المستوطنون وأعطبوا إطارات مركباتنا وأصابوا مزارعين اثنين بجروح بعد إطلاق الرصاص"، بحسب عودة.

وأشار عودة إلى أن مزارعي القرية وصلوا بعد أيام إلى أراضيهم بحماية ناشطين من هيئة "مقاومة الجدار والاستيطان"، قبل أن يطردهم الجيش الإسرائيلي.

راسخون في أرضهم

وبعد خمسة أيام من هجوم السابع من أكتوبر 2023 هاجم مستوطنون قرية قصرة، وقتلوا أربعة شبان إثر محاصرة المستوطنين أحد منازل القرية، كما قتلوا أباً وابنه خلال تشييع الشبان الأربعة في اليوم التالي.

وطالب منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة في فلسطين مهند هادي بضرورة "ضمان استمرار موسم قطف الزيتون الذي يُعتبر حدثاً اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً رئيساً للفلسطينيين".

وخلال زيارته قاطفي الزيتون في محافظة سلفيت، أشار هادي إلى أن "الفلسطينيين يرون أنفسهم في هذا الجزء من البلاد راسخين كجذور أشجار الزيتون العميقة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب هادي فإن الفلسطينيين "يواجهون الكثير من التحديات بسبب عنف المستوطنين وتحديات الوصول التي تفرضها قوات الأمن الإسرائيلية".

ووفق معطيات وزارة الزراعة الفلسطينية، فإن عدد أشجار الزيتون في فلسطين يتجاوز الـ 9 ملايين شجرة موزعة على 920 ألف دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع).

وتشير التوقعات إلى أن محصول الزيتون سينتج أكثر من 22 ألف طن من الزيت.

وأوضحت الوزارة أن استهلاك المحافظات الفلسطينية السنوي من زيت الزيتون يبلغ 11 ألف طن، يتم تصدير بين 5 و6 آلاف طن منه.

"أخطر موسم"

ويواجه المزارعون الفلسطينيون في الضفة الغربية "أخطر موسم زيتون على الإطلاق"، كما حذر خبراء في الأمم المتحدة داعين المستوطنين والقوات الإسرائيلية إلى عدم التدخل.

وأوصى الخبراء بـ"حضور أجنبي" ليشكّل عازلاً بين الجانبين.

وقال زهاء 10 من الخبراء الأمميين المستقلين إن المزارعين الفلسطينيين يواجهون الترهيب وتقييد الوصول إلى الأراضي والمضايقات الشديدة والهجمات من قبل المستوطنين الإسرائيليين المسلحين وقوات الأمن الإسرائيلية.

وقال الخبراء في بيان "في عام 2023، شاب الحصاد زيادة حادة في القيود المفروضة على الحركة والعنف من قبل القوات الإسرائيلية والمستوطنين".

وأضافوا أنه في العام الماضي "واجه الفلسطينيون في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، أعلى مستوى من عنف المستوطنين الإسرائيليين".

وذكر البيان أن المستوطنين اعتدوا على الفلسطينيين وأضرموا النار في محاصيلهم أو ألحقوا بها الضرر، وسرقوا الأغنام ومنعوهم من الوصول إلى أراضيهم ومياههم ومناطق الرعي.

وأضافوا "في العام الماضي، استولت إسرائيل أيضاً على أراضٍ فلسطينية إضافية، أكثر من أي عام خلال الأعوام الـ30 الماضية"، محذّرين من أنه "من المتوقع أن يزداد (الوضع) سوءاً".

وأبرز الخبراء أهمية موسم الزيتون في حياة الفلسطينيين وثقافتهم، معتبرين أن "تقييد موسم قطاف الزيتون وتدمير البساتين ومنع الوصول إلى مصادر المياه، هي محاولات من جانب إسرائيل لتوسيع مستوطناتها غير القانونية".

ومن بين الخبراء الذين وقعوا البيان، مقررة الأمم المتحدة الخاصة في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيزي.

وأكد الخبراء ومنهم معنيون بالحق في الغذاء ومياه الشرب الآمنة والصرف الصحي والسكن اللائق، أن المزارعين الفلسطينيين يواجهون "تحديات وتهديدات ومضايقات هائلة" في الوصول إلى أشجار الزيتون العائدة لهم.

"وجود أجنبي"

وقالوا إنه في عام 2023، لم يتم حصاد أكثر من 9600 هكتار (24 ألف فدان) من الأراضي المزروعة بالزيتون في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة بسبب القيود التي فرضتها إسرائيل.

يعني ذلك خسارة 1200 طن متري من زيت الزيتون قيمتها 10 ملايين دولار.

وحذر الخبراء من أن "هذا الوضع يتوقع أن يزداد سوءاً"، إذ ألغت السلطات الإسرائيلية أو لم تصدر تصاريح تسمح للمزارعين بالوصول إلى أراضيهم.

وحثوا القوات الإسرائيلية على الامتناع عن التدخل في قطاف الزيتون هذا العام و"تركيز جهودها على سحب الاحتلال وتفكيك المستوطنات".

كرر الخبراء أنهم "سيواصلون الدعوة إلى الحماية، بما في ذلك من خلال وجود أجنبي يعمل كعازل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وحماية المزارعين الفلسطينيين وأسرهم".

وتشهد الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967 تصاعداً في وتيرة العنف منذ فترة طويلة، لكن الوضع تدهور منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023 إثر هجوم غير مسبوق لحركة "حماس" على جنوب إسرائيل.

قتلت القوات والمستوطنون الإسرائيليون أكثر من 737 فلسطينياً في الأقل في الضفة منذ اندلاع الحرب في غزة، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.

وقُتل 24 إسرائيلياً في الأقل، بينهم عناصر أمن، في هجمات نفذها فلسطينيون في المنطقة خلال الفترة ذاتها، بحسب مسؤولين إسرائيليين.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات