Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محاولات اغتيال ترمب: أفق سوداوي وجهاز الخدمة السرية قلق

مع ظهور تفاصيل محاولة اغتيال ثالثة محتملة تطاول الرئيس السابق يتحدث مؤلف "الحرب الأهلية التالية" إلى المطلعين على شؤون جهاز الخدمة السرية عن العيش في بلد تجاوز فيه العنف السياسي الحد

الرئيس السابق دونالد ترمب يتحدث خلال تجمع حاشد في كوتشيلا، كاليفورنيا، الولايات المتحدة، 12 أكتوبر 2024 (رويترز)

ملخص

 نجا دونالد ترمب من محاولة اغتيال جديدة خلال حملته الرئاسية، في تصاعد ملحوظ للعنف السياسي داخل الولايات المتحدة، وعلى رغم تحذيرات جهاز الخدمة السرية من الأخطار المتزايدة، تبقى ردود الفعل السياسية ضعيفة مع تفشي الكراهية والعنف بين جميع الأطياف.

في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي نجا دونالد ترمب من محاولة الاغتيال الثانية خلال حملته الرئاسية الحالية، ولم يكن لدى أحد انطباع بأنها ستكون الأخيرة، ففي نهاية الأسبوع الماضي أوقفت الشرطة في تجمع دونالد ترمب السبت في وادي كوتشيلا بولاية كاليفورنيا ما أشار إليه مأمور الشرطة بأنه ربما كان محاولة اغتيال ثالثة ضد الرئيس السابق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الشهر الماضي اتخذ جهاز الخدمة السرية خطوة استثنائية حين طلب من ترمب الحد من لعب الغولف، أو في الأقل السماح لهم بجمع مزيد من المعلومات قبل أن يلعب الغولف مرة أخرى، فبالنسبة إلى جهاز يقود الرؤساء إلى أماكن مثل كييف وبغداد، وتتبنى سياسة عدم الفشل في أية مهمة إطلاقاً، يعتبر هذا التنازل محرجاً للغاية.

يستطيع المرشحون للرئاسة في الديمقراطيات الفاعلة أن يذهبوا للعب جولة غولف من دون أن يقلقوا إذا ما كانوا سيتعرضون للقتل، ولقد تخطى العنف السياسي المتصاعد في الولايات المتحدة حداً معيناً، ومن غير الواضح ما إذا كان بإمكانه العودة عنه.

يشكل جهاز الخدمة السرية كبش فداء طبيعي بعد أي إطلاق نار، ففي أعقاب المحاولة الأولى لاغتيال ترمب اضطرت رئيسة جهاز الخدمة السرية كيمبرلي تشيتل إلى تحمل استجواب في الكونغرس ثم استقالت، ولم يكن الفداء بمصيرها الوظيفي أكثر من مجرد إجراء شكلي بالطبع.

من الجيد واللائق أن على كل من يدير مؤسسات بمكانة جهاز الخدمة السرية أن يتحمل المسؤولية عندما يخطئ، ولا بد من أن تتدحرج الرؤوس، ولكن دعونا لا نخلط بين تحمل تشيتل اللوم وبين كونها هي المشكلة.

لقد وجد أعضاء الكونغرس من الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء أنه من الملائم إدانتها، لكنهم لم يحاولوا حل أية مسألة ولم يحاولوا إيجاد طريقة ليشعر السياسيون الأميركيون بالأمان من واقع العنف المتصاعد.

أثناء قيامي بالبحوث لإعداد كتاب "الحرب الأهلية التالية" الذي نُشر عام 2022، أجريت مقابلة مع عميل مجهول من جهاز الخدمة السرية، وفي ذلك الوقت كانوا بالفعل يواجهون موجة من التهديدات التي لا يمكن السيطرة عليها. يقوم جهاز الخدمة السرية بالتحقيق في نيات ووسائل وفرص التهديدات الموثوقة للمرشحين الرئاسيين، وفي العصور السابقة كانت مثل هذه التهديدات تصل من طريق الرسائل أو عبر الهاتف، وقد وسع الإنترنت من القدرة على الكراهية أضعافاً مضاعفة. إن الحجم الهائل من الأشخاص الذين يعبرون علانية عن رغبتهم في إلحاق الضرر بالمرشحين السياسيين في أميركا هو ببساطة أكبر من أن تتمكن أية وكالة، بأي مستوى من التمويل أو التفاني، من احتوائه، ومع ذلك فإن الجزء الأكبر من التهديدات الموثوقة هو جزء واحد فقط من الأزمة.

لقد تغير نوع التهديد، فغضب الإنترنت ينتج منه ما يسميه علماء الجريمة "الإرهاب العشوائي"، وهو أكثر صعوبة في التصدي له من عمل الجماعات السياسية المنظمة ذات الأهداف المحددة والتسلسلات الهرمية الراسخة، وفي بعض الأحيان يُطلق على هذا النوع من الإرهاب اسم إرهاب "الذئب المنفرد"، لكن المصطلح غير دقيق، فعبارة "الذئب المنفرد" توحي بأن العنف ينبع من روح الفرد الملتوية، لكن الإرهاب العشوائي هو نتاج شبكات معتلة وليس مجرد أشخاص، فالكراهية والخوف والازدراء التي تحرك السياسة الأميركية تتجمع في رجال عنيفين يرتكبون أعمال عنف، فالقتلة هم ثمار شجرة خبيثة.

ولا ينبغي لأحد أن يقلل من حجم الاشمئزاز والخوف والازدراء في السياسة الأميركية في الوقت الحالي، فالجمهوريون والديمقراطيون يعيشون في عوالم مختلفة بقيم مختلفة بصورة أساس.

في عام 1960 قال أربعة في المئة فقط من الديمقراطيين و4أربعة في المئة من الجمهوريين إنهم لا يريدون أن يتزوج أبناؤهم من عضو من الحزب الآخر، وبحلول عام 2010 رأى نصف الجمهوريين وما يقارب ثلث الديمقراطيين أن أسرة من الحزبين غير مرغوب فيها، وحالياً يوافق ربع الأميركيين على عبارة "قد يضطر الوطنيون الأميركيون إلى اللجوء إلى العنف لإنقاذ البلاد".

لا تتغير النسب المئوية كثيراً سواء كنت تسأل "الجمهوريين" أو "الديمقراطيين"، لذا فإن القتلة الذين يبدون وكأنهم يأتون من العدم ينبعون في الواقع من كراهية عميقة منتشرة على نطاق واسع، ولهذا السبب فكثير منهم مسلحون وخطرون.

ثمة 500 مليون قطعة سلاح ناري في أميركا اليوم، ولا يوجد سوى ما يزيد قليلاً على 6 ملايين قطعة سلاح منها مسجلة، وكمية الذخيرة غير معروفة، لكن الاستهلاك المحلي وحده يمثل 12 مليار طلقة كل عام، ويواجه جهاز الخدمة السرية بعض الحسابات البسيطة والوحشية، فكراهية كبيرة تقابل كثيراً من الأسلحة، والنتائج حتمية.

لقد ظهر اتجاه جديد أكثر قتامة في المحاولات الأخيرة ضد ترمب أيضاً، فالرغبة في التآمر والعنف التي اعتدنا عليها من "اليمين المتطرف" تظهر الآن على اليسار، فقد امتلأت شبكات التواصل الاجتماعي بالادعاءات بأن محاولة الاغتيال الأولى كانت عملية "مزيفة"، وهو نوع من الادعاءات التي ربما سمعناها في الإذاعات الحوارية المحافظة بعد عمليات إطلاق النار في المدارس خلال رئاسة أوباما، وأظهر استطلاع للرأي أجري أخيراً أن سبعة في المئة من الأميركيين يعتقدون أنه يجب استخدام العنف لإعادة ترمب للرئاسة، لكن 10 في المئة منهم يعتقدون أن "استخدام القوة مُبرّر لمنع دونالد ترمب من أن يصبح رئيساً".

إن السرديات التقليدية لـ "اليمين المتطرف" المجنون المنبوذ والمنعزل و الغارق في أوهام الإنترنت أصبحت الآن مشتركة تماماً بين الحزبين، ويندرج القاتلون المحتملون داخل المعسكريْن.

لطالما كانت الرئاسة الأميركية وظيفة خطرة، فقد اغتيل أربعة رؤساء من أصل 45 رئيساً، وهي نسبة أعلى بكثير من نسبة الجنود في المعارك، ونجا 13 رئيساً آخر من محاولات اغتيال، ولنقارن ذلك ببلدان أخرى، فقد كان آخر رئيس وزراء بريطاني تعرض للاغتيال هو سبنسر بيرسيفال عام 1812، وشهدت أستراليا ثلاث محاولات اغتيال سياسي في تاريخها بالكامل، بينما شهدت كندا محاولة اغتيال واحدة فقط.

وقد حول ترمب بطريقة ما محاولات اغتياله إلى مدعاة للتبجح، "الرؤساء المهمون فقط هم من يتعرضون لإطلاق النار"، كما ادعى بعد الحادثة التي وقعت في ملعب الغولف (مثل كثير من ادعاءات ترمب، هذا ببساطة غير صحيح، فلم يكن أحد ليصف ويليام ماكينلي بأنه ذو شأن).

كما ادعى أيضاً أنه كان يسدد الكرة ليصوبها إلى المرمى عندما أوقف جهاز الخدمة السرية محاولة الاغتيال، وقال إن تفويت تلك الرمية هو ما أزعجه حقاً.

أخبرني عميل جهاز الخدمة السرية الذي تحدثت معه في كتاب "الحرب الأهلية التالية " أن الاغتيال الرئاسي في أمريكا يُعتبر بمثابة جزء من العملية السياسية، وقد كان يمزح، لكن هذا لا يعني أنه كان مخطئاً.

إن الإرهاب العشوائي قوي جداً ومربك جداً لأنه مؤثر جداً، فالعنف يولد العنف في كل مكان وزمان، ومن غير الواضح في هذه المرحلة من التاريخ ما إذا كان بإمكان جهاز الأمن السري، أو أي شخص آخر، إنقاذ أميركا من نفسها.

 ستيفن مارش هو مؤلف كتاب " الحرب الأهلية التالية: رسائل من المستقبل الأميركي"

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل