Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"القيم البريطانية" كأداة سياسية بيد اليمين

المرشحان لزعامة حزب المحافظين ينتقدان التزام الأقليات وخاصة المسلمين بثقافة البلاد

المتنافسان على زعامة حزب المحافظين كيمي بادينوك وروبرت جينريك ينتميان إلى أقصى اليمين (غيتي)

ملخص

الحرص على التزام جميع مكونات المجتمع بالقيم البريطانية هو من عناوين حملات مرشحي حزب "المحافظين" المعارض لخلافة زعيمه ريشي سوناك، إذ جدد كلام كيمي بادينوك وروبرت جينريك في هذا الصدد انتقادات أثيرت قبل أشهر بعد تصريحات مشابهة لزعيم حزب "ريفورم" نايجل فاراج وغيره من ساسة ينتمون إلى اليمين المتشدد.

يشترك المرشحان لقيادة حزب المحافظين المعارض داخل المملكة المتحدة في انتمائهما إلى أقصى اليمين، وفي سبيل الفوز بأصوات هذا التيار خلال انتخابات الـ30 من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري يتنافس الوزيران السابقان كيمي بادينوك وروبرت جينريك في طروحات مثل ضبط الهجرة وضرورة التمسك بقيم ومحددات الثقافة البريطانية.

قبل بضعة أسابيع نقل عن وزيرة التنمية والتعاون الدولي السابقة كيمي بادينوك أن "ليس جميع الثقافات مؤهلة للهجرة إلى المملكة المتحدة عندما يتعلق الأمر بالقيم البريطانية"، وعندما تعرضت لانتقادات سياسية وإعلامية عقب تصريحاتها أوضحت أن الإسلام السياسي والناقمون على إسرائيل هم المعنيون فقط ضمن هذا التصنيف.

المرشح الآخر لقيادة "المحافظين" وزير الهجرة السابق روبرت جينريك لديه مشكلة أيضاً مع هاتين الفئتين، أعرب عنها حتى قبل أن يخسر حزبه الانتخابات البرلمانية الماضية. كما أنه أيد قبل أشهر اتهامات النائب لي أندرسون لعمدة لندن صادق خان بأنه بات أسير التطرف الإسلامي، وترك العاصمة بيد المتشددين من أبناء الجالية.

ولعل السياسي اليميني الأكثر شهرة داخل المملكة المتحدة زعيم حزب "ريفورم" نايجل فاراج كان أكثر مباشرة من بادينوخ وجينريك بقوله خلال شهر مايو (أيار) الماضي إن "المسلمين لا يشاركون أطياف المجتمع في القيم البريطانية"، وأيدت الوزيرة المحافظة آن ماري حينها كلام فاراج لكنها رفضت تعميمه على جميع أبناء الجالية.

وثمة مؤسسة متخصصة في تأهيل الأجانب لخوض تجربة العمل والعيش داخل المملكة المتحدة تحدد أربع قيم بريطانية أساس هي الديمقراطية واحترام القانون والحرية الفردية والتسامح، "تقيس أهلية الشخص للمواطنة البريطانية، وترسم محددات التنوع الإنساني والثقافي الكبير الذي تنعم به البلاد منذ عقود طويلة"، وفقاً لمناهجها.

ويبدو أن القيم الأربع التي تعتمدها مؤسسة "توتال بيبول" هي ثوابت لدى جميع المؤسسات التي تعمل مع الأجانب طلاباً ولاجئين ووافدين للعمل أو الإقامة العائلية، وبحسب المديرة التنفيذية لمؤسسة "ديفدسون موريس" المعنية باندماج المهاجرين في المجتمع آن موريس تقود القيم المشار إليها إلى "مجتمع آمن وشامل ومتماسك".  

وعلى رغم هذا تلفت موريس إلى تطور مفهوم القيم البريطانية متأثراً بتطورات تاريخية وتغيرات مجتمعية كثيرة شهدتها البلاد على امتداد عقود ماضية، إضافة إلى أن الجاليات والأقليات داخل المملكة المتحدة لديها أحياناً تفسيرات مختلفة لهذه القيم تثير نقاشات وانتقادات، ناهيك بالتوظيف السياسي الذي يظهر حولها بين الحين والآخر.

وتشدد موريس على أن التمسك بالقيم البريطانية "لا يتعلق فقط بالحفاظ على الماضي، وإنما في الاستثمار بمستقبل مجتمع متنوع كثيراً عرقياً وثقافياً"، منوهة إلى أن التفكير المستمر في هذه القيم وتكييفها مع المستجدات المختلفة هو ما سيحافظ على "النسيج الوطني النابض بالحياة والديناميكية في المملكة المتحدة للأجيال المقبلة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

رسمياً حددت الحكومة عام 2011 القيم البريطانية من خلال وثيقة أصدرتها ضمن برنامج مكافحة التطرف داخل المملكة المتحدة، وهي تتمثل بالديمقراطية وسيادة القانون والمساواة في الفرص وحرية التعبير وحق الذكور والإناث بالعيش دون اضطهاد، وأصدرت الوزارات حينها تعميمات من أجل توضيح وتعميم هذه القيم بوضوح.

ويقول الأكاديمي وخبير العلاقات المجتمعية راكيب إحسان إن الخطأ الأكبر للساسة اليمينيين يتمثل بتعميم آرائهم على كل أفراد الأقليات وبخاصة المسلمين، والسؤال المهم عند تتبع مدى تقاطع أبناء الجالية المسلمة مع القيم البريطانية هو ماذا يراد بدقة منهم في هذا الصدد، وهل هناك صيغ أفضل يمكن أن تطرح عموماً لتلك القيم اليوم؟

على سبيل المثال لا الحصر يلفت إحسان إلى أن تمسك المسلمين بالعائلة والإنجاب قد يكون أفضل من الإغراق في الفردية إلى حدود تجعل الدولة كهلة وكبار السن يعيشون وحدة قاسية في نهاية حياتهم، وهو يدعو إلى البحث وراء مساهمات الأقليات بصورة عامة في الحفاظ على تقاليد كثيراً ما كانت جزءاً من ثقافة وتاريخ المملكة المتحدة.

ويشير استطلاع للرأي إلى أن 86 في المئة من المسلمين يجدون المملكة المتحدة مكاناً جيداً للعيش عندما يتعلق الأمر بفرص العمل وإمكانية التقدم في الحياة المهنية، ويعتقد سبعة من كل 10 مشاركين أن عليهم واجب الزواج وتربية الأطفال ليكونوا مواطنين بريطانيين، ويقدمون مساهمات إيجابية للمجتمع الذي يعيشون فيه.

بالنسبة إلى أستاذ الفلسفة والكاتب في منصة "الحرية" الإلكترونية سكوت لوكس فإن عمق القيم البريطانية بات موضع تساؤل بعد أحداث الشغب التي شهدتها البلاد خلال أغسطس (آب) الماضي، إذ انقلب اليمينيون على مبادئ المساواة وسيادة القانون وأظهروا عنصرية في التعامل مع الأقليات بحجة خشيتهم على قيم بلادهم.

ومن ناحية أخرى يلفت لوكس إلى أن حرية التعبير خلال أحداث الشغب أصبحت أيضاً مهددة وموضع شك بعد أن شرعت السلطات الأمنية تعتقل الناس بسبب منشورات وتغريدات على وسائل التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أهمية تظاهرات أبناء الأقليات حينها كدليل على تمسكهم بالقانون والتعددية والتسامح في بريطانيا.

وفي السياق ذاته يربط الباحث في الشأن البريطاني جوناثان ليز بين التظاهرات المؤيدة لوقف حرب غزة منذ أكتوبر 2023 والتحذير في شأن قيم المملكة المتحدة، لافتاً إلى وجود توظيف سياسي في هذا الصدد، لكن لا يجب برأيه إغفال وجود أشخاص يستغلون الظرف للتحريض ضد اليهود أو لنشر أفكار راديكالية تهدد المجتمع.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير