ملخص
النماذج الرقمية التوأمية في الرعاية الصحية تتيح محاكاة الأعضاء البشرية لتقليل الأخطار في الجراحات المعقدة وتعد بتقصير العمليات وتقليل المضاعفات
يجتمع عشرات الأشخاص في مستشفى بوسطن للأطفال مرتين خلال الأسبوع للتخطيط لأصعب جراحات القلب، ويقومون بتحليل نسخ رقمية ثلاثية الأبعاد من القلوب المعروضة على الشاشة، إذ تعمل هذه النماذج الافتراضية المطابقة أو التوائم الرقمية، وهي عبارة عن تقنية تخلق نسخاً افتراضية من الأعضاء البشرية، على إحداث ثورة في الرعاية الصحية، وبخاصة في الجراحات المعقدة.
وتسمح هذه النماذج بمحاكاة وظائف القلب المختلفة، مثل تدفق الدم والنبضات الكهربائية، مما يسمح للجراحين باختبار سيناريوهات مختلفة من التدخلات الجراحية قبل إجراء أي شق فعلي في جسم المريض.
وقد تكون مرحلة التطور التالية هي إضافة أجهزة استشعار أو أجهزة قابلة لإرسال بيانات إلى هذه النماذج، مما يخلق مجالاً لنقل بيانات القلب البشري إلى القلب الافتراضي بصورة فورية، ويؤدي إلى تحسين الدقة الطبية بصورة أكبر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويشير التقرير المنشور في صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن هذا النهج هو جزء من اتجاه أوسع يتعدى القلوب ليشمل الآن الرئتين والكبد والأدمغة والأعضاء الأخرى، حتى إن هناك احتمالاً لاختبار الأجهزة الطبية والأدوية الجديدة عبر محاكاة تأثيرات الجزيئات الجديدة على النماذج، وبالنتيجة قد تحد هذه النماذج الرقمية أو تحل كلياً محل التجارب على الحيوانات والتجارب السريرية البشرية.
وبحسب التقرير فقد جاءت فكرة التوائم الرقمية في الرعاية الصحية من قطاع الهندسة، ففي عام 2014 أطلق ستيف ليفين، وهو مهندس كانت لديه طفلة تعاني عيباً خلقياً نادراً في القلب، "مشروع القلب الحي" Living Heart Project، إذ جمع فريقاً عالمياً من الخبراء لإنشاء أول قلب رقمي يعمل بصورة كاملة في العالم الافتراضي.
وعلى رغم الشكوك الأولية فقد نجح المشروع وتم التحقق من صحة النماذج من خلال الاختبار على كل من الحيوانات والبشر، وقد استخدمت هذه النماذج الآن في حوالة 1300 جراحة.
يُذكر أن الفوائد المحتملة للتوائم الرقمية هائلة بما في ذلك تقصير مدة الجراحات وتقليل المضاعفات والجراحات التالية.
وفي عام 2023 قدرت الإيرادات من التوائم الرقمية في مجال الرعاية الصحية بنحو 1.6 مليار دولار، ومن المتوقع أن تصل إلى 21.1 مليار دولار بحلول عام 2028.
ومع ذلك تواجه التقنية الثورية تحديات عدة، ففي حين أثبتت التوائم الرقمية فائدتها في الجراحات، بما في ذلك في جراحة دقيقة (استخدم فيها جراح أعصاب نسخة رقمية من رأس المريض) على ستيف ليفين لإزالة ورم في دماغه كان يضغط على عصب إحدى عينيه، إلا أن هذا المجال لا يزال يفتقر إلى عملية التحقق والتثبت وذلك لبناء الصدقية اللازمة، كما أن هناك مخاوف من عمليات القرصنة السيبرانية.
وعلى رغم هذه المخاوف فإن التوائم الرقمية على استعداد للعب دور مهم، ليس فقط في الرعاية الصحية، ولكن أيضاً في مجالات أخرى مثل النمذجة المناخية والتصميم الصناعي، ومع إجراء مزيد من الأبحاث وتحسين أساليب الحساب واستخدام الذكاء الاصطناعي يمكن للتوأمة الرقمية أن تثير تغييرات جذرية في كثير من الصناعات، مما يضمن نتائج أكثر دقة وقرارات أفضل.