ملخص
علمت "اندبندنت عربية" من مصادر خاصة أن يحيى السنوار أرسل خمس رسائل لعناصر وهيكليات "حماس"، معظمها تدور حول إعادة هيكلية الحركة وتعيين شخصيات قيادية جديدة بدلاً من الذين اغتالهم أو قتلهم الجيش الإسرائيلي في حرب القطاع.
في السادس من أغسطس (آب) الماضي عينت "حماس" يحيى السنوار رئيساً جديداً لها، وجاء توليه المنصب في ظروف صعبة للغاية إذ تشن إسرائيل حرباً مدمرة على قطاع غزة الذي يعيش فيه قائد الحركة، ولم يمض سوى شهرين حتى تمكن الجيش الإسرائيلي من اغتياله.
في نشاط عسكري بحت ومن دون معلومات استخباراتية تمكن جنود الجيش الإسرائيلي من تصفية رئيس "حماس" يحيى السنوار إذ جرى قتله في حي تل السلطان داخل محافظة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، إثر اشتباكات مباشرة مع الجيش، وبعدها جرى نقل الجثمان إلى تل أبيب من أجل فحص الحمض النووي والتأكد من أن الجثة تعود لقائد الحركة.
صانع قرار رئيس
تولى السنوار رئاسة المكتب السياسي لـ"حماس" بعد اغتيال سلفه إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران، وبحسب معلومات "اندبندنت عربية" فإن اختياره جاء بعد أن طلب يحيى السنوار بنفسه أن يكون رئيساً أعلى للحركة.
لكن القيادي في "حماس" أسامة حمدان يقول إن اختيار السنوار جاء بناء على إجماع من مجلس شورى الحركة، إذ تشاور القادة وأجمعوا القرار حول السنوار وبايعه الجميع لأنه يستحق أن يتولى رئاسة المكتب السياسي للحركة، وفق رؤيتهم.
وقبل أن يتولى السنوار أعلى منصب في حركة "حماس" وهو رئيس المكتب السياسي كان الرجل يشغل زعيم الحركة في غزة، أي إنه يعرف تفاصيل الحركة ويديرها بجميع أركانها حتى قبل تعيينه رئيساً أعلى للفصيل.
وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ذلك عندما قال "السنوار كان صانع القرار الرئيس في ’حماس‘ ولا يزال كذلك".
وفي الواقع كان السنوار لا يهتم بالتسميات الوظيفية ما دام منصبه يسمح له في التحكم بجميع هيكليات حركة "حماس" ويمكنه اتخاذ أي قرار من دون معارضة، وهذا ما كان يطمح له قائد "حماس" من بعد خروجه من السجون الإسرائيلية عام 2011.
رسائل دبلوماسية
لكن ماذا فعل السنوار خلال فترة توليه منصب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"؟ وللإجابة عن هذا السؤال يجب الإشارة إلى أن هذا المنصب سياسي بامتياز وله تدخلات عسكرية محدودة.
بعد تولي السنوار منصبه الجديد في رئاسة "حماس" حاول الرجل أن يبدو مهتماً به ويمارس نشاطه كرئيس فعلي لا يتأثر بتداعيات الحرب الطاحنة التي خطط لها وأدخل قطاع غزة فيها، وأول مهمة قام بها مارس نشاطه السياسي على صعيد دولي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووجه السنوار خلال فترة رئاسته مكتب "حماس" السياسي والتي استمرت 65 يوماً فحسب ثلاث رسائل سياسية، أولاها كانت للرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون وجاءت خلال الـ10 من سبتمبر (أيلول) الماضي.
وفي رسالة السنوار لتبون قدم رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" التهنئة لرئيس الجزائر، وبارك تجديد ثقة الشعب الجزائري في الرئيس تبون لقيادة البلاد، متمنياً له التوفيق والإعانة لخدمة الجزائر وشعبها الأصيل.
وفي الحقيقة هناك بروتوكول عند حركة "حماس" في شأن توجيه رسائل من رئاسة المكتب السياسي إلى قادة العالم في المناسبات الرسمية والدولية وعند اختيار رئيس، وهذا يجعل من غير المعروف إذا كان السنوار بنفسه أرسل الرسالة أم مكتبه، لكن القيادي أسامة حمدان يؤكد أنها صدرت عن السنوار نفسه.
والرسالة الثانية من السنوار كانت إلى الأمين العام لـ"حزب الله" اللبناني حسن نصرالله قبل أن تغتاله إسرائيل، وجرى إرسال هذه الرسالة خلال الـ13 من سبتمبر الماضي وشكره فيها على انخراط الحزب في مواجهة إسرائيل ضمن معركة "طوفان الأقصى".
أما الرسالة السياسية الثالثة فكانت موجهة من السنوار إلى زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي خلال الـ16 من سبتمبر الماضي، وفيها شكر السنوار الجماعة على "عاطفتهم الصادقة وإرادتهم الصلبة التي كانت في الميدان، وبارك وصول صواريخهم إلى عمق إسرائيل متجاوزة طبقات الدفاع ومنظومات الاعتراض".
رسائل للوسطاء
وعلى نطاق آخر مارس السنوار دوره كرئيس لحركة "حماس" التي تخوض حرباً ضد إسرائيل وسار في بداية عمله من طريق المفاوضات باحثاً عن وقف إطلاق النار وصفقة تبادل رهائن، إذ وجه رسالة إلى الوسطاء العرب خلال الـ13 من أغسطس (آب) الماضي بعد أيام من توليه رئاسة المكتب السياسي لـ"حماس".
ويقول القيادي حمدان "لعب السنوار حتى أثناء توليه منصبه دوراً رئيساً كمفاوض غير مباشر ولم يكن بعيداً من هذه المفاوضات، بل كان حاضراً في تفاصيلها وكان له رأي وهو التفاوض وفق الثوابت المعروفة، وهي وقف العدوان بصورة نهائية والانسحاب الكامل من قطاع غزة إلى جانب فتح المعابر وإدخال المساعدات وإعادة إعمار القطاع".
وبحسب حركة "حماس" فإن السنوار في رسالته إلى الوسطاء طلب منهم انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة قبل التباحث، ومن دون تحقيق هذا الشرط لن يدخل في أية محادثات، وبالفعل أمر زعيم "حماس" بوقف كامل لمفاوضات إنهاء الحرب ولم يستأنفها بتاتاً.
وبحسب معلومات "اندبندنت عربية" فإن السنوار خلال فترة رئاسته مكتب "حماس" السياسي أجرى اتصالاً واحداً مع الوسيط القطري وأرسل رسالة صوتية مسجلة واحدة إلى الوسيط المصري، وكان ذلك عندما وصلت المفاوضات إلى وقت حرج، وفحوى هذه الاتصالات كان وقف محادثات صفقة التبادل.
رسائل إعادة التنظيم
أما على مستوى الحركة فإن "اندبندنت عربية" علمت من مصادر خاصة أن السنوار أرسل خمس رسائل لعناصر وهيكليات "حماس"، معظمها تدور حول إعادة هيكلية الحركة وتعيين شخصيات قيادية جديدة بدلاً من الذين اغتالهم أو قتلهم الجيش الإسرائيلي في حرب القطاع.
ويقول المصدر "معظم الرسائل التي كتبها السنوار لـ’حماس‘ في غزة أو في الخارج كانت تعيينات جديدة. لقد نجح في سد الثغرات وتجاوز المناصب الفارغة وأعاد ترتيب ’حماس‘ في شمال غزة، وقاد كتيبة رفح ونظم صفوف كتائب القسام وكذلك أدار الحركة خارج القطاع".
ومنذ بداية الحرب لم يظهر السنوار إلى العلن ولم يسمع صوته، وكان معظم تواصله مع محيطه يدور على إرسال رسائل داخلية وخارجية تتعلق بطبيعة العمل.
وحتى عند تواصل العالم مع السنوار فإن ذلك كان من طريق الرسائل، وخلال تولي السنوار منصبه الجديد في رئاسة "حماس" استلم رسالة واحدة كانت من قائد الحرس الثوري الإيراني يهنئه فيها على تعيينه زعيماً للحركة.