Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انعدام الدواء يزيد معدلات الوفيات في السودان

زاد تفشي الأوبئة إلى مستويات غير مسبوقة في ظل صعوبات لوجيستية فرضتها الحرب

يقول أطباء إن غالبية الأدوية المنتشرة الآن بالأسواق السودانية منتهية الصلاحية، إلى جانب أن كثيراً منها غير مسجل ومجهول التصنيع (اندبندنت عربية - حسن حامد)

ملخص

قال طبيب سوداني متخصص في مكافحة الأوبئة إن "هناك ندرة في الأدوية بمناطق النزاع المسلح، وحتى المدن الآمنة، مما تسبب في إصابة كثير من المرضى بفقر الدم والهزال، فضلاً عن تزايد حالات الوفاة نتيجة عدم الانتظام في تلقي العلاج".

يواجه آلاف السودانيين خطر الموت جراء انقطاع الأدوية المنقذة للحياة والأساسية، لاسيما عقار ضغط الدم، والسكري، وحتى المحاليل الوريدية، ونتيجة لهذه الأوضاع ارتفع عدد حالات الوفيات بصورة غير مسبوقة في المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة، وكذلك في الولايات الآمنة.
ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في أبريل (نيسان) 2023، تعطل إنتاج أكثر من 90 في المئة من مصانع الأدوية، وتوقفت 41 من شركات الأدوية عن العمل، مما جعل المرضى يعانون الحصول على العقاقير الطبية، فمن لم يمت بالطلقات الطائشة أو القذائف العشوائية، أصبح عرضة للموت بسبب انعدام الدواء بخاصة في ظل تفشي الأوبئة الفتاكة، وفي مقدمها الكوليرا وحمى الضنك والملاريا.

صعوبات وفجوة

وبحسب وزارة الصحة السودانية، فإن الحالات الجديدة المصابة بالكوليرا بلغت 291 حالة، موزعة على تسع ولايات، منها حالتا وفاة.
وسجلت ولاية كسلا 46 حالة وولاية البحر الأحمر 17 إصابة والقضارف 52 والنيل الأبيض 69 إصابة وولاية الجزيرة 75 إصابة، ليرتفع العدد التراكمي للإصابات في السودان إلى 22 ألفاً و716 حالة منها 644 حالة وفاة.


من جهة ثانية، أعلن تقرير الوضع الوبائي لحمى الضنك تسجيل 177 إصابة جديدة في ولايتي كسلا والخرطوم، ليرتفع العدد التراكمي للإصابات إلى 910، منها ثلاث حالات وفاة.
وقال وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم، إنه "من الصعب الحديث عن الوفرة الدوائية لكل الأصناف، لكن الوضع مطمئن للمحاليل الوريدية وعقاقير الطوارئ والكلى، ونعمل على ألا تحدث فجوة في الأدوية الأساسية خلال الفترة المقبلة". وأضاف، أن "المستشفيات العامة في الولايات الآمنة شمال وشرق البلاد، وبعض مناطق أم درمان بالعاصمة الخرطوم التي تقع تحت سيطرة الجيش السوداني يصلها الدواء بصورة منتظمة عبر أفرع الإمدادات الطبية في تلك المناطق".
وأشار وزير الصحة السوداني إلى "صعوبات في توزيع الإمداد الدوائي في بعض المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، خصوصاً ولايات دارفور الخمس، وأجزاء من أقاليم كردفان الثلاث، وبعد اجتياح ولاية سنار من قبل الدعم السريع نجد صعوبة أكبر في الوصول إلى ولايتي النيل الأبيض والأزرق، ونجري ترتيبات لإيصال الأدوية جواً في الفترة المقبلة".

حالات وفاة

إلى ذلك تشهد ولاية النيل الأبيض أزمة نقص حاد طالت عشرات الأصناف من الأدوية، في وقت تفشى فيه وباء الكوليرا سريع العدوى بمناطق عدة في الإقليم، إذ استقبلت مستشفيات مدن كوستي وربك والدويم عشرات الحالات في ظل انعدام الدواء.

النور إدريس أحد مواطني مدينة كوستي، قال إن "نفاد العلاجات طال أصنافاً ضرورية مثل المحاليل الوريدية والمسكنات، مما فاقم من معاناة المرضى، ونتيجة لهذه الأزمة المستفحلة حدثت وفيات عدة، وبات كثير من المواطنين يائسين من زوال الأوجاع والأمراض ويخشون الموت في أي لحظة". وأضاف، "في كل منزل هناك ثلاثة أشخاص مرضى في الأقل بالكوليرا أو الملاريا وحتى حمى الضنك، بخاصة في ظل توافر الظروف المواتية لتفشي الأمراض، لا سيما سوء التغذية وانعدام الدواء، مما نتج عنها من وضع صحي مقلق ومحزن". وأعرب إدريس عن حزنه لما آلت إليه الأوضاع الصحية في ولاية النيل الأبيض، إلى جانب أزمة انقطاع العقاقير الطبية وضعف الاستجابة السريعة للحالات الطارئة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


أوضاع كارثية

ويعيش سكان الخرطوم الذين لم يتمكنوا من مغادرة العاصمة أوضاعاً إنسانية معقدة، خصوصاً بعد تفشي الأمراض الفتاكة وحدوث وفيات عدة نتيجة عدم توفر الأدوية.
وقال المتطوع مبارك محمد خضر أحد الموجودين في منطقة جنوب الخرطوم، إن "تفاقم أزمة الدواء أدى إلى تزايد حالات الوفيات وسط سكان العاصمة، إذ فارق أكثر من 60 شخصاً من كبار السن الحياة في مركز صحي بمنطقة الكلاكلة، فضلاً عن حالات عدة في محلية شرق النيل ومناطق جنوب الحزام والشجرة وبري". وأضاف أن "المرضى يمكن أن يتحملوا الألم وغياب الكوادر الطبية، لكن الأدوية تعد من أساسيات التعافي، واستمرار الأوضاع على هذه الحال يسهم في ارتفاع معدلات الوفيات بصورة غير مسبوقة".

وأوضح خضر أن "الأدوية الضرورية لعلاج أمراض الخريف نفدت تماماً، على رغم تفاقم المعاناة والمآسي نتيجة كثافة انتشار حمى الضنك والكوليرا التي لم تترك منزلاً إلا وطرقت بابه".

تفاقم الأزمة

واعتبر الطبيب المتخصص في مكافحة الأوبئة منتصر سبيل أن "التعافي من الأمراض يرتكز على العلاج الدائم عبر مد المرضى بالسوائل والمحاليل الوريدية لتعويض نسبة تسرب الأوعية الدموية وإنعاش الصحة وتقوية المناعة لأن معظم الفيروسات المشابهة ذاتية الاختفاء". وأضاف أن "هناك ندرة في الأدوية بمناطق النزاع المسلح، وحتى المدن الآمنة، مما تسبب في إصابة كثير من المرضى بفقر الدم والهزال، فضلاً عن تزايد حالات الوفاة نتيجة عدم الانتظام في تلقي العلاج".

ولفت سبيل إلى أن "غالبية الأدوية المنتشرة الآن بالأسواق منتهية الصلاحية، إلى جانب أن كثيراً منها غير مسجل ومجهول التصنيع، ومنها المخدرة، دخلت البلاد بطريقة غير شرعية".

بدائل الأنسولين

وفاء محمد نور تقيم في مركز إيواء للنازحين بمدينة القضارف شرق الخرطوم، قالت إنها "تعاني مرض السكري وتجد صعوبة بالغة في الحصول على الأنسولين، ولا تلقى سوى إجابة واحدة: الدواء غير متوافر". وأضافت أن ندرة الأنسولين اضطرتها إلى تقنين الجرعات بصورة ذاتية من دون استشارة الطبيب، فعوضاً عن جرعتين يومياً باتت تأخذ حقنة واحدة في اليوم حتى تحافظ على وجود الدواء لأطول فترة ممكنة على رغم الأخطار التي قد تترتب على خطوتها غير المسبوقة.
وأشارت نور إلى أن "بعض مرضى السكري لجأوا إلى استخدام الأقراص بدلاً من جرعات الأنسولين نظراً إلى توفرها في الصيدليات علاوة على قلة الكلفة"، لافتة إلى أن "تلك الخطوة يفترض أن تكون باستشارة طبية حتى لا تحدث مضاعفات مميتة للمرضى".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات