Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فلوريدا الأميركية تحت تهديد الأعاصير... تغير المناخ يزيد المخاطر

وجد علماء أن ارتفاع درجات حرارة البحر الذي أسهم في تأجيج إعصار "هيلين" أصبح أكثر احتمالاً بسبب التغيرات المناخية فزاد احتمال حدوثه بما يراوح ما بين 200 و500 مرة

إحدى السكان وتدعى آن شنايدر، على اليمين، تعانق صديقها إيدي سامبسون أثناء قيامهما بمسح الأضرار التي خلفها إعصار هيلين (أ ب)

ملخص

حذر العلماء من أن المضي في حرق الوقود الأحفوري سيقود إلى أعداد أكثر من الأعاصير على شاكلة "هيلين" مع ما تجلبه من فيضانات "تفوق التصور" إلى المناطق الداخلية، وليس إلى السواحل فحسب

في دراسة مناخية صدرت نتائجها أخيراً تبين أن الأعاصير الكارثية على شاكلة إعصار "هيلين" المأسوي الأخير أصبحت أكثر احتمالاً للحدوث الآن بمقدار 2.5 مرة، وذلك أثناء وقت تعرضت خلاله الولاية الأميركية فلوريدا لعاصفة "تاريخية" جديدة غير مسبوقة سُميت "ميلتون" Milton.

ومعروف أن ارتفاع درجات حرارة المحيطات نتيجة أزمة المناخ الناجمة عن الأنشطة البشرية يسهم في تفاقم وطأة الأعاصير وشدتها.

ولكن الدراسة التي صدرت نتائجها أخيراً وجدت أن الأعاصير الشديدة من قبيل إعصار "هيلين" والتي كان من المتوقع حدوثها سابقاً كل 130 عاماً من المرجح الآن أن تحدث كل 53 عاماً، أي إنها ستتكرر بمعدل 2.5 مرة أكثر مقارنة مع المعدل السابق.

كذلك وجد العلماء أن سرعة رياح إعصار "هيلين" كانت أقوى بنسبة 11 في المئة وكان إجمال هطول الأمطار أعلى بنسبة 10 في المئة، مما كان سيحدث في عالم لا خال من أزمة المناخ.

وتبين أيضاً أن درجات حرارة المحيط في خليج المكسيك أعلى من المتوسط بنحو 3.6 درجة فهرنهايت (درجتين مئويتين) وفق الدراسة التي نهضت بها مجموعة "وورلد ويذر أتريبيوشن" (مبادرة "إسناد المناخ العالمي" فريق من العلماء الدوليين الذين يرصدون دور الأزمة المناخية في الأحداث المتطرفة) World Weather Attribution (اختصاراً WWA).

وقال العلماء إن احتمال ارتفاع درجات حرارة البحر ازداد بنسبة تراوح ما بين 200 و500 مرة بسبب أزمة المناخ.

 

و"تفاقم أثر إعصار هيلين والعواصف التي كانت تحدث في المنطقة بالفعل بسبب حقيقة أن الهواء أصبح أكثر دفئاً ويمكنه احتواء مزيد من الرطوبة، مما يعني أن إجمال هطول الأمطار –الذي كان من المتوقع أن يكون مرتفعاً جداً حتى من دون تغير المناخ نظراً إلى الظروف– أصبح أعلى"، بحسب ما قاله بن كلارك الباحث المشارك في الدراسة وباحث متخصص في المناخ بجامعة "إمبريال كوليدج لندن" البريطانية، عبر تصريح أدلى به إلى وكالة "أسوشيتد برس".

وصدر هذا البحث قبيل تعرض فلوريدا لإعصار "ميلتون" الذي عُدَّ أحد أسوأ الأعاصير المسجلة التي تضرب الولاية، وخلال وقت ما زال الناس مشغولين في عملية إزالة الحطام وإعادة إعمار الدمار الذي أحدثه إعصار "هيلين".

وسجلت عاصفة "ميلتون" تحولاً سريعاً في شدتها فانتقلت من الفئة الأولى إلى الفئة الخامسة، وقال علماء إن درجات حرارة المحيط في خليج المكسيك كانت بمثابة "وقود صاروخي" منح العاصفة الطاقة اللازمة لتصاعد قوتها، تماماً كما حصل مع "هيلين".

لا ينبغي أن يخشى الأميركيون حدوث أعاصير أكثر عنفاً من "هيلين"، ذلك أننا نملك كل المعرفة والتكنولوجيا اللازمتين لخفض استهلاك النفط والغاز والفحم، والتحول من هذه المصادر الأحفورية غير المتجددة إلى استخدام الطاقة المتولدة من مصادر متجددة

فريدريك أوتو رئيس "وورلد ويذر أتريبيوشن" وكبير المحاضرين في علوم المناخ بـ"إمبريال كوليدج لندن"

 

وإعصار "هيلين" الذي ضرب الساحل ودخل اليابسة في فلوريدا برياح بلغت سرعتها 140 ميلاً في الساعة وأمواج عاتية بارتفاع 15 قدماً، تسبب بمقتل أكثر من 230 شخصاً في جورجيا وكارولاينا وتينيسي وفرجينيا.

وعاث الإعصار خراباً داخل البلدات النائية في مختلف أنحاء جبال الأبالاتشي وترك ملايين الناس من دون كهرباء وخدمات خلوية وإمدادات من الغذاء والسلع الأساس. وخلال الأيام التي تلت الكارثة واصلت فرق الإنقاذ والطوارئ البحث عن جثث الضحايا. وفي الحقيقة، كان "هيلين" الإعصار الأكثر دموية الذي يضرب البر الرئيس للولايات المتحدة منذ إعصار "كاترينا" خلال عام 2005.

وذهبت أرواح كثيرة ضحية الفيضانات الداخلية التي ذكرت الدراسة أنها تفاقمت بسبب العوامل المرتبطة بأزمة المناخ، إذ إن الهواء الأكثر حرارة يمكنه احتواء كمية أكبر من الرطوبة مما يتسبب تالياً في هطول أمطار أكثر كثافة.

وحمل "هيلين" معه أكثر من 40 تريليون غالون من الأمطار علماً أنها كمية غير مسبوقة من المياه لم تسجلها المنطقة من قبل، بحسب تقديرات خبراء الأرصاد الجوية.

وفي الواقع، هطول الأمطار لربما كان أقل كثافة بأشواط لو لم يسهم البشر في ارتفاع درجة حرارة الأرض نتيجة أنشطتهم المتعددة [حرق الوقود الأحفوري وقطع الغابات وغيرهما من الأنشطة التي تزيد من انبعاثات الغازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون]، وفق "وورلد ويذر أتريبيوشن". والأخيرة مجموعة من العلماء الدوليين الذين ينكبون على تقييم تأثير أزمة المناخ في الظواهر الجوية المتطرفة، مستخدمين أساليب تخضع لمراجعة علماء نظراء.

وحذر العلماء من أن المضي في حرق الوقود الأحفوري سيقود إلى أعداد أكثر من الأعاصير على شاكلة "هيلين" مع ما تجلبه من فيضانات "تفوق التصور" إلى المناطق الداخلية، وليس إلى السواحل فحسب.

وقال الدكتور كلارك إن "الكميات الكبيرة من الأمطار تعني أنه حتى زيادة صغيرة في النسبة المئوية لهذه الكميات تؤدي إلى أثار أكثر دماراً [بسبب الفياضانات والعواصف]".

 

ودرس فريق العلماء تأثير أزمة المناخ على إعصار "هيلين" من طريق تحليل بيانات متصلة بالطقس ونماذج مناخية مختلفة، من بينها "نموذج عاصفة إمبريال كوليدج" وأداة "مؤشر التحول المناخي للمحيطات" [تقيس التغيرات في درجات حرارة المحيطات وظروفها]، والطريقة القياسية لدى مجموعة "وورلد ويذر أتريبيوشن" التي تعتمد على مقارنة حدث مناخي معين [إعصار أو فيضان] مع سيناريوهات مناخية متوقعة في عالم لم ترتفع حرارته بنحو 1.3 درجة مئوية عن الفترة ما قبل الثورة الصناعية.

وفي سياق متصل، وعبر تحليل آخر لإعصار "هيلين" الأسبوع الماضي اضطلع به علماء "مختبر لورانس بيركلي الوطني" التابع لوزارة الطاقة في الولايات المتحدة، تبين أن أزمة المناخ تسببت في ارتفاع كمية الأمطار المتساقطة بنسبة 50 في المئة في بعض أجزاء ولايتي جورجيا وكارولاينا، وأن احتمال هطول الأمطار المرصودة في هذه المناطق "كان أعلى بنسبة 20 مرة خلال عام 2016 مقارنة مع الاحتمالات السابقة"، وذلك كله بسبب الاحترار العالمي.

مديرة "معهد براون للبيئة والمجتمع" في الولايات المتحدة كيم كوب والتي لم تشارك في أي من الدراستين تحدثت أيضاً في هذا الشأن، مشيرة إلى وجود شكوك في مدى تأثير أزمة المناخ على عواصف من قبيل "هيلين"، ولكنها قالت "إننا نعلم أنها [أزمة المناخ] تعزز قوة هذه العواصف وقدرتها على التدمير".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكدت كوب ضرورة أن يكون "هيلين" و"ميلتون" بمثابة "دعوة تنبه" إلى ضرورة الاستعداد لحالات الطوارئ وتطوير استراتيجيات لمواجهة التحديات والأزمات، إضافة إلى الحد من الاعتماد المتزايد على الوقود الأحفوري.

ووفق كوب، "في المستقبل سينعكس ارتفاع درجات الحرارة الإضافية الذي سنشهده كما نعلم خلال الأعوام الـ10 أو الـ20 المقبلة أرقاماً وبيانات أسوأ وأكثر سلبية في الإحصاءات الخاصة بالأعاصير [أعدادها وشدتها وأضرارها]، وسوف نحطم أرقاماً قياسية جديدة" [في شدة الأعاصير ودمارها].

ويشير التحليل فعلاً إلى أن أزمة المناخ أسهمت في ارتفاع درجات حرارة البحر، مما زاد أيضاً من شدة إعصار "ميلتون" خلال فترة زمنية قصيرة.

وقال الدكتور كلارك إن العاصفتين المهولتين اللتين حدثتا بصورة متتابعة وسريعة تكشفان النقاب عن المستقبل المحتمل لأزمة المناخ إذا لم يتخذ البشر خطوات فعلية تردعها.

"بينما نتجه نحو المستقبل وكما تظهر نتائجنا ما زال في أيدينا التحكم بالمسار الذي سنسلكه في ما يتعلق بالأخطار التي تتهددنا في المستقبل والكلف التي ندفعها. ويعتمد ذلك كله على التغييرات التي سنلجأ إليها في استخدام مصادر الطاقة [متجددة أو أحفورية]، وكمية الوقود الأحفوري التي نحرقها" [كلما ازداد حرق الوقود الأحفوري ارتفعت انبعاثات الكربون وتفاقمت تالياً تأثيرات تغير المناخ]، أضاف الدكتور كلارك.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من بيئة