Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إنفاق عسكري غير مسبوق... هل يتحسس المغرب أخطارا مرتقبة؟

سلوك استباقي بسبب التهديدات الأمنية والتنافس الإقليمي

يسعى المغرب إلى صناعة أول غواصة لدعم قواته العسكرية البحرية (وكالة الأنباء المغربية)

ملخص

المغرب سيخصص تقريباً 15 مليار دولار عام 2025 لشراء وإصلاح عتاد الجيش وتطوير صناعة الدفاع، و8 مليارات دولار ستفرد لرواتب وتعويضات عناصر القوات المسلحة الملكية.

تعتزم الحكومة المغربية تخصيص أكبر موازنة مالية للدفاع والجيش في تاريخ البلاد، من خلال رصد زهاء 23 مليار دولار في الموازنة المالية المقررة لعام 2025، وفق ما ورد في نص مشروع قانون المالية للسنة المقبلة.

وفي تفصيل هذا المخصص المالي غير المسبوق، فإن المغرب سيخصص تقريباً 15 مليار دولار عام 2025 لشراء وإصلاح عتاد الجيش وتطوير صناعة الدفاع، و8 مليارات دولار ستفرد لرواتب وتعويضات عناصر القوات المسلحة الملكية.

إبرام صفقات عسكرية

تخصيص نحو 15 مليار دولار لإبرام الصفقات وشراء العتاد والأسلحة العسكرية، يعتبر أكبر موازنة مالية تخصصها الدولة المغربية في تاريخ البلاد على الإطلاق، بزيادة نحو 3 مليارات دولار مقارنة مع ما تم خصص عام 2024.

ومن المرتقب أن يخصص المغرب هذه الموازنة المالية لعقد صفقات عسكرية مع عدد من البلدان التي سبق له التعامل معها في إبرام صفقات وصفت بـ"الناجحة"، من قبيل تركيا والصين والهند، علاوة على الدول التقليدية الحليفة للمملكة مثل فرنسا وأميركا.

وفي هذا الصدد أفاد موقع "الدفاع العربي"، المتخصص في أخبار صناعة الدفاع ومتابعة الشؤون العسكرية والأمنية، بأن موازنة المغرب التي أفردها للدفاع والجيش، تروم "لتمويل صفقات تسلح مهمة، من بينها تحديث وتجديد المعدات العسكرية، فضلاً عن اقتناء تقنيات وأنظمة حديثة لمواجهة التحديات الأمنية المتزايدة".

ووفق المصدر المذكور، يعد برنامج التحديث العسكري للمغرب جزءاً من استراتيجية شاملة لتحسين البنية التحتية الدفاعية، التي تتضمن شراء معدات وأسلحة متطورة، من قبيل الطائرات المقاتلة والدبابات وأنظمة الدفاع الجوي.

ورجح "الدفاع العربي" أن يكون من بين هذه الصفقات المرتقبة، شراء طائرات "رافال" الفرنسية بهدف دعم القوات الجوية للمملكة، علاوة على إبرام صفقات للتسلح من بلدان أخرى من أجل تحقيق التفوق الإقليمي في مجال الدفاع.

ويسعى المغرب أيضاً إلى صناعة أول غواصة لدعم قواته العسكرية البحرية، وهو ما بات موضوعاً دسماً لتحليلات وتوقعات محللين عسكريين ومنابر إعلامية دولية، على رأسها فرنسا التي تأمل في أن تفوز بهذه الصفقة العسكرية المهمة.

ورجحت وسائل إعلام فرنسية بالخصوص أن مجموعة "نافال" الفرنسية هي الأقرب لإبرام صفقة صناعة أول غواصة بحرية لفائدة القاعدة البحرية التي تقع في منطقة القصر الصغير على المحيط الأطلسي.

القدرة على الردع

وفي هذا السياق يرى الخبير الاستراتيجي مولاي هشام معتضد أن "الارتفاع في موازنة الدفاع بالمغرب هو انعكاس لتحولات عميقة على مستوى السياق الجيوسياسي الإقليمي والدولي، ويعكس مقاربة استراتيجية بعيدة المدى تتبناها الدولة المغربية لمواجهة التحديات المتعددة، وهو من منظور ’عقل الدولة‘ قرار مدروس يعكس الحاجة إلى التكيف مع بيئة أمنية متقلبة ومليئة بالتهديدات المتزايدة".

ولفت معتضد إلى أن التوترات المستمرة مع الجزائر تشكل أحد العوامل الرئيسة التي تدفع المغرب إلى تعزيز قدراته العسكرية، "فالجزائر تسعى بدورها إلى تعزيز نفوذها الإقليمي من خلال تحديث جيشها وتوسيع تعاونها العسكري مع دول مثل روسيا"، مبرزاً أن "المغرب يدرك أن التفوق العسكري في المنطقة يرتبط بالقدرة على الردع، وهذا يتطلب تحديث ترسانة الجيش واقتناء نظم دفاعية متطورة، إلى جانب تعزيز قدرة الردع التقليدي".

وتابع المحلل ذاته أن "المغرب يواجه تهديدات متزايدة من جهة الجنوب، إذ تستمر حالة عدم الاستقرار في منطقة الساحل"، شارحاً أن "الجماعات الإرهابية والمسلحة تنتشر بصورة متزايدة في هذه المنطقة، مما يشكل تهديداً على الحدود الجنوبية للمغرب وعلى مصالحه الحيوية في القارة الأفريقية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن الناحية الجيوسياسية، يردف معتضد "يعمل المغرب على تعزيز مكانته كحليف استراتيجي للقوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا، وبالتالي فإن الزيادة في موازنة الدفاع تعكس رغبة المغرب في أن يكون شريكاً فعالاً في السياسات الأمنية الدولية، سواء من خلال تعزيز التعاون العسكري أم المشاركة في العمليات الدولية، مثل حفظ السلام تحت مظلة الأمم المتحدة".

وفي خضم "الاعتماد التقليدي" على استيراد المعدات العسكرية، يهدف المغرب إلى تحقيق اكتفاء ذاتي في المجال الدفاعي، الشيء الذي دفع المغرب، بحسب المتحدث عينه، إلى اعتزام إنشاء "مناطق التسريع الصناعي للدفاع، ليعكس ذلك توجهاً استراتيجياً نحو تطوير الصناعات العسكرية المحلية"، مورداً أن "هذه الخطوة لا تهدف فقط إلى تلبية الاحتياجات الدفاعية للمملكة داخلياً، بل تسعى أيضاً إلى تحويل المغرب إلى مصدر إقليمي للتكنولوجيا العسكرية، مما يعزز من قوتها لاقتصادية والجيوسياسية".

وأما على المستوى الداخلي، فيكمل الخبير عينه، يعد رفع موازنة الدفاع جزءاً من استراتيجية أكبر لتعزيز الاستقرار الوطني، إذ إنه في خضم التحديات المتزايدة على المستويين الإقليمي والدولي، تسعى الدولة إلى تأكيد شرعيتها وتعزيز الجبهة الداخلية من خلال تحسين الأوضاع الاجتماعية للعناصر العسكرية، وضمان الجهوزية العالية لحماية الوطن."

سلوك دفاعي استباقي

من جانبه ركز الخبير في الشأن الاستراتيجي والعسكري محمد عصام لعروسي على مسألة التنافس على الإنفاق العسكري بين البلدين الجارين المغرب والجزائر، إذ إن هذا الإنفاق بلغ 25 مليار دولار في الجزائر، وهو ما يجعل المملكة حريصة على حماية حدودها وسيادتها، وتتوجس من المناورات التي يمكن أن تقوم بها جبهة "البوليساريو" المطالبة بانفصال الصحراء عن سيادة المغرب.

وبرر لعروسي هذا الإنفاق العسكري المرتفع للمغرب بضرورة الاستعداد للتهديدات والأخطار الأمنية المرشحة للتصاعد خلال الآونة الأخيرة، ومنها "التوترات الموجودة في المنطقة، بخاصة استمرار الأزمة الليبية ومنطقة الساحل جنوب الصحراء، علاوة على أهمية تأمين منطقة المتوسط والأطلسي، والاستعداد لمواجهة أية عمليات إرهابية محتملة".

وزاد المحلل ذاته بالقول إن هذه الحيثيات والسياقات تجعل من رفع الموازنة الدفاعية غير المسبوقة للمغرب سلوكاً دفاعياً بامتياز، كما أنه سلوك استباقي بسبب التهديدات الأمنية والتنافس الإقليمي مع الجزائر الذي يحتم على الرباط أن يكون في مستوى الإنفاق العسكري نفسه أو أكثر، لا سيما في جوانب التغطية الجوية والطيران العسكري، وكذلك الاهتمام بعتاد وصفقات الجانب البحري خصوصاً مع فرنسا.

ولفت لعروسي إلى أن "ارتفاع كلفة الأسلحة النوعية يضيف أعباء جديدة على القوات المسلحة، كما أن شراء العتاد العسكري وتنظيم المناورات وإقامة التدريبات العسكرية خصوصاً لاستعمال الأسلحة الجدية يتطلب موازنة مالية قوية، من أجل الاستمرار في بناء جيش قادر على حماية الحدود، والقيام بدور أساس في عمليات حفظ السلام بالمنطقة الأفريقية"، مردفاً أنه "حالياً في مالي نشهد هيمنة روسية من خلال قوات ’فاغنر‘ في مواجهة ’القوى الكلاسيكية‘ مثل فرنسا، والمغرب يأخذ مسافة من هذه الصراعات، لكنه يؤثر في تلك المسارات بحكم أنه فاعل إقليمي يتوسط في حل الأزمات الدولية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير