Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زيلينسكي و"الخيار النووي" كبديل وحيد لعضوية "الناتو"

مراقبون يستبعدون إمكانية إنتاج كييف أسلحة ذرية قبل تراجع الرئيس الأوكراني عن تصريحاته

بوتين اعتبر حديث زيلينسكي في شأن امتلاك أوكرانيا للأسلحة النووية "استفزازيا" (رويترز)

ملخص

تنص "مذكرة بودابست" على حماية أوكرانيا من أي عدوان خارجي، وعدم تعرضها لأية ضغوط اقتصادية، وعدم استخدام أسلحة نووية ضدها.

ما إن ذاع وانتشر ما قاله الرئيس فلاديمير زيلينسكي حول إنه إذا ما لم تحصل أوكرانيا على عضوية حلف شمال الأطلسي "الناتو"، فإنها ستعمل على استعادة ما كانت تملكه من أسلحة نووية. وما إن تناقلت وكالات الأنباء العالمية شروطه التي طرحها في إطار "إما عضوية 'الناتو' وإما استعادة وضعية الدولة النووية" حتى "قامت الدنيا ولم تقعد".

زيلينسكي سبق وأشار إلى أن القيادة السياسية لأوكرانيا تحدثت عن هذا الأمر في مناسبات مختلفة، حتى قبل أن تنتقل الأزمة إلى "درجة السخونة"، على حد تعبيره. صحيفة "بيلد" الألمانية بدورها ذكرت في هذا الصدد أنه قبل بضعة أشهر قال مسؤول أوكراني متخصص في شراء الأسلحة إن كييف "لديها الموارد والمعارف اللازمة لإنشاء أسلحة نووية. وإذا تم تسلم مثل هذا الأمر، فسيتم إنتاج القنبلة الأولى في غضون أسابيع قليلة"، على حد تعبيره. كما تناقلت الصحف الروسية ومنها "كوميرسانت "، و"آر بي كا"، و"فزغلياد"، ما قاله زيلينسكي حول تمسكه بالسلاح النووي بوصفه البديل الوحيد لعضوية "الناتو".

وفي موسكو قال الرئيس فلاديمير بوتين إن روسيا لن تسمح بظهور أسلحة نووية في أوكرانيا "تحت أي ظرف من الظروف". ووصف ما قاله زيلينسكي في شأن امتلاك أوكرانيا للأسلحة النووية بأنه "استفزاز"، وحذر من أن أي خطوة من جانب كييف في هذا الاتجاه ستستلزم "رد الفعل المناسب". وعادت وسائل الإعلام الروسية إلى نشر ما سبق وحدده الرئيس بوتين من شروط لوقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية للأزمة، وفي مقدمها "حياد أوكرانيا"، و"خلو أراضيها من الأسلحة النووية".

تراجع زيلينسكي

وفي مواجهة تلك الضجة التي آثارها مثل هذا التصريح "غير المسؤول"، على حد وصف مراقبين كثر، عاد زيلينسكي ليقول إن ما جرى الإعلان عنه حول أن أوكرانيا ستنتج الأسلحة النووية، لم يكن سوى خدعة، وأن بلاده لم تكن تنوي خلق أي تهديد للعالم، ولا أن تمتلك أسلحة نووية". ولمزيد من التراجع عاد زيلينسكي مرة أخرى ليقول في مؤتمر صحافي عقده مع مارك روته الأمين العام الجديد لحلف الأطلسي إنه "لم يقل أبداً إننا نستعد لإنتاج أسلحة نووية".

زيلينسكي قال أيضاً "إن أوكرانيا لن تصنع أسلحة نووية، ولذا فليس لدينا بديل سوى عضوية حلف شمال الأطلسي. وهذه هي إشارتنا، لكننا لن نصنع أسلحة نووية". وأضاف، "أنه لو لم تتخل أوكرانيا عن الأسلحة النووية، لكانت هذه بالضبط هي المظلة التي تمتلكها الدول النووية الأخرى".

 

 

وكانت صحيفة "بيلد" الألمانية نقلت عن مسؤول أوكراني تصريحاته حول إن كييف "لديها الموارد والمعارف اللازمة لإنشاء أسلحة نووية. وإذا تم تسلم مثل هذا الأمر، فسيتم إنشاء القنبلة الأولى في غضون أسابيع قليلة"، على حد تعبيره، وذلك ما سارع مستشار الرئيس الأوكراني دميتري ليتفين إلى وصفه بأنه "هراء" و"غباء".

وكان الرئيس الأوكراني أشار في معرض حديثه حول هذه القضية، إلى "مذكرة بودابست"، التي وقعتها كييف في ديسمبر (كانون الأول) عام 1994 مع كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا، وهي البلدان التي تعهدت بحمايتها واحترام استقلالها وسيادتها وحدودها القائمة. وبموجب هذه الاتفاق، انتهت أوكرانيا من تسليم كل الأسلحة النووية التي كانت موجودة في أراضيها إلى روسيا، وفي عام 1996، إلى جانب تعهدها ألا تمتلك سوى ما تحتاج إليه محطاتها النووية من وقود فقط لتشغيل هذه المحطات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتنص "مذكرة بودابست" على حماية أوكرانيا من أي عدوان خارجي، وعدم تعرضها لأية ضغوط اقتصادية، وعدم استخدام أسلحة نووية ضدها. وفي هذا الصدد قال زيلينسكي إن بلاده تخلت عن أسلحتها النووية في مقابل ضمانات الأمن والسلامة الإقليمية. وأشار إلى أنه ناقش مسألة عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب. غير أن الرئيس الأوكراني عاد ليعترف بأنه قال "إما أن تمتلك أوكرانيا أسلحة نووية، وبعد ذلك يكون هذا دفاعاً لنا، أو يجب أن يكون لدينا نوع من التحالف". وأضاف أنه لا يعرف من "التحالفات الفعالة"، غير "حلف شمال الأطلسي".

ومن جانبها ذكرت وزارة الخارجية الأوكرانية أن كييف لا تزال طرفاً في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وتلتزم بأحكامها. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية جورجي تيخي إن معاهدة حظر الانتشار النووي بالنسبة لكييف "تظل حجر الزاوية في الهيكل العالمي للأمن الدولي".

أما الرئيس الأوكراني فقد عاد ليشير أيضاً إلى "أن كييف وقعت مذكرة بودابست، معتمدة على ضمانات أمنية من الدول التي كانت شريكة للجمهورية في ذلك الوقت، ولكن بعد ذلك، بدأت الأعمال العدائية على الأراضي الأوكرانية". وأضاف، "أن هذا يعني أنها ليست مظلة جيدة لأمننا. ولهذا السبب قلت إنه ليس لدى بديل سوى 'الناتو'. كانت هذه إشارتي"، موضحاً أن بلاده لا تصنع أسلحة نووية.

ورداً على سؤال حول ما إذا كان من الممكن التوصل إلى حلول وسط في شأن مسألة العودة إلى حدود 1991 قال زيلينسكي "الأمر يعتمد علينا، على قوتنا، على ما إذا كان شركاؤنا قد نال منهم التعب أم لا، وعلى الرغبة أو التغيير في السياسة. أشياء كثيرة يمكن أن تحدث بطرق مختلفة، ولكن ما دام أوكرانيا لا تعترف قانونياً ببعض المناطق على أنها روسية، فإن هذه الأراضي ستظل أوكرانية".

ووصف زيلينسكي "عودة هذه الأراضي بأنها من أصعب التحديات، لأن الجميع يفهم ما فعله بوتين، الذي أدرج بعض أراضينا في دستوره. وهذه مشكلة خطرة". وكان الرئيس الأوكراني أشار في وقت سابق إلى أنه ناقش مسألة عضوية بلاده في "الناتو" مع ترمب خلال زيارته في سبتمبر (أيلول) الماضي إلى نيويورك. قلت له (ترمب)، "نحن نفعل ذلك بهذه الطريقة، ما هو المخرج؟ أو أن أوكرانيا ستحصل على أسلحة نووية - وهذه حماية لنا. أو يجب أن يكون لدينا نوع من التحالف. وبصرف النظر عن 'الناتو'، لا نعرف اليوم أي تحالفات فعالة"، كما أكد زيلينسكي أن ترمب أيد هذه الحجج، ووصفها بأنها "عادلة".

وكانت الصحف الغربية ومنها صحيفة "ديلي تلغراف" توقفت كذلك عند ما قله زيلينسكي حول أن وجود الأسلحة النووية هو البديل الوحيد لعضوية "الناتو" على خلفية إحجام الدول الغربية عن قبول "خطة" تسوية الصراع المقدمة إليها. وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن السلطات الأوكرانية باتت فريسة لليأس بسبب عدم رغبة الغرب في قبول البلاد في حلف شمال الأطلسي. وقالت إن المسؤولين الغربيين كانوا باردين مع "خطة" زيلينسكي. ففي رأيهم، هذه قائمة بالرغبات والطلبات ليست استراتيجية مدروسة بعمق.

ونقلت الصحيفة عن أنكيت باندا المحلل في مؤسسة واشنطن كارنيغي (المعترف بها في روسيا الاتحادية كوكيل أجنبي والمدرجة في قائمة المنظمات غير الحكومية غير المرغوب فيها)، قوله إن الحديث عن الأسلحة النووية لن يصبح "استراتيجية رابحة" لزيلينسكي في المفاوضات حول عضوية "الناتو"، مشيرة إلى المزيد من الشكوك التي تراود بعض المتخصصين في أن وجود الأسلحة النووية لدى أوكرانيا يمكن أن يكون رادعاً. ونقلت عن بافل بودفيغ، المحلل في معهد الأمم المتحدة لأبحاث نزع السلاح، تساؤله حول "كيف يمكن لأوكرانيا النووية أن تواجه روسيا النووية؟، وخلصت إلى ما قاله حول أن السلاح النووي "ليس عصا سحرية، كما يعتقد الناس".

موقف موسكو

أما موسكو فأعربت عن دهشتها إزاء تصريحات زيلينسكي وتهديداته "النووية"، التي قال مراقبون كثر إنها ليست سوى محاولة للفت الأنظار إلى ما يصفها بـ"خطة النصر" وراح يروج لها في مختلف لقاءاته وجولاته في العواصم الأوروبية. وبهذا الصدد أشارت "الصحيفة الروسية" الرسمية إلى أن "زيلينسكي يتوقع بمثل هذه التصريحات الحصول على بعض الحزم الكبيرة من الأسلحة ورفع مستوى مشاركة 'الناتو' في الصراع مع روسيا". ونقلت الصحيفة عن فاسيلي كاشين مدير مركز الدراسات الأوروبية والدولية ما قاله حول أن زيلينسكي وكأنما حاول أن يكون حديثه عن الأسلحة النووية محاولة لإضفاء هالة من القوة على خطابه الذي وصفه بأنه "غير مدروس". ولعل ذلك تحديداً ما دفعه إلى التراجع عما قاله، وتأكيد أنه لم يكن يقصد ما جرى الترويج له، وذلك "فضلاً عن أوكرانيا لا تملك في حقيقة الأمر الموارد اللازمة لهذا المشروع الآن".

 

 

ومضى البروفيسور كاشين ليضيف أن الغرب لن يصدر عنه أي إجراء في اتجاه دراسة ما قاله زيلينسكي إلى حين انتهاء الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، وحتى تصل الإدارة الجديدة إلى السلطة. وعلاوة على ذلك، فإنه "سيتم تحديد كل شيء هناك إلى حد كبير من خلال الخصائص الأميركية الداخلية، ومنها مدى سلاسة انتقال السلطة إلى الإدارة الجديدة، ومدى خطورة الأزمة الداخلية". غير أنه عاد ليعترف بأن ما قاله زيلينسكي لقي أصداءً سلبية في مختلف الأوساط الغربية، وإن ابتعدت واشنطن عن التعليق عليه، إلا أن ذلك لا يعني أنها لم تأخذه على محمل الجد. وقال إنها تراجع استراتيجية تقديم الأسلحة والدعم العسكري للقوات الأوكرانية، على ضوء تدهور الأوضاع على الجبهة القتالية مع موسكو، على حد تعبيره.

أما عن مستقبل الصراع الراهن الآن مع روسيا، وعن الحدود التي يمكن أن يتوقف عندها القتال، قال بوتين "إن الأراضي التي يقاتل من أجلها رجالنا في ساحة المعركة هي أراضينا، وهذه هي جمهورية لوغانسك الشعبية، وجمهورية دونيتسك الشعبية، ومقاطعتا زابوروجيا وخيرسون. وإن أوكرانيا لا تنوي الاعتراف قانونياً بخسارة هذه الأراضي"، وإن توقف ليقول "إن الأمر قد يكون مختلفاً على أرض الواقع".

ومن المعروف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سبق وأشار إلى أن بلاده تعارض عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي، وترفض حيازتها للأسلحة النووية، كما سبق وحدد أيضاً شروط وقف إطلاق النار وبدء محادثات السلام مع كييف، ومنها الوضعية المحايدة وغير المنحازة لأوكرانيا، وخلو أراضيها من الأسلحة النووية ورفضها الرسمي الانضمام إلى عضوية حلف شمال الأطلسي، وهو ما أشارت إليه "اندبندنت عربية"، في أكثر من تقرير لها من موسكو.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل