Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأبواب المغلقة أمام اللاجئين "مهمة إيطالية" تلهم دول أوروبا

12 دولة في القارة العجوز فرضت قيودا كبيرة على المهاجرين منذ بداية عام 2024

 عدد المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي بلغ أكثر من 113 ألف شخص خلال الأشهر السبعة الأولى من 2024 (غيتي) 

ملخص

 انتقلت أوروبا من سياسة الترحيب بالمهاجرين إلى تقييد وصولهم واحتجاز من يمر منهم ثم ترحيله إلى خارج القارة العجوز، وأكثر الأصوات إلهاماً في هذا المجال اليوم هي إيطاليا التي تقودها السياسية اليمينية جورجيا ميلوني، ويبدو أن الاتحاد الأوروبي وبريطانيا يخططان للاستفادة من تجربة روما وربما يشرعان في قيود تتجاوزها شدة. 

من الصعب تخيل مدى تغير ألمانيا إزاء اللاجئين خلال الأعوام القليلة الماضية حين كانت البلاد تحت قيادة المستشارة السابقة أنغيلا ميركل فخورة بفتح أبوابها أمامهم عام 2015، ولا يزال الجميع يتذكر الألمان وقد توافدوا إلى محطات القطار في برلين وميونيخ حينها للترحيب بهم وإظهار التعاطف مع قصص فرارهم من أوطانهم بحثاً عن حياة جديدة.

أصبحت ميركل التي انتشرت صورها مع اللاجئين البوصلة الأخلاقية لأوروبا قبل أعوام، فتوقع كثيرون منحها جائزة نوبل للسلام في مقابل سياسة الباب المفتوح التي اتبعتها في هذا الصدد، وبحسب مديرة أكاديمية التعليم السياسي في توتزينغ الألمانية أورسولا مونش فقد "كان الـ 'بوندستاغ' كله مؤيداً للمستشارة السابقة، باستثناء أقليلة بسيطة لا تذكر".

في ذلك الوقت علق نائب المستشارة ووزيرة الخارجية سيغمار غابرييل دبوساً على سترته كتب عليه "مرحباً باللاجئين"، وقال إن بلاده يمكنها التعامل مع نصف مليون مهاجر سنوياً لأعوام عدة، فيما توقع الرئيس التنفيذي لشركة دايملر لصناعة السيارات، ديتر زيتشه،  أن يصبح اللاجئون أنفسهم "قاعدة المعجزة الاقتصادية الألمانية القادمة".

خلال عامي 2015 و2016 وصل إلى ألمانيا أكثر من مليون لاجئ، لكن انفتاح السكان الأصليين على القادمين الجدد لم يدم طويلاً وانقلب الترحيب إلى تذمر بسبب الضغط الكبير الذي واجهته الخدمات العامة، بخاصة في مناطق جبلية مثل بافاريا، ثم ظهرت المشكلة الأكبر لدى الألمان والمتعلقة باندماج المهاجرين مع مجتمعاتهم في القيم والقوانين عموماً، وتحولت الهجرة في ألمانيا بسرعة كبيرة من "أمل" إلى "أزمة" استفاد من تداعياتها الاقتصادية والمجتمعية اليمين المتطرف، وبخاصة حزب "البديل لأجل ألمانيا"، وبعد جملة من الحوادث والجرائم ارتكبها مهاجرون لجأت حكومة برلين إلى إجراءات صارمة اعتبرت بمثابة إعلان انتقال البلاد رسمياً إلى معسكر "الأبواب الموصدة" في وجه اللاجئين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قيادة إيطالية 

كانت ألمانيا أخر حصون الوسطية في التعامل مع اللاجئين على امتداد دول القارة العجوز، ومع تشديد قوانينها ضد هؤلاء أخيراً بات يمكن القول إن "المزاج العام في أوروبا قد تبدل نحو مرحلة جديدة تقودها إيطاليا وعنوانها الرئيس احتجاز المهاجرين وترحيلهم بدلاً من استقبالهم"، على حد قول أستاذ القانون في كلية أوروبا ألبرتو ألمانو.

حكومة روما التي تقودها جورجيا ميلوني، زعيمة الحزب اليميني "إخوة إيطاليا"، هي التي فجرت النهج المتشدد إزاء المهاجرين، فلم تعد تكترث بحقوق الإنسان في معاملة القادمين إليها بحراً أو براً بطرق غير شرعية، كما بنت للاجئين مراكز احتجاز في ألبانيا الواقعة في منطقة البلطيق، جنوب شرق أوروبا، على بعد خطوات منها.    

وتقول ميلوني إن سياسة بلادها "باتت نموذجاً يحتذى في بقية دول الاتحاد الأوروبي"، واللافت في النهج الإيطالي أنه لا يمانع تجاوز جميع الخطوط الحمر عند التفكير بسبل إعادة وترحيل اللاجئين، حتى إن روما تحث بروكسل على محاورة دمشق لإعادة اللاجئين السوريين من دون إجراء نظامها أي تغيير أو إصلاح سياسي وفق القرار الأممي رقم (2254).

تحاول منظمات حقوق الإنسان ومؤسسات القضاء الإيطالي اعتراض خطط ميلوني لوقف تدفق المهاجرين إلى القارة العجوز، ولكن يبدو أن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين انحازت إلى هذا التوجه وأرسلت إلى قادة التكتل رسالة تؤيد فيها رسمياً فكرة إنشاء ما يسمى بـ "مراكز إعادة" المهاجرين خارج أراضي الاتحاد الأوروبي، ولم تخف فون دير لاين إعجابها ببدء إيطاليا احتجاز المهاجرين في ألبانيا، وقالت إنها "تجربة يمكن استخلاص العبر منها لتطبيقها بصورة أوسع"، كما لفتت رئيسة المفوضية الأوروبية إلى تغير المزاج تدريجاً وتمدد اللغة والسياسات الأكثر صرامة إزاء هذا الأمر، فأصبح "التكتل يناقش أموراً لم يجرؤ أحد على قولها في هذا الملف قبل عقد من الزمن".

وبقيادة إيطاليا أيضاً بعثت 15 دولة في التكتل برسالة إلى المفوضية تطالب فيها بحلول لوقف الهجرة غير النظامية إلى القارة، أما البديل فهو إجراءات فردية تهدد حرية الحركة في منطقة الـ "شنغن" وتنذر بتوترات داخلية تهدد ما بني على مدى عقود في مجالات حقوق الإنسان ووحدة الاتحاد، كما يقول الباحث في المركز الألماني للهجرة ماركوس إنجلر.

 

تنافس في التشدد

بلغ عدد المهاجرين الواصلين إلى الاتحاد الأوروبي خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2024 أكثر من 113 ألف شخص، وتقول الإحصاءات الرسمية إن هذا الرقم أقل بنحو 36 في المئة مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، ولكن ذلك لا يبدو كافياً بالنسبة إلى أحزاب اليمين التي باتت تقود ست دول في التكتل وتؤثر في حكومات بقية أعضاء الاتحاد.

منذ بداية عام 2024 فرضت 12 دولة في الاتحاد الأوروبي قيوداً على وصول المهاجرين إليها، فوضعت ألمانيا نقاط تفتيش على حدودها وقررت بولندا تعليق قبول طلبات اللجوء، فيما هددت المجر بإرسال المهاجرين إلى بروكسل، وقررت السويد إغواء اللاجئين بالمال كي يرحلوا، وقيدت هولندا الرعاية الصحية والمساعدات لهؤلاء الوافدين.  

والتأثير الإيطالي في نهج التشدد مع الهجرة تجاوز حدود الاتحاد ووصل إلى المملكة المتحدة، حيث زار رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر روما قبل أكثر من شهر من أجل الاطلاع على تجربة ميلوني، ثم عاد للندن لتبدأ وسائل الإعلام الحديث عن ألبانيا كوجهة لترحيل المهاجرين واحتجازهم إلى حين البت في طلبات لجوئهم في العاصمة لندن.

يرى النائب عن حزب المحافظين في البرلمان البريطاني نيك تيموثي أن توجه أوروبا نحو تقييد الهجرة يستمد إلهامه من حزبه الذي قاد حكومة لندن 14 عاما متواصلة، فـ "المحافظون" في عهد رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون عام 2022 كانوا أول من خرج بفكرة ترحيل المهاجرين غير الشرعيين إلى بلد ثالث خارج الحدود، ولفت تيموثي إلى أن حزب العمال، القائد لحكومة بريطانيا اليوم، غيّر فقط ظاهر خطة الترحيل فشطب دولة رواندا كوجهة لعمليات الترحيل، وراح يبحث عن ملاذ آخر من دون تغيير التشريع الذي أقره البرلمان العام الماضي من أجل حماية الإجراءات الحكومية في هذا الملف، ووقف أي محاولة لتنفيذ هذه العملية عندما يتفق الساسة على الوجهة الجديدة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير