Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نتائج غير متوقعة لانتخابات كردستان وأحزاب تشكك في نزاهتها

المفاجأة اللافتة كانت بنجاح حزب عبدالواحد في مضاعفة مقاعده من ثمانية إلى نحو 15 ليصبح للمرة الأولى القوة الثالثة في الإقليم بعد سبعة أعوام من تأسيسه

بلغت نسبة مشاركة المصوتين في انتخابات كردستان النيابية 72 في المئة (أ ف ب)

ملخص

بعد يوم من إعلان النتائج أخذت الشكوك والاعتراضات منحى تصاعدياً من جانب المعارضة، باستثناء حزب "الجيل الجديد"، وانتشرت تساؤلات حول أسباب إبطال عشرات آلاف الأصوات والصعود اللافت في نسبة المصوتين مقارنة مع الانتخابات السابقة.

أعلنت قوى سياسية عدة في إقليم كردستان العراق رفضها النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية التي جرت الأحد الماضي بعد تأجيل دام نحو عامين، إثر مزاعم بارتكاب عمليات تزوير وتلاعب ممنهج في أجهزة التصويت، فيما نفت مفوضية الانتخابات تلقيها أية شكاوى حمر من شأنها التأثير في النتائج.

وأظهرت النتائج الأولية التي أعلنتها مفوضية الانتخابات في بغداد الإثنين الماضي تصدر الحزب الديمقراطي الحاكم بزعامة مسعود بارزاني، بفارق كبير عن أقرب منافسيه وشريكه الرئيس في الحكومة حزب الاتحاد الوطني بزعامة بافل طالباني، فيما حقق حراك الجيل الجديد بزعامة شاسوار عبدالواحد مفاجأة بعد أن تمكن من مضاعفة مقاعده عن الدورة الانتخابية السابقة.

ووفقاً للمفوضية فإن نسبة مشاركة المصوتين بلغت 72 في المئة من مجموع نحو 2.9 مليون مواطن تسلم البطاقة الانتخابية البايومترية، بينما بلغت مجموع الأصوات التي أبطلت 209 ألف صوت.

مكاسب خارج التوقعات

وكان "الديمقراطي" أول المرحبين بالنتائج على رغم تراجع عدد مقاعده من 45 إلى 39 مقعداً عن الانتخابات السابقة، كما صدر موقف مماثل عن نظيره "الاتحاد" بعد نجاحه في رفع عدد مقاعده من 21 إلى 23 مقعداً، لكنه أخفق في تحقيق طموحاته لتقليص الفارق مع "الديمقراطي" إلى 10 مقاعد.

كما تمكن كلا الحزبين من رفع سقف أصواتهما بواقع 80 إلى 100 ألف صوت، في حين منيت حركة "التغيير" التي انسحبت من الائتلاف الحكومي ملتحقة بالمعارضة قبل موعد الانتخابات بأيام بخسارة وصفت بـ "المدوية" إثر تراجع مقاعدها من 12 مقعداً إلى مقعد وحيد.

والمفاجأة اللافتة كانت في نجاح حزب عبدالواحد من مضاعفة مقاعده من ثمانية إلى نحو 15 مقعداً، ليصبح للمرة الأولى القوة الثالثة في الإقليم بعد سبعة أعوام فقط من تأسيسه.

الصدمة وحدت المعارضة 

وبدت النتائج لمعظم قوى المعارضة مخيبة، فعلى رغم تمكنه من تعزيز مقاعده من خمسة إلى سبعة مقاعد لكن "الاتحاد الإسلامي" بزعامة صلاح الدين بهاء الدين الذي يتبنى نهج "الإخوان المسلمين" أعلن رفضه النتائج، مؤكداً عدم مشاركته في الحكومة الجديدة، بينما تقلصت مقاعد "جماعة العدل" الإسلامية بزعامة علي بابير من سبعة إلى ثلاثة مقاعد.

وفي جانب قوى المعارضة حديثة العهد التي تشارك للمرة الأولى، تمكنت حركة "الموقف الوطني" بزعامة علي حمه صالح المنشق عن حركة "التغيير" من الحصول على أربعة مقاعد، فضلاً عن فوز تحالف "الشعب" بقيادة لاهور شيخ جنكي المبعد من حزب طالباني بمقعدين فقط في نتيجة جاءت أقل من التوقعات.

وبعد يوم من إعلان النتائج أخذت الشكوك والاعتراضات منحى تصاعدياً من جانب المعارضة، باستثناء حزب "الجيل الجديد"، وانتشرت تساؤلات حول أسباب إبطال عشرات آلاف الأصوات والصعود اللافت في نسبة المصوتين مقارنة مع الانتخابات السابقة.

حملة للطعن

وسارعت القوى المعترضة مثل "جماعة العدل" و"جبهة الشعب" و"الموقف الوطني" و"الاتحاد الإسلامي" إلى إصدار موقف مشترك، معلنة فيه امتلاكها "أدلة على ارتكاب تزوير كبير"، ومؤكدة "تشكيل فريق قانوني لجمع الأدلة بغية رفع شكاوى ضد الأطراف المعنية بالتزوير".

وقال رئيس تيار "الموقف الوطني" علي حمه صالح إن "التلاعب جاء لمصلحة ثلاثة أطراف، فقد سرقت آلاف الأصوات، وعلى سبيل المثال في السليمانية قلصت من 50 ألفاً إلى 16 ألف صوت، كما أبطل أكثر من 200 ألف صوت لم تكن من بينهما أصوات الحزبين الحاكمين"، وتساءل "هل من المنطق أن يرتفع عدد أصوات 'الديمقراطي' على رغم التراجع الكبير في شعبيته؟"، أما "الاتحاد الإسلامي" فقد اعتبر أن "النتائج التي صيغت بطريقة ما لا تعبر عن ضمير الشعب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مخالفات غير مؤثرة

وفي المقابل نفى مسؤولون في مفوضية الانتخابات صحة المزاعم، مؤكدين عدم "تسجيل شكاوى حمر"، وصرح رئيس الفريق الإعلامي في المفوضية عماد جميل أن "معظم الشكاوى التي تلقيناها كانت تتعلق بالجوانب الفنية والإدارية والأمنية، مثل إدخال الأجهزة المحمولة وحدوث خلل في قراءة بصمة الناخب وحالات خرق للصمت الانتخابي"، في حين كشفت "شبكة مراقبة الانتخابات" عن تقديم 134 شكوى "تتعلق بحالات استبعاد وكلاء الأحزاب وبعض المراقبين من مراكز الاقتراع، فضلاً عن كسر سرية التصويت".

من جانبها أكدت منظمة الأمم المتحدة أن الانتخابات "جرت في أجواء سلمية هادئة"، ودعا نائب المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة فرحان حق السياسيين الأكراد "إلى الحفاظ على السلم والعمل لحل الخلافات عبر القنوات القانونية، واستكمال العملية الانتخابية بتشكيل حكومة شاملة في أقرب وقت ممكن"، كما رحبت السفيرة الأميركية في بغداد إلينا رومانوسكي "بنجاح الانتخابات".

 وفي الموقف من المزاعم قال المستشار في المكتب الإعلامي لرئيس الحزب "الديمقراطي" كفاح محمود لـ "اندبندنت عربية" إن "التجارب عودتنا على أن نستمع لمثل هكذا ادعاءات من الأطراف الخاسرة، وعلى رغم قناعتي بأنه ليست هناك انتخابات نزيهة بالتمام في كل العالم، لكن وبأمانة واعتراف هؤلاء الذين يدعون أن عمليات تزوير قد حصلت، فإن هذه الانتخابات كانت أفضل من غيرها إقليمياً واتحادياً".

وأضاف، "لقد كانت مفوضية الانتخابات حريصة على تحقيق أعلى درجة من الشفافية تحت إشراف مئات المراقبين الدوليين والمحليين، إضافة إلى مراقبة أممية وأميركية وأوروبية أثنت جميعها على نجاح الانتخابات، في أجواء صحية هادئة تميزت بنسب مشاركة كبيرة تجاوزت 72 في المئة".

وختم محمود بالقول إن "المعترضين على النتائج جميعهم ينقاضون أنفسهم اليوم، فلقد حثوا الناخب بقوة على المشاركة هذه المرة نظراً إلى توفر إجراءات وخطوات ضامنة لمنع حدوث تزوير".

تلاعب مترسخ

وذهبت بعض الأصوات المعترضة بعيداً في توجيه الاتهامات على أن التزوير حدث بتوافق مع "أياد خارجية"، إذ أشار الباحث والصحافي محمد رؤوف إلى أن "النتائج صيغت في الغرف المظلمة، وفق اتفاق على قسم من المقاعد والأصوات"، وأردف أنه "منذ عام 2005 خاض الإقليم 11 تجربة انتخابية لبرلمان الإقليم والبرلمان الاتحادي، 10 منها أجريت تحت إشراف المفوضية الاتحادية وواحدة كانت تحت إشراف مفوضية الإقليم، فلماذا يعوّل على الاتحادية لتكون ضماناً بعدم ارتكاب تلاعب، ونحن لدينا أمثلة لما حصل في انتخابات 2014 و2018؟".

ويعتقد رؤوف أن "التلاعب في برمجة الأجهزة لتغيير النتائج ليس بالصعب في ضوء كل الصراعات الداخلية والتدخلات الاتحادية والدولية، فالأمر بسيط لأنه من السهولة الاستعانة ببضعة خبراء تقنيين"، وزاد "لقد أبطل أكثر من 200 ألف صوت وهذا رقم كبير يفوق 10 مقاعد، وكنا حذرنا الأطراف من هذه المخططات، لكنها كانت ترفض التحدث في الأمر بذريعة عدم خلق إحباط لدى الناخب، وأن التزوير شبه مستحيل هذه المرة".

الاتهامات تتطلب إثباتات

وواجهت الأطراف المعترضة انتقادات لعدم تقديمها أدلة ونماذج ملموسة تثبت صحة ادعاءاتها، وفي هذا الإطار يرى أستاذ القانون في جامعة السليمانية إسماعيل نامق أن الاعتراض "يتطلب تقديم أدلة وليس الاكتفاء بالادعاء، لأن هذه مسالة قانونية، وفي هذه الانتخابات جرت عملية العد والفرز يدوياً وإلكترونياً، بخلاف ما حصل في انتخابات عام 2018 عندما حدث التغاضي عن المطالب بإجراء عد وفرز يدوي".

وتابع، "نحتاج إلى إجابة عن سؤالين موجهين لمسؤولي المراكز، هل جرى عدّ يدوي؟ وهل كان نتيجته مطابقة للعد الإلكتروني؟".

ويعتقد نامق أن "النتائج كانت متقاربة مع كل الاستطلاعات التي أجريت قبل الانتخابات، باستثناء نتائج حزب لاهور شيخ جنكي التي خالفت التوقعات مقارنة مع حزب "الاتحاد"، وربما يكمن السبب في أن "هذا الحزب لا يزال فتياً".

وبين أن "اللافت كان في مزاعم المرشحين بأنهم حصلوا على آلاف الأصوات، لكن المسجل اقتصر على بضعة مئات، وطبعاً هؤلاء يستندون إلى الوعود التي تلقوها شفهياً من الناخبين، والناخب هنا قد يجامل ظاهرياً ويصوت لمرشح آخر، لذا فإن الأصوات تحسب بعد الانتخابات وليس قبلها".

لا جدوى من الطعون

وفي تبعات هذه المزاعم وإمكان حصول متغيرات في النتائج بعد تقديم الطعون والشكاوى، يقول الباحث السياسي ياسين طه إن "هذا يبدو مستبعداً تماماً، فالتجارب السابقة تثبت صعوبة كبيرة في أن نشهد اتخاذ إجراءات في هذا الجانب، ذلك أن مفوضية الانتخابات في مختلف الدورات في العراق عموماً بعد سقوط النظام السابق واجهت اتهامات بارتكاب تزوير أو التلاعب المبرمج للنتائج، لكن كل الطعون والشكاوى لم تؤثر في النتائج".

ولفت إلى أن المفوضية "لم ترضخ قط للضغوط على رغم ما أثير على سبيل المثال في انتخابات عام 2018 من مزاعم عن ارتكاب خروق فاضحة"، مضيفاً "لنتذكر الأحداث التي رافقت الانتخابات الاتحادية عام 2021 عندما اعتصم موالون لقوات 'الحشد الشعبي' والفصائل المسلحة في المنطقة الخضراء داخل العاصمة بغداد لأيام عدة، من دون أن تؤدي إلى تغيير في النتائج المعلنة".

من جهة أخرى ذكرت مؤسسة "درو" الكردية الإعلامية الممولة من برنامج "الصندوق الوطني الأميركي للديمقراطية" أن "نسبة التصويت بلغت 55 في المئة وليس 72 كما أعلن، لأن عدد الناخبين المؤهلين للتصويت كما أعلنته المفوضية هو 3.8 مليون صوت، في حين كان عدد الذي تسلموا بطاقة الناخب البايومترية 2.9 مليون، وهم وحدهم من يحق لهم التصويت، وقد استندت المفوضية في احتساب النسبة على مستلمي البطاقة وليس مجموع المؤهلين".

المزيد من متابعات